التجارة العشوائية والبيع «أون لاين» للسيارات المستعملة يكبدان تجار «سوق العوير» خسائر كبيرة
أفاد تجار السيارات المستعملة في «سوق العوير» بدبي، بتعرضهم لخسائر كبيرة، بسبب ما وصفوه بالعشوائية في تجارة السيارات المستعملة، ودخول منصات البيع الإلكتروني، وانتشار عمليات البيع الفردي التي باتت تهدد بقاء السوق واستمرارها، داعين إلى ضرورة مواجهة التحديات التي تعرقل السوق، الذي يعد أكبر سوق للسيارات المستعملة في الدولة ومنطقة الشرق الأوسط.
وقال تجار وأصحاب معارض سيارات مستعملة، لـ«الإمارات اليوم»، إن تفشي جائحة كورونا المستجد (كوفيد-19)، التي أدت الى تراجع عمليات بيع السيارات في السوق المحلية وعلى مستوى دول الخليج، خصوصاً السوق السعودية، قد ضاعفت من الخسائر التي تكبدوها، في ظل استمرار منح الرخص التجارية لتجار خارج السوق، وانتشار البيع الفردي عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ودعا التجار اقتصادية دبي إلى وقف الترخيص لبيع السيارات المستعملة خارج السوق، والاجتماع بالتجار لإيجاد حلول سريعة لشكاواهم.
غياب التنظيم
وتفصيلاً، قال صاحب معرض «الملكية للسيارات» في سوق العوير، عارف سرور السويدي، إن «تجارة السيارات المستعملة في سوق العوير تعاني منذ الفترة السابقة على تفشي جائحة كورونا، بسبب غياب التنظيم لتجارة السيارات المستعملة»، مشيراً إلى أن سوق العوير، الذي تم بناؤه منذ سنوات، ليستوعب تجار السيارات، وجرت توسعته أيضاً، يشهد ركوداً لافتاً، مع انتشار عمليات البيع الفردي، ودخول بعض شركات الإعلانات الرقمية على الخط، في أعمال بيع السيارات المستعملة.
وأضاف أن الشركات التي تملك منصات إعلانية يستخدمها الأفراد لبيع متعلقاتهم الشخصية، ومن بينها السيارات، قد تحولت لتجارة السيارات من خلال الإنترنت، حيث شهدت الفترة الماضية تأسيس شركات لتسويق السيارات المستعملة، إلا أن تلك الشركات لم تتبع أياً من المعايير التي فرضت على تجار السيارات في سوق العوير، ما أفقد السوق تنافسيتها، وأدى إلى غياب التوازن بين البيع «أون لاين» والبيع التقليدي، وهو ما عزز من خسائر التجار، وخفض من القيمة السوقية للمعارض التي تعمل في سوق العوير.
وأشار السويدي إلى أن هناك ممارسات تحتاج إلى إعادة التنظيم في قطاع تجارة السيارات، فالبعض يستورد السيارات لاستخدامها كقطع غيار في ورش التصليح، لكن ما يحدث هو أنه يتم إصلاح تلك السيارات وإعادة بيعها كسيارات مستعملة مستوردة، مبيناً أنه استثمر في معرضه ما يزيد على ستة ملايين درهم، لكن قيمته السوقية الآن في ظل الأوضاع الحالية تصل الى نصف تلك القيمة.
ولفت إلى أن عمليات البيع العشوائية تؤثر سلباً على تجار سوق العوير، وهو ما يجب أن يتم تداركه وإعادة النظر في الإطار الذي ينظم سوق السيارات المستعملة في الإمارة.
أسواق مركزية
من جانبه، قال صاحب معرض الاختيار الأول للسيارات، أحمد الشامسي، إنه في عام 2002 تم تحويل بعض النشاطات إلى أسواق مركزية، ومنها سوق الخضراوات، وسوق السمك، وسوق الحيوانات الأليفة، وغيرها من الأسواق المتخصصة، ومن بينها سوق السيارات الذي اضطر تجار السيارات للانتقال إليه، والاستثمار في معارض ومنشآت تجارية مؤهلة وفقاً لمعايير بلدية دبي لتجارة السيارات المستعملة، مشيراً إلى أن التجار فوجئوا بعد سنوات عدة بالسماح لبعض التجار بافتتاح معارض للسيارات المستعملة خارج السوق، خصوصاً في شارع الشيخ زايد، موضحاً أن تجار السيارات في سوق العوير لم يعترضوا على ذلك، إذ إن تلك المعارض تخصصت في السيارات الفارهة.
وأفاد الشامسي بأن الموقف تغير منذ سنوات، حيث فوجئنا بمنح تراخيص وتسجيل لشركات تعمل في تسويق السيارات المستعملة، وعبر منصات التواصل الاجتماعي، أو من خلال الإنترنت، مشيراً الى أن هذا الأمر أضيف إلى تجار السيارات غير المسجلين، الذين يطلق عليهم «free lancers»، حيث يملكون السيارات، ويتم تداولها بصورة فردية وبأسمائهم، من دون أن نشهد مواجهة لهذه الظاهرة التي امتدت أيضاً إلى قيام بعض أصحاب ورش الإصلاح بالدخول في مجال التجارة.
وقال إن «تجار سوق العوير استثمروا ملايين في معارضهم من أجل تنظيم السوق، لكننا فوجئنا بأن السوق لم تعد منظمة، وتحتاج إلى خطة واضحة للقضاء على عشوائية دخول الأفراد إلى هذه السوق»، مضيفاً أن المساحات متوافرة، ويمكن الحصول على مساحة لإنشاء معارض أخرى، كما أنه من الممكن أن تتوسع السوق إذا احتاج الأمر لذلك، لاستيعاب مزيد من التجار.
وأضاف: «إذا أراد أحدهم العمل في مجال تجارة السيارات المستعملة، فليأت إلى المكان المنظم، كما فعلنا نحن».
وبيّن الشامسي أن تفشي جائحة كورونا أدى الى تراجع البيع على المستوى المحلي، وعلى مستوى دول الخليج أيضاً، خصوصاً إعادة التصدير إلى السوق السعودية، داعياً إلى منح المعارض في «سوق العوير» تسهيلات إيجارية لمساعدتهم على تجاوز المرحلة الحالية.
بدوره، قال المدير الشريك في معرض «كار بون»، عادل حايك، إن «قطاع تجارة السيارات المستعملة يحتاج إلى إعادة النظر في معايير تنظيمه، بحيث يسمح لمن يرغب في الدخول والاستثمار، فهو ليس حكراً على أحد، ولا يسعى التجار إلى احتكاره، لكن ذلك، يجب أن يكون وفقاً لمعايير وضوابط تحكم العمل، بحيث لا تتحول استفادة البعض إلى ضرر لتجار آخرين».
وأشار حايك إلى أن السوق تشهد ممارسات غريبة، فالبحث عن تاجر سيارات على الإنترنت قد يقودك إلى مكتب لتسويق السيارات المستعملة بإحدى البنايات، حيث يقوم بصف سياراته على مواقف غير نظامية، ويروج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإعلانات الرقمية، مبيناً أن تلك السوق التي وصفها بالرمادية لا يمكن حصرها، وتضر بصورة لافتة بتجار سوق العوير.
في سياق متصل، قال صاحب معرض «الموفق للسيارات»، كرم ربيع، إنه لا سبيل للمساواة بين التجار الذين يعملون في سوق العوير والذين يعملون بصورة فردية، لافتاً إلى أن التاجر في سوق العوير يتحمل كل الرسوم الحكومية، فضلاً عن كلفة الإيجار، وتجديد الرخصة التجارية، والرسوم الأخرى، بينما التاجر الفرد لا يتحمل كل ذلك، حتى إن حساب هؤلاء التجار الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي مجاناً، ولا يكلفهم شيئاً، وبالتالي لا سبيل للمساواة بينهم.
وأشار ربيع إلى أن هناك وسائل عدة للتحايل، تمكن البعض من الحصول على رخص تجارية من دون مراجعة جميع الجهات المسؤولة عن تجارة السيارات في الإمارة، وبالتالي التأثير بشكل سلبي على سوق العوير.
الأبواب مفتوحة للجميع
قال المدير التنفيذي لقطاع الترخيص والتسجيل التجاري في اقتصادية دبي، عمر بوشهاب، إن «أبواب اقتصادية دبي مفتوحة أمام الجميع، وأنها تسعى دائماً للتعاون والتنسيق مع قطاع الأعمال في الإمارة، بهدف تعزيز اقتصاد دبي»، مضيفاً أن اقتصادية دبي لم تتلق طلباً من مجموعة عمل تجارة السيارات المستعملة للاجتماع معهم.
وأكد على أن الوقوف إلى جانب التجار ومساعدتهم هو مهمة اقتصادية دبي، وواجبها تجاه الأسواق والفاعلين فيها، داعياً المجموعة إلى الاجتماع ومناقشة كل التحديات التي يوجهونها، وإيجاد الحلول التي تناسب السوق، خصوصاً في ظل جائحة كورونا التي أثرت في قطاعات تجارية عدة، من بينها قطاع تجارة السيارات المستعملة.