الضريبة الانتقائية تُغيّر عادات المستهلكين.. وتُخفي «الزبون التقليدي» للـبقالة
كشف مسؤولو بقالات صغيرة ومتوسطة في دبي وأبوظبي، وجود انخفاض وصفوه بـ«الحاد» في مبيعات بعض السلع التي تخضع للضريبة الانتقائية مثل السجائر، فضلاً عن مشروبات الطاقة والمشروبات الغازية، لافتين إلى أن الانخفاض وصل إلى 50% في مبيعات السجائر ومشروبات الطاقة عموماً.
فرصة للتغيير أرجع خبير تجارة التجزئة، ديفي ناجبال، أن الانخفاض الكبير في مبيعات البقالات من السلع الخاضعة للضريبة الانتقائية، إلى أن العديد من زبائن البقالات هم من ذوي الدخول المنخفضة، وأقل من المتوسطة، ولذلك تعد هذه الزيادات كبيرة ومؤثرة للغاية بالنسبة إليهم، بخلاف المنافذ الكبيرة التي يقصدها ذوو الدخول المرتفعة والمتوسطة بشكل خاص. وأضاف أن هذه الضريبة توفر فرصاً كبيرة من أجل تغيير بعض العادات الاستهلاكية الضارة، وتحسين الحالة الصحية للمستهلكين، لا سيما أن بعض هذه السلع ثبت علمياً أنها تتسبب في أمراض خطيرة وكثيرة. |
وأكدوا خلال جولة ميدانية لـ«الإمارات اليوم» أن المستهلكين خفضوا استهلاكهم من شراء هذه السلع، وغيروا من العادات الاستهلاكية لديهم، لافتين إلى اختفاء الزبون التقليدي اليومي المعتاد على شراء السجائر ومشروبات الطاقة و«الغازية» يومياً، وظهور عادة شراء السجائر بـ«الواحدة» بدلاً من العبوة الكاملة.
وفي وقت توقع فيه مسؤولو منافذ بيع كبيرة مزيداً من الانخفاض في مبيعات سلع «الانتقائية»، لا سيما السجائر ومشروبات الطاقة، مشيرين إلى أن مبيعات المشروبات الغازية لم تتأثر كثيراً بعد تطبيق الضريبة الانتقائية عليها، أكد مستهلكون وجود تغيير في عاداتهم الاستهلاكية بعد فرض الضريبة الانتقائية. واقترح هؤلاء طرح عبوات أصغر حجماً، خصوصاً السجائر، ما يساعد في تقليل الاستهلاك، وفي الوقت نفسه خفض كلفة تلك السلع عليهم. ولفتوا إلى أن بعضهم يسعى إلى استغلال هذه الزيادات السعرية للإقلاع عن التدخين، في ما لجأ مستهلكون إلى بدائل مثل الشيشة، أو السيجارة الإلكترونية، أو شراء أنواع سجائر أقل سعراً وجودة.
خفض الاستهلاك
وتفصيلاً، قال المستهلك أحمد نبيل من أبوظبي، إنه خفض بالفعل استهلاكه من السجائر، ومشروبات الطاقة، والمشروبات الغازية، إلى النصف تقريباً، منذ تطبيق الضريبة الانتقائية عليها، وذلك حتى لا تؤثر هذه الزيادات في كلفة المعيشة لديه.
وطالب نبيل الشركات المصنعة، بطرح عبوات صغيرة من السلع المستهدفة بالضريبة الانتقائية، لا سيما السجائر، ما يحقق هدفين الأول تقليل الاستهلاك، والثاني طرحها في السوق للمستهلكين بنصف السعر الحالي.
بدائل أخرى
من جانبه، قال المستهلك محمد غانم، إنه خفض استهلاكه من السجائر تحديداً، في محاولة للإقلاع عن التدخين، بعد ارتفاع أسعارها، لافتاً إلى أن بعض المستهلكين لجأوا إلى بدائل أخرى مثل «الشيشة»، أو السجائر الإلكترونية، لمواجهة ارتفاع أسعار السجائر.
إلى ذلك، اعتبر المستهلك عمرو قورة، الزيادة في الأسعار كبيرة ومؤثرة، لا سيما للسجائر ومشروبات الطاقة، لافتاً إلى أن بعض البقالات تبيع أنواعاً من السجائر بسعر يصل إلى 23.5 درهماً بدلاً من 20 درهماً.
ورأى قورة أن ارتفاع سعر السجائر سيجبر مستهلكين كثراً، عاجلاً أم آجلاً، على الإقلاع عن التدخين، وتناول مشروبات مثل العصائر، لا سيما من ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة.
انخفاض حاد
من جهته، وصف مسؤول مبيعات في بقالة، صالح غلام، الانخفاض في مبيعات السجائر ومشروبات الطاقة، بأنه حاد، ويزيد على 50%، مقابل انخفاض يراوح بين 10 و20% في مبيعات المشروبات الغازية خلال الفترة الماضية.
ولفت غلام إلى أن عدداً من زبائن البقالة من مستهلكي السجائر، أكدوا له أنهم يحاولون استغلال هذه الزيادات السعرية في أسعار السجائر للإقلاع عن التدخين، نظراً لأن الزيادة مؤثرة على مدخولاتهم المالية.
وأضاف أن مستهلكين آخرين لجأوا إلى تغيير السجائر التي يفضلونها إلى أنواع أقل سعراً، فيما لجأ آسيويون إلى طلب شراء السجائر بـ«الواحدة» بدلاً من شراء عبوة كاملة.
وأكد غلام أن هناك انخفاضاً يصل إلى 50% في مبيعات أصناف من مشروبات الطاقة، لا سيما أن عدداً كبيراً من مستهلكي هذه المشروبات هم من الشباب اليافعين الذين يعتمدون على أولياء أمورهم في المصروفات اليومية.
الزبون التقليدي
واتفق مسؤول المبيعات في بقالة أخرى، شيفام كومار، مع نظيره غلام، بوجود انخفاض حاد يصل إلى 50% في مبيعات العديد من أصناف السجائر، ومشروبات الطاقة عموماً.
وأوضح أنه كان يبيع ثلاثة صناديق من السجائر يومياً قبل الزيادة، فيما يبيع حالياً صندوقاً واحداً أسبوعياً، كما أصبح يبيع عبوة أو عبوتين من مشروبات الطاقة حالياً، بعد أن كان يبيع بين 10 و12 عبوة يومياً.
من جهتها، أشارت مسؤولة المبيعات في بقالة متوسطة في أبوظبي، لاكون تيسهيل، إلى اختفاء الزبون التقليدي الذي كان يأتي يومياً للحصول على السجائر ومشروبات الطاقة، ليأتي حالياً مرة كل ثلاثة أو أربعة أيام، فضلاً عن الإقبال على أنواع أقل جودة وأرخص سعراً، وتزايد ظاهرة طلب شراء «السيجارة الواحدة» بدلاً من شراء عبوة كاملة.
خريطة الطلب
من جانبه، قال مسؤول المبيعات في بقالة بدبي، أحمد غلام، إن مبيعات مشروبات الطاقة تراجعت بنسب تقدر بنحو 30% مقارنة بحركة الطلب عليها قبل تطبيق الضريبة الانتقائية، لافتاً إلى أن المشروبات الغازية شهدت تأثيرات طفيفة في مبيعاتها، التي ظهرت في العبوات الكبيرة الحجم فقط، فيما ظل الطلب اعتيادياً للعبوات الصغيرة التي يطلق عليها «كانز».
وأوضح أن خريطة الطلب على أصناف السجائر شهدت تغيراً في أنماطها أخيراً، اذ اتجه مستهلكون إلى علامات بديلة أقل سعراً.
توقعات الانخفاض
في السياق نفسه، قال الرئيس التنفيذي لجمعية أبوظبي التعاونية، إبراهيم البحر، إن هناك انخفاضاً يراوح بين 5 و10% في مبيعات السلع التي خضعت للضريبة الانتقائية عموماً.
وتوقع البحر أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الانخفاض، نتيجة لتأثير الزيادات السعرية الكبيرة في عادات الاستهلاك من هذه السلع الضارة، خصوصاً لذوي الدخول المحدودة.
وطالب البحر بتكثيف حملات التوعية بأضرار وسلبيات السلع الضارة على صحة وسلامة المستهلكين، مشيراً إلى أن تكثيف هذه الحملات كفيل بإحداث انخفاض أكبر في الاستهلاك، وبالتالي المبيعات.
تأثيرات طفيفة
إلى ذلك، قال المدير العام في «جمعية أسواق عجمان»، حسن علي، إن تطبيق الضريبة الانتقائية أسهم في تراجع الطلب على مبيعات مشروبات الطاقة عموماً بنسب تقدر بنحو 15%.
وأضاف أن المشروبات الغازية شهدت حركة اعتيادية، لافتاً إلى وجود تأثيرات طفيفة في الطلب عليها بعد زيادة أسعارها بنسبة 50% مع تطبيق الضريبة الانتقائية، إذ كانت تلك المنتجات تباع سابقاً بأسعار منخفضة أصلاً تبلغ 1.5 درهم للعبوة، ارتفعت إلى 2.25 درهم للعبوة بعد تطبيق الضريبة.
أسعار التوريد
أما المدير التنفيذي في «شركة أسواق لتجارة التجزئة»، يوسف شرف، فقال إن الفترة الأخيرة شهدت تراجعاً ملحوظاً، وبنسب متباينة، على مشروبات الطاقة عموماً، في أعقاب تطبيق الضريبة الانتقائية عليها، لافتاً إلى أن تراجع الطلب دفع بعض الشركات الموردة إلى خفض أسعار التوريد، وتقليل هامش أرباحها، في سبيل تنشيط مبيعات تلك المنتجات.
وأكد أن مبيعات المشروبات الغازية لم تتأثر كثيراً بعد تطبيق الضريبة الانتقائية عليها، وذلك لسببين أولهما أن الأسعار على الرغم من ارتفاعها فإنها لاتزال منخفضة، والسبب الثاني أن تلك المنتجات تدخل بشكل أساسي في أنماط الاستهلاك لدى عدد كبير من المستهلكين.