الذهب يعاود الصعود
عاد الذهب إلى الصعود بقوة مع آخر ساعات تداول الأسبوع الماضي لتغلق بورصة «نيوميكس» على 1387 دولاراً للأونصة، بانخفاض 25 دولاراً عن أعلى سعر حققه الذهب يوم الثلاثاء الماضي، عند مستوى 1412 دولار، وبارتفاع 29 دولار عن أقل سعر حققه المعدن الأصفر ظهر الجمعة المنقضية، ليكمل الذهب سلسلة مكاسبه التي بدأها منذ أول يوليو الماضي، ويؤكد على صحة توقعات المحللين بأن نهاية الربع الثالث من هذا العام قد تصحب الذهب نحو مستوى 1450 دولاراً.
وتأثر الذهب كثيراً بالأخبار السياسية قبل الاقتصادية، وأصبح مرآة تعكس مجريات الأحداث الأسبوعية، إذ شهدت أسعار الذهب تراجعاً نسبياً من بداية الأسبوع متأثراً بعمليات جني الأرباح بعد كسر حاجز 1400 دولار للأونصة، كما أن تأجيل الحراك العسكري الأميركي في سوريا جعل البعض يتحول عن الاحتفاظ بالذهب كملاذ آمن، وزاد من هبوط الذهب نتائج اجتماعات البنك المركزي الأوروبي الخميس الماضي، وحديث محافظ المركزي الأوروبي، ماريو دراجي، عن السياسات النقدية بمنطقة اليورو واحتمالات خفض أسعار الفائدة، وهو عكس تأكيداته السابقة بعدم خفض أسعار الفائدة، وهذا ما دفع اليورو إلى التراجع لحساب الدولار، وكان طبيعياً أن نرى الذهب يتقهقر حتى وصل إلى ما دون مستوى 1360 دولار للأونصة ظهر الجمعة، ولولا بيانات سوق العمل الأميركي في اليوم نفسه لكسر الذهب دعم 1350 دولاراً هبوطاً، إذ شهدنا عودة الذهب بقوة للارتفاع نتيجة هبوط الدولار مع النتائج غير المرضية لسوق العمل الأميركية عن شهر أغسطس، إذ كانت الوظائف المستحدثة عند 169 ألف وظيفة، في حين كانت التوقعات تراهن على 178 ألف وظيفة، ما جعل الأسواق تهتز مع الخبر، ليصعد الذهب بقوة نحو مستوى 1390 دولاراً للأونصة، ولم تشفع نسبة البطالة المتحققة عند 7.3% من رد الثقة إلى الأسواق، على الرغم من كونها النسبة الأفضل للبطالة الأميركية منذ ديسمبر 2008، وأقل من نسبة يوليو الماضي بـ 0.1% فقط.
الآن، أصبحت احتمالات عودة الذهب للارتفاع في الفترة المقبلة هي الأرجح، بدعم كل العوامل الحالية، إذ يقترب موعد الفيدرالي الأميركي ـ منتصف الشهر الجاري ـ لاتخاذ قرارات مصيرية نحو التيسير الكمي، والنتائج المتوقعة تصب في صالح الذهب، إضافة إلى ارتفاع المؤيدين للرئيس أوباما من الدول الأوربية وأعضاء الكونغرس الأميركي يؤكد أن الضربة العسكرية قادمة من دون شك، وهذا يجعل حظوظ الذهب بالارتفاع أقوى.
ومع ذلك، يجب أن نأخذ في الحسبان أن الذهب اعتاد في السنوات الأخيرة على الحراك الأفقي كثيراً، ومن الممكن أن نراه يسير في تداولات عرضية فترة طويلة، متذبذباً في نطاق ضيق لا يتجاوز 50 دولاراً، بفعل قوى الشد والجذب، إذ يزيد الطلب على الذهب من أسواق المشغولات والمجوهرات، ويقابله سرعة جني أرباح والتداولات الإلكترونية، وستكون الصناديق الاستثمارية هي الفيصل في تحديد وجهة الذهب المقبلة بصفة عامة، فكلما زادت حيازة هذه الصناديق من الذهب، صعد المنحنى لمستويات أعلى، وبالعكس.