شركات تنظيم معارض تؤجر المتر بـ130 ضعف سعر «أدنيك»
قال رؤساء ومسؤولو شركات، تعمل في مجالات العقارات والطاقة والصناعة والتجارة في الدولة، إن كلفة تأجير مساحات مناسبة للعرض في المعارض التي تقام في مركز أبوظبي للمعارض (أدنيك) تعد باهظة، إذ تصل إلى 500 دولار (1835 درهماً) للمتر المربع، على الرغم من أن «أدنيك» يبيع المتر لشركات تنظيم المعارض بسعر زهيد يبلغ 14 درهماً فقط للمتر، ما يمثل رفعاً للسعر الأصلي بأكثر من 130 ضعفاً.
وأوضحوا أن هذه الكلفة العالية تحرم عدداً كبيراً من الشركات المتوسطة والصغيرة من المشاركة في المعارض، خصوصاً المعارض الكبرى، وتجعلها حكراً على الشركات الكبيرة فقط، مشيرين إلى أن الخدمات التي تحصل عليها الشركات المشاركة في بعض هذه المعارض تعد ذات مستوى متدنٍ، لا يوازي إطلاقاً المبالغ الطائلة التي تدفعها الشركات للمشاركة فيها.
وطالبوا بإقامة شركة وطنية كبرى تتولى تنظيم المعارض في أبوظبي، لاسيما الكبرى منها، وبيعها بأسعار مناسبة للشركات العارضة، مع تحسين الخدمات المقدمة.
من جانبهم، قال مديرو شركات تنظيم المعارض إن هناك تكاليف كثيرة تتحملها الشركات المنظمة، تتضمن عمليات تجهيز الصالات للمعارض وفقاً لطبيعتها، فضلاً عن الحملات الإعلامية المصاحبة للمعرض، وطباعة الكتيبات الدعائية.
اشتراكات مكلفة
كلفة كبيرة قال المدير العام لشركة الحاضر لتنظيم المعارض، ناصر علي، إن «مركز معارض أبوظبي (أدنيك) يؤجر القاعة كاملة لشركات تنظيم المعارض، فيما قد لا تتمكن الشركات من ذلك، نظراً لاختلاف الإقبال على المعارض». وأوضح أن «(أدنيك) يؤجر المتر بسعر 14 درهماً، لكن مساحة القاعة الواحدة تراوح بين 4000 و5000 متر، أي أن الشركة قد تدفع، على سبيل المثال، أكثر من 400 ألف درهم نظير استئجار ست قاعات فقط، فضلاً عن تكاليف الإعلانات والملصقات والكتيبات الدعائية المختلفة». وقال علي إن «(أدنيك) لجأت، خلال الفترة الأخيرة، إلى اتباع نظام المزايدة في بعض المعارض، إذ يتم منح حق تنظيم المعرض للشركة التي تدفع أكثر، بحيث يتم إرساء المزايدة أحياناً بمبالغ تتجاوز مليون درهم». وأكد أن «هناك اختلافاً في الأرباح المتأتية من المعارض التسويقية والمعارض التخصصية، كما أن هناك اختلافات بين معرض وآخر»، لافتاً إلى أن «الشركة التي تريد المشاركة في معرض متخصص عليها أن تدفع لوجود كلفة لذلك، بينما تقدم مؤسسات حكومية رعايات للعديد من المعارض، مثل معارض الأسر المنتجة، وتحمل معظم الرسوم، مع سداد المشاركين رسوماً مخفضة للاشتراك». |
وتفصيلاً، اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة «تسويق» للتطوير العقاري والتسويق، مسعود العور، أن «كلفة الاشتراك في المعارض، خلال الفترة الماضية، أصبحت باهظة، على الرغم من أنها أصبحت تكرر نفسها، وتفتقد العديد من عناصر الجذب الخاصة بالتسويق والابتكار».
وأوضح أنه «لا يوجد مبرر قوي للزيادة في كلفة المتر المربع، على الرغم من قلة الزوار في بعض المعارض»، لافتاً إلى أنه «ينبغي لكي تدفع شركة المبالغ الضخمة للاشتراك أن تجد العائد مقابل ذلك، وهو أمر صعب تحقيقه في كثير من المعارض».
وقال إن «بعض الخدمات التي تقدمها الشركات المنظمة ليست بالجودة التي توازي الكلفة المرتفعة التي تتقاضاها»، مضيفاً: «فوجئنا في أحد المعارض التي شاركنا فيها بعدم توافر الإنترنت اللاسلكي، وعندما طالبنا به، طلبت الشركة المنظمة دفع مبلغ منفصل نظير توفير الإنترنت، هذا عدا سوء بعض الخدمات المتعلقة بالضيافة والطعام». وأشار العور إلى أن «كلفة المتر المربع، التي تتجاوز في العديد من المعارض 1800 درهم، تفرض على الشركات التي تحقق أرباحاً كبيرة أن توفر خدمات مثل الإنترنت مجاناً».
وذكر أن «هناك ضرورة لكي تركز الشركات، خصوصاً المتوسطة والصغيرة منها، مشاركتها في المعارض التي تخدم سياستها الترويجية فقط، وتضمن أن تجد فيها الشركاء والزوار المستهدفين، وفقاً لخططها الموضوعة في هذا الصدد، خصوصاً في ظل تنظيم عشرات المعارض والمؤتمرات سنوياً في الدولة».
ولفت إلى اتساع حجم ظاهرة المعارض، بحيث أصبحت بعض الشركات المنظمة لمعارض معينة تنظم معارض موازية في التوقيت نفسه أو قبله قليلاً، في إمارات أخرى وفي فنادق مختلفة، ما يدل على المكسب الذي تحققه هذه الشركات.
شركات صغيرة
بدوره، قال محمد سليمان، الذي يعمل مسؤولاً في شركة صغيرة تعمل في مجال الطاقة في أبوظبي، إنه رغب في المشاركة في معرض كبير يقام سنوياً في أبوظبي، إلا أنه فوجئ بارتفاع كبير في كلفة المشاركة، إذ اقتربت من 2000 درهم للمتر، على الرغم من أن «أدنيك» تؤجره للشركات المنظمة للمعارض بأسعار زهيدة، تبلغ 14 درهماً للمتر.
وأفاد بأنه اضطر إلى إلغاء فكرة الاشتراك في المعرض، على الرغم من أنه كان يحتاج إلى عرض منتجات جديدة للتسويق والتعريف بالشركة، التي لاتزال في بدايتها، وتحتاج إلى شركاء لتوسيع أعمالها.
ودعا إلى خفض الكلفة بالنسبة للشركات الصغيرة بالذات، لتشجيعها على الاشتراك، أو تقديم جهات حكومية دعماً لتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تفوق قيمة الاشتراك قدرتها على المشاركة في مثل هذه المعارض.
وفي السياق ذاته، أفاد مدير شركة صناعية صغيرة في أبوظبي، حمد الربيعي، بأنه تحمل كلفة باهظة بالنسبة لشركته نظير الاشتراك في معرض تجاري عقد في «أدنيك»، إذ دفع 1400 درهم للمتر المربع، إلا أن التجربة كانت مخيبة للآمال، إذ وضع المنظمون جناح شركته في مكان غير مرئي ومتطرف في آخر القاعة، ما جعل زواره قليلين، لكنه أوضح أنه استفاد على الرغم من ذلك من التعرف إلى العديد من الشركاء المحتملين.
ودعا إلى إقامة شركة وطنية كبرى تتولى الإشراف على تنظيم المعارض وتوفير الخدمات بجودة عالية، مع إعادة النظر في كلفة المتر المربع، مشيراً إلى أن تقليل الكلفة سيؤدي إلى مشاركة شركات أكثر، وبالتالي تحقيق المزيد من الأرباح.
كثرة الأعباء
من جانبه، قال مدير شركة «دوم» لتنظيم المعارض، أنطوان جورج، إن «شركات تنظيم المعارض تستأجر المتر المربع من مركز أبوظبي الوطني للمعارض بسعر 14 درهماً، لكن الشركات تؤجره للشركات العارضة بسعر يراوح بين 150 و500 دولار للمتر (ما يعادل ما بين 550 و1835 درهماً للمتر)، وفقاً لأهمية المعرض والشركات العارضة».
وأوضح جورج أن «شركات تنظيم المعارض تقع عليها مسؤوليات وأعباء كثيرة، إذ إنها تتولى تنظيم حملات إعلانية ضخمة قد تصل كلفتها إلى عشرات الألوف من الدراهم في حالة المعارض الكبيرة، فضلاً عن أن العمل في حالة المعارض التي تستغرق أربعة أيام على سبيل المثال، يحتاج جهداً مكثفاً يمتد على مدار ثمانية أيام على أقل تقدير، تتضمن يومين لتركيب الديكورات ويومين آخرين لفكها، فضلاً عن التعاقد على تقديم خدمات الأمن والنظافة وخلافه».
ولفت إلى أن «القاعة التي تبلغ مساحتها 4000 متر، لا يتم تأجير مساحتها بالكامل، بل يذهب نصفها تقريباً كممرات بين الشركات، ما يقلل من ربح شركات تنظيم المعارض».
وأكد أن «تنظيم المعارض، بالذات الضخمة منها، يتكلف مبالغ طائلة تصل إلى 600 ألف درهم للمعرض الواحد، وفي الوقت الذي تحقق فيه شركات تنظيم المعارض أرباحاً، هناك أخرى تخسر أو تغطي مصاريفها بصعوبة لتستمر في السوق».
أرباح وخسائر
من جانبه، قال مدير شركة تنظيم معارض، فضل عدم ذكر اسمه، إن «بعض شركات المعارض تحقق أرباحاً طائلة نتيجة تأجير مساحات بأسعار باهظة وتقديم خدمات لا تتناسب مع هذه الأسعار، إلا أن بعض الشركات الأخرى تحقق خسائر، وتستمر في الوجود في السوق بصعوبة في ضوء تكرار المعارض وعدم إقبال بعض الشركات على الاشتراك، ما يجعلها تقلص من مساحة المعرض».