العروض العقارية في رمضان.. قسائم شرائية وسبائك ذهبية وسنوات خدمة مجانية
رصدت «الإمارات اليوم» إعلانات عقارية رمضانية، تنوّعت بين خصومات سعرية، وتخفيضات على الدفع «الكاش»، وفائدة «صفرية»، وعائد إيجاري مضمون، وإعفاء من رسوم الخدمات لعدد من السنوات، راوحت بين عامين و10 أعوام، إضافة إلى تحمل الرسوم الحكومية، وأن إحدى الشركات أعلنت توزيع قسائم شرائية وأخرى سبائك ذهبية لترويج عقاراتها.
وقال عقاريون إن هذه العروض قوية، لكن تحتاج إلى مزيد من الرقابة، فهناك تجاوزات من قبل المطوّرين في طريقة الدعاية ومضمونها، لاسيما تلك التي تتم عبر مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يتجاوز بعضهم لتحقيق مبيعات للمطوّر، حيث يراوح ثمن الإعلان عند بعض المؤثرين بين 50 و100 ألف درهم.
وأشاروا إلى أن استخدام مطوّرين عقاريين لمؤثرين من غير ذوي الخبرة في القطاع العقاري، من الممكن أن يضر بالسوق العقارية، وذلك لتجاوز هؤلاء عند عرض الإعلان، مثل ترويج أحد المؤثرين لنفاد وحدات أحد المشروعات بالكامل، وهو ما يخالف الحقيقة، لأن المشروع لم يتم بيعه، بدليل أن المطوّر مازال يعلن عنه.
من جانبها، أفادت دائرة الأراضي والأملاك في دبي بأن غرامة التسويق العقاري المخالف تصل إلى 50 ألف درهم، مع إمكانية سحب الرخصة العقارية في حال تكرار المخالفة.
وحدات سكنية
وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» عروضاً لشراء وحدات سكنية في دبي خلال شهر رمضان الجاري، منها ما تم الإعلان عنه عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو عبر المواقع الإلكترونية للشركات العقارية، وتدرّجت هذه التخفيضات بدءاً من التخفيضات السعرية على سعر العقار، مروراً بتحمل الرسوم الحكومية ورسوم الخدمات ووصولاً لتوزيع بعض الشركات قسائم شرائية وسبائك ذهبية.
وعرضت حسابات لوسطاء عقاريين على «إنستغرام» عرضاً رمضانياً لمشروعات في دبي، مفاده إمكانية دفع قيمة الوحدة مرة واحدة للحصول على خصم يصل إلى 35%، أو الدفع بالتقسيط على خمس سنوات، من دون دفعة مقدمة، أو دفع نسبة 10% مقدماً والحصول على خفض بنسبة 10%.
كما عرضت شركة «بن غاطي» العقارية، تخفيضات سعرية على مشروعها الجديد في قرية جميرا الدائرية «بن غاطي ميراج»، حيث تبدأ الأسعار للغرفة والصالة في هذا المشروع من 485 ألف درهم، و685 ألف درهم للغرفتين.
في الوقت نفسه، عرضت حسابات لشركات وساطة، مشروعات لشركة إعمار العقارية، منها مشروع فلل تابع للشركة في «المرابع العربية»، عبر الترويج لها بأنها من المطوّر مباشرة.
أما شركة «عزيزي للتطوير العقاري»، فطرحت عرضاً رمضانياً يهدف إلى تمويل الدفعة الأولى بفائدة صفرية، إضافة إلى تمويل بقية قيمة العقار على أقساط شهرية عن طريق بنوك وقّعت معها الشركة شراكات عمل. ومن العروض التي تقدمها الشركة عرض الضمان الإيجاري لمشروعاتها في منطقة «الفرجان» لمدة ثلاث سنوات، بواقع 10% عائداً إيجارياً مضموناً، وهو العرض نفسه الذي تقدمه شركة «فينسيتور» العقارية.
50 ألف درهم
بدورها، أكدت دائرة الأراضي والأملاك في دبي أن غرامة التسويق العقاري المخالف تصل إلى 50 ألف درهم، في حال وقع ارتكابها بالفعل، فضلاً عن إمكانية سحب الرخصة العقارية عند تكرار المخالفة، داعية الجمهور إلى تسجيل أي شكاوى تتعلق بالتسويق العقاري عبر موقعها الإلكتروني.
عروض رمضانية
في المقابل، قال الرئيس التنفيذي لشركة بن غاطي العقارية، محمد بن غاطي، إن «العروض الرمضانية لا شك أنها تنشط المبيعات، خصوصاً هذا العام، لأن كثيراً من المتعاملين قرروا عدم السفر خلال جائحة (كورونا)، وهذا يجعل شهيتهم للاستثمار تزداد في السوق المحلية».
وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة عزيزي للتطوير العقاري، فرهاد عزيزي، أنه «يتم توجيه الأموال التي نخصصها في العادة للفعاليات والأحداث، إلى حملات البيع بمستويات سعرية أقل بكثير، حيث نتطلع الآن إلى بيع العدد المحدود من الشقق المتوافرة في مشروعاتنا بأسعار جذابة للغاية، ليتمكن المستثمر من تحقيق أعلى عائد ممكن على الاستثمار».
وحدات متراكمة
من جانبه، قال الخبير العقاري، محمد حارب، إن «عروض المطوّرين للبيع تنشط خلال شهر رمضان، بغرض بيع الوحدات السكنية المتراكمة، في حين ينتهز البعض الآخر تقديم خصومات على رسوم الخدمات السنوية، أو رسوم دائرة الأراضي والأملاك، أو خفض رسوم التسجيل العقاري».
وتابع حارب: «قلما يعتمد المطوّر على موضوع خصم أسعار الشقق، وذلك تجنباً للتأثير في الأسعار في السوق».
وأوضح أن هناك شريحة من المعلنين معتمدة ومرخصة بدائرة الأراضي، فيما هناك شريحة أخرى غير مرخصة وليست لديها أي دراية أو خبرة في السوق، وتسبب تضارب في الأسعار وتفقد السوق الصدقية.
وأشار إلى أن هناك بعض التجاوزات من قبل المؤثرين في ما يتعلق بموضوع الصدقية، وأيضاً في العبارات المستخدمة في طريقة التسويق، بحيث تكون هناك بعض الكلمات أو الأسعار أو الأرقام مخالفة لسياسة التسويق لدى المطوّرين أو الجهة التنظيمية في الدولة.
وأفاد حارب بأن مؤثرين يقومون باستدراج المتابعين والضغط عليهم من قبل بعض النشطاء لحجز الوحدات السكنية بأقل الأسعار، ويفاجئ في ما بعد بتراكم الدفعات، وأنه لا يستطيع أن يستمر في استكمال الشراء.
وأكد حارب أن الاعتماد على المؤثرين مفيد من ناحية التسويق لشريحة كبيرة من المتابعين والمستثمرين، لكن هناك أيضاً سلبيات في ما يتعلق بشريحة العملاء والعشوائية في الشراء، إذ يعمد المؤثرون إلى الترويج لمتابعيهم وهم فئات لم تدرس السوق أو تخوض أي تجربة استثمارية في السوق العقارية، وهذا يقود في النهاية إلى ارتفاع نسب التعثر في السوق.
وكشف أن حرق الأسعار يجعل المستثمر في حيرة ويفقد الثقة بالمطور أو بسعر المنتج، وهذا ينتج عنه العزوف عن الشراء والتوجه إلى استثمارات أخرى لأن الأسعار غير حقيقية.
سلوك سلبي
من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة «دبليو كابيتال» للوساطة العقارية، وليد الزرعوني، إن «العروض الرمضانية وحرق بعض المطوّرين لأسعار الوحدات السكنية خلال الفترة الأخيرة، سلوك سلبي لا يصب في مصلحة استقرار الاستثمارات بالسوق العقارية».
وذكر الزرعوني أن حرق الأسعار يؤثر مباشرة في قرار المستثمر، موضحاً أن المستثمر إذ اشترى عقاراً بقيمة تقديرية 500 ألف درهم ثم يفاجئ بانخفاض سعره إلى 450 ألف درهم، فإن ذلك يفقده الثقة بالسوق.
وأضاف أن الأمر يحتاج إلى مراقبة من قبل دائرة الأملاك والأراضي في دبي، للحفاظ على استقرار ونمو المبيعات العقارية. وأشار الزرعوني إلى أن الاعتماد على المؤثرين في الترويج العقاري مفيد، لكن مؤثرين يسجلون مخالفات لعدم علمهم بتفاصيل القطاع العقاري، لافتاً إلى أن مؤثرين يقومون مثلاً بالإعلان عن بيع كامل الوحدات التي يروّجون لها، وذلك يكون بعكس الحقيقة، مثلما جرى ببعض المشروعات العقارية أخيراً.
وبيّن أن خفض أسعار العقارات يؤثر مباشرة في السوق ويجعل التدفقات الاستثمارية للقطاع ضعيفة، حيث يتأنى المستثمر العقاري، في ظل تراجعات الأسعار بالسوق ويتردد كثيراً في اتخاذ قراره، مؤكداً على ضرورة فرض رقابة صارمة على المؤثرين العقاريين، خصوصاً خلال شهر رمضان، بسبب التجاوزات وتغليظ العقوبة من قبل دائرة الأملاك والأراضي.
تشريعات إضافية
من جهته، قال المستشار العقاري، محمد الحفيتي، إن «هناك تشريعات حاكمة في السوق، لكن القطاع بحاجة إلى تطبيق مزيد من التشريعات الإضافية، لمنع مثل هذه التجاوزات، والتأكيد على تطبيق التشريعات الحالية، حتى يكون المؤثرون العقاريون على دراية بأهمية التسويق الصحيح»، لافتاً إلى أن تجاوزات المؤثرين تزيد من حالات التضليل والعروض غير الحقيقية، ما يعطي انطباعاً سلبياً عن السوق.
وأضاف أن تقديم المطوّرين للعروض لجذب مستثمرين جدد، يشعر المشترين السابقين بالإجحاف، فعلى سبيل المثال، من اشترى بالفعل عقاراً بمليون درهم، ثم يفاجئ بتقديم المطور لتخفيضات بالمشروع نفسه وبخطط دفع أفضل، فالمستثمر القديم يشعر هنا بالإجحاف.
• وسطاء عرضوا دفع قيمة الوحدة مرة واحدة للحصول على خصم يصل 35%، أو الدفع بالتقسيط على خمس سنوات.
• تراوح قيمة الإعلان عند بعض المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي بين 50 و100 ألف درهم.
منافسة غير صحية
قال الخبير العقاري، مهند الوادية، إن «حرق أسعار العقارات يؤدي إلى منافسة غير صحية بين المطوّرين، والمستفيد منها هو المستثمر الذي اشترى خلال فترة العروض».
وذكر الوادية أن العروض الرمضانية يترقبها الجميع سنوياً وصارت غير متوقعة، واصفاً إياها بأنها استراتيجية «الكسالى»، ولها تداعيات سيئة على السوق.
وأضاف أن «التخفيضات الكبيرة المقدمة تؤثر في نفسية المشترين قبل أو بعد العروض، ويشعرون بعدم الثقة بالمعايير التي يتم تقدير الأسعار على أساسها».
وحول دور المؤثرين العقاريين في التسويق، يرى الوادية أنهم يمثلون نقلة نوعية في طريقة الحصول على المعلومات، في اتجاه عالمي نحو التسويق الرقمي واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لكن نشاطهم يجب أن يخضع للرقابة، ويتم بموجب ترخيص، وهذا يقوم به البعض من خلال الحصول على ترخيص من المجلس الوطني للإعلام والجهات المختصة.
وكشف أن مؤثرين يوفرون معلومات مغلوطة لجذب المتعاملين، لذلك يجب أن يكون هناك رقابة صارمة على ممارسات التسويق بالقطاع العقاري، شأن أي سلعة استثمارية أخرى تحظى بالرقابة، ومن جانب آخر يجب أن يتمتع المشتري بالوعي الكافي والاطلاع قبل اتخاذ قرار الشراء.
وأكد الوادية أن حرق الأسعار ليس في مصلحة السوق العقارية، لأن استراتيجية تسعير العقار يجب أن تخضع لمعايير تحدد أسباب الزيادة أو الخفض، وإذا أراد المطوّر تقديم عروض يمكنه ذلك عبر تقديم عروض ذات قيمة مضافة، مثل خفض أسعار الرسوم، أو تحمّل قيمة عقود الصيانة، أو تقديم أثاث منزلي مجاناً، وغيرها من العروض الجيدة، بعيداً عن القيام بحرق الأسعار.
تسهيلات متنوّعة
قال المدير العام في شركة «عوض قرقاش» للعقارات، الدكتور رعد رمضان، إن «هدوء الطلب على المبيعات في السوق خلال شهر رمضان، يعدّ من المحفزات التي تزيد التنافسية والسياسات التسويقية بين الشركات العقارية لزيادة المبيعات، عبر طرح تسهيلات متنوّعة وفقاً لسياسات الشركة».
وأضاف أن «ما أسهم في زيادة الزخم بالسوق العقارية في دبي، هو تقديم المطورين للعديد من الإغراءات للمستثمرين، تحت مسميات عدة، منها التسهيلات المالية لدفعات السداد، أو العروض الترويجية»، لافتاً إلى أن هناك تفاؤلاً متزايداً بالتزامن مع زيادة العروض، وعدم تخوف المستثمرين من ضخ مزيد من السيولة في السوق.
وتابع: «هناك تحرك من قبل المطورين نحو ضخ مزيد من التسهيلات في السوق بمناسبة شهر رمضان، وذلك لتنشيط الطلب».