5.3 مليارات درهم أقساط التأمين الصحي في الإمارات عام ‬2011. تصوير: تشاندرا بالان

شركات تعزف عن بيع وثائق التأمين الصــحي للأفراد

قال مديرون ومسؤولون في شركات تأمين عاملة في السوق الإماراتية إن من أبرز أسباب عزوف الشركات عن بيع وثائق التأمين الصحي الفردية، ترتب مخاطر عالية عليها، وتسجيلها خسائر غالباً، فضلاً عن الوقت والتخصص المطلوبين لإدارة محافظ هذه الوثائق، التي تراجع الطلب عليها أخيراً.

وذكروا لـ«الإمارات اليوم»، أن الشركات تفضل الوثائق الجماعية على الفردية، باعتبار أنها تستطيع توزيع الخطر في وثائق المجموعات التي تؤمّن معدلات ربحية أكبر، مع إمكانية تقليل الخسارة.

وأشاروا إلى قلة الطلب على الوثائق الفردية في ظل تضاؤل مستويات الوعي التأميني، لافتين إلى أن المستفيد الفردي يبحث عن التأمين فقط في حال شعوره بالخطر جراء معضلة صحية، في وقت لا تمتلك شركة التأمين أي معلومات عن تاريخه الصحي، وبالتالي فإن مستويات الخطر تكون مرتفعة. وكانت هيئة التأمين ألزمت جميع الشركات العاملة في السوق الإماراتية خلال عام ‬2011، توفير غطاء تأميني صحي للأفراد، وذلك بعد امتناع شركات عن الاستجابة لطلبات متعاملين وتحفّظ شركات أخرى.

إلا أنها عادت وأوضحت لـ«الإمارات اليوم»، أخيراً، أن رفض طلب التأمين أو الامتناع عنه يعد أمراً غير جائز، ما لم يكن ذلك مستنداً إلى أسباب فنية أو اكتوارية، أو بناءً على تجربة وخبرة الشركة مع المتعامل.

أسعار متدنية

سوء الاستخدام

قال مدير تطوير المنتجات في شركة «آر جي إيه»، لإعادة التأمين، تامر ساهر، إن «عدد الشركات التي توفر التأمين الصحي الفردي قليل جداً، بسبب طبيعة المخاطر والجهد المطلوب للاكتتاب في هذا النوع من التأمين، الذي يتطلب متخصصين وكشوفات طبية وتوفير مستندات، وغيرها»، لافتاً إلى أن «هناك تحفظاً كبيراً في السوق تجاه التأمين الصحي الفردي، كما أن النتائج الفنية للشركات لم تشجعها وتدفعها للتوسع فيه».

ولفت إلى أنه «من وجهة نظر الشركات، أن بعض المتعاملين الذين يشترون برامج التأمين الصحي الفردي قد يقصدون (سوء استخدام الخدمة)، من خلال عدم الافصاح عن سجلهم الصحي بشكل واضح، وطبيعة الأمراض التي يعانونها».

وتفصيلاً، قال المدير العام لشركة العين الأهلية للتأمين، محمد مظهر حمادة، إن «واحداً من أبرز أسباب عزوف الشركات عن تسويق التأمين الصحي للأفراد هي الخسائر التي تسجلها هذه العقود»، مشيراً إلى أن «أسعار وثائق التأمين الصحي عموماً متدنية جداً في السوق الإماراتية مقارنة بأسواق أخرى، فيما لو قارناها بكلفة الخدمات الصحية».

وبين أن «الشركات تفضل الوثائق الجماعية على الفردية، على اعتبار أنها تستطيع توزيع الخطر في وثائق المجموعات التي تؤمّن معدلات ربحية أكبر»، موضحاً أن «الوثيقة الفردية يمكن أن تكون خاسرة فيما لو زار المؤمّن عليه المستشفى مرة واحدة». وذكر أن «الشركات ليست مجبرة على أن تخسر في سبيل أن تغطي الأفراد»، مشيراً إلى أن «التأمين الصحي في إمارة أبوظبي إلزامي، وهناك قانون اتحادي للتأمين الصحي على مستوى الدولة سيتم تطبيقه خلال الفترة المقبلة، وبالتالي سيتم توفير هذه الخدمة لجميع الشرائح».

وأوضح أنه «لا يمكن الحديث عن هامش ربح في قطاع التأمين الصحي في ظل الخسائر التي تسجلها الشركات»، مشيراً إلى أنه «في حال زيادة مزودي الخدمات الصحية أسعارهم مجدداً، العام الجاري، فستكون هناك مشكلة».

وشدّد على «ضرورة تعاون مزودي الخدمات الصحية مع شركات التأمين، والابتعاد عن المبالغة في أسعارهم»، مقترحاً أن «يتم تشكيل لجنة عليا دائمة بين هيئة التأمين وزارة الصحة، فضلاً عن جمعية الإمارات للتأمين وحماية المستهلك للنظر في ارتفاع أسعار الخدمات الصحية».

خبرة كافية

من جانبه، قال المدير العام لشركة «البحيرة الوطنية للتأمين»، رئيس اللجنة الفنية العليا في جمعية الإمارات للتأمين، نادر القدومي، إن «بيع وثائق التأمين الصحي، سواء للأفراد أو المجموعات، يعتمد على السياسة التسويقية لكل شركة، فبعض الشركات لا تمتلك الخبرة الكافية لتسعير الوثائق الفردية وإدارة مخاطرها، أو الحصول على المعلومات المتعلقة بصحة المؤمّن عليه والتحقق منها». وأضاف أن «الوثائق الفردية بحاجة لمتابعة مستمرة، وتختلف أسعارها عن أسعار وثائق المجموعات»، مشيراً إلى أن «الطلب قليل على الوثائق الفردية في ظل تضاؤل مستويات الوعي التأميني، إذ إن المستفيد الفردي يبحث عن التأمين فقط حال شعوره بالخطر جراء معضلة صحية يعانيها، أو أن يكون المتعامل مريضاً في بلده الأصلي، ويأتي ليبحث عن وثيقة فردية في ظل عدم امتلاك شركة التأمين أي معلومات عن تاريخه الطبي».

تقليل الخسائر

إلى ذلك، قال المدير العام لشركة «الوثبة»، الوطنية للتأمين، بسام جلميران، إنه «كلما كبرت أعداد الأفراد ضمن وثيقة التأمين الجماعية كانت هناك إمكانية لخفض سعر الوثيقة وتقليل الخسارة المحتملة».

وأضاف أن «الشركات لم تبتعد عن وثائق التأمين الفردية، بل الظروف دفعتها إلى ذلك»، مشيراً إلى أنه «في بعض الأحيان، فإن الأمر يتوقف على قدرة المتعامل على شراء الوثيقة، خصوصاً بعد ارتفاع أسعارها بشكل كبير جراء الزيادة المستمرة في أسعار مزودي الخدمات الطبية».

وأوضح أن «زيادة أسعار الوثائق تسهم في ضعف الإقبال من قبل المتعاملين على شرائها، وتالياً سينخفض حجم المحفظة التأمينية لوثائق الصحة الفردية لدى شركات التأمين، فتكون إدارة هذه المحفظة غير مجدية اقتصادياً للشركات»، لافتاً إلى أن «تسعير وثيقة التأمين الفردية يعتمد على كل فرد على حدة، أما الجماعية فيتم الأخذ بعين الاعتبار عدد الأفراد ومتوسط أعمارهم وجنسهم ،وغيرها من المعايير».

وذكر جلميران أن «هناك ‬62 شركة تأمين عاملة في السوق الإماراتية، وجميعها تبحث عن الربحية، وهذه الشركات أصبحت تواجه صعوبة في تقديم وثائق التأمين بكلفة مقبولة للمستهلكين في ظل الزيادة الكبيرة التي طالت أسعار الخدمات في المستشفيات والعيادات الطبية، مع الحفاظ في الوقت ذاته على أرباح مناسبة».

وأوضح أنه «في حال ارتفاع أسعار مزودي الخدمات الطبية بنسبة ‬150٪، فإن شركات التأمين سترفع أسعارها ‬160٪ لتحقيق هامش ربح، لذا فالمشكلة في أسعار الخدمات الطبية أصلاً».

عزوف

وقال الأمين العام لجمعية الإمارات للتأمين، فريد لطفي، إن «المخاطر العالية والأسعار المرتفعة هي التي تدفع شركات التأمين إلى العزوف عن توفير التأمين الصحي الفردي»، لافتاً إلى أن «الطلب قليل في السوق على هذه الوثائق، ما جعل وثائق المجموعات مجدية أكثر بالنسبة لشركات التأمين في ظل تدني هوامش الربح لديها».

يشار إلى أن إجمالي التعويضات التحميلية لقطاع التأمين الصحي في الإمارات خلال عام ‬2011 بلغ ‬4.3 مليارات درهم، من إجمالي أقساط مكتتبة بلغت ‬5.3 مليارات درهم، بنسبة ‬81.3٪ وفقاً لبيانات هيئة التأمين.

موقف الهيئة

وكانت هيئة التأمين ألزمت جميع الشركات العاملة في السوق الإماراتية خلال عام ‬2011، توفير غطاء تأميني صحي للأفراد، وذلك بعد امتناع شركات عن الاستجابة لطلبات متعاملين وتحفّظ شركات أخرى.

وقالت الهيئة حينها في تعميم أرسلته إلى جميع الشركات، إن «الفقرة (‬6) من المادة (‬3) من التعليمات الخاصة بشأن قواعد ممارسة المهنة وآدابها، الواجب اتباعها من قبل شركات التأمين العاملة في الدولة، تلزم شركات التأمين عدم رفض طلب التأمين أو الامتناع عن تجديد وثيقة التأمين، أو التمييز بين المؤمّن لهم».

إلا أن الهيئة عادت وأوضحت لـ«الإمارات اليوم»، أخيراً، أن عدم رفض طلب التأمين أو الامتناع عنه يعد أمراً غير جائز، ما لم يكن ذلك مستنداً إلى أسباب فنية أو اكتوارية، أو بناءً على تجربة وخبرة الشركة مع المتعامل.

واستطردت: «وعليه، فإن الأصل هو التزام شركة التأمين عدم رفض طلب التأمين، إلا إذا كانت هنالك أسباب مبررة لذلك، ومنها على سبيل المثال، وجود سجل تأميني سيئ لدى الشخص طالب التأمين، أو أن السياسة الاكتتابية الفنية السليمة للشركة تفرض عليها وضع أسعار مبررة يراها طالب التأمين بأنها مرتفعة، وحال وجود أسباب مبررة، فإن للشركة الحق في قبول أو رفض طلب التأمين، كما أن لها الحق في وضع الشروط الفنية، وتحديد معدلات أقساط تتناسب مع حجم الخطر».

الأكثر مشاركة