يوفر قروضاً سريعة.. وتتداوله الشركات من خلال المشاركة في الأرباح

مشروعات صغيرة تستعيض بـ «التمويل البيني» عن «المصرفي»

صورة

قال رواد أعمال إن محدودية التمويل المصرفي المتاح للمشروعات الصغيرة والمتوسطة زاد الطلب على التمويل البيني بين أصحاب المشروعات، لافتين إلى أن القطاع يحتاج التمويل بصورة أساسية خلال عملية الانطلاق.

الحاجة إلى التمويل

قال رائد الأعمال، جاسم البستكي، إن «هناك تحديات عدة تواجه قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أبرزها ما يتعلق بجانب التمويل»، لافتاً إلى أن «التعامل مع البنوك والمصارف لبعض المشروعات قد يكون صعباً، لذا يوجه المصرف صاحب العمل إلى طلب الحصول على قرض شخصي، وليس تمويلاً لمشروعه الصغير». وذكر أن «المؤسسات الداعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تدعم وتساعد القطاع، لكن احتياج المشروع للتمويل لا يرتبط فقط بفترة انطلاقه، وإنما أيضاً بمراحل المشروع الأخرى، وهي التوسع والرغبة في تنويع الأنشطة وتحقيق استراتيجية النمو». وأفاد بأن «بعض المشروعات التي نجحت في مرحلة الانطلاق ربما تجد لها فرصة للتمويل بعيداً عن البنوك من خلال شركات استثمارية بنظام الحصص الخاصة»، موضحاً أن «بعض الشركات في الدولة تمول الشركات الناجحة وتساعدها كشريك، وهي مصدر مهم لتوفير التمويل والمساعدة المحترفة للمشروعات الصغيرة».

وأوضحوا أن التمويل البيني يتيح قروضاً سريعة ومضمونة، لاسيما للمشروعات غير المؤهلة للحصول على التمويل المصرفي، التي يصعب عليها تلبية اشتراطاته، ما يجعل التمويل البيني خياراً أمثل لأغلبية المشروعات الصغيرة، مشيرين إلى أن التمويل المصرفي قد يحتاج وقتاً طويلاً لصدور الموافقة.

من جانبها، قدّرت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة حجم عمليات التمويل البيني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في دبي بما يراوح بين ستة وسبعة مليارات درهم سنوياً، مشيرة إلى أن 10% فقط من المشروعات الصغيرة والمتوسطة استطاعت الحصول على تمويل مصرفي طويل الأجل للاستثمار في رأسمالها.

وذكرت أن البنوك تسوق أسباباً عدة لرفض تمويل المشروعات الصغيرة أبرزها، عدم وضوح الهيكل المالي للمشروع، وغياب المعلومات المالية.

ووفقاً للمؤسسة، فإن القطاع يمثل نحو 95% من مجموع الشركات العاملة في دبي، بما يعادل 80 ألف شركة توفر 60% من حجم الوظائف في السوق المحلية، في وقت أشار المصرف المركزي في تقرير سابق إلى أن حصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تتجاوز 3.2% من إجمالي القروض المصرفية، البالغة 1.7 تريليون درهم، وذلك مقارنة بنسبة 8% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و18% في الدول الناشئة.

وكان تقرير «حالة المشروعات الصغيرة والمتوسطة»، الذي أصدرته المؤسسة، أخيراً، أفاد بأن 80% من مصادر تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دبي شخصية، مع توافر محدود للتمويل الخارجي المتاح لبدء الأعمال في دبي.

تمويل مضمون

وتفصيلاً، قال المدير التنفيذي لشركة «دبليو كابيتال»، وليد الزرعوني، إن «التمويل البيني يوفر سيولة سريعة ومضمونة للشركات، ويمنح بين الشركات من خلال المشاركة في الأرباح وعلى حسب نسبة كل شريك في الصفقة»، لافتاً إلى أنه «يعد بمثابة شراكة قصيرة المدى، وقد يؤدي إلى بدء شراكات طويلة بين المقرض والمقترض».

وأوضح أن «هناك بعض الشركات التي تشكل نوعاً من المحافظ القادرة على جذب الأموال من الأفراد، وإعادة استثمارها في عمليات تجارية تخص شركات صغيرة ومتوسطة».

وقدر الزرعوني، نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تحصل على تمويلها من مشروعات أخرى، فيما يعرف بالتمويل البيني، بـ15%.

وذكر أن «البنوك تطلب الكثير من الأوراق والمستندات التي تصف عمل الشركات قبل الموافقة على منحها التمويل، وتسعى إلى التأكد من الحصول على ضمانات لعودة الأموال التي أقرضتها، وهو ما يؤدي إلى بطء في منح التمويل إذا وافق البنك بالفعل، في الوقت الذي قد يحتاج صاحب المشروع التمويل بسرعة».

وأشار إلى أن «البنوك تحتاج للموافقة على التمويل إلى بيانات ومستندات موثقة من مكاتب للمحاسبة، وكذا إلى مراجعة للمركز المالي للشركة الصغيرة أو المتوسطة، والحصول على تلك المستندات يقتضي دفع مبالغ مالية كبيرة لمكاتب المحاسبة، وقد تكون فوق قدرات المشروع، خصوصاً إذا كان في مرحلة البدء».

ودعا الزرعوني البنوك الى دراسة كيفية الإسراع بتوفير التمويل وايجاد فرص تمويلية بأسعار فائدة أقل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أن التمويل هو أحد العوامل الرئيسة التي تسهم في نجاح أو فشل المشروع الصغير أو المتوسط، وزيادة حصة تمويل تلك المشروعات يدعم القطاع بصورة ملموسة.

3 شرائح

من جهته، قال صاحب أحد المشروعات الصغيرة في دبي، ناصر بن سالم، إن «المشروعات الصغيرة تنقسم إلى ثلاث شرائح من حيث قدرتها على الحصول على التمويل، الشريحة الأولى هي المشروعات التي بدأت العمل فعلاً ولديها تاريخ مالي موثق وموازنة معتمدة وهيكل إداري ومالي وتحقق الربحية، وهذه الشريحة لديها القدرة غالباً في الحصول على تمويل مصرفي مناسب».

وأضاف أن «الشريحة الثانية هي المشروعات التي لا تملك القدرة على توفير التمويل، لكنها تستطيع التواصل مع مؤسسات داعمة وشرح أفكارها وكتابتها وتوضيحها، وهؤلاء يمكنهم الحصول على التمويل من خلال الدعم الحكومي»، واستطرد: «أما الشريحة الثالثة، التي تمثل نحو 80% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهي التي تبدأ العمل، وتبحث عن التمويل من أجل الانطلاق، وهي الشريحة التي تسعى غالباً إلى الحصول على تمويل ذاتي أو بيني، لعدم قدرتها على الحصول على تمويل مصرفي»، لافتاً إلى أن «بعض هذه المشروعات تنظم ما يشبه المحافظ، ومعظمها تكون مشروعات عائلية».

وذكر بن سالم أن «هناك بعض الشركات التي تعرف بتقديمها التمويل والدعم الفني للمشروعات الصغيرة، وهي منتشرة ومعروفة في الولايات المتحدة وبعض دول العالم، ومن بينها الإمارات»، مشيراً إلى أن «تلك الشركات تدرس أفكار المشروعات وكيفية تنفيذها، وتدرس قدرات القائمين عليها، وتوفر الاستشارات لها أيضاً».

تمويل سريع

إلى ذلك، قال المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، عبدالباسط الجناحي، إن «أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة قد يحتاجون إلى التمويل السريع لتنفيذ أعمالهم، فيضطرون إلى الاقتراض من زملائهم من خلال اتفاق للمشاركة في العمل»، لافتاً إلى أن «هذا السلوك هو نتيجة طبيعية لمحدودية التمويل الذي توفره البنوك لهم».

وأوضح لـ«الإمارات اليوم»، أن «أغلبية الشركات الصغيرة والمتوسطة تعتمد التمويل البيني، من خلال عمليات تمويل خارج الجهاز المصرفي، سواء عبر أفراد أو شركات، وبما يراوح بين ستة وسبعة مليارات درهم سنوياً».

وأكد أن «10% فقط من المشروعات الصغيرة والمتوسطة استطاعت الحصول على تمويل طويل الأجل للاستثمار في رأسمالها»، مشيراً إلى أن «البنوك تسوق أسباباً عدة لرفض تمويل المشروعات الصغيرة أبرزها، عدم وضوح الهيكل المالي للمشروع، غياب المعلومات المالية، وعدم امتلاك نظام قوي للحوكمة».

تشريعات مساندة

وقال الجناحي إن «المؤسسة ستعمل مع المصرف المركزي بحيث يمكن إصدار تشريعات أكثر مساندة للمشروعات الصغيرة، خصوصاً بعد قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي صدر أخيراً في الإمارات»، لافتاً إلى أن «القانون يدعم بصورة ملموسة القطاع، إذ يوجد أرضية صلبة في ما يتعلق بالتشريعات لتسهيل جانب التمويل في المرحلة المقبلة».

وأشار إلى أن «المؤسسة تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة، ضمن برنامج (المائة)، على تحسين وضعها المالي وإجراء هيكلة مالية ومؤسسية، وتحفزها على اتباع قواعد الحوكمة التي تساعدها في الحصول على التمويل».

وأضاف أن «دور المصرف المركزي مهم جداً، ويحتاج إلى تدشين مبادرات ترفع نسبة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدى القطاع المصرفي»، مبيناً أن «البنوك خلال الأزمة المالية العالمية ابتعدت عن تمويلات قطاعات عدة، من بينها العقارات، واتجهت نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لكن الفترة الماضية شهدت تراجعاً من البنوك في تمويل هذه النوعية من المشروعات».

تويتر