مطالب بتعديل «بدل السكن» لمواجهة ارتفاع الإيجارات بأبوظبي
طالت أزمة ارتفاع الإيجارات في أبوظبي، الناتجة عن إلغاء سقف الزيادة الإيجارية، الذي كان يقدر بـ5%، الموظفين العاملين في الجهات الحكومية والخاصة الحاصلين على بدل سكن مالي من جهات عملهم، ما دعاهم إلى المطالبة برفع بدل السكن الذي يحصلون عليه ليتمكنوا من مواجهة الارتفاع الكبير في الإيجارات.
وأوضح عدد من هؤلاء الموظفين لـ«الإمارات اليوم» أن ملاكاً طالبوهم بزيادات في الإيجارات بنسب تزيد على 65%، ما أجبرهم على ترك شققهم السكنية، ومحاولة إيجاد شقق أخرى بديلة مناسبة.
إلى ذلك، اعتبر مالكان أن الغاء الزيادة يمثل تصحيحاً لوضع سابق أدى إلى خسارة ملاك وإهمال بعض جوانب الصيانة نتيجة قلة دخل الملاك.
«تروث» تدعو إلى وضع حدود قصوى للإيجارات في مختلف مناطق أبوظبي
رأى الخبير الاقتصادي، المدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية «تروث»، رضا مسلم، أن «ارتفاع الإيجارات ومطالبة موظفين برفع بدل السكن أو الرواتب يعدان من الإفرازات والنتائج السلبية لإلغاء سقف الزيادة الإيجارية المقدر بـ5%، وعدم تحديد القيم الإيجارية على أسس اقتصادية وتجارية»، مشيراً إلى أن «ارتفاع الإيجارات أصبح يؤثر في السكان باختلاف شرائحهم ورواتبهم». واعتبر أن «الوضع الحالي أدى إلى أن يصبح المالك هو المحدد الوحيد للقيمة السوقية للعقار، بحيث أصبح جانب العرض يتحكم تماماً في السوق، بينما لا يتم تفعيل قانون السوق الخاص بالعلاقة بين العرض والطلب». وأشار إلى أن «من بين الآثار المترتبة على هذا الوضع ارتفاع الأصوات بين القوى العاملة للمطالبة برفع الأجور، وخروج شركات من السوق، نتيجة عدم قدرتها على تحمل الزيادات الإيجارية». وأكد مسلم ضرورة الإسراع بوضع خريطة عقارية متطورة ومتكاملة للإمارة، بمشاركة جهات مستقلة تحدد الحدود القصوى للإيجارات في مختلف المناطق، وفقاً لمعايير عدة، أهمها حداثة البنايات، والخدمات المقدمة فيها، بما يضمن تحديد القيم الإيجارية بطريقة عادلة لكلا الطرفين، المالك والمستأجر. |
بدوره، قال وسيط عقاري إن هناك حركة تنقلات واسعة بين المستأجرين خلال الفترة الماضية بعد ارتفاع الإيجارات، من بينهم الموظفون الحاصلون على بدل سكن، الذين وجدوا أن البدل أصبح غير كافٍ بعد ارتفاع الإيجارات، وأنهم لا يستطيعون دفع الفارق، إما لأن ظروفهم المادية لا تسمح بذلك، أو لأن هذا هو الحد الأقصى المسموح به.
وتفصيلاً، قال الموظف فاروق شكري إنه يحصل على بدل سكن بقيمة 35 ألف درهم سنوياً من الشركة الخاصة التي يعمل بها، لكنه يسكن في شقة يبلغ إيجارها 60 ألف درهم، ويدفع الفارق.
وأوضح أنه فوجئ بالمالك يخطره برفع الإيجار إلى 100 ألف درهم سنوياً اعتباراً من أغسطس المقبل، بزيادة نسبتها 66%، موضحاً أنه بات لا يدري ماذا يفعل لتدبر أموره المادية، خصوصاً أن راتبه قليل، ولا يتحمل هذه الزيادة الكبيرة، مشيراً إلى أن قبوله الوظيفة أساساً جاء بسبب بدل السكن الذي كان جيداً حينها.
وطالب برفع قيمة بدل السكن لمواجهة الزيادة الإيجارية الكبيرة، أو إعادة دراسة الرواتب مرة أخرى ورفعها لمواجهة هذه الزيادات.
من جانبه، قال الموظف بشار صوالحة إنه يحصل على بدل سكن بقيمة 50 ألف درهم من الشركة الخاصة التي يعمل بها، وأنه يسكن في شقة يبلغ إيجارها 70 ألف درهم، إلا أن المالك طلب زيادة القيمة الإيجارية إلى 95 ألفاً، بنسبة زيادة فاقت 35%، ما جعله غير قادر على دفع المبلغ الجديد.
وطالب صوالحة بزيادة بدل السكن حتى يتمكن من الحصول على شقة مناسبة.
من ناحيته، قال الموظف علي المالكي إنه يحصل على بدل سكن يبلغ 100 ألف درهم سنوياً من الجهة الحكومية التي يعمل بها، وأنه يسكن في شقة سكنية يبلغ إيجارها قيمة البدل، إلا أن المالك طالبه أخيراً برفع الإيجار إلى 130 ألفاً بزيادة 30%، في الوقت الذي تطالب الجهة التي يعمل فيها بألا يزيد بدل السكن عن المتفق عليه سلفاً.
وأضاف أنه لا يستطيع دفع هذا الفارق، وأنه يبحث عن شقة بالمستوى نفسه، إلا أنه فوجئ بارتفاعات كبيرة لا يستطيع تحملها، كما أنه حتى إذا استطاع عن طريق الحصول على قرض مثلاً، فلا يمكنه ذلك لطلب الجهة الحكومية أن يسكن بقدر المبلغ المتاح له، مشيراً إلى أن الموظفين الذين يحصلون على بدل سكن يحصلون على رواتب منخفضة نسبياً، باعتبار أن جهات عملهم تتحمل قيمة الإيجار بدلاً عنهم، كما أن الغالبية من الموظفين الحاصلين على بدل سكن لا يشهدون أي زيادات في الرواتب لسنوات عدة، باعتبار أن البدل السكني ميزة كبيرة، وهو بالفعل كذلك، خصوصاً قبل إلغاء سقف الزيادة السنوية البالغ 5%.
وطالب بزيادة قيمة بدل السكن تماشياً مع الزيادات الإيجارية الكبيرة، وأن تكون هناك مرونة بحيث تتحمل الجهات الحكومية والخاصة نسبة مئوية، خصوصاً في حالات الزيادات الإيجارية الكبيرة التي تزيد على 20%.
بدوره، أكد محمد حمدي أن الجهة الحكومية التي يعمل بها أصدرت قراراً بخفض الحد الأقصى لبدل السكن من 160 ألفاً إلى 140 ألفاً اعتباراً من يناير المقبل، مع إلزام الموظفين بعدم السكن في أي شقة يفوق إيجارها بدل السكن المسموح به لكل موظف، وفقاً لدرجته الوظيفية، التي تختلف من موظف إلى آخر.
وأوضح أن قرار خفض قيمة البدل صدر قبل صدور قرار إلغاء سقف الزيادة الإيجارية، مطالباً بالعدول عنه نتيجة وجود زيادة كبيرة في الإيجارات، وهو ما يؤثر في العائلات الكبيرة العدد، مثل عائلته.
وأشار إلى أنه يسكن في شقة يبلغ إيجارها قيمة بدل السكن، إلا أن المالك طالبه بزيادة تصل 65%، ما اضطره إلى التفكير في ترك الشقة وبدء البحث عن شقة تناسبه.
من جهته، قال سيد عبدالقادر إنه يعمل في شركة بترول، ويحصل على بدل سكن جيد للغاية يبلغ 140 ألف درهم، ويسكن في بناية في منطقة الكورنيش يبلغ إيجارها 170 ألف درهم، لأن أسرته كبيرة، ومكونة من ثمانية أفراد، ولفت إلى أنه كان يتحمل الفارق، لكن بعد أن طلب المالك رفع الإيجار إلى 220 ألفاً، بنسبة 30%، أصبح غير قادر على تحمل الأمر مادياً.
ولفت إلى أن مجموعة من موظفي الشركة تحدثوا مع الإدارة لزيادة بدل السكن أو الرواتب، لكنها رفضت أي زيادة، في الوقت الذي يتم فيه رفع بدل السكن والرواتب للعاملين الجدد لمواجهة الأزمة.
من جهته، اعتبر المالك سلطان بن صقر أن قرار إلغاء سقف الزيادة الإيجارية جاء تصحيحاً لوضع خاطئ استمر سنوات، وأدى إلى خسارة العديد من الملاك، خصوصاً مع ارتفاع تكاليف البناء، وارتفاع نفقات الصيانة والخدمات السكنية.
من جانبه، رأى المالك سيف الطنيجي أن إلغاء سقف الزيادة سيؤدي إلى الإقبال على الاستثمار العقاري في مدينة أبوظبي، ويعمل على تحسين العديد من الخدمات المقدمة للمستأجرين، وأولها الصيانة، بعد أن اضطر ملاك إلى إهمالها نسبياً خلال الفترة الماضية، نظراً لقلة الدخل، خصوصاً الذين بنوا البنايات في وقت الطفرة، وعانوا ارتفاع أسعار مواد البناء، وبالتالي كلفة البناء.
إلى ذلك، قال الوسيط العقاري، مصطفى عويضة، إن هناك حركة تنقلات واسعة بين المستأجرين خلال الفترة الماضية، بعد ارتفاع الإيجارات بنسب كبيرة، خصوصاً في البنايات القديمة، بنسبة تجاوزت الـ100% في الكثير من الأحيان، ومن بينهم الموظفون الحاصلون على بدل سكن، الذين وجدوا أن البدل غدا غير كافٍ بعد ارتفاع الإيجارات، وأنهم لا يستطيعون دفع الفارق، إما لأن ظروفهم المادية لا تسمح بذلك، أو لأن هذا هو الحد الأقصى المسموح به.
وطالب بإيجاد حلول عاجلة لمواجهة الزيادات الكبيرة والارتباك الذي تواجهه بعض الأسر، موضحاً أن بعض الموظفين تركوا الشقق السكنية ولم يجدوا حتى الآن البديل المناسب، ما سبب ارتباكاً في حياتهم.