مسؤولون يرسمون «خارطة طريق» لتطوير الصناعة المحلية

حدد مسؤولون حكوميون ومسؤولو شركات صناعية محلية وعالمية «خارطة طريق» لتطوير الصناعة المحلية، ورفع قدرتها التنافسية، وجذب مزيد من الاستثمارات إليها، ورفع إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي، والقيام بدور أكبر في اقتصاد ما بعد النفط.

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم»، على هامش أعمال الدورة الأولى من القمة العالمية للصناعة والتصنيع، التي اختتمت أعمالها في أبوظبي الأسبوع الماضي، أن «خارطة الطريق» ترتكز على منح أفضلية للمستثمرين المحليين في القطاعات الناشئة، وسد العجز في تمويل القطاع الصناعي، وإدخال الصناعات المحلية الكبرى في سلاسل التوريد العالمية، وزيادة الاعتماد على المنتجات المحلية عالية الجودة، وتوظيف التقنيات الحديثة في قطاع الصناعة، وتوطين التكنولوجيا بدلاً من استيرادها، والتوسع في تدريب الكوادر المواطنة على هذه التقنيات.

وأكدوا أهمية الربط بين الجودة والسعر ووقت التسليم، لاسيما إذا كان المنتج جزءاً من سلسلة توريد عالمية.

المستثمر المحلي

توطين التكنولوجيا

طالب مسؤول رفيع المستوى في شركة صناعية كبرى في أبوظبي، بجعل دولة الإمارات مركزاً لنقل التكنولوجيا الحديثة في الصناعة والتصنيع، وتوطين التكنولوجيا بدلاً من استيرادها.

وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم نشر اسمه، أن التركيز على طرق الصناعة التقليدية واستيراد كميات كبيرة من المواد الخام من الخارج، يرفعان كلفة الصناعة ويقللان من المنافسة في الأسواق.

وأكد أن تطبيق «خارطة طريق» لتطوير القطاع الصناعي، لابد أن يستند إلى التكامل بين الصناعة المحلية في دولة الإمارات وبين الشركات والمصانع الكبرى في العالم، للدخول في سلسلة إنتاج الصناعات الكبرى.

وأشار إلى أن الموقع الاستراتيجي المميز لدولة الإمارات بين الشرق والغرب، والبنية التحتية المتطورة التي تعد من أفضل البنى التحتية في العالم، يؤهلانها لدفع قطاع الصناعة وزيادة نسبة إسهامه في الناتج المحلي، وتعظيم قدرة الصناعة الوطنية على المنافسة.

وتفصيلاً، طالب المدير العام لشركة دبي للاستثمار الصناعي، محمد سعيد الرقباني، بإعطاء أفضلية للمستثمرين المحليين في قطاعات معينة ناشئة مثل قطاع الأدوية، مشيراً إلى أن هذا الأمر موجود في دول متقدمة عدة.

وقال إن دعم القطاعات الناشئة ضرورة، على الأقل في المرحلة الأولى لنمو هذه الصناعات، حتى تستطيع القطاعات المحلية الصمود أمام المنافسة الشرسة في السوق المحلية.

وأكد الرقباني أهمية تسهيل بعض إجراءات الاستثمار، لجذب مزيد من المستثمرين إقليمياً ودولياً، لافتا إلى وجود منافسة كبيرة تشهدها دول العالم لجذب الاستثمار الأجنبي، نظراً إلى تأثيره الكبير في نمو الاقتصاد والتوظيف بمختلف الدول.

المعرفة والابتكار

من جانبه، قال الوكيل المساعد لقطاع الصناعة في وزارة الاقتصاد، عبدالله الفن الشامسي، إنه تم استحداث باقة من التشريعات الجاذبة للاستثمار الصناعي في الدولة، للإسهام في تطوير ودعم الصناعة الوطنية، كما أن العمل جارٍ حالياً لتحقيق تكامل في الخدمات والمرافق الخاصة بالاستثمار، تزامناً مع الاستمرار في تطوير البنية التحتية.

وشدد الشامسي على أهمية الحاجة إلى آليات لتوصيل الرسالة للمستثمر الأجنبي بهذه التطورات، والكيفية التي يستطيع بها تعظيم الاستفادة من البنية الاستثمارية المتوافرة في الدولة، لافتاً إلى أن الدولة تحتاج إلى استقطاب استثمارات نوعية يلعب الجانب المعرفي والابتكاري جانباً رئيساً منها، وذلك وفقاً لاستراتيجية الابتكار الخاصة بالدولة التي تم إعلانها سابقاً.

التمويل والتوريد

وطالب الشامسي بالتركيز على تطوير قطاع أشباه الموصلات والأمن الإلكتروني، والعمل على ربط المنتج المحلي بسلاسل التوريد العالمية للصناعات الاستراتيجية، وليس بالسوق المحلية فقط.

وشدد كذلك على أهمية سد الفجوة التمويلية التي يعانيها القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بصفة خاصة في القطاع الصناعي، وتوفير البرامج التمويلية المناسبة التي تخدم الاستثمار الصناعي الذي يعد ذا طبيعة طويلة الأجل، ويتطلب بعض التسهيلات والمرونة.

كما أكد أهمية التوصل إلى نتائج سريعة بشأن سبل سد الفجوة بين التعليم واحتياجات القطاع الصناعي، لاسيما أن القطاع يحتاج إلى كوادر فنية وطنية مؤهلة تستطيع الإسهام بشكل فعال في تحقيق التنمية بالقطاع الصناعي، والإسهام بشكل رئيس في رفع إسهام الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول عام 2020.

ولفت إلى أن القطاع الخاص يحتاج بدوره إلى التعاون مع المؤسسات التعليمية في الدولة، لإيجاد حلول للتحديات التي يواجهها القطاع الخاص في عمليات التصنيع، داعياً إلى إسهام القطاع الخاص بتمويل جانب من البحوث والتطوير في الجامعات.

وقال الشامسي إن كل هذه الأمور تشكل «خارطة طريق» من أجل تطوير القطاع الصناعي، وزيادة إسهامه في الدخل القومي، وجذب مزيد من الاستثمارات إليه، ورفع إسهامه في الناتج المحلي إلى 20% بحلول عام 2020.

المنتج المحلي

في السياق نفسه، دعا كبير المديرين في شركة الخدمات والحلول التوربينية راياس أحمد هاشمي، إلى الاعتماد على المنتج المحلي بشكل أساسي في السوق المحلية، وإعطائه الثقة للتطور من خلال إجراء مسوحات تتيح التعرف بدقة على المنتجات الصناعية المحلية ذات الجودة العالية، التي يمكن أن تحل محل الواردات بشكل تدريجي، لاسيما في القطاعات الاستهلاكية والترفيهية.

وقال إن بعض الدول لها تجارب سابقة يمكن تطبيقها في دولة الإمارات، في ما يتعلق بزيادة الجمارك على المنتج المستورد، لمصلحة الإنتاج المحلي.

وأكد أن الوقت الحالي يتطلب زيادة الدخل من القطاع الصناعي، الذي يعد ثاني أكبر قطاع بعد النفط، وبالتالي ينبغي أن يقوم بدور كبير في التنويع الاقتصادي.

التقنيات الحديثة

إلى ذلك، قالت الرئيسة التنفيذية لشركة «جنرال إلكتريك» في منطقة الخليج، الدكتورة داليا المثني، إن استخدام التقنيات الحديثة في دولة الإمارات وتوظيفها في الصناعة، يستطيعان أن يقوما بدور كبير في دعم الصناعة، ويضعا الإمارات في مصاف الدول الصناعية المتقدمة، لاسيما في ظل وضوح رؤية القيادة الإماراتية الخاصة بالتنوع الاقتصادي، ورفع نسبة إسهام الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

وأضافت أن التقنيات الحديثة، لاسيما القائمة على الطباعة ثلاثية الأبعاد، لا تحتاج إلى تكاليف ضخمة أو آلات ومعدات ضخمة ترفع الكلفة الإنتاجية.

ودعت المثني إلى التوسع في إدخال الشباب المواطن في برامج تدريبية تركز على الأفكار المبتكرة والتقنيات الحديثة، لاسيما في الشركات الصغيرة والمتوسطة، لافتة إلى برامج طورتها «جنرال إلكتريك» لتدريب مجموعات من شباب الجامعات على الأفكار المبتكرة من خلال شراكات مع الشركات الوطنية.

وشددت المثني على أهمية الربط بين الصناعة الإماراتية وسلاسل التوريد العالمية، ما يدعم ويطور الصناعة الإماراتية، ويؤدي إلى التوصل إلى أفكار مبتكرة لإدماجها بشكل قوي وأساسي في سلاسل التوريد العالمية، معتبرة أن هذه الأمور تعد أساسية في أي خطة أو «خارطة طريق» لتطوير القطاع الصناعي الذي يمتلك مقومات كبيرة للنمو.

السعر والجودة

أما نائب الرئيس الأول لإدارة البرامج في شركة «بوينغ» الأميركية لصناعة الطائرات، سكون فانشر، فأكد أن التحدي الأكبر الذي يواجه الصناعة الإماراتية هو بيع منتجاتها بجودة عالية وسعر منافس، مع الالتزام بالتسليم في الأوقات المحددة بدقة، في حال كان الإنتاج معداً للتصدير، أو جزءاً من سلسلة التوريد العالمية.

وأشاد فانشر بالتجربة الناجحة للتعاون بين شركة «ستراتا» لتصنيع مكونات هياكل الطائرات وشركة «بوينغ» الأميركية في تصنيع أجزاء من مكونات طائرات «بوينغ».

الأكثر مشاركة