الوساطة العقارية بين الأداء المتميز والمسؤولية الجنائية
الوساطة العقارية هي مهنة لا غنى عنها في مجال السوق العقارية، ولكن كيف يمكن للوسيط العقاري المحلي أو حتى الأجنبي أن يحسّن من نموذج عمله ليواكب التطورات الحديثة والإسلوب العلمي ويستطيع المنافسة؟
المتأمل لمجال الوساطة العقارية يلاحظ بجلاء، ضعف انضباط التعاملات بشكل احترافي، وذلك لسيطرة العمالة غير المرخصة في هذا المجال على السوق، لاسيما في السنوات الماضية، التي شهدت انتعاشاً كبيراً في مجال الوساطة العقارية، وكذلك ضعف الصدقية، وعدم دقة المعلومات التي تقدم، ومعظمهم يعمل بإسلوب متدن.
لكننا نقرّ بأنه توجد استثناءات ونماذج مشرفة تعمل في هذا المجال، لكنهم قلة ويحتاجون إلى نظام جيد يساندهم، ويكثف من وجودهم في السوق، لمزاحمة غير المحترفين في هذا المجال. ولذلك نعتقد أن أهم مقدمات الوساطة العقارية الحديثة هو مستوى ووسائل التواصل والتعامل الذي يتم مع المتعاملين المستثمرين.
كما تطورت وسائل التواصل مع المتعاملين، فالعديد من الشركات والمكاتب لديها مواقع إلكترونية توفر فيها جميع عروضها إلكترونياً.
ومن بين وسائل التواصل بين شركات الوساطة العقارية والمستثمرين أيضاً وسيلة الاتصال الهاتفي، وعلى الرغم مما توفره هذه الوسيلة من مميزات التواصل المباشر والسريع، فإن لها مساوئ عدة، من بينها ملاحقة مسوقي بعض الشركات العقارية للمتعاملين بشكل مستمر وبطريقة غير مقبولة على الإطلاق، بهدف حصول كل منهم على نسبته من العمولة الناتجة عن عمليات البيع والشراء.
وقد جرّم المشرع الاتحادي هذا المسلك بقوانين عدة، باعتبار الفعل المذكورصورة من صور الإزعاج المعاقب عليه قانوناً، لذا نجده قد جرمه بموجب نص المادة 72/1 من القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2208 المعدل للمرسوم بالقانون الاتحادي رقم (3) لسنة 2003، الصادر بشأن تنظيم قطاع الاتصالات، التي نصت على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف درهم، ولا تجاوز 200 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استغل أجهزة أو خدمات الاتصالات في الإساءة، أو الإزعاج، أو إيذاء مشاعر الآخرين أو لغرض آخر غير مشروع».
ليس هذا فحسب، بل إن الأمر كذلك يشكل جريمة أخرى ألا وهي الجريمة المنصوص عليهال بنص المادة (298) من قانون العقوبات التي نصت على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز 10 آلاف درهم كل من تسبب عمداً في إزعاج غيره باستعمال أجهزة المواصلات السلكية واللاسلكية».
وأخيراً، على القائمين على شركات الوساطة العقارية، عقد دورات تعليمية وتثقيفية للعاملين لديها، وذلك لتبصيرهم بخطورة الملاحقة الهاتفية، ورفع مستوى الوعي والأداء الخاص بكل منهم، حتى لا يقعوا ويوقعوا شركاتهم معاً في المسؤولية الجنائية بل والمدنية التي قد تلحق بهم أبلغ الأضرار.
محامية ومستشارة قانونية