بغرض الاستفادة من زيادة الإيجارات في العقود الجديدة

ملاك يهملون الصيانة لإجبار المستأجــرين على ترك وحداتهم

الممارسات السلبية تجاه المستأجرين تعزى إلى غياب القوانين الكفيلة بحمايتهم. تصوير: تشاندرا بالان

شكا مستأجرون توقف ملاك وحداتهم السكنية عن إجراء الصيانة الدورية والطارئة، في محاولة لإجبارهم على ترك الوحدات، للاستفادة من ارتفاع معدلات التأجير للعقود الجديدة، مشيرين إلى أن هذا التقاعس عن الصيانة بات يزيد من أعباء وتكاليف الاستئجار.

ووصف عقاريون هذه الممارسات بأنها «لا أخلاقية»، ولا تتعدى كونها ممارسات فردية، إذ تسعى كل شركة أو إدارة عقارات تنافس في السوق إلى تقديم الخدمات تحسن صورتها أمام المستأجرين، وليس من مصلحتها أن تقوم بمثل هذه الممارسات، لافتين إلى ضرورة تشديد الرقابة على الملاك الأفراد.

من جانبها، أفادت مؤسسة التنظيم العقاري «ريرا»، الذراع التنظيمية لدائرة الأراضي والأملاك في دبي، بأنها تنظر في الشكاوى في حال وجود عقد بين المؤجر وبين شركات إدارة العقارات وخدمات الإشراف، فيما ترجع عقود الأفراد إلى نصوص العقد، وتكون لجنة المنازعات الإيجارية، التابعة لبلدية دبي، جهة الاختصاص.

أضرار الصيانة

عمل غير أخلاقي

قال مدير الأصول في شركة «آي بي» العقارية، ماثيو تيري، إن «الوحدات العقارية شهدت تراجعاً كبيراً في أعمال صيانة الوحدات خلال فترة ما بعد الأزمة بشكل كبير، لاسيما الصيانة الدورية، إذ أصبح ينظر إلى الصيانة على أنها احترازية لتقديم مستوى راقٍ من الخدمات أو الجودة».

وبين أن «اتخاذ أعمال الصيانة ذريعة للتضييق على المستأجرين لترك الوحدات ليس عملاً أخلاقياً، ويجب أن يكون القانون أكثر رقابة على مثل هذه الممارسات، وأن تكون نصوص العقود تراعي جميع الجوانب، حتى في إخلاء الوحدات».

وبين تيري أن «معدلات الإيجار للعقود الجديدة أعلى بكثير من نظيرتها عند تجديد العقود، وهو الأمر الذي يدفع بعض الملاك إلى محاولات إخراج المستأجرين القدامى، فليس من المنطقي أن تزيد الإيجار بمعدلات تفوق ‬20٪ في تجديد العقد، إلا في حال كان العقد الموقع جديداً، وكذا فإن من المحتمل أن تزيد بمعدلات أكبر من ذلك، إذ تعتمد السوق معادلة العرض والطلب».

وبين أن «المشروعات الفاخرة والجيدة لاتزال تقوم بأعمال الصيانة الدورية بشكل منتظم، للمحافظ على ثقة متعامليها، وعلى القيمة السعرية لتلك المشروعات».

وتفصيلاً، قال المستأجر علي الهادي، إن الوحدة العقارية التي استأجرها لم تشهد أي نوع من الصيانة منذ فترة طويلة، على الرغم من أن العقد ينص على صيانة دورية للوحدة، إلا أن أغلب التجهيزات في الشقة باتت تعاني الكثير من المشكلات، حتى باتت أغلب تجهيزات الشقة قديمة أو بالية، وكأن البناية يتجاوز عمرها ‬20 عاماً، في الوقت الذي يبلغ عمرها الحقيقي خمس سنوات.

وبين أن «الصيانة الدورية كانت تتم مع تجديد العقود السنوية، لإرضاء المستأجر والمحافظة على الأصل العقاري، إلا أن ملاكاً باتوا يهملون في الصيانة حالياً، لتشكيل نوع من الضغط على المستأجرين لترك وحداتهم، إذ ترتفع معدلات التأجير الجديدة بنسبة أكبر عنها في تجديد العقود، ولا أحد يتدخل لحماية المستأجر، الأمر الذي يزيد ويفاقم من مشكلات المستأجرين».

من جانبه، أكد المستأجر سراج التميمي، أنه يعاني كثيراً تراجع أعمال الصيانة في وحدته، الأمر الذي تراجع بمستوها، إذ لايزال المالك يرفض الصيانة ولا يستجيب للطلبات المتكررة، الأمر الذي أدى إلى أضرار بالغة في الوحدة، لافتاً إلى أن «السبب وراء هذا التقاعس هو إجبارنا على ترك الوحدة، أو رفع الإيجار بمستويات كبيرة، نظراً إلى رخص إيجار الوحدة التي استأجرها نسبياً».

وأوضح أن «هناك بعض الإصلاحات الضرورية التي لا يمكن التعايش معها، والتي قمنا بصيانتها، مثل الأمور المتعلقة بالمياه، والصرف الصحي، والتكييف، وهو الأمر الذي بات يكلف الكثير من الأموال، ويمثل عبئاً حقيقياً على المستأجر، أو الاضطرار إلى ترك المسكن».

تكاليف إضافية

بدوره، قال المستأجر حمد إبراهيم، إن «مالك الفيلا التي يستأجرها لم يقم بصيانتها منذ أكثر من عام ونصف العام، حتى باتت الأضرار تكلفني أموالاً طائلة، إذ تسبب تسرب المياه مرة في احتساب قيمة استهلاك مضاعفة، وغيرها من الأعطال، وبمراجعة المالك طلب مني أداء الصيانة، على أن يتحمل هو التكاليف في ما بعد، إلا أنه لم يسدد أي شيء، ولم يقم بدوره بصيانة الوحدة».

وأشار إلى أن «الغرض من وراء هذا التقاعس عن أعمال الصيانة، هو محاولة إجباري على ترك الوحدة، وإعادة تأجيرها بسعر أعلى»، مبيناً أن «القوانين والتشريعات الحالية لا تكفل للمستأجر حقوقه، وتجبره على الدخول في نزاع قانوني، يكلف الكثير من المال والجهد والوقت، وهو ما يهدر حق المستأجر».

فض النزاع

في السياق ذاته، أكد مدير العقارات في شركة «بالحصا» للعقارات، ماجد الآغا، أن «إهمال أعمال الصيانة للوحدات بغرض إجبار المستأجرين على الخروج من الوحدات، غالباً ما يكون ظاهرة فردية، إذ لا تتبنى الشركات الكبرى هذا الأسلوب، كونها تخشى على سمعتها، فضلاً عن الجانب الأخلاقي في إجبار المستأجرين على المغادرة».

وبين أن «الصيانة الدورية للوحدات من أهم المحفزات للمستأجرين، فضلاً عن حفاظها على قيمة الأصول»، لافتاً إلى أن «السوق حالياً ترغب في تأجير الوحدات الجديدة لفارق السعر بين العقود الجديدة والتجديد، وهو الأمر الذي يدفع ملاكاً لمثل هذه الأفعال غير الأخلاقية».

وأشار الآغا إلى أن «أغلب المستأجرين مغلوبون على أمرهم، إذ يقعون بين تولي أعمال الصيانة وتكاليفها بأنفسهم، أو إخلاء الوحدة، أو التوجه نحو لجان المنازعات الإيجارية، وهو ما يكبدهم الرسوم والوقت والمجهود، لينتهي الأمر في النهاية بترك الوحدة كأبسط الحلول».

وأشار إلى أن «هناك جهات تنظيمية وعقوداً تنص على الحقوق والواجبات لكل مستأجر، وعلى ملاك الوحدات أو المؤجرين التقيد بها، وعلى الجهات المعنية أن تنص على الصيانة في عقود الإيجار مادةً ملزمة، توجب على الملاك أداء الصيانة وتفاصيلها، حفظاً لحقوق المستأجرين».

ممارسات فردية

إلى ذلك، قال مدير العقارات في شركة «الوليد للعقارات»، محمد تركي، إن «أعمال الصيانة جزء أساسي من عقود الإيجار، إذ يلتزم المؤجر تجاه المستأجر في حال التزام الطرف الثاني بالدفعات، ونصوص العقد، وليس من المقبول عدم إجراء الصيانة تحت أي موقف».

وذكر أن «استغلال ملاك عامل الصيانة والإهمال فيه، لتشكيل نوع من الضغط على المستأجر لإرغامه على إخلاء الوحدة، ليس قانونياً، ومن حق المستأجر أن يشكو المالك للتقصير في أحد بنود العقد، وعلى الجهات المشرفة والمعنية أن تشدد من الرقابة على ممارسات الملاك».

وأشار تركي إلى أن «هذه الممارسات يكون أغلبها فردياً، وليست ظاهرة يشهدها القطاع العقاري، إذ تهتم الشركات الكبيرة والرئيسة في السوق للحفاظ على سمعتها، خصوصاً أن الصيانة من أهم عوامل الجذب للاستئجار»، لافتاً إلى أن «هذه الممارسات تترك آثاراً واضحة في سمعة السوق، وتؤثر في حركة التأجير على الرغم من صغرها».

نص العقود

من جهتها، قالت مؤسسة التنظيم العقاري «ريرا»، التابعة لدائرة الأراض والأملاك في دبي، إن «مخالفات عقود الصيانة الموقعة بين المؤجرين والمستأجرين تنقسم بالنسبة للتعامل معها حسب نوعية المؤجر، فشركات إدارة العقارات والتأجير أو خدمات الإشراف الإداري، التي تقع تحت مسؤولية المؤسسة ومرخصة من قبلها، تحاسب على مخالفة القوانين».

وقال مدير أول إدارة الترخيص العقاري في مؤسسة التنظيم العقاري، يوسف الهاشمي، إن «(ريرا) تعد جهة اختصاص للنظر في الشكاوى حال وجود عقد بين المؤجر وبين شركات إدارة العقارات وخدمات الإشراف، وإذ ثبتت المخالفة يتم تطبيق لائحة المخالفات، التي تدخل تحت بند عدم الالتزام بالنشاط، وتخالف حسب نص اللائحة».

وأضاف أن «بنود العقد هي الفيصل حال كان النزاع بين المالك والمستأجر، إذ يتم الاحتكام إلى بنود العقد الموقع بينهم، وفي هذه الحالة يتم تحويلها إلى لجنة المنازعات الإيجارية، التابعة لبلدية دبي، فهي جهة الاختصاص في فض المنازعات الإيجارية».

وبين الهاشمي أن «على المستأجرين معرفة حقوقهم ووجباتهم، وعليهم الالتزام بالجانبين وعدم التفريط في حقوقهم، وعليهم التوجه إلى جهة الاختصاص للنظر في شكواهم».

تويتر