مصرفيان يطالبان المتضررين بإبلاغ إدارة البنك عن أي ممارسات مالية غير سوية
رجال أعمال يشكون ابتزاز موظفي بنوك لتسهيل الحصول على قروض
قال أصحاب أعمال إن بعض موظفي البنوك يطالبونهم برشى لمساعدتهم في الحصول على تمويلات تجارية لشركاتهم، مقابل غض الطرف عن عدم توافق دراسات الجدوى المقدمة من قبلهم مع متطلبات البنك، مشيرين إلى أنهم في حال رفضهم دفع الأموال المطلوبة فإن ذلك يعني رفض طلبات التمويلات التي يطلبونها.
وأضافوا أن مبالغ كبيرة تذهب إلى هذه الرشى من قيمة القرض من دون وجه حق، نتيجة تحجج الموظفين بشروط قد تكون غير ضرورية أو جوهرية، مؤكدين أنهم يضطرون إلى دفع هذه العمولات نتيجة حاجتهم إلى التمويل، وصعوبة اللجوء إلى بنك آخر، بعد أن يكونوا أنجزوا جزءاً مهماً من الإجراءات والمستندات المطلوبة.
وأوضح مصرفيان أن بعض البنوك تقيم المشروعات على أرض الواقع ومدى مطابقتها لدراسات الجدوى عن طريق مندوبيها، فيما تعهد بنوك أخرى إلى شركات خارجية للتقييم مقابل عمولة متفق عليها، مشيرين إلى أن عمولة موظفي البنك تكون مقننة ضمن إجراءات التعاقد، وقيمتها معروفة.
وأكدا أن وجود ممارسات سلبية من قبل موظفين ضعاف النفوس لا يعني أن الجميع مدان، لافتين إلى أن الجهات القضائية مسؤولة عن التحقيق في مثل هذه الممارسات، كونها تعد جريمة.
ممارسات
وتفصيلاً، قال أصحاب أعمال، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، ويعملون في قطاعات صناعة التغليف والخدمات النفطية والكيماويات، إن بعض موظفي البنوك يشترطون حصولهم على عمولات بمبالغ تراوح بين 20 و100 ألف درهم حسب قيمة التمويل المطلوب، مقابل إنهاء إجراءات القرض سريعاً، وغض الطرف عن أي قصور في دراسات الجدوى عند مطابقتها بالمشروع على أرض الواقع، وإلا قوبل طلب التمويل بالرفض، مؤكدين أن طلب التمويل للتوسع أو التأسيس يسبقه تقديم دراسة جدوى يراجعها البنك بمعرفة إدارته الداخلية، التي تتولى إرسال أحد موظفيها لتقييم المشروع، ومطابقة ما جاء بالدراسة بما هو موجود فعلاً على أرض الواقع.
ولفتوا إلى أن تقديم هذه المبالغ لمندوبي بعض البنوك أصبح «عرفاً» في السوق يتداوله أصحاب الأعمال، خصوصاً إذا كانت هناك ثغرات يمكن الحصول من خلالها على التمويل اللازم.
وأوضحوا أن هناك نماذج للتمويل تعتمد كلياً على تقييم مندوب البنك، مثل محال بيع التجزئة والمطاعم، الذي يزور المحل أو المطعم للتأكد من مدى الإقبال على المكان من جانب المتعاملين، وبالتالي يقدر التدفق النقدي المستقبلي، وبناء عليه يقول إن دراسات الجدوى مطابقة من عدمه.
وأضافوا أنهم يضطرون إلى دفع هذه المبالغ لحاجتهم إلى التمويل، ولصعوبة تحولهم إلى بنوك أخرى، بعد أن يكونوا قطعوا شوطاً كبيراً في إنهاء الإجراءات والمستندات.
وطالبوا البنوك بوضع ضوابط لمراجعة عمل المندوبين، والتأكد من صدقيتهم، وعدم ترك الرأي كاملاً لهم قبل الموافقة على منح التمويل.
عمولات
من جانبه، قال الخبير المصرفي، راشد محبوب، إن «بعض البنوك تلجأ إلى شركات وسيطة تكون مهمتها تقييم المشروعات الراغبة في التمويل، لتقرر ما إذا كانت الدراسات المقدمة تطابق الواقع أم لا»، موضحاً أن «شركات التقييم تأخذ عمولة متفقاً عليها مع البنك لقاء ذلك، في حين إذا كانت الإدارة التابعة للتقييم داخل البنك، ويتولى موظفوها هذا العمل تكون هناك عمولة مقننة ضمن إجراءات التعاقد، وأي زيادة عليها تعد مخالفة، يجب على المتعامل إبلاغ إدارة البنك عنها».
وأكد أنه «سواء كان البنك يتعامل عن طريق شركة وسيطة أو يتولى موظفوه التقييم، فالرسوم والعمولات واضحة ضمن بنود التعاقد، وأي ممارسات سلبية فردية من قبل بعض ضعاف النفوس لا يمكن تعميمها على القطاع ككل».
وتابع محبوب «أحياناً يلجأ المندوب إلى تعديل معلومات معينة لمساعدة طالب التمويل بدافع التعاطف، ومحاولة مساعدته، حتى لو كانت هناك أخطاء في دراسة الجدوى، فيكون رد فعل المتعامل منحه مكافأة لقاء غض الطرف عن القصور في مشروعه على أرض الواقع».
وأشار إلى أن «هناك إدارات تراجع عمل الموظفين الصغار، لكنها تركز على الأوراق، لذا فالأمر متروك لنزاهة الموظف، وهو ما يضع مسؤولية على عاتق إدارات التوظيف بالبنوك التي عليها أن تحسن انتقاء الموظفين».
من جانبه، قال المدير العام القطاع المصرفي المحلي في بنك أبوظبي الوطني، عبدالله بن خلف العتيبة، إن «بعض موظفي البنوك يعطون انطباعاً للمتعامل بأن الموافقة على التمويل رهن تقاريرهم أو بأيديهم بقصد خداعه، على عكس الواقع، إذ يوجد مسؤولون يراجعون عمل كل موظف، ثم يأتي دور إدارة المخاطر بكل بنك، وهذه تعمل وفق آلية محكمة للتأكد من قدرة المتعامل على السداد».
وأضاف العتيبة أن «البنوك لديها نظام للعمل، وتمر كل معاملة بمراحل عدة حتى تتم الموافقة عليها»، مؤكداً أنه «يجب على المتعامل الذي يتعرض لمثل هذه الممارسات أن يخاطب البنك الذي يتبعه الموظف ويبلغه بالواقعة، وعادة البنوك تحول الأمر إلى الإدارة القانونية، وإذا ثبت تورط الموظف يحول إلى الجهات القضائية».
لافتاً إلى أن «(أبوظبي الوطني) يدقق كثيراً في جميع التفاصيل قبل منح القروض والتسهيلات، سواء للأفراد أو الشركات»، مشدداً على أهمية قيام المتعاملين بالابلاغ الفوري عن مثل هذه الممارسات، نظراً لخطورتها على البنك والمقترض في الوقت نفسه».
جريمة قانوناً
إلى ذلك، قال المحامي حامد المنهالي، إن «تقاضي موظف البنك أموالاً لقاء تسهيله حصول المتعامل على تمويل لمشروعه يعد جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس، ويمكن أن توجه إليه أكثر من تهمة، منها أخذ رشوة، إلى جانب تقديم معلومات خاطئة لجهة العمل تبنى عليها قرارات تعرض البنك لخسارة حال تعثر المتعامل».
وشدد على «أهمية الإبلاغ الفوري عن مثل هذه التصرفات، وإلا عدّ المتعامل مشاركاً فيها، معرضاً نفسه بالتالي للمساءلة القانونية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news