مسؤولون وخبراء: 224.4 مليار درهم الإنفاق على القطاع البحري في الإمارات سنوياً
كشف مسؤولون وخبراء مشاركون في قمة «أبوظبي لتمكين القيادات الإماراتية» عن أن حجم الإنفاق على الصناعات البحرية والخدمات المرتبطة بها يزيد على 224.4 مليار درهم (61 مليار دولار) سنوياً، لافتين إلى أن شركات أجنبية تعمل خارج الدولة تستحوذ على 85% منها، بينما لا يتجاوز نصيب المؤسسات الوطنية 15% من عوائد الإنفاق على القطاع. وأكدوا أن وجود العنصر الوطني في كوادر تلك الشركات معدوم، ما يحرم المواطنين من اكتساب الخبرة ونقل المعرفة التي تمكنهم في المستقبل من امتلاك القدرة الوطنية في هذا المجال. وأشاروا إلى أنه يجري حالياً إعداد قانون اتحادي جديد لتنظيم القطاع البحري في الدولة، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات للعمل في القطاع، وتطوير البنية التحتية، وتوفير المزيد من فرص العمل.
إطلاق مؤشر «الإمارات لتوطين القطاع الملاحي» أفاد الرئيس التنفيذي لهيئة الإمارات للتصنيف «تصنيف»، المهندس راشد الحبسي، بأن توصيات القمة تضمنت إطلاق العديد من المبادرات، منها «مؤشر الإمارات لتوطين القطاع الملاحي»، والعمل على تأسيس «الملتقى الإماراتي البحري للشباب»، برعاية «تصنيف»، ليكون منصة للتعارف وتبادل الخبرات وتقديم الدعم الاستشاري والمساندة، وتحفيز الشباب جميعاً ليسهموا منذ اليوم في التحضير للاحتفال الذي دعا إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي بعد 50عاماً، عندما يتم شحن آخر برميل نفط من الإمارات. منح لرعاية رواد الأعمال الإماراتيين محلياً ودوليــــاً أعلن الرئيس التنفيذي لـ«دبي التجارية»، المهندس محمود البستكي، عن «منحة لرواد الأعمال الإماراتيين» للحصول على شهادة «المخلص الجمركي المرخص»، التي تبني خبراتهم في مجال الشحن والتخليص الجمركي، دعماً لرواد الأعمال المواطنين لدخول مجال الشحن البحري والخدمات الملاحية، موضحاً أن هذه الشهادة تساعد المخلصين الجمركيين ووكلاء الشحن والتجار والمصنعين وشركات المناطق الحرة، ومزودي خدمات النقل واللوجستيات، حيث تقدم الشهادة فهماً شاملاً عن الأنظمة والقوانين الجمركية المتبعة في دبي. وأوضح أن «دبي التجارية» طالبت سابقاً بتوطين مهنة «المخلّص الجمركي»، لأنها تمس جوانب عدة مهمة للدولة، معرباً عن أمله في أن يدخل الشباب المواطنون هذا المجال الذي يحظى بالعوائد المجزية، لاسيما أن الإمارات من بين الدول الأولى في العالم في مجال التجارة عبر الحدود. كما أفادت شركة «الجرافات البحرية» باستعدادها لرعاية ستة مواطنين سنوياً عن طريق تغطية مصروفات تعليمهم، مع ضمان التوظيف في الشركة بعد التخرج. |
القيادات الإماراتية
وتفصيلاً، أكد الرئيس التنفيذي لهيئة الإمارات للتصنيف «تصنيف»، المهندس راشد الحبسي، خلال كلمته في قمة «أبوظبي لتمكين القيادات الإماراتية» الشابة في القطاع البحري، التي نظمتها الهيئة بالشراكة مع القوات البحرية وشركات وطنية، أن «الشركات والمؤسسات العاملة في دولة الإمارات تنفق ما يزيد على 224.4 مليار درهم (61 مليار دولار) سنوياً على الصناعات البحرية والخدمات المرتبطة بالقطاع البحري، مثل تسجيل السفن والتأمين والتمويل ورسوم أندية الحماية والصيانة والتموين وغيرها من الخدمات، وتحظى المؤسسات الوطنية بأقل من 15% من عوائد هذا الإنفاق، في حين تستحوذ شركات أجنبية تعمل خارج الدولة على نصيب الأسد منها، وتبلغ 85%».
وأشار الحبسي إلى أن حضور العنصر الوطني في كوادر تلك الشركات يكاد يكون معدوماً، ما يحرم العنصر المواطن من اكتساب الخبرة ونقل المعرفة التي تمكنه في المستقبل من امتلاك القدرة الوطنية في هذا المجال. ولفت إلى أن القمة جمعت مجموعة من أبرز القيادات الدولية والوطنية في المجال الملاحي والبحري مع طلاب الجامعات ورواد الأعمال المواطنين، لاستعراض الفرص الوظيفية والآفاق التجارية الكبيرة التي يقدمها هذا القطاع الاستراتيجي، والذي يحتاج إلى الكفاءات الوطنية بدرجة كبيرة من أجل ضمان استمرارية الصدارة الدولية التي حققتها دولة الإمارات في مجال الملاحة والتجارة عبر الحدود.
من جانبه، كشف الرئيس التنفيذي للعمليات في هيئة الإمارات للتصنيف «تصنيف»، عمر أبوعمر في تصريحات صحافية على هامش القمة عن أن «الهيئات الأجنبية العاملة في قطاع التصنيف في الإمارات لم تقم بتعيين فنيين إماراتيين بين صفوفها»، داعياً إلى ضرورة الاهتمام بتنمية الكوادر الإماراتية في هذا المجال. ولفت أبوعمر إلى أن 50% من الفنيين العاملين في «تصنيف»، سواء من المهندسين أو المعاينين هم من الإماراتيين، وتم تأهيلهم للعمل في «تصنيف»، وهي أول هيئة تصنيف عربية مختصة بتصنيف السفن وجودة الخدمات الملاحية والحفاظ على الأرواح والممتلكات والبيئة، مشيراً إلى أن «تصنيف» قامت بتأهيل أول «معاين بحري» إماراتي، كما قامت بتأهيل أول «معاينة بحرية» إماراتية في مجال الجودة.
وقال أبوعمر إن «(تصنيف) ستبدأ العام الجاري استراتيجية جديدة تقوم على ابتعاث مجموعة من المواطنين إلى خارج الدولة لدراسة بعض التخصصات التي يحتاج إليها قطاع التصنيف المحلي، وهي مجالات هندسة وميكانيكا السفن وتصميم السفن، خصوصاً أنها تخصصات نادرة»، مشيراً إلى أن سياسة «تصنيف» تقوم على جلب خبراء أجانب ودمجهم مع المواطنين لنقل الخبرات والتكنولوجيا الحديثة. وأضاف أبوعمر أن «(تصنيف) أعدت خطة للتوسع، تقوم على افتتاح مكاتب في السعودية والبحرين وسلطنة عمان العام الجاري، على أن تفتتح مكاتب أخرى في عواصم عالمية خلال السنوات المقبلة».
قانون اتحادي
من جهته، قال رئيس مجلس «دبي للصناعات الملاحية والبحرية»، خميس بوعميم، إنه «يجري حالياً إعداد قانون اتحادي جديد لتنظيم القطاع البحري في الدولة، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات للعمل في القطاع وتطوير البنية التحتية، وتوفير المزيد من فرص العمل». وأشار بوعميم، الذي يترأس اللجنة الاتحادية المشكلة لصياغة القانون الجديد، في تصريحات صحافية على هامش القمة، إلى أن «القانون الجديد سيكون استثنائياً، ويعطي دعماً للصناعات الوطنية البحرية، ومحفزاً للصناعات البحرية القائمة في الدولة، ويعمل على تطوير قدرات الأعمال، بما فيها التوظيف، كما يستثمر الإمكانات في كل إمارة تحت مظلة الاتحاد». ولفت بوعميم إلى أن القانون الجديد يتماشى مع متطلبات الصناعة البحرية الحديثة، ويقوم على المعرفة والابتكار، مشيراً إلى أن القانون الحالي، الذي صدر في فترة الثمانينات لم يعد مواكباً للتطورات الملاحية الجديدة في القطاع، وتنامي دور الإمارات في هذا القطاع عالمياً، والتحديات الجديدة التي يواجهها.
وأكد بوعميم أن حجم الإنفاق على الصناعات البحرية والخدمات المرتبطة بها في الدولة يتجاوز 224.3 مليار درهم (61 مليار دولار) سنوياً، ومن المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة تراوح بين 12 و17% سنوياً خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن الإمارات تعد إحدى نقاط الارتكاز في الصناعات البحرية العالمية. ولفت إلى أن المعطيات الحالية والمستقبلية في التجارة البحرية الدولية تؤكد تحول الإمارات لتكون ركيزة أساسية في هذه التجارة، لافتاً إلى أن ميناء الفجيرة سيقوم بدور محوري كبير في التجارة البحرية الدولية خلال الفترة المقبلة. وأكد بوعميم أن دولة الإمارات تمتلك موقعاً استراتيجياً فريداً في خريطة الطرق الملاحية، وقد تمكنت الشركات والمؤسسات الوطنية من تصنيع أفضل السفن والمنصات البحرية التي تضاهي ما تنتجه أكثر دول العالم تقدماً، مشيراً إلى أن الصناعات الإماراتية البحرية تصدّر إلى تلك الدول، بما فيها الولايات المتحدة وألمانيا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي.
ولفت بوعميم إلى أن الإمارات تعد أحد معاقل صناعة التكنولوجيا البحرية إقليمياً وعالمياً، كما شهدت الدولة خلال السنوات الماضية خمسة مشروعات بحرية تعد الأكبر من نوعها في العالم، واستخدمت أفضل أنواع التكنولوجيا البحرية الحديثة، وتم تصديرها إلى عدد من الدول الكبرى. وأوضح أن هذه المشروعات هي صناعة سفينة تخزين وتسييل في مجال الغاز الطبيعي لإيطاليا، وصناعة باخرتين للولايات المتحدة للتحكم في التسريبات النفطية والحد من مخاطرها، وبناء أكبر منصة لتجميع طاقة الرياح لألمانيا، وتصنيع أكبر مستودع تخزين تحت البحر في بحر الشمال في بريطانيا لتخزين أربعة آلاف برميل نفط تحت البحر، فضلاً عن بناء أكبر برج تحكم لمصلحة شركة «شل» في أستراليا.
القطاع البحري
بدوره، دعا الرئيس التنفيذي لشركة «الحفر الوطنية»، عبدالله سعيد السويدي، المواطنين للانضمام إلى القطاع البحري، متعهداً بتقديم أفضل الفرص الوظيفية والخبرات المهنية من خلال البرامج التدريبية المتطورة والامتيازات المادية المجزية. وأشار السويدي إلى أن السنوات الماضية شهدت مضاعفة أعداد المواطنين في الشركة، بعد أن لمست الإدارة أداءً وظيفياً استثنائياً منهم وكفاءات عالية.
في السياق نفسه، قال مدير المشتريات في شركة «الجرافات البحرية» الوطنية، خالد العامري إن «الشركة تحتاج إلى الكوادر الوطنية بشكل كبير، من أجل مواصلة نجاحها، وترسيخ مكانة الإمارات كأكبر دولة متخصصة في خدمات التجريف البحري، التي يزداد عليها الطلب»، مشيراً إلى أن الشركة نجحت في قيادة أكبر مشروع تجريف بحري في العالم خلال العمل في مشروع قناة السويس الجديدة.
من جانبه، اعتبر مدير دائرة بناء القدرات في صندوق «خليفة لتطوير المشاريع»، أيمن العمادي، أن «القطاع يعد فرصة مثالية للمواطنين من أجل تأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة»، متعهداً بأن يقدم الصندوق للمواطنين الذين يطمحون إلى تأسيس أعمالهم في هذا المجال، الخبرة اللازمة في إعداد خطة العمل والتمويل اللازم من أجل إطلاق المشروع، والعمل جنباً إلى جنب بالتعاون مع «تصنيف» من أجل مساعدة رواد الأعمال المواطنين في إعداد دراسات الجدوى عن طريق فريق الخبراء والمستشارين في الصندوق.