متعاملون: مندوبو بنك إسلامي أغرونا ببرامج لا نستطيع التخارج منها
أفاد متعاملون مع أحد البنوك الإسلامية بأنهم وقعوا ضحية لمندوبي البنك، الذين روجوا لهم بعض البرامج التكافلية على أنها برامج استثمارية ذات عوائد سنوية.
وأشاروا لـ«الإمارات اليوم» إلى أن مندوبي البنك قاموا بتوريطهم في هذا البرامج، عبر توقيعهم على أوراق مبدئية، تفيد بموافقتهم على الدخول فيها، دون إطلاعهم بشكل كامل على التعاقد بصيغته النهائية، لافتين إلى أن المندوبين أخفوا عنهم أشياء مهمة، منها أن البرنامج مدته تراوح بين سبع و10 سنوات، وأن التخارج من هذه البرامج من الممكن أن يكلفهم نسبة كبيرة من رؤوس أموالهم.
إلى ذلك، تواصلت «الإمارات اليوم» مع مسؤولي البنك، وأفادوا بأن البنك لن يرد على هذه الشكاوى.
العقد شريعة المتعاقدين قال الشريك الأول في «شركة التميمي ومشاركوه» للمحاماة، عصام التميمي، إن «العقد شريعة المتعاقدين، فالعقد يأتي في مرتبة أعلى من القانون نفسه، إلا في الحالات التي يسقط معها العقد، مثل أن تكون منافية لطبيعية المجتمع نفسه، وهو ما يعني أنه مادام تصالح الطرفان على شروط معينة في ما بينهما فلابد من تنفيذها». وأضاف التميمي، أنه في حال وجود خداع من قبل مندوبي البنك، وموثق من قبل المتعامل، في هذه الحالة من الممكن أن يطالب العميل بحقه، إذا كانت هناك مخالفة في التسويق للمتعامل. توحيد جميع العقود قالت رئيس قسم العمليات بمجموعة شركات «موارد للتمويل»، منى المهيري، إنه إذا لم يوضح مندوب البنك حقيقة البرامج أو العروض للمتعامل بصورة واضحة، فهنا أيضاً لا يحق للمتعامل المطالبة بالتعويض، لأنه وقع على الأوراق دون أن يتحقق منها، وإن كان المندوب تعمد إبراز المزايا للمتعامل، وتفادى ما يراها سبباً في رفض المتعامل للبرنامج، فهذه مشكلة المتعامل الذي وقع في فخ المندوب، والقانون لا يحمي من لا يحرص على الاطلاع على كل البنود قبل التوقيع عليها. واقترحت المهيري أن يتم توحيد كل العقود في صحفة أو صفحتين على الأكثر، وتكون واضحة للمتعامل. وأضافت أن البنك يقوم بتشغيل ودائع المتعاملين بناءً على موافقتهم في استثمارات تدر عليه عائداً، ومن ثم لا يستطيع المتعامل استرداد وديعته قبل ميعاد استحقاقها إلا بشروط محددة. |
من جانبهما، أكد خبيران أن البنوك تضخ ودائع المتعاملين في قروض واستثمارات محددة المدة، وهناك غرامات على المتعامل إذا قرر استرداد وديعته قبل الموعد المحدد، لافتين إلى أن المتعامل ملزم بقراءة بنود العقد قبل التوقيع عليها.
مبلغ استثماري
وتفصيلاً، قال المتعامل، أمجد علي سعيد التميمي، إنه استثمر مبلغاً محدداً بالبنك، تحت اسم «برنامج تكافل للاستثمار» لمدة سنة، لكنه فوجئ بتوقيعه على أوراق تفيد بإلزامية استمراره في البرنامج لمدة 10 سنوات، وبموجبها يجب أن يدفع 50 ألف درهم سنوياً، وإذا أراد سحب استثماراته، فسيتم خصم مبلغ أكثر من 26 ألف درهم تحت بند «رسوم إدارية».
وأضاف أنه أبلغ البنك بأن البرنامج لمدة سنة واحدة فقط، وأن مندوب البنك لم يخطره بأن هناك رسوماً إدارية، إلا أن البنك رد بأنه تم تسجيل موافقته على بنود الاستثمار هاتفياً، واكتشف بعد فترة أن هناك شكاوى أخرى من البرنامج، ناتجة عن عدم إعطاء المعلومات الحقيقية عنه من مندوبي البنك.
واتفق معه في الرأي، المتعامل، حمد الحوسني، الذي قال إن زوجته لديها حساب في البنك، وتواصل معها أحد مندوبيه، وحصل على توقيعها لتدخل في برنامج تكافلي استثماري، دون أن ترى أي تعاقد، وبعد ذلك فوجئت بأنه يتم استقطاع مبلغ 20 ألف درهم شهرياً من حسابها التوفيري بالبنك، دون أن يرسل لها البنك رسالة يبلغها بهذا الاستقطاع، حتى وصل كامل الدفعات التي تم سحبها إلى 160 ألف درهم.
وأضاف أن زوجته عندما سألت بالبنك، أجابوها بأنها دخلت في برنامج استثماري، وعندما سألت على العقد الذي بمقتضاه تتم هذه الاستقطاعات، أجابوا بأنهم أرسلوه على البريد الإلكتروني، لكنها اكتشفت فيما بعد، أن البريد المرسل عليه العقد، غير صحيح، لافتاً إلى أن مندوبي البنك قاموا بخداعها بإشراكها في البرنامج على أنه استثماري ذو عوائد سنوية، رغم أنه برنامج للتأمين على الحياة.
وأكد الحوسني أن إغراء المندوبين بالعمولة الكبيرة من وراء تسويق هذه البرامج، السبب الأول في هذه الأزمة التي وقع ضحيتها العديد من الأفراد.
عمولات كبيرة
وقال المتعامل، نزار العلي، إن مديري البرنامج بالبنك هم السبب الرئيس في الأزمة، حيث يغرون مندوبي التسويق بعمولات كبيرة، ما يضطر المندوب إلى استخدام أساليب الخداع لإيهام المتعامل بأنه برنامج استثماري ذو مردود جيد، وهو ما يكتشف المتعامل لاحقاً أنه منافٍ للحقيقة، وأن المندوب استطاع أن يخدعه مقابل العمولة.
وأضاف أن بعض المتعاملين تم حل مشكلتهم، وأخذوا ودائعهم، مقابل تعهد بألا يخبروا الآخرين بهذه الاتفاقات، على حسب قوله.
في السياق نفسه، قال المتعامل، محمد صلاح، إنه قرر ادخار مبلغ بقيمة 10 آلاف درهم شهرياً لمدة سنة، لمصلحة أخته الصغيرة، وذلك بعد وفاة والده، بغرض تأمين مستقبلها، ونصحه موظف من البنك بأن يدخر المال من خلال أحد البرامج الاستثمارية لديهم، حيث سيتم استثمار المبلغ بشكل إسلامي، وتكون نسبة المرابحة بين 20% و30% سنوياً.
وأضاف: «بعدما قمت بدفع الأقساط لمدة 11 شهراً، بقيمة 110 آلاف درهم، طالبت البنك باسترجاع مدخراتي بجانب العائد عليها، فأجابوني بأنه لا يمكن أن استرجع كامل المدخرات، وأنهم سيقومون بخصم 90٪ من المبلغ، وسيتم استرجاع 10% فقط».
وأشار إلى أن مسؤولي البنك أكدوا على حقهم في خصم هذا المبلغ، وعندما سألت عن الموظف الذي سوّق لي البرنامج، جاءني الرد بأنه لم يعد موجوداً، وتم فصله بسبب الترويج لعروض البنك بشكل غير أمين، على حد قوله.
3 برامج
بدورها، قالت المتعاملة، منى خميس البلوشي «اشتركت في ثلاثة برامج تكافل تابعة للبنك، ويتم استقطاع 15 ألف درهم شهرياً من حسابي، وتحملت جراء الاشتراك في هذه البرامج خسائر كبيرة»، مؤكدة أن ذلك حدث بسبب خداع من موظف البنك، مطالبة مسؤولي البنك باسترجاع أموالها، وإلغاء هذه البرامج، لأنها غير مضمونة رأس المال، فضلاً على أنه يتم خصم رسوم إدارية كبيرة في حال التخارج منها. وأشارت إلى أنه تم خصم رسوم إدارية بقيمة 84 ألف درهم.
من جانبه، قال المتعامل، أنس محمد، إن كل برامج البنك تحمل الفكرة نفسها، والاختلاف فقط في المسميات، والهدف توقيع المتعامل على العقد، مشيراً إلى أن بداية أزمته مع البنك كانت مع توقيعه عقداً بمخاطرة 10% من رأس المال، مع إعادة 90% إلى حسابه الشخصي بعد 10 أيام عمل «لكنني فوجئت في نهاية الاستثمار بأن مدير الاستثمار يخبرني بأن رأس مالي المخاطر وصل إلى (الصفر)».
برنامج تأميني
من جهته، قال المتعامل، محمد قصي، إن مندوب البنك أقنعه بهذا البرنامج، مروجاً له على أنه استثماري، وشارك فيه بوديعتين، لكن اتضح في ما بعد أنه لا يتعدى كونه برنامجاً للتأمين على الحياة.
ولفت إلى أنه طالب باسترجاع أقساطه التي دفعها، مبرراً موقفه برفضه للفكرة من الأساس، لكن البنك رفض تخارجه، وأبلغه أن ذلك سيسبب خسارة كبيرة له، قد تصل إلى 90% من قيمة ودائعه، وظلت الاستقطاعات كل شهر بنحو 1500 درهم لكلتا الوديعتين، بإجمالي 40 ألف درهم.
وقال المتعامل، علي (فضّل ذكر اسمه الأول فقط)، إن أحد موظفي البنك عرض عليه الاشتراك في برنامج استثماري ذي عائد سنوي يصل إلى 15%، ولم يوضح أنه برنامج للتأمين على الحياة، وكان الاتفاق أنه لمدة سنة، بحسب الورقة التي وقعها مع مندوب البنك، وتم استقطاع 180 ألف درهم، لكنه اكتشف أن المبلغ سيتم استقطاعه كل عام، وطالب بالتخارج من البرنامج، لكن البنك أجابه بأنه لا يجوز التخارج دون خسائر، وذلك لأن البرنامج مدته سبع سنوات.
وتابع علي أنه بعد فترة من الزمن اكتشف أن هناك عشرات الشكاوى، هي منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً على «تويتر».
إلى ذلك، تواصلت «الإمارات اليوم» مع مسؤولي البنك، وتم إرسال رسائل عدة بالبريد الإلكتروني للحصول على رد، حيث تم إرسال ثلاث رسائل بريدية لإدارة الاتصال في البنك، وذلك بتاريخ 15 و21 و27 نوفمبر 2016، لكن لم يتم الرد على أي منها حتى الآن، وأفادوا بأن البنك لن يرد على هذه الشكاوى.
الاستمارات البنكية
من جانبها، قالت رئيس قسم العمليات بمجموعة شركات «موارد للتمويل»، منى المهيري، إن «أساس التعاقد بين متعامل ومصرف أو أي مؤسسة هو العقد، ومن هذا المنطلق يجب أن يطالع المتعامل كل ما يتم إدراجه في الوثائق والاستمارات البنكية التي يطالب بملئها والتوقيع عليها، وذلك تجنباً لحدوث ما لا تحمد عقباه، ووقوع أي ضرر في ما بعد على المتعامل».
شريعة المتعاقدين
وقال الشريك الأول في «شركة التميمي ومشاركوه» للمحاماة، عصام التميمي، إن ودائع المتعاملين يتم استثمارها في برامج للإقراض أو استثمارات بمشروعات ذات جدول زمني محدد، وبالتالي يصعب تسييلها وردها للمتعاملين حال طلبها قبل موعد استحقاقها، وهو ما يجعل البنوك تتحوط لذلك عبر فرض غرامات كبيرة في حال خروج المتعامل قبل انتهاء الموعد المتفق عليه، ما يعرض المتعامل لخسائر كبيرة.