قلة وعي المستأجرين ورسوم التقاضي المرتفعة محفزان لهذه الممارسات
ملاك يلغون عقود إيجار مبدئية بغية رفع الأسعار
شكا مستأجرون إلغاء مؤجرين عقود الوحدات السكنية المبدئية بعد التوقيع عليها وتسلم الأوراق والشيكات، مشيرين إلى أن السبب الحقيقي هو ارتفاع الإيجارات بوتيرة أسرع خلال الفترة الماضية، ما يجعلهم يطمعون في تأجيرها بأسعار أعلى، وليس الاستخدام الشخصي للوحدات كما يدعون.
وقال عقاريون إن هذه الممارسات تعد «فردية»، كما أنها غير مقبولة قانونياً وأخلاقياً، خصوصاً في ظل بيئة تشريعية قوية، إذ تأتي أساساً لغياب الوعي لدى المستأجر، وارتفاع تكاليف التقاضي، مطالبين دائرة الأراضي والأملاك بمزيد من التوعية والرقابة على مثل هذه الممارسات، حفاظاً على الثقة بالسوق العقارية.
من جانبها، قالت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، إنه في حال توقيع المؤجر عقد الإيجار مع المستأجر وتسلم الشيكات منه، فيجب عليه الالتزام بالاتفاق، وفي حال رغب المؤجر في فسخ العقد المبرم، يحق للمستأجر التقدم برفع دعوى إيجارية.
عقد ملزم أكد مدير الأصول في شركة «آي بي» العقارية، ماثيو تيري، أن «توقيع عقد الإيجار وتسلم الشيكات الخاصة بالدفعات، بين المؤجر والمستأجر يكون ملزماً للطرفين، وليس من حق طرف الإلغاء إلا من خلال القوانين المنظمة». وأضاف أن «إلغاء العقود قبل تسليم الوحدات، والرجوع في الاتفاق، أمر غير مقبول قانونياً ولا أخلاقياً، فهذه الممارسات من شأنها أن تؤدي إلى تراجع الثقة بالسوق العقارية، وتؤسس لزيادات غير حقيقية، الأمر الذي سيكون له أثر في حركة النمو مستقبلاً». ولفت تيري إلى أن «على المستأجرين أن يعرفوا جيداً حقوقهم، ولا يسمحوا لمثل هذه الممارسات بالتنامي، عبر تقدمهم بالشكوى إلى دائرة الأراضي والأملاك في دبي». |
وتفصيلاً، قالت المستأجرة دينا خليل إنها توجهت إلى إحدى شركات الوساطة لتأجير وحدة سكنية في مدينة دبي الرياضية، واتفقت مع الوسيط، وتسلم الشيكات الخاصة بالدفعات ومبلغ الوساطة نقداً، ووقعت على عقد الإيجار ليتم تجهيز الوحدة، وتمهيداً لتوقيع المالك على العقد من طرفه.
وأضافت أنها رتبت الإجراءات الخاصة بإخلاء وحدتها الحالية، وبحلول موعد التسلم، لم تجد أي استجابة من شركة الوساطة، كما أن الوسيط لم يرد على اتصالاتها، وبعد موعد التسلم بثلاثة أيام أبلغها الوسيط بأن المالك يريد الشقة لأحد أقاربه، ولا يستطيع أن يؤجرها.
وأشارت دينا إلى أن «مثل هذه الممارسات تهدد استقرار العائلات، فضلاً عن أنها تمثل استخفافاً غير مقبول بالمستأجرين والقوانين، الأمر الذي يتطلب تشريعات قانونية أقوى، تضمن للمستأجر حقه في مثل هذه الحالة».
وأفاد المستأجر خالد عبدالله بأنه اتفق على استئجار وحدة سكنية في منطقة قرية جميرا وسلم الشيكات، وبعدها اتصل به الوسيط لاعادة الشيكات، عازياً ذلك إلى أن المؤجر رفض التأجير لأنه سيستخدم الوحدة شخصياً.
واستطرد: «بعد أسبوع من الرفض واستكمال البحث عن وحدة جديدة، وجدت إعلاناً عن الوحدة ذاتها، لكن بسعر يزيد على المتفق عليه بنحو 10 آلاف درهم، وبمعاودة الاتصال بالوسيط أفاد بأن المالك رفض عقده لرفع السعر مرة أخرى».
وأكد عبدالله أن «القانون الحالي لا يحمي المستأجرين من تعسف الملاك، ولا يحد من الممارسات السلبية، وعلى الجهات المعنية أن تراقب وتتابع شركات إدارة العقارات»، مضيفاً أن «هناك نقطة أخرى تتعلق بارتفاع رسوم التقاضي لدى مركز فض المنازعات الإيجارية، ما يجعل المستأجرين يحجمون عن التقدم بشكواهم إليه».
من ناحيته، قال المستأجر إسماعيل محمد إنه اتفق مع شركة وساطة على تأجير وحدة سكنية في القصيص، ووقع العقد، وسلم جميع الأوراق المطلوبة، والشيكات الخاصة بالدفعات، على أن يتسلم الوحدة بعد 15 يوماً، مضيفاً: «بناء على العقد والاتفاق قدمت طلباً لإخلاء وحدتي الحالية، ورتبت مع شركة لنقل الأثاث، استعداداً للنقل، وقبل حلول موعد النقل بأيام اتصلت الشركة لتعتذر عن عدم تمكنها من إتمام الاتفاق، نظراً لرغبة المالك بالسكن في الوحدة».
وأشار إلى أن «هذه الممارسات غير القانونية يجب السيطرة عليها، ووضعها خارج نطاق النزاعات العقارية، إذ إنها لا تمثل نزاعاً بقدر ما تنم عن عملية أخلاقية، إذ يتجنب كثير من المتضررين التوجه إلى مركز فض النزاعات العقارية نظراً لارتفاع رسوم التقاضي».
بدوره، قال مدير العقارات في شركة «بالحصا»، ماجد الآغا، إن «نقض المؤجر أو مكتب إدارة العقارات عقد التأجير قبل تسليم الوحدة يعد أمراً غير مقبول قانونياً ولا أخلاقياً»، لافتاً إلى أن «هذه الممارسات من الصعب إقرارها في سوق مثل دبي، التي تتمتع ببيئة تشريعية قوية وسمعة عالمية».
وبين أن «القانون يؤكد عدم السماح بمثل هذه الممارسات، إلا أن هذا الممارسات غالباً ما تأتي بشكل فردي، معتمدة على عدم استيعاب المستأجر للقانون، أو عدم الاهتمام بتقديم شكوى، والعامل الآخر هو ارتفاع رسوم مركز فض النزاعات، التي يعرض عنها الكثير من المستأجرين تفادياً للغرامة».
وشدد الآغا على أهمية أن تتولى الجهات المعنية، وعلى رأسها دائرة الأراضي والأملاك في دبي، توعية وتثقيف الجمهور بحقوق المستأجر، وكيفية التعامل مع مثل هذه المشكلات، فضلاً عن ضرورة مراجعة رسوم تسجيل القضايا، ووضع بعض الاستثناءات لها.
من جهته، أكد مدير العقارات في شركة «وايت هومز» للوساطة، علي خالد، أن «هذه الممارسات التي شهدها القطاع العقاري في دبي خلال الفترة الماضية، خصوصاً بعد الانتعاش الذي سجله القطاع، للاستفادة من أي ارتفاع ممكن للإيجار، ليست مقبولة».
وبين أن «التلاعب بالمستأجرين لرفع الإيجار بأي شكل، يمكن أن يجلب مكاسب سريعة، لكنه على المدى الطويل ليس جيداً لحركة السوق، والثقة بالقطاع، وعلى دائرة الأراضي والأملاك ضبط هذه الممارسات عن قرب ومحاولة إيقافها».
إلى ذلك، قالت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، إن «القانون نظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وحدد الحالات التي يتم فيها الإخلاء، إذ نصت المادة رقم (25) بالقانون رقم (33) لسنة 2008، التي نظمت العلاقة بين مؤجري ومستأجري العقارات، في ما يخص طلب المؤجر إخلاء المستأجر من العقار ضمن حالات محددة فقط، مع وجوب إخطار المستأجر بأسباب الإخلاء قبل 12 شهراً».
وأضافت رداً على استفسارات «الإمارات اليوم» بأنه «في حال توقيع المؤجر عقد الإيجار مع المستأجر وتسلم الشيكات منه، فيجب عليه الالتزام بالاتفاق، وفي حال رغبة المؤجر في فسخ العقد المبرم، يحق للمستأجر التقدم برفع دعوى إيجارية لدى مركز فض المنازعات الإيجارية، الذي بدوره سينظر في الطلب المقدم ويحكم فيه، وفقاً للقوانين المنظمة لذلك».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news