مطالب بتأسيس مكتب اتحادي و«نافذة موحدة» لدعم الصادرات الإماراتية
طالبت جمعية رواد الأعمال الإماراتيين، وخبراء اقتصاد وعاملون في التصدير، باتخاذ إجراءات عاجلة لتحقيق طفرة في الصادرات الإماراتية، في ضوء ضآلة حجم الصادرات الإماراتية، والمنافسة القوية بين الدول على دعم المصدرين.
. إعادة النظر في الأطر التشريعية والقانونية طالب الخبير الاقتصادي، عرفان الحسني، بضرورة إعادة النظر في الأطر التشريعية والقانونية للصادرات، لتنص على مجموعة من الحوافز والتسهيلات للمصدرين، وإعادة النظر في الرسوم المرتبطة بعمليات التصدير، مشيداً بقرار مجلس الوزراء وقف زيادة الرسوم الحكومية لمدة ثلاث سنوات. وشدد الحسني على أهمية إيلاء صادرات المشروعات الصغيرة والمتوسطة أهمية خاصة، وإعطائها تسهيلات إضافية، لأنها عصب الاقتصاد، والمصدر الرئيس لتوليد فرص العمل، من خلال تقديم حزمة من الحوافز، وتسهيل المشاركة في المعارض والترويج لمنتجاتها. ولفت إلى أن جزءاً كبيراً من صادرات دولة الإمارات يرتبط بالمنشآت الكبيرة، على عكس ما يحدث في دول كثيرة في العالم نجحت في تحقيق طفرة في التصدير، مطالباً بتسهيل نفاذ الصادرات الإماراتية إلى الخارج، من خلال الاتفاقات التجارية الثنائية، واتفاقات منع الازدواج الضريبي. وأكد الحسني أن قطاع الصادرات يعاني مشكلات عدة، على الرغم من الاهتمام الكبير به من جانب الدولة، مشدداً على أهمية وجود اهتمام استثنائي بهذا القطاع، لإحداث طفرة في كم ونوع الصادرات الإماراتية للخارج. وذكر الحسني أن حجم الصادرات لايزال ضئيلاً للغاية، ولايزال حجم المستوردات يتفوق بأضعاف عدة على الصادرات وإعادة التصدير، ما يعد ناقوس خطر، نظراً لأنه استنزاف للنقد الأجنبي والموارد المالية المتاحة. وأشار إلى أن درجة التعقيد الخاصة بالمحتوى الفني للصادرات، والمحتوى التكنولوجي ضعيف للغاية، إذ إن جانباً كبيراً منها من المواد الأولية، وهي بطبيعتها ذات قيمة مضافة قليلة، وتتعرض لتقلبات دائمة في أسعارها صعوداً وهبوطاً. وبين أن من أهم التحديات التي تواجه الصادرات هي هيكل التكاليف والرسوم المرتبطة بالتصدير، وتعدد الإجراءات الخاصة بها، لافتاً إلى أن مؤسسة دبي لدعم الصادرات قدمت العديد من التسهيلات خلال الفترة الأخيرة لدعم التصدير. |
ودعوا في تصريحات لـ«الإمارات اليوم» إلى خفض كلفة النقل البري، وإنشاء مكتب اتحادي متخصص في تشجيع الصادرات، وتوحيد الجهات التي يلجأ إليها المصدرون لإنهاء إجراءات التصدير، وضرورة إعادة النظر في الأطر التشريعية والقانونية الخاصة بالصادرات، لتنص على مجموعة من الحوافز والتسهيلات للمصدرين، لاسيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة النظر في الرسوم المرتبطة بعمليات التصدير وأسعار الخدمات المرتبطة بالتصنيع.
وأوضحوا أن حجم الصادرات لايزال ضئيلاً للغاية، فيما لايزال حجم المستوردات يتفوق بأضعاف عدة على الصادرات وإعادة التصدير، ما يعد استنزافاً للنقد الأجنبي والموارد المالية المتاحة.
يشار إلى أن آخر إحصاءات للهيئة الاتحادية للجمارك، أكدت ارتفاع الإجمالي العام للتجارة الخارجية غير النفطية للدولة إلى 1.17 تريليون درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2017.
وبلغت حصة الواردات من إجمالي التجارة الخارجية 708.2 مليارات درهم، في حين بلغت قيمة الصادرات 139.1 مليار درهم، وقيمة إعادة التصدير 325 مليار درهم.
وفي عام 2016، بلغت تجارة الإمارات الخارجية نحو 1.6 تريليون درهم، سجلت الواردات فيها نحو 969 مليار درهم، بينما بلغت قيمة الصادرات 195 مليار درهم، وقيمة إعادة التصدير مليار درهم.
كلفة النقل
وتفصيلاً، طالب نائب رئيس جمعية رواد الأعمال الإماراتيين، إبراهيم بن شاهين، الجهات الحكومية المعنية، بدعم النقل البحري والبري، والعمل بشكل عاجل على خفض كلفته، مؤكداً أن عدم دعم القطاع أثر بشدة في كلفة المنتج الإماراتي، وبالتالي التصدير، إذ تبلغ كلفة النقل بين منطقتين داخل دولة الإمارات، على سبيل المثال، أعلى من الكلفة بين دولة الإمارات ودول أخرى، وتصل إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف الكلفة في بعض الأحيان.
وأضاف أن سعر المنتج الإماراتي في المصنع أرخص من سعر العديد من المنتجات الأخرى، بما فيها منتجات أوروبية، إلا أن كلفة النقل المرتفعة بشكل غير مبرر داخل الدولة، أدت إلى ارتفاع أسعاره، ما قلّل من قدرته على المنافسة خارجياً.
ولفت بن شاهين إلى أن بعض الدول المنافسة تدعم النقلين البحري والبري، ووفودها الرسمية تصطحب مسؤولين من هذا القطاع خلال زياراتها الخارجية، لإبرام اتفاقات والحصول على تسهيلات ومزايا في عمليات النقل، لدعم تصدير المنتجات المحلية وتمتعها بوضع تنافسي أكبر.
دعم المصدّرين
واقترح بن شاهين تخصيص مبلغ مالي كبير ومحدد سنوياً، لدعم المصدرين الذين لديهم منتجات ذات جودة عالية، لكنهم يعانون صعوبات تؤثر في القدرة التنافسية لمنتجاتهم في الأسواق الخارجية، مشيراً إلى أن بعض الدول تدعم مصدريها بسبل عدة، في ضوء منافسة عالمية شرسة لزيادة الصادرات.
وذكر أن بعض الدول المصدرة لدولة الإمارات، وهي دول ناشئة، تدفع على سبيل المثال إيجار المستودعات التي يتم فيها تخزين منتجاتها داخل الإمارات لزيادة قدرتها التنافسية، مقترحاً على الحكومة تحمل إيجار المستودعات التي يتم فيها تخزين المنتجات الإماراتية المصدرة للخارج، بغرض خفض كلفة التصدير، وبالتالي زيادة القدرة التنافسية، كما أشار إلى تحمل بعض الدول أسعار الإعلانات الترويجية والتسويقية لمنتجاتها في بلدان أخرى.
وطالب بن شاهين بالاستفادة من تجارب دول كثيرة كانت متعثرة في التصدير، وأصبحت ضمن أفضل دول في مجال التصدير، مشدداً على أن قطاع التصدير يحتاج إلى دعم كبير، لتمكين المصنعين والمنتجين المحليين من زيادة صادرات منتجاتهم.
نافذة واحدة
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة الخليج العربي للاستثمار، خليفة المحيربي، إن المصدرين يواجهون عوائق عدة، تقف حائلاً أمام زيادة حجم الصادرات الإماراتية للخارج.
وطالب بتأسيس نافذة واحدة أو جهة واحدة للتصدير، يلجأ إليها المصدرون لإنهاء جميع الإجراءات، والعمل على ربط الجهات الحكومية الأساسية من خلال هذه النافذة، ما يقلل من وقت وجهد وكلفة التصدير.
وأوضح المحيربي أن أبرز العقبات يتمثل في الإجراءات الطويلة والمعقدة المطلوبة قبل إتمام عملية التصدير، وتعدد الجهات التي يحتاج المصدر إلى موافقاتها قبل التصدير في بعض إمارات الدولة، فضلاً عن الكلفة العالية للإنتاج، في ضوء استيراد العديد من المواد الخام اللازمة للصناعة، لعدم توافرها محلياً أو ارتفاع أسعارها، لافتاً إلى أن هذه الكلفة ارتفعت أكثر بعد فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%.
ودعا المحيربي إلى توحيد القوانين التي تؤثر في التصدير في مناطق الدولة، بما يضمن تسهيل الإجراءات ودعم المصدرين، وتقديم المساعدات اللازمة لهم، مع الاستفادة من تجارب الهيئات والجهات التي نجحت في تحقيق طفرة في التصدير، مثل دبي.
ولفت المحيربي إلى أن الانفصال بين غرف التجارة في بعض إمارات الدولة والمصدرين، وعدم تنظيم حلقات نقاشية بين ممثلي الجهات الحكومية والمصدرين بشأن عوائق التصدير، فاقم من هذه القضية.
مكتب اتحادي
في السياق نفسه، طالب رجل الأعمال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، حمد العوضي، بإنشاء مكتب اتحادي متخصص في تشجيع الصادرات، واتخاذ إجراءات من شأنها دعم منظومة الصادرات، ورفع القدرة التنافسية للمنتجات الإماراتية، فضلاً عن طرح برنامج حوافز داخلية وخارجية للمصدرين، والترويج للمنتجات المصنوعة في دولة الإمارات.
واقترح على الجهات الحكومية إرشاد القطاع الخاص إلى أبرز فرص التصدير المتاحة في ضوء اتفاقات منع الازدواج الضريبي الموقعة بين الدولة وعدد كبير من دول العالم، ودراسات الأسواق التي تجريها الجهات الحكومية المختلفة.
وأوضح العوضي أن العديد من المشكلات التي تواجه التصدير هي في حد ذاتها المشكلات التي تواجه الصناعة، لافتاً إلى تحديات كلفة إنشاء المصانع، واستيراد المواد الخام، وكلفة العمالة، وإصدار التراخيص، فضلاً عن إيجارات المساكن والنقل.
وتابع: «إذا كان المنتج لا يتميز من الناحية التكنولوجيا، ليكون فريداً من نوعه، وهذا شأن معظم المنتجات على مستوى العالم، فإن هناك ضرورة بتميزه من حيث المنافسة السعرية والجودة الإنتاجية».
ورأى العوضي أن مشروع القطار الخليجي سيلعب دوراً مهماً، حال استكماله، في تقليل كلفة النقل البري داخل الدولة، وبالتالي دعم تنافسية المنتجات الإماراتية المصدرة، متفقاً في أن كلفة النقل عالية بشكل كبير وغير مبررة من المصنع إلى منافذ التصدير، مقارنة مع دول أخرى.
الاستفادة من تجربة دبي
طالب المدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلّم، بسن قوانين وتشريعات اتحادية تسهل الإجراءات الحكومية المتعلقة بالتصدير، بحيث تعكس روح الحكومة الذكية، وتقلل بشدة من المعاملات الورقية، مشيراً إلى أن دبي توفر مناخاً حافزاً للتصدير، ولديها تجربة فريدة ينبغي الاستفادة منها في جميع إمارات الدولة.
وأكد مسلّم ضرورة قيام غرف التجار والصناعة بدور كبير في الربط بين مجتمعات المصدرين والحكومات المحلية، عبر تقديم المقترحات والتوصيات، لتسهيل التصدير، ورفعها للحكومات المحلية ثم الحكومة الاتحادية، بهدف بلورة رؤية اتحادية شاملة حول دعم التصدير.
كما اقترح مسلم إعادة النظر في أسعار الخدمات المرتبطة بالتصنيع، مثل المياه والكهرباء، وخفض كلفة النقل البري، وتسهيل حركة أساطيل النقل البري بين دول الخليج، خصوصاً في المناطق الحدودية، وتيسير عمليات العبور، بحيث لا تخضع البضائع التي تعبر الدول وصولاً إلى دولة أخرى، إلى عمليات تفتيش تستغرق وقتاً طويلاً.
وأكد أن جودة البنية التحتية والطرق وأساطيل النقل بين دول الخليج، تمهد لتحقيق زيادة في الصادرات الإماراتية لدول الخليج، لو تم القضاء على هذه المعوقات.