توفير القيمة المشتركة.. توجّه جديد في القطاع العقاري
تنتقل الشركات العالمية حالياً من النموذج التشغيلي الذي يركز على توفير القيمة لأصحاب المصلحة فقط أو للشركة صاحبة المنتج أو الخدمة، إلى نموذج آخر يتيح قيمة مشتركة لجميع الأطراف التي لها علاقة بالموضوع أو أصحاب المصلحة، حيث من المتوقع أن يكون هذا خطاً رئيساً في المستقبل.
ويعتمد القطاع العقاري بصورة كبيرة على مجموعة واسعة من الأطراف المختلفة أو أصحاب المصلحة، لذا فهو يُجسد بلا شك المثال الأفضل على هذا النوع من التحول، والذي يهدف إلى تحقيق المنفعة لكل من الشركة والعميل والمدينة الموجود فيها المشروع، إضافة إلى العامل والقائمين على هذه الشركة.
ويتميز القطاع العقاري بتقديم منتجات متمحورة حول متطلبات العملاء بصورة رئيسة، وبالتالي فإن التوقعات المتنامية للعملاء تفرض الحاجة إلى اعتماد المعايير التي من شأنها تعزيز رضاهم، فلم يعد العملاء في الوقت الحالي مهتمين فقط بالمنتج النهائي، بل أصبحوا يقيّمون استثماراتهم على امتداد مراحل عملية الشراء، وهو ما يوسع دائرة أصحاب المصلحة المشتركة المشاركين في إخراج المنتج إلى المستهلك النهائي.
وتتجلى نواحي المقارنة المعيارية التي تميّز المطورين العقاريين عن بعضهم في سهولة إجراء الصفقات، ومستويات الاستجابة والمرونة، إلى جانب قدرتهم على التأقلم السريع مع تغيرات السوق، وبالتالي النهوض بقيمة استثمارات العملاء إلى حدودها القصوى عبر تقديم منتج عقاري ملائم بأسعار معقولة وضمن مجتمعات سكنية ذات مستوى راقٍ من الجودة، إضافة إلى تأكيد استفادة كل الحلقات المشتركة في إخراج هذا المنتج بصورة مرضية، حيث تكون الشركة في هذا التوجه حريصة على مصلحة العميل.
وبحسب أحد التقارير الحديثة الصادرة عن شركة «ماكينزي»، فإن الشركات التي تتمتع بالمرونة اللازمة بمقدورها التحلي بعقلية تضع العميل في المقام الأول، وهي قادرة على الوصول إلى أعلى مستويات الصحة المؤسسية بنسبة تصل حتى 70%، وذلك بفضل قدرتها على الاستجابة السريعة لتغيرات السوق.
ويظهر هذا التحول بشكل ملموس في القطاع العقاري، حيث تميل الشركات حالياً نحو التنافس في ما بينها بوصفها مؤسسات متمحورة حول العملاء تحرص على رعاية نواحي الحياة الخاصة بهم من جهة، وعلى دعم المجتمع من جهة أخرى. وبهذا الإطار، سلط استطلاع «برايس ووترهاوس كوبرز» العالمي السنوي والأخير لآراء المديرين التنفيذيين الضوء على الدور المحوري لعلاقات العملاء في تعزيز القيمة السوقية ضمن القطاع العقاري خلال العام الجاري. وفي السابق، انصب تركيز العملاء الرئيس على حجم وتصاميم العقارات، إلا أنهم حالياً يأخذون بعين الاعتبار عوامل جودة الخدمات ووسائل الراحة، وحتى مرافق البنية التحتية المحيطة، وذلك عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، الأمر الذي فرض على الشركات العقارية الاستثمار ضمن مجالات انتشار العلامة التجارية وتفاعل العملاء، مع العمل في الوقت ذاته على تصميم منتجاتهم لتلائم احتياجات العملاء المُحددة.
وأنا هنا أقدم دعوة مفتوحة لكل الشركات لاتباع منهجية مرنة في استجابتها لتحولات السوق، ولا سيما أننا نعيش في ضوء الازدهار الكبير الذي يعيشه القطاع العقاري بدبي، والناتج عن السياسات الحكومية وقوانين التأشيرات الجديدة واستضافة معرض «إكسبو 2020» المرتقب.
مدير عام العمليات لشركة «داماك» العقارية