تزامن التصحيح في الأسواق مع انخفاضات البورصات العالمية فاقم تراجع مؤشرات الأسواق المحلية. تصوير: باتريك كاستيلو

محللون: انخفاضات الأسهم المحلية لا ترتبط بتراجع أسعار النفط

أجمع محللون ماليون على أن الانخفاضات القاسية، التي شهدتها أسواق الأسهم المحلية الأسبوع الماضي، لا ترتبط بمعطيات داخلية، بقدر ارتباطها بأوضاع البورصات العالمية، والمخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، نافين في الوقت ذاته أن يكون انخفاض أسعار النفط مسوغاً لهذه الانخفاضات، إذ إنه من المستبعد تماماً تأثر الاقتصاد الكلي أو الإنفاق الحكومي على المشروعات التنموية بسبب انخفاض النفط.

وأكد المحللون أن سيطرة المستثمرين الأفراد على سوق الأسهم المحلية، وتعاملهم بطريقة غير عقلانية مع الأزمات، يجعلان انخفاضات الأسواق المحلية تفوق انخفاضات بورصات الدول التي تشهد أزمات مالية مرات عدة، لافتين إلى أن تلك الانخفاضات تعدت التصحيح المنطقي في أسعار الأسهم، الذي كان يتوقع حدوثه بسبب ارتفاع الأسهم بنسب كبيرة خلال فترة زمنية وجيزة من قبل.

 

معامل الارتباط

الأسهم المحلية تخسر 22.46 مليار درهم في يوم واحد

خسرت القيمة السوقية للأسهم المحلية 22.46 مليار درهم في يوم واحد، لتصل في نهاية الأسبوع إلى 779.7 مليار درهم. وبلغت نسبة الارتفاع في مؤشر سوق الإمارات المالي منذ بداية العام الجاري 14.92%، محصلة ارتفاع أسهم 56 شركة، مقابل تراجع أسهم 53 شركة. وشهد سوق الإمارات المالي، خلال الأسبوع الماضي، تداول 3.39 مليارات سهم خلال 69 ألفاً و268 صفقة، بقيمة إجمالية 8.66 مليارات درهم. وأنهى المؤشر العام لسوق دبي تعاملات الأسبوع الماضي عند مستوى 4270.43 نقطة، خاسراً 222.3 نقطة في يوم واحد هو الخميس الماضي.

وأعلنت إدارة سوق دبي المالي أن صافي الاستثمار الأجنبي في السوق، خلال الأسبوع الماضي، بلغ نحو 197.74 مليون درهم، كمحصلة (بيع)، نتيجة مشتريات بنحو 3.33 مليارات درهم، تشكل نسبة 47.68% من إجمالي قيمة المشتريات، ومبيعات بنحو 3.53 مليارات درهم، تشكل نسبة 50.51% من إجمالي قيمة المبيعات.

وأشارت البيانات إلى أن قيمة الأسهم المشتراة من قبل المستثمرين المؤسساتيين بلغت، خلال الأسبوع الماضي، 2.11 مليار درهم، تشكل ما نسبته 30.22% من إجمالي قيمة التداول. وفي المقابل، بلغت قيمة الأسهم المبيعة من قبل المستثمرين المؤسساتيين، خلال الفترة نفسها، 2.23 مليار درهم، تشكل ما نسبته 31.91% من إجمالي قيمة التداول؛ ونتيجة لذلك بلغ صافي الاستثمار المؤسسي، خلال الأسبوع، نحو 118.37 مليون درهم، كمحصلة (بيع).

وفي سوق أبوظبي للأوراق المالية، أغلق المؤشر العام للسوق عند مستوى 4768.15 نقطة في نهاية الأسبوع الماضي، وخسر المؤشر 111.77 نقطة في نهاية الأسبوع، لينخفض بنسبة 2.29%، خلال الخميس الماضي.

وتفصيلاً، قال مدير إدارة الأصول لدى شركة المال كابيتال، طارق قاقيش، إن «الانخفاضات التي حدثت في أسعار الأسهم المحلية ترجع في المقام الأول إلى زيادة معامل الارتباط بين أداء أسواق الأسهم المحلية وأداء البورصات العالمية، إذ يزداد معامل الارتباط في أوقات الأزمات»، مضيفاً أن «المشكلة التي تواجه البورصات العالمية في الوقت الحالي تتمثل في تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ومشكلات الدول الأوروبية، علماً بأن نمو الاقتصاد الصيني في السنوات التي تزامنت مع الأزمة المالية العالمية ساعد على تعافي الاقتصاد العالمي من الأزمة بخلاف الوقت الحالي، الذي لا توجد فيه أي محفزات للاقتصاد العالمي».

واتفق قاقيش مع الآراء التي تؤكد أن خسائر الأسواق المحلية فاقت خسائر البورصات العالمية، لكنه عزا ذلك إلى «سيطرة المستثمرين الأفراد على السوق وتعاملهم بطريقة غير عقلانية مع الأزمات، ما يجعل انخفاضات الأسواق المحلية تفوق انخفاضات بورصات الدول التي تشهد أزمات مالية مرات عدة».

وأشار إلى أنه «على الرغم من عدم وجود شركات تعمل في قطاع البتروكيماويات مدرجة في أسواق الأسهم المحلية، إلا أن مخاوف المستثمرين بشأن انخفاض أسعار النفط ترجع إلى المخاوف من تأثر موازنات الدول الخليجية المرتبطة بأسعار النفط، ومن احتمال تراجع الإنفاق الحكومي على المشروعات التنموية بسبب ذلك».

ضرورة التصحيح

من جهته، رفض المدير العام لشركة ضمان للاستثمار، وليد الخطيب، الربط بين انخفاض أسواق الأسهم المحلية وانخفاضات البورصات العالمية، مؤكداً أنه «على الرغم من أن انخفاضات البورصات العالمية أشعلت شرارة الانخفاضات، إلا أنه لا يجب تجاهل أن الأسواق المحلية كانت بحاجة إلى تصحيح أسعار الأسهم بعد الارتفاعات الكبيرة التي تحققت خلال فترة زمنية وجيزة».

وأوضح الخطيب أن «سرعة صعود المؤشر العام كانت غير مبررة، وارتبطت بمحفزات وقتية، وعندما غابت هذه المحفزات كان من الضروري تصحيح الأسعار، لأن القيمة السوقية للأسهم كانت مرتفعة قياساً بنتائج أعمال الشركات وتوقعات النمو في الأرباح».

وأشار إلى أن «المخاوف بشأن تأثر الأسواق المحلية بانخفاض أسعار النفط تعد مخاوف واهية، إذ إن الربط بين التراجع الحادث في النفط والمخاوف من تأثر موازنة الدولة والإنفاق الحكومي على المشروعات التنموية هو ربط غير جائز»، عازياً ذلك إلى أن «موازنة الدولة تم تحديدها بناء على سعر 60 دولاراً لبرميل النفط، وهو سعر يقل كثيراً عن الأسعار الحالية، وتالياً فلا يمكن أن تتأثر المشروعات التنموية للدولة».

ونبه الخطيب إلى أن «المشكلة التي تواجه أسواق الأسهم في الوقت الحالي تكمن في أنّ الانخفاضات تجاوزت عملية التصحيح المنطقي في أسعار الأسهم، نتيجة تزامن التصحيح المطلوب مع انخفاضات البورصات العالمية والأوضاع غير المستقرة في المنطقة»، لافتاً إلى أن «هذه الأخبار أسفرت عن زيادة حدة الانخفاضات».

 

فاقت التوقعات

بدوره، قال محلل الأسواق الخليجية، علاء الدين علي، إن «مؤشرات الأسواق المحلية في الفترات الماضية سجلت ارتفاعات بنسب ملحوظة وخلال فترة سريعة، ما استوجب أن تمر بمرحلة هدوء أو تصحيح نسبي في أسعار الأسهم، من أجل بناء قواعد سعرية جديدة»، مؤكداً أنه «على الرغم من أن تقييمات الأسهم كانت مرتفعة عند النظر إلى أرباح الشركات المصدرة، إلا أن الانخفاضات المحققة فاقت كل التوقعات، وتعدت مرحلة التصحيح المنطقية».

وأوضح علي أن «هبوط الأسواق العالمية أعطى إشارة لبدء مرحلة التصحيح، على الرغم من عدم وجود ارتباط حقيقي بين أداء الأسواق المحلية والبورصات العالمية»، مشيراً إلى أن «زيادة التداولات بالهامش أعادت عمليات البيع الجبري من قبل شركات الوساطة والبنوك الممولة، ما فاقم تراجع مؤشرات الأسواق المحلية وأسعار الأسهم».

الأكثر مشاركة