اعتبروه هدراً للموارد الاقتصادية ويصبّ في غير مصلحة المستهلك النهائي
خبراء: تعطيل الوحدات السكنية احتكار يتعارض مع الأسواق الحرة
قال خبراء عقاريون إن تعطيل الوحدات السكنية بعدم تأجيرها فترة من الزمن، هدر للموارد الاقتصادية وممارسة احتكارية، فضلاً عن أنه نوع من الهدر لجزء من المحفظة العقارية الإيجارية الكلية في الدولة، ويصبّ في غير مصلحة المستهلك النهائي، كما يعطل جزءاً من حاجات ضرورية له. وأكدوا أنه يتنافى مع سياسات الأسواق الحرة ومعايير العرض والطلب في الدولة.
وأرجعوا لـ«الإمارات اليوم»، سلوك بعض الملاك بإغلاق وحداتهم السكنية لمدة أشهر، إلى الملاءة المالية المرتفعة لهؤلاء الملاك، ووجود قناعة لديهم بأن الانخفاض الحالي في القيم الإيجارية مؤقت، مشددين على أهمية وجود مؤشر للإيجارات في أبوظبي يساعد على تحديد القيم الإيجارية بشكل عادل.
مؤشر إيجاري
وتفصيلاً، قال الخبير العقاري الرئيس التنفيذي لشركة «ميداليون» للاستشارات العقارية، مسعود العور، إن تمسك بعض الملاك بالقيم الإيجارية المرتفعة، حتى لو أدى ذلك إلى إغلاق الوحدات السكنية لمدة أشهر، يرجع إلى الملاءة المالية المرتفعة لهؤلاء الملاك، على الرغم من وجود أقساط بنكية قد تكون مستحقة على بعضهم للبنوك، فضلاً عن وجود قناعة أن الانخفاض الحالي مؤقت، ولن يستمر، وأن النمو الاقتصادي والأوضاع في تحسن، مع استمرار إنفاق الحكومة على البنية التحتية والمشروعات المختلفة، ما يؤدي إلى مزيد من فرص العمل، وبالتالي النشاط في السوق العقارية.
وشدّد العور على أهمية وجود مؤشر للإيجارات في أبوظبي، يساعد طرفي العلاقة الإيجارية «المالك والمستأجر»، على تحديد القيم الإيجارية بشكل عادل.
هدر واحتكار
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عرفان الحوسني، إن تعطيل الوحدات السكنية بعدم تأجيرها لفترة من الزمن، لا سيما مع وجود طلب عليها، يعتبر هدراً للموارد الاقتصادية، باعتبار أن هذه الوحدة السكنية في النهاية هي منتج أو سلعة وجدت لإشباع حاجات ضرورية في المجتمع وهي (الحاجة إلى المسكن)، وهي بالتالي منتجات غير مستغلة أو بالأحرى معطلة عن الغرض الذي أنتجت من أجله.
وأكد الحوسني أن هذا السلوك يعتبر نوعاً من الاحتكار لهذه السلعة، مع الأخذ في الاعتبار معادلة العرض والطلب.
وتابع: «تثبت الممارسة الاحتكارية إذا كان الغرض من هذا المسلك هو تعطيش السوق، أو الحفاظ على القيم الإيجارية، على الرغم من انخفاض الأسعار»، لافتاً إلى أن خطورة هذا الأمر تأتي في كونه ينطوي على ممارسة احتكارية، إذ لا يقبل المالك السعر الموجود في السوق لسلعته، وهي هنا الوحدة السكنية أو المحل التجاري، ويطلب من السوق أو بالأحرى المشتري، أن يعطيه فوق هذه القيمة، وإن رفض فإنه (يحبس) هذا المنتج عنه حتى يرضخ لشروطه، والأكثر خطورة هو قيام عدد كبير من الناس بفعل هذا، وهو ما يمكن أن يسبب مشكلة اقتصادية.
ونبه الحوسني إلى أن هذا السلوك له جانب مجتمعي وهو ما يعتبره المجتمع نوعاً من الهدر لجزء من المحفظة العقارية الإيجارية الكلية في الدولة، ويصبّ في غير مصلحة المستهلك النهائي، ويعطل جزءاً من حاجات ضرورية له.
وأضاف أن للأمر وجهة نظر أخرى، عندما نراه بعين المالك أو المستثمر، فهو يريد أن يحقق أقصى استفادة ممكنة من عقاره، وهذا يرجع إلى ظروف العرض والطلب في السوق، فإذا كان العرض كبيراً في السوق فحتماً سيدرك هذا المستثمر أو المالك للعقار في لحظة من اللحظات أنه مخطئ، وبالتالي سيرضخ لعوامل السوق، ولكن على كل الأحوال، فإن تجميد هذه الوحدات يعتبر سلوكاً اقتصادياً مستهجناً، لتعطيله جزءاً من دوران الحركة الإيجارية، ما لا يعكس الوضع الطبيعي لها.
تقاطع المصالح
واتفقت الخبيرة الاقتصادية نادين وهبة، في أن خروج بعض الوحدات السكنية من السوق الإيجارية خسارة لجزء من المحفظة الإيجارية وتعطيلها عن العمل، فضلاً عن أنه نوع من الهدر للموارد.
وقالت: «بعد الإنفاق على إنتاج وحدة معينة، فإنها تظل معطلة لفترة من الوقت دون استخدام، ومن الطبيعي أن يتم تدوير هذه الوحدات للغرض الذي تم إنتاجها له»، مشيرة إلى أن تقاطع المصالح بين الطالب والعارض من الممكن أن يكون سبباً في ظهور ما يسمى بالاحتكار لهذه السلعة أو هذا المنتج العقاري.
وأضافت وهبة أن إبقاء بعض الملاك وحداتهم السكنية دون تأجير، هي استراتيجية من قبل الملاك ومديري العقارات، وليست ظاهرة، كما أنها موجودة في مدن يتفوق فيها طلب الوحدات السكنية على العرض، مشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية عادة ما تستخدم من قبل هؤلاء للتحوط من تراجع مؤشر الإيجارات في منطقة ما، ما يساعد هؤلاء في الحفاظ على العائد الاستثماري القادم من هذه الاستثمارات العقارية الخاصة بهم، وبالتالي الحفاظ على قيمة العقار ككل.
وأكدت وهبة أن الوسطاء العقاريين يسهمون في هذه الظاهرة من خلال النصائح التي يقدمونها لهؤلاء المستثمرين، والتي تقتضي بترك العقار على حاله جديداً دون استعمال، فيسهل بيعه بقيمة أعلى وأقل كلفة من التصليح، فيصبح كأصول أكثر سيولة.
ولفتت إلى أن ما هو جيد بالنسبة للفرد غالباً ما يعتبر مضراً للمجموعة، إذ إن ممارسة البعض لهذه السلوكيات، ينتج عنها تجميد مليارات الدراهم في منتجات عقارية دون استغلال لها أو دون تدويرها، مشددة على أن إنتاجية هذه العقارات تكمن في تدويرها للغرض التي أنتجت من أجله، وأن احتكارها يقوم بعكس ذلك.
وقالت إن انتشار هذه الاستراتيجية لمدة زمنية طويلة وعلى قطاع واسع، يتسبب في تراجع انتاجية الاقتصاد ككل وهنا تكمن الخطورة.
الأسواق الحرة
أمّا الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة الإمارات، الدكتور أسامة سويدان، فاعتبر أن حفظ الوحدات السكنية شاغرة دون تأجير لمنع انخفاض القيم الإيجارية، يتنافى مع سياسات الأسواق الحرة ومعايير العرض والطلب في الدولة.
وأضاف أن تلك الحالات التي توجد في السوق بشكل فعلي، ليس بمقدورها التدخل والتحكم في مؤشرات الإيجارات في القطاع العقاري بشكل كامل، إلا أنها ممارسات ذات تأثيرات سلبية في الاقتصاد المحلي، لأنها تمنع ضخ سيولة عبر تلك الإيجارات، وتجمد تحريك دورة السيولة المالية الناجمة عن ذلك في الأسواق، خصوصاً أن القطاع العقاري من المجالات المهمة والحيوية في الاقتصاد المحلي عموماً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news