خبراء: 10 تحديات حقيقية أمـــــام المشروعات الصناعية في الدولة
قال مسؤولون ورجال أعمال وخبراء اقتصاديون، إن «هناك معوقات ضخمة وحقيقية تواجه القطاع الصناعي في الوقت الراهن، أدت إلى تعثر العديد من المشروعات الصناعية خلال الفترة الماضية».
وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم»، أن «أبرز هذه المعوقات تتمثل في ارتفاع الكُلفة التشغيلية للصناعات المنتجة في الدولة، وارتفاع إيجار الأراضي الصناعية في العديد من إمارات الدولة، وتشبّع السوق بالمنتجات المستوردة نتيجة انفتاح الأسواق تماماً وبلا أي قيود، وصعوبة المنافسة من جانب المنتجات المحلية، إضافة إلى الارتفاع الكبير في الرسوم الحكومية، والمحدودية الشديدة في توفير التمويل اللازم للمشروعات الصناعية، والفوائد المرتفعة التي تزيد في حالات عدة على 10%».
وطالبوا بخفض أسعار إيجار الأراضي الصناعية، وتفعيل منح الأولية للمنتجات الصناعية المحلية في المشتريات الحكومية، وتأسيس صندوق حكومي للاستثمار الصناعي يستطيع تلبية متطلباته، وتخصيص نسبة من قروض القطاع المصرفي للقطاع الصناعي، إضافة إلى الاستثمار في الصناعة الخضراء.
الكُلفة المرتفعة والانفتاح
التحديات الـ 10 أمام المشروعات الصناعية:
1- ارتفاع الكُلفة التشغيلية للإنتاج المحلي. 2- انفتاح الأسواق المحلية بلا أي قيود، ما يؤدي إلى الإغراق. 3- ضعف الحصة السوقية للمنتجات الوطنية. 4- الارتفاع الكبير في الرسوم الحكومية. 5ـ محدودية التمويل المتاح للمشروعات الصناعية. 6- الفوائد المرتفعة على التمويل. 7- سوء الإدارة ونقص الخبرات الإدارية لبعض المشروعات. 8- ارتفاع إيجارات الأراضي الصناعية. 9- ارتفاع إيجارات العقارات التجارية والسكنية بشكل كبير. 10ـ استيراد معظم المواد الخام لعدم توافرها ما يرفع الكُلفة. |
وتفصيلاً، قال الوكيل المساعد لشؤون الصناعة في وزارة الاقتصاد، عبدالله الفن الشامسي، إن «قطاع الصناعة في الدولة يواجه مجموعة من التحديات، أبرزها ارتفاع الكُلفة التشغيلية للإنتاج المحلي، وانفتاح الأسواق، وضعف الحصة السوقية للمنتجات الوطنية، نظراً للمنافسة الشديدة في السوق المحلية».
وأضاف أن «المنتجات الوطنية تواجه تحديات كذلك في ما يتعلق بالإغراق، الذي تمارسه منتجات العديد من الدول، في مقابل انتهاج سياسات حمائية تفرضها بعض الدول لحماية منتجاتها من أي منافسة مشروعة في أسواقها، ما يؤثر في قدرة المنتجات الإمارتية على دخول العديد من الأسواق».
وأوضح الشامسي أن «وزارة الاقتصاد على تواصل دائم مع العديد من الجهات المعنية للتوصل إلى حلول لهذه التحديات، كما أنها تجري مشاورات ولقاءات مع الأطراف المعنية للتعرف إلى أفضل الممارسات العالمية المتبعة في هذا الصدد».
ولفت الشامسي إلى أن «بعض المشكلات التي تواجه الصناعة تتطلب حلولاً مبتكرة، مثل اللجوء للاستثمار في الصناعة الخضراء، وهو الأمر الذي حقق نتائج إيجابية عدة في القطاع الصناعي العالمي، لاسيما في ما يتعلق بخفض الكُلفة وتوفير الطاقة».
صعوبة المنافسة
من جانبه، قال المتخصص في قطاعي الصناعة والأعمال، الخبير في تأسيس الشركات، الدكتور حامد النيادي، إن «أهم التحديات التي تواجه الصناعة، وكانت سبباً رئيساً في تعثر مشروعات صناعية عدة خلال الفترة الماضية، تمثلت في تشبّع السوق بالمنتجات المستوردة، وصعوبة المنافسة من جانب المنتجات المحلية، وبالتالي الصعوبة الشديدة في تصريف كميات كبيرة من الإنتاج، لاسيما في ضوء ارتفاع تكاليف الإنتاج محلياً، وتنامي عمليات الإغراق من جانب منتجات مستوردة مدعومة بقوة من دول أخرى».
وأوضح أن «العديد من الدول الأخرى يفرض على المنتجات الواردة ضرائب أو قيوداً مشددة تصل إلى درجة التعجيز، ما يوفر حماية كبيرة لصناعاتها المحلية، في الوقت الذي تعامل الإمارات الاستثمارات المحلية مثلما تعامل الاستثمارات الأجنبية، ما يزيد حدة المنافسة في السوق».
وأكد النيادي أن «الرسوم الحكومية مرتفعة للغاية، لاسيما تلك المتعلقة بإصدار وتجديد التراخيص، التي يتم سدادها للدوائر الاقتصادية، فضلاً عن الارتفاع الكبير في رسوم العمالة، التي تشمل البطاقات الصحية والهوية والفحص الطبي والجوازات، إلى جانب رسوم النفايات»، لافتاً إلى أنه «على الرغم من عدم وجود ضرائب حتى الآن في الإمارات، فإن الرسوم الحكومية المرتفعة والكثيرة تمثل عبئاً كبيراً على المستثمرين الصناعيين، وتؤدي إلى تعثر الشركات الصناعية وهروبها إلى مناطق أخرى أكثر تنافسية وأقل كُلفة».
وذكر أن «هناك دولاً مثل سنغافورة، على سبيل المثال، يتم فيها الحصول على الرخصة لممارسة النشاط بما يوازي 10 دولارات، بينما يحتاج العديد من التراخيص في الدولة إلى ما يراوح بين 20 و30 ألف درهم سنوياً، ما يرفع كُلفة الأعمال بشدة».
وأشار إلى أن «ارتفاع الإيجارات التجارية والسكنية بشكل كبير في بعض الإمارات، لاسيما أبوظبي، أسهم في إفلاس العديد من المشروعات، وعدم القدرة على الاستمرار، لاسيما أن ارتفاع الإيجارات يؤثر كذلك في كلفة الإنتاج بصورة مباشرة».
وطالب بدعم المصانع المحلية عن طريق إعطاء أولوية للمنتجات الصناعية المحلية في المشتريات الحكومية، وتوفير بيئة تنافسية عادلة في السوق، من خلال التصدي لعمليات الإغراق التي أضرّت بشدة بالعديد من الصناعات الواعدة في الدولة.
كما دعا إلى تنظيم القطاع العقاري، ووضع حد أقصى وآخر أدنى للإيجارات، حسب المناطق، للإسهام في خفض كُلفة الأعمال.
التمويل والإدارة
بدوره، اعتبر رئيس مجلس إدارة مجموعة الهاجري الصناعية، حمد الهاجري، أن «المشكلات الرئيسة وراء تعثر العديد من المشروعات الصناعية، هي: محدودية التمويل، وارتفاع الفائدة، وسوء الإدارة».
وأوضح الهاجري أن «المحدودية الشديدة في توفير التمويل اللازم للمشروعات الصناعية، فضلاً عن الفوائد المرتفعة التي تزيد في حالات عدة على 10%، عدا عن كونها فوائد مركبة، يمثلان سببين رئيسين لتعثر العديد من المشروعات الصناعية خلال الفترة الماضية».
وطالب الهاجري بتأسيس صندوق حكومي للاستثمار الصناعي يستطيع تلبية متطلبات القطاع، وتوفير قروض طويلة الأجل بفوائد مخفّضة غير مركبة تصل إلى 3% على الأكثر، ما يسهم في تحقيق طفرة في الاستثمارات الصناعية ونمو إسهام الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح في هذا الصدد أن «الاستثمار الصناعي ذو طبيعة خاصة، ويحتاج وقتاً طويلاً قد يصل إلى ثمانية أشهر للإعداد والتجهيز ووضع الآلات والمعدات، حتى يستطيع المصنع بدء الإنتاج والتشغيل».
وأفاد بأن «مشكلة سوء الإدارة، ونقص خبرات الإدارة في مجال الصناعة، يعدان سبباً رئيساً لتعثر العديد من المشروعات الصناعية»، مبيناً أنه «من الأفضل أن يكون صاحب المشروع له خلفية صناعية وإدارية، لتجنب فشل المشروع الصناعي، مع أهمية التحقق من دقة دراسات الجدوى، خصوصاً في ما يتعلق بكيفية وكُلفة التمويل».
وأكد الهاجري أنه «لا بديل عن الاهتمام بقطاع الصناعة وإعطائه أولوية خاصة، خلال الفترة المقبلة، لتنويع الاقتصاد وتوفير فرص العمل، وزيادة الصادرات، وزيادة دخل الدولة من العملات الأجنبية».