دعوا إلى تشكيل مجلس تنسيق بين المؤسسات الاقتصادية الإسلامية في العالم

خبراء يطالبون بتقريب معايير «التورق» وإصدار الصكوك

الخبراء دعوا مؤسسات التمويل الإسلامي إلى اجتناب الممارسات الخاطئة في التورق وإصدار الصكوك تعزيزاً لثقة المتعاملين. تصوير: باتريك كاستيلو

دعا خبراء مشاركون في منتدى «فقه الاقتصاد الإسلامي»، أمس، إلى ضرورة تقريب المعايير والضوابط الحاكمة لـ«التورق المصرفي»، وإصدار الصكوك في مؤسسات التمويل الإسلامي، لتجنب اختلاف وتضارب المعايير في بعض الدول والمؤسسات.

وأشاروا، على هامش اليوم الثاني للمنتدى، الذي يعقد أعماله في مركز دبي التجاري العالمي، تحت مظلة مبادرة «دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي العالمي»، وبرعاية من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، إلى ضرورة اجتناب مؤسسات التمويل الإسلامي بعض الممارسات الخاطئة في التورق، وإصدار الصكوك، بما يزيد من ثقة المتعاملين، ويسهم في دعم نمو قطاع التمويل الإسلامي.

صورية السلامة الشرعية

أشار الأستاذ المساعد في قسم المصارف والأسواق المالية، في كلية العلوم الاقتصادية والمالية الإسلامية في جامعة «أم القرى» في السعودية، مصطفى محمود عبدالعال، عبر ورقة بحثية قدمها بعنوان «صورية السلامة الشرعية في بعض البنوك الإسلامية ــ رؤية من الداخل ومحاولة للتقييم»، إلى أن «فلسفة بعض المصارف الإسلامية في توظيف الأموال واستثمارها، تستند إلى المرابحة على حساب المشاركة، وذلك لاستسهال الأولى في جني الأرباح بعيداً عن أي مخاطر على رأس المال»، مشدداً على أن «تطوير المشاركة ينبغي أن يحتل الصدارة في المرحلة المقبلة، لتأسيس اقتصاد إسلامي متين ومتنوع».


تعريف «التورق»

قال المستشار الشرعي في المصرفية والتمويل الإسلامي، عضو هيئة التدريس في جامعة السعودية الإلكترونية، الدكتور صلاح بن فهد الشلهوب، إن «التورق يمكن تعريفه بأنه الحصول على النقد عن طريق شراء سلعة مخصوصة من مكان مخصوص بثمن آجل من البنك، وتوكيل البنك في بيعها لحساب المتعامل، فالمقصود به هو عقد تمويل من مصرف أو مؤسسة مالية توفر للمتعامل سلعة من السلع التي لا يجري فيها الربا مع النقد، لتبيعها للمتعامل بسعر مؤجل أو مقسط لمدة محددة، وتكون السلعة بسعر أعلى من سعرها في السوق، ويتولى البنك بعد ذلك ترتيب عملية بيع السلعة لطرف ثالث، وذلك بصفته وكيلاً عن المتعامل، أو من خلال الترتيب مع جهة أخرى لتتولى عملية البيع وكالة عن المتعامل».

وشهد المنتدى مطالبات من مشاركين بضرورة تطوير الأدوات الفقهية للاقتصاد الإسلامي، التي تنسجم مع رؤية العصر والمعطيات الاقتصادية الجديدة.

وتفصيلاً، قال الأستاذ في قسم الفقه المقارن والسياسات الشرعية في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، الأستاذ الدكتور كمال توفيق حطاب، إن «تقريب المعايير والضوابط الحاكمة للتورق المصرفي وإصدار الصكوك في مؤسسات التمويل الإسلامي باتت من الأمور المهمة، التي تسهم في دعم نمو قطاع التمويل الإسلامي، والقضاء على سلبيات التناقض الكبير في اعتماد بعض معايير التورق في العمليات المصرفية الإسلامية».

وأشار حطاب إلى أنه «من الضروري تجنب بعض الممارسات الخاطئة والتحايل في استخدام التورق المصرفي، وذلك عبر لجوء بعض المؤسسات التمويلية إلى استخدام التورق لإعطاء تمويل لأفراد، بناء على عقود شراء سلع صورية، ليست حقيقية، لمجرد التحايل على شبهات الربا، فيما من المفترض أن تكون هناك سلع حقيقية في عمليات التورق، تسهم في التنمية الاقتصادية».

واستطرد: «لابد كذلك من تجنب الممارسات السلبية في عمليات إصدار الصكوك، وأبرزها عدم اعتماد الصكوك المصدرة على أصول حقيقية، وإنما تكون لمجرد جمع الأموال، وبالتالي تتحول إلى عمليات إصدار سندات ديون تقليدية، وليست صكوكاً بمفهومها الإسلامي المربوطة بأصول واقعية».

ولفت حطاب إلى أن «أولى الخطوات العملية لتأطير المصرفية الإسلامية بأطرها الصحيحة، بدأت فعلاً مع انطلاق أعمال المنتدى»، مبيناً أن «مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي العالمي تمثل منبراً جديداً للباحثين والدارسين».

وذكر أن «المنتدى وُفِّق في وضع ركائزه السبع الأساسية، لاسيما ركيزة المعايير»، مشدداً على أن «المعايير مسؤولية جماعية تتحمل تحقيقها جميع الأطراف المعنية بالعمل الاقتصادي الإسلامي، إذ إنه في الوقت الراهن تعاني معايير عمل الاقتصاد الإسلامي حالة أشبه بالفوضى، وهناك تضارب بالممارسات الحسابية في بعض المؤسسات الإسلامية المالية مع تعدد أشكال المحاسبات، وغياب سياسة الإفصاح، الأمر الذي يتطلب أن تكون المعايير أكثر مواءمة وسهولة ووضوحاً».

ودعا إلى ضرورة تشكيل مجلس تنسيق بين المؤسسات الاقتصادية الإسلامية في العالم لتلافي هذه الإشكالات.

من جهته، قال أستاذ القانون في «جامعة الشرق الأوسط»، الدكتور وليد عوجان، إن «تقريب المعايير والضوابط لآليات التورق المصرفي والصكوك، أصبح من الضرورة حالياً، بما يواكب المتغيرات الاقتصادية، ويدعم نمو قطاع التمويل الإسلامي»، لافتاً إلى أن «التقريب يقضي على التضارب الكبير بين المؤسسات العاملة في القطاع، لأنه سيوحد المعايير الأساسية، لتنحسر الفروقات في التفاصيل الإجرائية المحدودة».

وأضاف أنه «من المهم تفادي بعض الممارسات الخاطئة في عمليات التمويل، مع ضرورة توفير أطر الحوكمة في هيئات الرقابة الشرعية بمؤسسات التمويل الإسلامي، من خلال المساءلة والشفافية، وتوفير عمليات الاستقلال التام لأعضائها، وترك عمليات الموافقة على إقرار تعليماتها من قبل الجمعيات العمومية، وليس المدير العام ومجلس إدارة المؤسسات»، مضيفاً أن «تقريب المعايير الحاكمة لمعايير التمويل الإسلامي يزيد من ثقة المتعاملين، ويدعم نمو المؤسسات العاملة في القطاع وتوسعها».

وأشار، في ورقة بحث قدمها للمنتدى بعنوان «الصكوك الإسلامية وتطبيقاتها المعاصرة»، إلى أن «التشريع الإسلامي الاقتصادي يجمع بين الثبات (أساسيات ومسلّمات الشريعة الإسلامية في تحليل الحلال وتحريم الحرام)، والمرونة (التي تكون في التعاملات وإيجاد الحلول الفقهية لأغلب الإشكالات)».

بدوره، قال المستشار الشرعي في المصرفية والتمويل الإسلامي، عضو هيئة التدريس في جامعة السعودية الإلكترونية، الدكتور صلاح بن فهد الشلهوب، في بحث قدمه حول التورق المصرفي، إن «عقود التورق ينبغي إخضاعها إلى مزيدٍ من التفكر والتدبر والإحاطة الكاملة، بما يحقق وضع منظومة تشريعية ضابطة لهذا النوع من التعاملات الإسلامية»، مشدداً على دور «المصارف الإسلامية في بلورة القوانين الناظمة بعيداً عن الصورية المتبعة في عدد من المصارف، وتفعيله على الوجه الذي يؤمّن فعاليته على النحو الشرعي المقصود». وأوضح أنه «من المهم الالتزام بمعايير محددة لضبط عمليات التورق، تمنع البيع الملزم بالوعد من طرفي العقد»، لافتاً إلى أهمية استهداف وجود طبقة من الوسطاء على درجة عالية من الكفاءة والإمكانات الاستثنائية.

وأشار إلى أن «المرحلة المقبلة تتطلب بناء على أسس متينة للمؤسسات المالية الإسلامية وتشجيعها على بعض المخاطرة في العمل المصرفي، وذلك بعد إجراء دراسات مستفيضة تكون بمثابة محطة على طريق تشجيع البنوك والمصارف لتأسيس استثمارات إسلامية عالية الربحية».

تويتر