الاستثمار الفردي المضارب هو المسيطر على حركة أسواق المال في المنطقة. تصوير: أشوك فيرما

خبراء يطالبون بعودة الاستثمار المؤسسي إلى قيادة السوق

طالب خبراء في أسواق المال، بضرورة عودة الاستثمار المؤسسي إلى قيادة السوق، ورفع معدل تداولاته في الأسواق إلى 50%، خصوصاً بعد أن تراجعت نسبته من 20% خلال النصف الأول من عام 2014، إلى ما دون 18% في تداولات النصف الأول من العام الجاري، مشيرين إلى أن المستثمر المؤسسي لايزال حذراً من الدخول إلى الأسواق، في وقت لايزال فيه الاستثمار الفردي المضارب المسيطر على حركة أسواق المال في المنطقة.

الاستثمار المؤسسي خلال يونيو

أظهرت بيانات سوق دبي المالي أن قيمة الأسهم المشتراة من قبل المستثمرين المؤسساتيين خلال يونيو 2015 بلغت نحو 5.2 مليارات درهم تشكل ما نسبته 20% من إجمالي قيمة التداول، في ما بلغت قيمة مبيعاتهم خلال الفترة نفسها نحو 4.6 مليارات درهم تشكل ما نسبته 17.7% من إجمالي قيمة التداول، وبذلك بلغ صافي الاستثمار المؤسسي المتدفق إلى السوق نحو 613 مليون درهم.

وشدّد الخبراء على أهمية عقد مؤتمر يضم مديري الأصول في المؤسسات وصناديق الاستثمار، لسماع وجهة نظرهم في التراجعات المستمرة للاستثمار المؤسسي في الأسواق المالية مقابل المعاملات الفردية.

ولفتوا إلى غياب الأدوات التي تطور قطاع الاستثمار المؤسسي، خصوصاً الأدوات المالية التي تساعد على التحوط من الانخفاضات السعرية، فضلاً عن انخفاض الاستثمار الأجنبي من قبل المؤسسات الأجنبية العالمية.

الاستثمار المؤسسي

وتفصيلاً، طالب رئيس الاستثمار في «مجموعة الزرعوني»، وضاح الطه، بضرورة رفع نسبة الاستثمار المؤسسي في الأسواق المالية المحلية، مؤكداً أن الأمر يحتاج إلى مراجعة.

وأضاف الطه أن أسواق الأسهم المحلية تخالف البورصات العالمية في ما يتعلق بالاستثمار المؤسسي الذي يمثل فيها عادة نسبة 80% من إجمالي التداول مقابل 20% للمستثمرين الأفراد، بعكس أسواق الأسهم المحلية التي تجاوز تعاملات الأفراد فيها نسبة 80% من قيمة التداولات، خصوصاً في فترة الأشهر الأخيرة. وشدّد الطه على ضرورة البحث عن العوامل التي تسهم في رفع نسب الاستثمار المؤسسي من خلال سماع آراء مديري المحافظ والصناديق الاستثمارية، بهدف دخول مزيد من المؤسسات المالية في الأسواق المالية، وعلى أسهم منتقاة، داعياً إلى الوصول بنسبة مساهمة هذه المؤسسات والصناديق والمحافظ المالية لتراوح بين 40 و50% من إجمالي التداولات. وأكد أن من المهم عقد مؤتمر محلي يجتمع فيه رؤساء المؤسسات المالية ومديرو الصناديق والمحافظ، لافتاً إلى أن الصناديق الاستثمارية في أي دولة هي الأساس لنمو الاستثمار المؤسسي، لكنها تحولت في أسواقنا المحلية إلى المضاربة، بسبب سيطرة مضاربين أفراد على الأسواق، فضلاً عن الاضطرابات السياسية في عدد من الدول العربية.

وقال الطه إن لدى الدولة عوامل عدة لجذب الاستثمار غير المباشر، تتمثل في الاستقرار السياسي والاقتصادي، ومعدلات النمو الكلي، واستقرار سعر الصرف، وانخفاض معدلات التضخم، فضلاً عن وجود تشريعات تهتم بالاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر.

صوت العقل

من جانبه، قال المدير التنفيذي لـ«شركة الأنصاري للخدمات المالية»، وائل أبومحيسن، إن «الاستثمار الفردي المضارب لايزال المسيطر على حركة أسواق المال في المنطقة، وتجاوز نسبته 80% من إجمالي التداولات، خصوصاً في فترة تداولات الأشهر الأخيرة».

وأضاف أن «الأسواق المحلية لاتزال تعاني في هذا الشأن، فالاستثمار المؤسسي يمثل صوت العقل في الأسواق المحلية، مقابل مضاربات فردية تتعامل مع الشائعات والأخبار المجتزأة وغير الموثوقة في اتخاذ القرارات الاستثمارية، فضلاً عن عدم اختيار الوقت المناسب للشراء والبيع، وهو ما يسبب خسائر للمضاربين وللسوق أيضاً».

وأوضح أنه في الوقت الذي يفترض فيه أن تتجه المؤسسات إلى الاستثمار بعقلانية، ما يزيد من بناء مستويات سعرية للمؤشر، فإننا نجد أن هناك مؤسسات تتجه إلى المضاربة، ما يزيد من تذبذبات المؤشر، فضلاً عن أن هناك مؤسسات يفترض بها أن تدعم السوق، لكنها لا تقبل على التداول النشط، ما حد من دورها تماماً.

الاستثمار الأجنبي

من جهته، أرجع المحلل المالي حسام الحسيني، ضعف نسبة الاستثمار المؤسسي من تداولات الأسواق المحلية، إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي من قبل المؤسسات الأجنبية العالمية، التي تتوافر لديها سيولة كبيرة، على الرغم من وجود العديد من مقرات هذه المؤسسات في الدولة، لافتاً إلى أن أسواق الأسهم المحلية تعد صغيرة وناشئة، ومن ثم، فإن تعاملات المؤسسات الأجنبية تكون قليلة، لعدم وجود عدد كبير من الشركات التي تمثل فرصاً استثمارية، فضلاً عن ضعف أحجام التداول. وقال إن «زيادة الاستثمار المؤسسي تتطلب جذب الاستثمار الأجنبي عموماً، وهو ما تحاول الجهات المتخصصة عمله عبر تشريعيات كثيرة تخص القطاع، وتشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر»، مؤكداً أن هذا النوع من الاستثمار يلعب دوراً في دعم الأسواق المحلية، عبر دخول العديد من المحافظ والصناديق العالمية إلى السوق، ما يزيد من معدلات السيولة في الأسواق.

وأوضح أن الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة تتمثل في تلك الاستثمارات الموجهة لشراء الأوراق المالية (الأسهم والسندات)، وفيها ينتقل رأس المال فقط من الدول الأجنبية إلى الدولة المستهدفة، بعكس الاستثمارات المباشرة التي يقترن فيها انتقال رأس المال بانتقال العمل والإدارة الأجنبية.

مضاربات سريعة

ورأى الحسيني أن استثمارات الأفراد في أسواق المال تتميز بمضاربات سريعة تستهدف الدخول والخروج السريع من السوق المالي، مع التركيز على أسهم الشركات التي تحقق مكاسب رأسمالية سريعة من دون النظر إلى الكفاءة المالية لهذه الشركة.

وتابع أن «الاستثمار المؤسسي المحلي لا يقوم بالدور المطلوب منه في الاستثمار طويل الأجل لتحقيق التوازن في أداء الأسهم، في ما تنساق بعض المؤسسات وراء التعامل بعقلية الأفراد على عكس المتوقع منها في أن يكون التداول بناء على القيم العادلة، وليس الحالة النفسية والمزاجية للمستثمرين الأفراد».

ولفت إلى غياب الكثير من الأدوات التي تطور قطاع الاستثمار المؤسسي، خصوصاً وجود الأدوات المالية التي تساعد على التحوط من الانخفاضات السعرية، ما أدى إلى ضعف نسبة المؤسسات عموماً، لاسيما المؤسسات المحلية.

الأكثر مشاركة