راتب الوسيط يبدأ من 6000 درهم.. والتداول الإلكتروني قلّل الاعتماد عليهم

خبراء: بيئة العمل في قطاع الوساطة المالية طاردة للمواطنين

تنفيذ أوامر البيع والشراء إلكترونياً دفع شركات الوساطة إلى عدم تعيين عدد كبير من الوسطاء. إي.بي.أيه

أيد خبراء ماليون ما ذكرته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في المجلس الوطني الاتحادي، بشأن تدني نسبة التوطين في قطاع الوساطة المالية، وتحول بيئة العمل في مجال الأسواق المالية إلى بيئة طاردة بالنسبة للمواطنين.

وحدد الخبراء عدداً من الأسباب لعزوف المواطنين عن العمل في قطاع الوساطة المالية، أهمها تدني الرواتب، إذ يبدأ راتب الوسيط المؤهل من 6000 درهم، ثم زيادة فترة الدوام، وعدم وضوح الرؤية حول المستقبل الوظيفي.

وقالوا إن تنفيذ معظم المستثمرين حالياً أوامر البيع والشراء إلكترونياً من دون الحاجة لوسيط مالي، قلل عدد الوسطاء الماليين، لافتين إلى أن عدم توافق بعض الأسهم مع أحكام الشريعة الإسلامية من أسباب العزوف، فضلاً عن تفضيل المواطنين العمل في مكاتب وساطة تتبع مصارف إسلامية.

بيئة طاردة

أكدت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في المجلس الوطني الاتحادي، أن بيئة العمل في مجال الأسواق المالية طاردة بالنسبة للمواطنين.

وأفاد مقرر اللجنة، مروان بن غليطة، بأن هناك صعوبة في استقطاب المواطن للعمل وسيطاً مالياً بسبب تدني مستوى الرواتب، وزيادة ساعات العمل، فضلاً عن قلة خبرة المواطنين في هذا المجال، مع وجود فرص وظيفية بديلة.

وقال، في تصريحات صحافية عقب مناقشة اللجنة سياسة هيئة الإمارات للأوراق المالية والسلع، إن «نسبة المواطنين العاملين في أسواق المال محلياً لا تتجاوز 4%، على الرغم من تحمل هيئة الأوراق المالية والسلع تكاليف دورات تدريبية متخصصة تقدم للمواطن، في معهد بريطاني مقره الإمارات، ويحصل على شهادة رسمية بذلك، تمكنه من العمل في أسواق المال المحلية والعالمية».

ولفت إلى أن اجتماع اللجنة أكد أهمية تمكين المواطنين من العمل في مكاتب شركات الوساطة، ومعالجة أسباب عزوفهم عنه.

وأجمع الخبراء على ضرورة عدم فرض نسبة إجبارية للتوطين في قطاع الوساطة المالية، مطالبين بمنح الشركات نوعاً من الجوائز أو الحوافز، أو ربط منح تراخيص تقديم بعض الخدمات بتحقيق مستهدف معين من التوطين.

وتفصيلاً، أكد المدير التنفيذي لشركة «هايكس غروب»، حمود عبدالله الياسي، أن «المردود المادي يعد من أهم المعوقات أمام عمل المواطنين في مجال الوساطة المالية»، لافتاً إلى أن راتب الوسيط يبدأ من 6000 درهم، وهو راتب قد لا يغري العديد من المواطنين للعمل في هذا القطاع.

وقال الياسي، الذي يعد أحد قدامى المواطنين العاملين في مجال الأسواق المالية، إن «هناك وظائف في قطاعات أخرى توفر مزايا أفضل للمواطن المؤهل»، مشيراً إلى أن العمل في قطاع الأسواق المالية لا يتطلب الحصول على مؤهل دراسي فقط، وإنما خبرة في التمويل وأسواق رأس المال، والقدرة على التحليل لا التكهن بأسعار الأسهم، فدور الوسيط المالي ليس تنفيذ أوامر البيع والشراء فقط.

وأضاف أن «تنفيذ معظم المستثمرين حالياً أوامر البيع والشراء إلكترونياً، من دون الحاجة لوسيط مالي، قلل عدد الوسطاء الماليين، وتالياً أصبحت شركات الوساطة في غنى عن تعيين عدد كبير من الوسطاء».

وشدد على أن «عدم توافق بعض الأسهم مع احكام الشريعة الإسلامية، يعد من أسباب عزوف المواطنين، وتفضيلهم العمل في مكاتب وساطة تتبع بنوكاً إسلامية»، مؤكداً أن نسبة المواطنين في هذه الشركات تزداد بشكل لافت.

واختتم الياسي بالتأكيد على أهمية زيادة عدد المواطنين العاملين في قطاع الوساطة المالية، خصوصاً في ظل تحسن أوضاع شركات الوساطة المالية، ما يمكنها من التغلب على المشكلات المالية التي واجهتها وقت الأزمة المالية العالمية.

من جهتها، قالت رئيسة اللجنة النسائية للتوطين في القطاع المصرفي والمالي والعضو المنتدب لشركة «موارد» للاستشارات، رحاب لوتاه، إن «عزوف المواطنين عن العمل في قطاع أسواق المال، وتحديداً في مجال الوساطة المالية، يأتي نتيجة كون القطاع الخاص لا يلقى إقبالاً من المواطنين عموماً، إذ يفضلون العمل في القطاع الحكومي».

وأضافت أنه «على الرغم من المبادرات التي تستهدف تحفيز المواطنين على العمل في القطاع الخاص، فإن انخفاض نسبة المواطنين العاملين في القطاعات المالية عموماً، يعد ظاهرة بما في ذلك القطاع المصرفي»، معتبرة تلك المبادرات غير كافية، ولا يمكن الاعتماد على توفير تدريب للمواطنين فقط.

وشددت لوتاه على أهمية الاهتمام بتوفير مزايا حقيقية من ناحية الرواتب، وساعات الدوام، وسلم الترقي الوظيفي.

وقالت إن «اعتقاد بعض المواطنين أن العمل في قطاع الوساطة المالية يحملهم مسؤوليات كبيرة في حال الخطأ في تنفيذ الصفقات، ربما يكون من دوافع عزوفهم عن العمل، فضلاً عن أن بعض المواطنين يتحفظ في التعامل على بعض الأسهم المدرجة في الأسواق وغير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية».

وأكدت أن «من الأسباب الأخرى أن شركات الوساطة المالية واجهت ظروفاً صعبة جداً طوال السنوات التي تلت الأزمة المالية العالمية، ما اضطرها للاستغناء عن نسبة كبيرة من الموظفين، خصوصاً الوسطاء الماليين، الأمر الذي جعل المواطنين يتخوفون من تكرار الأمر»، لافتة إلى أن «قلة عدد شركات الوساطة المالية العاملة في الدولة، وصغر حجم أعمال معظمها، جعل فرص الترقي والصعود الوظيفي في هذا القطاع قليلة للغاية».

وطالبت لوتاه الجهات المسؤولة عن الأسواق المالية بتطبيق تجربة المصرف المركزي في مطالبة شركات الوساطة المالية بتحقيق مستهدف من نسبة التوطين على مدار السنوات المقبلة، نظراً لأن هذا القطاع يدخل في صميم الاقتصاد الوطني.

ونوهت إلى أنه نظراً لأن بعض الشركات قد تواجه صعوبات في توفير مواطنين مؤهلين للعمل، فإنه يمكن أن تكون نسب التوطين غير إجبارية بل تحفيزية، بمعنى أن يتم تصنيف الشركات وفقاً لدعمها للتوطين، مشيرة إلى أنه يمكن اشتراط نسبة توطين معينة لمنح تراخيص مزاولة أنشطة معينة لشركات الوساطة، وتحرم الشركات التي لا يوجد فيها مواطنون من مزاولة ذلك النشاط.

في السياق نفسه، رأى مقرر اللجنة المالية والاقتصادية في المجلس الوطني الاتحادي، والخبير المصرفي، علي عيسى النعيمي، أن فرض نسبة ملزمة للتوطين في قطاع الوساطة المالية يعد نوعاً من الإجحاف لشركات الوساطة المالية التي تواجه صعوبات في توفير كوادر وطنية مؤهلة.

وقال إن «فرض نوع من الجوائز أو الحوافر لشركات الوساطة المالية، ربما يكون حلاً عملياً أفضل على غرار جائزة أفضل رئيس تنفيذي للتوطين في القطاع المصرفي».

وأضاف أن «حل مشكلة تدني نسبة التوطين في قطاع الوساطة المالية يتطلب إجراء دراسة من الأطراف كافة، لاسيما أن التعامل مع التوطين يعد هدفاً وطنياً يجب أن تبادر إليه الشركات من تلقاء نفسها»، منبهاً إلى أن الإشكالية التي تواجه شركات الوساطة المالية تتمثل في عدم توافر مواطنين متخصصين في الأمور المالية، وذلك على الرغم من أن نسبة البطالة بين هذه الفئة تكاد تكون منعدمة.

وأشار إلى أن من الإشكاليات الأخرى تفضيل المواطنين العمل في القطاع الحكومي، يليه القطاع المصرفي، لأن ظروف العمل في قطاع الوساطة المالية صعبة، لاسيما من حيث الدوام لفترتين، وتدني الراتب، وتوافر فرص وظيفية أفضل في قطاعات أخرى.

ودعا النعيمي شركات الوساطة إلى البدء بتبني توظيف كوادر مواطنة في بعض الوظائف التي لا تتطلب قدرات ومهارات خاصة، ثم تطوير مهاراتهم وتأهيلهم للعمل، وتحفيزهم على الاستمرار، خصوصاً أن المؤهل منهم يفتح شركة وساطة خاصة فور اكتساب المهارات والخبرات اللازمة.

تويتر