عقاريون: ابتكارات تسويقية لافتة تضمن بقاء المستأجر وتحافظ على العائدات المالية
سوق العقارات.. التسهيلات بديلاً عن خفض الإيجارات
لجأت شركات عقارية إلى منح المستأجرين تسهيلات متنوعة بدلاً من خفض القيم الإيجارية لوحداتهم السكنية وفقاً لسياسات العرض والطلب في الأسواق.
وقال مسؤولو شركات عقارية إن هدوء الأسواق ورغبة الملاك وشركات إدارات عقارات في الحفاظ على معدلات إيرادات السيولة المالية للبنايات، والحفاظ على مستويات مرتفعة للعائدات الاستثمارية للوحدات السكنية، من أبرز الأسباب التي تدفع بعض الشركات إلى طرح تسهيلات مختلفة لاستقطاب مستأجرين جدد، أو الحفاظ على استمرار عقودهم بدلاً من منحهم تخفيضات ايجارية مباشرة.
خفض الإيجارات يؤثر على الصيانة قال مالك بناية في أبوظبي، عبدالله بخيت، إن التسهيلات عنصر مهم في استمرار بعض المستأجرين القدامى وجذب مستأجرين جدد. وأوضح بخيت لـ«الإمارات اليوم» أن هناك بنايات انخفضت فيها الإيجارات بمستويات كبيرة خلال الأشهر الماضية، مشيراً إلى أن خفض القيم الإيجارية أكثر من النسبة التي حدثت في هذه البنايات، سيضر المالك والمستأجر معاً، وليس المالك فقط، لأنها ستؤثر على تنفيذ عمليات الصيانة الدورية التي تحتاج إلى ميزانية كبيرة. بدوره، قال مالك بناية سعيد محمد، إنه لا يمكن النظر إلى موضوع القيم الإيجارية من زاوية واحدة فقط هي المستأجر، منبهاً إلى أمور أخرى مهمة للغاية للقطاع، مثل تشجيع الاستثمار العقاري مستقبلاً، والتوازن بين المالك والمستأجر. واعتبر محمد أن القيم الإيجارية انخفضت بنسب كبيرة مقارنة بما كان عليه الوضع منذ شهور، لافتاً إلى أن استمرار هذه المعدلات جيد للغاية وكاف في المرحلة الحالية. العروض تمتد إلى سوق البيع قال مستشار المبيعات في شركة تطوير عقاري، فادي فتحي، إن العروض التسويقية في قطاع العقارات امتدت أيضاً إلى سوق البيع التي شهدت عروضاً لافتة، منها الحصول على سيارة هدية عند شراء عقار، أو ضمان ما نسبته 24% عائداً نقدياً خلال ثلاث سنوات عند دفع قيمة العقار نقداً، فضلاً عن دفع نسبة من قيمة تسجيل العقارات عن المالك الجديد. وأوضح أن سوق الإيجارات تشهد عروضاً مكثفة، إذ يسعى الملاك إلى الإبقاء على المستأجرين الحاليين من دون خفض قيمة الايجار، مشيراً الى أن الحل يكون من خلال منح تسهيلات وعروض وشهور إضافية مجاناً، فضلاً عن خفض العمولات. وقال إن السوق العقارية في دبي صحية ومتوازنة، وما تشهده حالياً أمر طبيعي يعبر عن قوتها وقدرتها على استيعاب المعروض. خبيران يطالبان بإعمال قوانين العرض والطلب شدد خبيران عقاريان على أهمية إعمال قوانين العرض والطلب، والاستجابة لما تفرضه السوق وخفض القيم الإيجارية. وقال المدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، إن التسهيلات محاولة من بعض الملاك للتمسك بالمستويات الإيجارية السائدة، وفي الوقت ذاته جذب مزيد من المستأجرين، وتجنب إخلاء الشقق. ودعا مسلم إلى إعمال قوانين العرض والطلب، والاستجابة لخفض الإيجار في ضوء كثرة المعروض، مثلما استجاب المستأجرون للزيادات الايجارية سابقاً. بدوره، قال الخبير العقاري أحمد خليفة إن تقديم هذه التسهيلات يأتي في إطار محاولات بعض الملاك لتسويق عقاراتهم، والتمسك بعدم خفض المستويات الإيجارية العالية التي لا تتناسب مع ظروف السوق في الوقت الراهن. واعتبر أن العديد من هذه التسهيلات غير مؤثر إلا في حالات محددة فقط، بينما يريد عدد كبير من المستأجرين الاستفادة من كثرة المعروض في خفض القيم الإيجارية بشكل ملموس، مطالباً بالاستجابة لما تفرضه السوق، ومواجهة التحديات التي تواجهها، وعدم الالتفاف عليها. السيولة والتحوط من المعاملة بالمثل قال رئيس اللجنة التمثيلية لقطاع العقارات في غرفة تجارة وصناعة الشارقة، ورئيس شركة الغانم للعقارات، سعيد غانم السويدي، إن عدداً كبيراً من الشركات يفضل تقديم تسهيلات للمستأجرين بدلاً من خفض القيم الإيجارية، أو يقدم تسهيلات مع تخفيضات بنسب محدودة، مرجعاً ذلك إلى محاولة الحفاظ على معدلات معينة من إيرادات السيولة المالية من الدفعات الإيجارية، فضلاً عن التحوط من مطالبة المستأجرين بالاستمرار في دفع القيم الإيجارية نفسها طوال فترة الحماية القانونية للإيجارات في الشارقة، والتي تقع خلال الأعوام الثلاثة الأولى للعقود. ولفت الغانم إلى أن الشركات تتخوف كذلك من مطالبة بقية المستأجرين بقيم إيجارية مخفضة مماثلة في حال تطبيقها على مستأجر. وأوضح أن العروض مفضلة لدى معظم الشركات، نظراً لكونها تتوافر من خلال مرافق متواجدة أساساً مثل مواقف السيارات، أو منح شهر مجاناً على العقود، بينما خفض القيم الإيجارية يخصم من إيرادات السيولة المالية، كما يؤثر على العائدات الاستثمارية للبنايات. |
وتوقعوا أن تستمر العروض العقارية حتى نهاية العام الجاري، مشيرين إلى أن السوق العقارية شهدت ابتكارات تسويقية لافتة، للالتفاف على عدم خفض القيم الإيجارية، منها منح شهر مجاناً، وتأجيل موعد استحقاق الدفعة المالية دون غرامات، والسماح باستخدام مرافق البناية الرياضية، وصولاً إلى توفير مواقف للمركبات حتى في مراكز تسوق مجاورة.
هدوء الطلب
وتفصيلاً، قال المدير العام في شركة «عوض قرقاش» للعقارات، رعد رمضان، إن «هدوء الطلب على الإيجارات في الأسواق العقارية حالياً يعد من المحفزات التي ترفع التنافسية والسياسات التسويقية بين الشركات العقارية لاستقطاب مستأجرين، عبر طرح تسهيلات متنوعة وفقاً لسياسات كل شركة».
وأضاف أن معظم الشركات تفضل طرح تسهيلات لجذب المستأجرين، أو للحفاظ على استمرار المستأجرين الحاليين بالوحدات السكنية بدلاً من خفض مباشر للقيم الإيجارية، لافتاً إلى أن معظم العروض مؤقتة، في وقت يرى البعض أن خفض القيم الإيجارية قد يصعب من عملية رفعها بسهولة.
وأشار رمضان إلى أن معظم تلك التسهيلات تكون في البنايات القديمة، مقارنة بالحديثة ذات المرافق الخدمية المختلفة، والتي تكون أكثر جاذبية للمستأجرين.
الحاجة إلى السيولة
بدوره، قال مدير العقارات في شركة «الوليد» الاستثمارية، محمد تركي، إن الشركات العقارية التي تمنح تسهيلات للمستأجرين بدلاً من خفض القيم الإيجارية، يكون لديها في معظم الأوقات عدد كبير من الوحدات الشاغرة في البنايات التي تديرها، وغالباً ما تكون بنايات حديثة.
وأضاف أن تلك الشركات تفضل منح عروض تسهيلات بدلاً من خفض الأسعار، نظراً لحاجتها إلى سيولة مالية بنسب معينة لتلبية متطلباتها سواء التمويلية أو لأغراض أخرى، متفقاً مع رمضان في أن التسهيلات تكون مؤقتة، فيما قد تضطر الشركة للاستمرار في أسعار العقود المخفضة خلال الأعوام الثلاثة الأولى من فترة الإيجار.
وأوضح تركي أن عروض بعض الشركات تكون حقيقية وذات قيمة للمستأجرين، مثل منح أشهر أو مواقف مجاناً، فيما تكون بعض العروض كمالية كأن يمنح المستأجر دخولاً مجانياً للصالات الرياضية في البنايات والتي تكون أساساً من الحقوق الرئيسة للمستأجرين في معظم البنايات في الأوقات العادية.
تسهيلات متنوعة
إلى ذلك، قال مسؤول التأجير في شركة «البركات» للعقارات، أحمد جمال، إن هناك تنافساً بين الشركات العقارية في الأسواق تتمثل في منح المستأجرين تسهيلات مختلفة مثل منح شهر أو شهرين مجاناً على عقد الإيجار السنوي، أو منحهم مواقف مجانية للسيارات، إضافة إلى زيادة عدد دفعات سداد القيم الإيجارية إلى أكثر من ست دفعات.
وأضاف أن الشركات تفضل تقديم العروض للمستأجرين بدلاً من خفض القيمة الايجارية لهم، نظراً لأن كلفة العروض أقل بالنسبة للشركات، إضافة إلى أن بعض الشركات تتخوف من منح تخفيضات سعرية لبعض المستأجرين حتى لا يطالب بقية المستأجرين بالمعاملة بالمثل عند تجديد عقودهم، بينما عروض التسهيلات تنتهي بشكل سنوي.
زيادة المعروض
في السياق نفسه، قال مدير شركة «دبليو كابيتال» العقارية، وليد الزرعوني، إنه يبقى أمام الملاك، خلال الوقت الراهن ومع الزيادة الواضحة في المعروض من العقارات، وتعدد الخيارات أمام المستهلكين، التحرك في تقديم أسعار مناسبة للإيجارات، وتعزيز العروض المتاحة لتنشيط السوق.
وأضاف أن الملاك عادوا حالياً إلى النقطة التي لا يستطيعون فيها فرض شروطهم على المستأجرين، فعندما يزداد العرض يصبح المستأجر هو المستفيد الأكبر.
وأوضح الزرعوني أن الفترة الماضية شهدت انتشار العروض الإيجارية، تزامناً مع رفض بعض الملاك خفض القيم الإيجارية، لذلك قدم بعضهم عرضاً للإيجار لـ12 حتى 15 شهراً بقيمة عقد الإيجار السابق، للإبقاء على المستأجر، وضمان الحصول على العائد نفسه، مشيراً إلى أن بعض الملاك يصرون على التمسك بالقيم الإيجارية الخاصة بالعام الماضي، وهو ما لا يجذب المستأجر للبقاء ويدفعه للبحث عن قيم إيجارية أقل أو عروض أفضل بالقيمة نفسها.
وذكر أن بعض الملاك يعرضون على المستأجرين تسهيلات كثيرة مقابل عدم خفض القيم الإيجارية، مشيراً إلى أن العروض تشهد زخماً بين العقارات التجارية بصورة لافتة، إذ يفضل أصحاب تلك العقارات عدم خسارة المستأجر التجاري، وتقديم تسهيلات له تضمن بقاءه في العقار.
وتوقع الزرعوني أن تستمر العروض العقارية حتى نهاية العام الجاري، مشيراً إلى أن السوق العقارية شهدت ابتكارات تسويقية لافتة، للالتفاف على عدم خفض السعر، تجاوباً مع زيادة العرض.
ولفت إلى أن بعض الملاك يحاولون التمسك بالسعر الحالي، لكن هذا الأمر مسألة وقت، لأنه سرعان ما سيقبل تراجع القيم الإيجارية إذا استمر العقار خالياً بعد خروج المستأجر.
تحمّل الرسوم
من جهته، قال مدير التأجير في شركة «رعاية» لإدارة العقارات، محمد عثمان أيوب، إن الشركات تقدم حالياً تسهيلات كثيرة ومتنوعة للمستأجرين، بديلاً عن خفض القيم الإيجارية.
وأوضح أن من أبرز هذه التسهيلات إضافة شهر مجاناً على العقد السنوي، وزيادة دفعات السداد إلى أربع دفعات أو أكثر، وتأجيل موعد استحقاق دفع الإيجار لمدة شهر، فضلاً عن تأجير موقف في مركز تجاري قريب في حال صعوبة وجود مواقف سيارات كافية في البناية.
وأكد أيوب أن هناك تسهيلات أخرى ظهرت بالتزامن مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة، إذ تتحمل بعض الشركات جزءاً من الرسوم الخاصة بتجديد عقود الإيجار وبعض الرسوم التي تخضع لضريبة القيمة المضافة.
وأكد أيوب أن هذه التسهيلات تأتي في ضوء المرونة الكبيرة التي تشهدها سوق أبوظبي مع المستأجرين حالياً، نتيجة للمنافسة الشديدة بين الشركات لجذب مستأجرين جدد، والاحتفاظ بالمستأجرين القدامى، خصوصاً أن هناك الكثير من الوحدات الجديدة التي دخلت السوق خلال الفترة الماضية.
ولفت إلى أن التسهيلات تظهر بشكل أكبر مع المستأجرين الجدد لجذبهم للسكن بالقيم الايجارية السارية، في الأغلب، نظراً لأن المستأجرين الحاليين يطالبون بخفض القيمة الإيجارية، لافتاً إلى ظاهرة مهمة في سوق أبوظبي العقارية، هي أنه لا يوجد مستأجرون جدد يدخلون السوق من خارج الإمارة، بل هي حركة انتقالات نشطة بين المستأجرين الموجودين بالفعل في السوق.
تأجيل السداد
أما مدير شركة «الخبراء الاستشاريون»، مجدي عيسى، فقال إن هناك العديد من التسهيلات التي تشهدها سوق الإيجارات في أبوظبي حالياً لجذب المستأجرين، لافتاً إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن العديد من الشقق والفلل لاتزال خالية.
ولفت عيسى إلى أن من أبرز هذه التسهيلات التوسع في قبول دفعات الإيجار لتصبح ثلاثاً أو أربع دفعات، وشمل ذلك عدداً من الملاك الأفراد، فضلاً عن بنوك كبرى تدير جانباً كبيراً من سوق العقارات في أبوظبي.
وأكد أن هناك تزايداً في موافقة ملاك على تأجيل سداد القيمة الإيجارية، بدلاً من دفع غرامة الشيك المرتجع التي تبلغ 1000 درهم، مبيناً أن هذا الأمر كان مرفوضاً بصورة كبيرة سابقاً.
وكشف عيسى وجود شركات وفرت مواقف سيارات مظللة ومساحات خضراء تتضمن حدائق وألعاب أطفال خاصة إذا كانت تدير مجمعات سكنية، لافتاً إلى أن هذه العروض تستهدف الاحتفاظ بالمستأجرين بدلاً من إخلاء الشقق وعرضها للتأجير مجدداً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news