مستثمرون: رحيل مؤسس الشركة واختلاف خطط الورثة.. أبرز تحديات «الشركات العائلية»
أفاد رجال أعمال بأن تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة، يعزز بقاءها وتطورها، بجانب أن تحسين الأداء وفاعلية الإدارة يجب أن يكونا جزءاً من أسلوب عمل الشركات العائلية بما يضمن بقاءها.
وأشاروا، لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن عدداً قليلاً من الشركات العائلية يستطيع الاستمرار بعد رحيل مؤسس الشركة، في حال تُرِكت الشركات دون منظومة تحكمها كائتمان العائلة أو تحويل الشركات إلى شركة مساهمة عامة، إذ غالباً تتفكك الشركات العائلية مع الجيل الأول أو الثاني، بسبب اختلاف خطط ورغبات الورثة، كما أن أقل من 30% من الشركات العائلية في العالم، تستمر بعد الجيل الثاني، وهو الأمر الذي يوضح التحديات التي تواجهها.
وأكدوا أن هناك ضرورة لتطوير التشريعات والقوانين، التي تحمي هذه الشركات على مستوى الدولة، وذلك من خلال قانون اتحادي يدعم استمراريتها مع مرور السنوات، ما يصب في دعم وتطوير الاقتصاد الوطني، مشيرين إلى أن قانون تنظيم الملكيّة العائليّة في إمارة دبي، وضع إطاراً قانونياً شاملاً وواضحاً لتنظيم الملكيّة العائليّة في الإمارة، بما يحافظ على استمرارية الملكية العائلية، وتعزيز الدور الذي تقوم به في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي.
فلسفة خاصة
وتفصيلاً، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة عيسى الغرير للاستثمار عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، عيسى الغرير، إنه «من الأفضل أن تملك الشركات العائلية رؤية وفلسفة خاصتين بها، تضمنان استمراريتها»، مضيفاً أن «التطور وتحسين الأداء وفاعلية الإدارة، يجب أن يكونا جزءاً من أسلوب عمل الشركات العائلية، بما يضمن بقاءها لسنوات»، ومؤكداً أن «قانون تنظيم الملكيّة العائليّة في إمارة دبي، وضع إطاراً قانونياً شاملاً وواضحاً لتنظيم الملكيّة العائليّة في الإمارة، بما يحافظ على استمرارية الملكية العائلية، وتعزيز الدور الذي تقوم به في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي».
وأضاف الغرير أن «استمرارية الشركات مرهون باختيارات الملاك، إذ إن القانون يوضح كيفية تخارج الشركاء، بما يمنح الشركات المرونة الكافية للاستمرار، أو تحويل الشركة إلى مساهمة عامة»، لافتاً إلى أن «تلك المرونة تكون بالاتفاق بين الشركاء، وبقاء الشركات العائلية يتوقف على قدرتها على تطوير نفسها وصمودها في مواجهة التحديات، خصوصاً أن الشركات العائلية كانت الأكثر صموداً في مواجهة جائحة كورونا المستجد (كوفيد-19)، لأنها تمتلك نظرة مستقبلية على المدى الطويل».
وأشاد الغرير بقانون تنظيم الملكية العائلية في دبي، قائلاً إن «الحكومة تنظر للأمام، خصوصاً عندما توفر الحلول بما يساعد على مواجهة الأوضاع الحالية»، مشيراً إلى أنه يمنح الشركات الاختيار في البقاء على وضعها الراهن، أو اتباع الحلول الجديدة.
شركات مساهمة
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة الأنصاري للصرافة، محمد الأنصاري، إن «القانون يعزز جهود الشركات العائلية، حسب كل شركة والقطاع الذي تعمل به»، مؤكداً أن «تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة لا يعد (بطاقة خضراء لنموها وتطورها واستمراريتها)، لكنه يساعد في ذلك بصورة ملحوظة».
وأضاف الأنصاري: «الشركات العائلية المنظمة تستطيع الاستمرار، حتى بعد تقاعد أو غياب مؤسس الشركة، وهناك نماذج ناجحة تثبت ذلك»، مشيراً إلى أن الشركات التي لا تستمر، غالباً، هي الشركات العائلية المهنية التي تعتمد على مهنة مؤسسها، عندما لا يرغب أولاده في الاستمرار بمهنة أبيهم نفسها، موضحاً أنه حتى لو كان المجال ناجحاً، لا تستمر الشركة بسبب عدم اهتمام الأولاد بنشاطها المتخصص.
ورأى أنه على الجانب الآخر، هناك شركات عائلية ناجحة لم تستطع الصمود، عندما تحولت إلى شركة مساهمة، وهذا يعني أن الإدارة العائلية الفعالة ربما تدعم استمرار الشركة ونموها وتطورها، بشكل أفضل من الإدارة المؤسسية، خصوصاً مع تحفظ بعض العائلات في تحويل النشاط إلى شركة مساهمة، ما يقيد حرية القرارات ويفرض رقابة غير مطلوبة على أعمال عائلية.
وقال إن «السنوات الأخيرة شهدت مكاسب كبيرة لشركات عائلية، استطاعت العمل حتى إنها نجحت في تجاوز تحديات أزمة (كورونا) بطريقة أفضل من شركات مساهمة، حيث عانت الأخيرة جراء أزمات مالية»، مضيفاً أن خبرة رجال الأعمال لها تأثير جيد في إدارة هذه الشركات، خصوصاً مع الدعم الحكومي اللافت للقطاع الخاص في الإمارات، والقانون الأخير، الخاص بتنظيم الشركات العائلية في دبي، يساعد على تنظيم الشركات العائلية ويعزز ضمانة استمراريتها للمستقبل.
مؤسس الشركة
من جهته، قال مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، خلف أحمد الحبتور، إن «عدداً قليلاً من الشركات العائلية يستطيع الاستمرار بعد رحيل مؤسس الشركة، في حال تُرِكت الشركات دون منظومة تحكمها كائتمان العائلة (Family trust)، أو تحويل الشركات إلى شركة مساهمة عامة، إذ غالباً تتفكك الشركات العائلية مع الجيل الأول أو الثاني، بسبب اختلاف خطط ورغبات الورثة».
وأضاف الحبتور: «إذا وضعت منظومة لحكم الشركات كمنظومة ائتمان العائلة (Family trust)، وفي ظل القانون الجديد لإدارة الثروات، الذي أقره أخيراً مجلس الوزراء في الإمارات برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث يحدد هذا القانون إطاراً تشريعياً للأعمال والشركات التي تنتقل إلى الجيل الثاني أو الثالث وتواجه في معظم الأحيان خطر الانهيار. لكن شرط أن يتم توقيع عهد مالية تمنح سلطة الوصاية لأشخاص أو مؤسسات موثوق بها من أجل إدارة النمو واستثمار الأموال».
وتابع أن «هذا مطلوب من كل المالكين المؤسسين للتخطيط لمستقبل أصولها، والحفاظ على موجوداتها في المدى الطويل»، مضيفاً أنه «من الضروري على مؤسسي الشركات التخطيط لمستقبلها بعد رحيلهم، وإلا فعدد قليل جداً من الشركات يستمر كمؤسسة أو مجموعة موحدة بعد الجيل الأول أو الثاني».
وقال الحبتور: «لتبقى هذه الشركات قائمة وتنمو، الحل الوحيد والأنسب هو أن تتحول إلى شركات مساهمة عامة. لكن تكمن الصعوبة في إقناع الشركاء بتحويلها إلى شركات مساهمة».
سمعة كبيرة
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة «مشاريع العتيبة»، عتيبة سعيد العتيبة، إن «الشركات العائلية في الإمارات قوية ولها سمعة كبيرة منذ سنوات، ولاتزال تحافظ عليها، والمحافظة على نموها يعد مسألة مهمة للغاية لأن نمو هذه الشركات يسهم بشكل مباشر في نمو الاقتصاد ككل».
وأوضح العتيبة أن «العديد من الشركات العائلية الكبيرة لها وجود كبير وأفرع في الخارج، كما قامت الأجيال الجديدة بالاستثمار فيها، وأيضاً استثمر المؤسسون فيها، ما دعم هذه الشركات ورفع قدرتها على المنافسة محلياً وعالمياً».
وأكد، في الوقت ذاته، أن «الشركات العائلية تحتاج إلى الكثير من التنظيم والحوكمة في إدارتها، كما أن بعض هذه الشركات تواجه تحدياً كبيراً، يتمثل في استمرار إدارتها بكفاءة عالية بعد وفاة مؤسسها، حيث تحدث خلافات بين الورثة في بعض الأحيان، تؤثر بشدة في مستقبل هذه الشركات»، مشيراً إلى أن الإحصاءات العالمية تشير إلى أن أقل من 30% من الشركات العائلية في العالم، تستمر بعد الجيل الثاني، وهو الأمر الذي يوضح التحديات التي تواجهها.
ولفت العتيبة إلى أن نشوب خلافات في بعض الشركات العائلية، بعد رحيل مؤسسها، يؤدي إلى تعثر واستحالة استمرارية هذه الشركات، خصوصاً أن بعض الخلافات تم تصعيدها للقضاء وتنظر فيها المحاكم لفترات تصل إلى 30 عاماً.
ودعا العتيبة إلى إصدار قانون اتحادي ملزم لتنظيم شؤون إدارة الشركات العائلية، خصوصاً في ظل تعاقب الأجيال على هذه الشركات لدعم استمراريتها ونجاحها لسنوات طويلة.
ونوه بأن القانون، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بشأن تنظيم الملكية العائلية في إمارة دبي، أخيراً، مهم للغاية، كما يعد خطوة كبيرة على الطريق الصحيح، ويقوم بدور كبير في حماية الشركات العائلية والمحافظة على أموال هذه الشركات واستمراريتها، ليكون بذلك نقلة نوعية في مستقبل هذه الشركات خلال الفترة المقبلة.
شركات قوية
في السياق نفسه، قال الشيخ أحمد بن مسلم بن حم العامري، مدير عام مجموعة بن حم، إن «الشركات العائلية في الإمارات تعد شركات قوية وراسخة، استطاعت التغلب على الكثير من الأزمات والتحديات التي واجهتها طوال السنوات الماضية»، معتبراً أن الشركات العائلية تعد من أكثر المؤسسات التي تأقلمت بسرعة مع الأوضاع الجديدة، بعد جائحة «كوفيد-19»، واستطاعت التغلب على الكثير من التحديات التي واجهتها، والتعامل بمرونة مع التغيرات المفاجئة الناجمة عن الجائحة.
وشدد على أن كثيراً من الشركات العائلية، في الدولة، استمرت في الاستثمار الداخلي والخارجي خلال جائحة «كورونا»، ولم تستغنِ عن موظفيها، رغم الظروف الصعبة عالمياً، ما يؤكد قوة هذه الشركات.
ونوه بأن الشركات العائلية تعد من أهم أعمدة الاقتصاد الإماراتي، ولذلك فإن أي عوامل تؤثر في هذه الشركات يكون لها تأثير مباشر في الاقتصاد، ما يتطلب دعمها والحفاظ على تماسكها واستمراريتها، خصوصاً في أوقات الأزمات.
واعتبر بن حم أن قانون تنظيم الملكية العائلية في إمارة دبي مهم للغاية، ويدعم استمرارية الشركات العائلية، كما يدعم تنافسية هذه الشركات ودورها في الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن ضرورة تطوير التشريعات والقوانين التي تحمي هذه الشركات على مستوى الدولة وتدعم استمراريتها مع مرور السنوات، ما يصب في دعم وتطوير الاقتصاد الوطني.
الشركات العائلية إضافة نوعية إلى الاقتصاد الوطني
قال الخبير الاقتصادي مدير عام مؤسسة «المسار» للدراسات الاقتصادية، نجيب الشامسي، إن «الشركات العائلية تعد إضافة نوعية مهمة للاقتصاد الوطني وللشركات الموجودة في الدولة، بجانب الشركات المساهمة العامة والخاصة وذات المسؤولية المحدودة»، مشيراً إلى أن الشركات العائلية نشأت في ظروف معينة بالعالم، وموجودة حتى الآن في العديد من الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
وطالب الشامسي بإصدار قانون اتحادي خاص بالشركات العائلية في الإمارات، وإخضاعها للرقابة وتطبيق المعايير القانونية الأساسية عليها، من أجل ضمان استمراريتها وحمايتها وعدم حدوث تجاوزات بها، وتلافياً لحدوث أي خلافات بين ملاكها، مشيراً إلى أن هذه الشركات ليست بمعزل عن النظام الاقتصادي، وأي هزة تتعرض لها، تؤثر في قطاعات اقتصادية أخرى، وعلى رأسها القطاع المصرفي.
وقال إن هناك أهمية لاتخاذ بعض القرارات، خصوصاً في حالات تعثر الشركات العائلية، مثل تحويل هذه الشركات إلى شركات مساهمة عامة، وطرح جانب من أسهمها للملكية العامة، مع إمكانية حدوث دمج بين الشركات العائلية والشركات المساهمة العامة، وذلك كصمام أمان لهذه الشركات وحمايتها من التعثر وتوسيع قاعدة الملكية، مشيراً إلى أن شراء منتجات الشركة من جانب المساهمين يدعم اقتصاداها ووجودها.
مجموعة الحبتور
انطلقت مجموعة الحبتور، كشركة هندسية صغيرة عام 1970، لتصبح اليوم واحدة من أكبر وأبرز الشركات في المنطقة، وتملك أعمالاً منوّعة في قطاعات اقتصادية أساسية: (الفنادق، والسيارات، وتأجير السيارات، والعقارات، والتعليم والنشر)، كما تضم محفظة المجموعة الخاصة بالضيافة 14 فندقاً، موزعة بين الإمارات وأسواق دولية.
قانون تنظيم الملكية العائلية في دبي يدعم حماية الشركات العـائلية والمحافظة على أموالها