تجارة التجزئة رافد رئيس لنمو وتنوّع اقتصاد دبي
قطاعات بَنت اقتصاد دبي
حققت إمارة دبي شهرة عالمية واسعة النطاق جعلتها وجهة عالمية للاقتصاد، وجاذبة لرؤوس الأموال وروّاد الأعمال من مختلف الدول، كما أصبحت محطة انطلاق لكثير من الشركات المليارية بفضل ما تتمتع به من بنية تحتية متطوّرة وبيئة تشريعية مرنة.
وأسهمت قطاعات عدة في نمو اقتصاد الإمارة وتحقيق طفرات وقفزات كبيرة في جميع المجالات خلال السنوات الماضية، ولعل من أبرز تلك القطاعات: الطيران والسياحة والتجزئة والتقنية والعقارات والخدمات المالية.
وواصل قطاع الطيران دعم نمو اقتصاد دبي مع ارتفاع معدلات تدفق المسافرين وربط الإمارة بالعالم الخارجي. ويعتبر مطار دبي الدولي رافداً أساسياً لاقتصاد الإمارة، وعامل تمكين رئيساً في نمو حجم تجارة الدولة عموماً، وإمارة دبي بشكل خاص، مع مختلف الأسواق العالمية.
وأسهم قطاع السياحة في تنويع اقتصاد الإمارة، حيث تمتلك دبي مقومات سياحية هائلة وبنية تحتية متطوّرة جعلتها وجهة مفضلة للزيارة على مدار العام.
ويُعدّ قطاع تجارة التجزئة من النشاطات الداعمة لنمو وتنوّع اقتصاد دبي، بحيث أسهم في مواكبة حركة التطوّر الاقتصادي في الإمارة.
كما سجّل قطاع العقارات مستويات نمو لافتة خلال الفترة الماضية، بحيث أصبحت دبي قبلة للمستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
وشهدت عقارات دبي تحسّناً كبيراً في جاذبيتها الاستثمارية مع ارتفاع العائد الاستثماري من تأجيرها بفضل الإجراءات المحفزة.
أفاد مسؤولون وخبراء في قطاع تجارة التجزئة بأن القطاع - كان ولايزال - من النشاطات الداعمة لنمو وتنوّع اقتصاد دبي، لافتين إلى أن القطاع أسهم بشكل فاعل في مواكبة حركة التطوّر الاقتصادي في الإمارة، وأسهم بنسب لافتة في الاقتصاد المحلي للإمارة على مدار الأعوام الماضية.
وأشاروا، لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن القطاع سجّل معايير عدة للتميز بدعم من القيادة الحكومية الرشيدة، ما جعله يتصدر إقليمياً على مدار أعوام في مساحات التجزئة والتسوّق، إضافة إلى التميز عالمياً في استقطاب العلامات التجارية الدولية الشهيرة، مع تحقيقه معدلات متسارعة للتطوّر والنمو، لافتين إلى أن تميز القطاع، ساعده على سرعة التعافي من تداعيات جائحة «كورونا»، مقارنة بالعديد من دول العالم.
قطاعات متنوّعة
وتميزت دبي وجهة عالمية للتسوّق، مدعومة بزخم مجالات تجارة التجزئة المتنوّعة، التي شملت المراكز التجارية، ومنافذ بيع السلع الغذائية والاستهلاكية، إضافة إلى تجارة الذهب والمجوهرات، والتي اشتهرت بها تاريخيا كـ(مدينة للذهب)، وتطوّرت معالمها بمعدلات فائقة، حتى ضمّت، أخيراً، أكبر تجمع لتجار الذهب في سوق واحدة بالعالم، مع افتتاح الامتداد الجديد لسوق الذهب القديمة بمنطقة ديرة.
ويسهم قطاع تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات والدرّاجات النارية، بحسب بيانات حديثة لمركز دبي للإحصاء، في الناتج المحلي الاجمالي لإمارة دبي، بالأسعار الثابتة للربع الأول من العام الجاري، بنسبة تبلغ نحو 22.64%.
قطاع التسوّق
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة مراكز التسوّق في دبي ورئيس مركزي «الريف مول» و«برجمان»، ماجد سيف الغرير، إن «قطاع التسوّق والتجزئة في دبي يمتاز بالعديد من مقومات القوة، التي دعمت تطوّر مبيعاته والتعافي السريع له، من بين العديد من الأزمات، من أبرزها وأحدثها جائحة (كوفيد-19)، حيث استطاع العودة إلى النمو بشكل سريع، مقارنة بالعديد من الأسواق»، لافتاً إلى أن «القطاع يُعدّ من الأنشطة المهمة في الاقتصاد المحلي للإمارة، التي أصبحت وجهة للزائرين من مختلف دول العالم».
وأضاف أنه «من المؤشرات المهمة التي توضح مدى تميز وأهمية قطاع التسوّق في دبي، أن المراكز التجارية في دبي أصبحت من مدن العالم القليلة، الجاذبة لعدد كبير من العلامات التجارية في قطاعات مختلفة، من أبرزها الأزياء والإلكترونيات، ما جعل قطاع التسوّق بدبي في مركز الصدارة، ليس إقليمياً فقط، لكن على مستويات عالمية، في ضم العديد من العلامات التجارية الدولية الشهيرة».
التنوّع والنمو
من جهته، قال مدير إدارة التسويق في «تعاونية الاتحاد»، الدكتور سهيل البستكي، إن «قطاع تجارة التجزئة من القطاعات الاقتصادية المهمة التي تدعم تنوّع ونمو اقتصاد دبي، لاسيما مع المكانة المتميزة التي تستحوذ عليها دبي في قطاع التسوّق والتجزئة، سواء على مستوى منطقة الشرق الأوسط أو عالمياً، في العديد من الجوانب».
وأضاف أن «العديد من المؤشرات يدعم تميز قطاع تجارة التجزئة ومدى إسهاماته الإيجابية في الاقتصاد المحلي، من أبرزها أن الإمارة أصبحت مركزاً إقليمياً للعديد من العلامات التجارية في قطاع تجارة التجزئة، فعلى سبيل المثال، في منافذ التجزئة الرئيسة في أسواق دبي، هناك العديد من العلامات التجارية التي لا توجد في عدد من أسواق المنطقة، وذلك مع تميز الأسواق المحلية بالتنوّع الكبير في جنسيات وفئات المستهلكين من جاليات مختلفة، ما يشكّل طلباً على العديد من المنتجات لعلامات تجارية مختلفة».
وأوضح البستكي أن «تميز وقوة قطاع تجارة التجزئة في دبي أسهما بسرعة التعافي للقطاع من تداعيات جائحة (كورونا)، مقارنة بالعديد من الأسواق العالمية التي مازال بعضها يعاني تأثيرات الجائحة».
وأشار إلى أن «تميز القطاع أسهم في توفير عوامل النمو والتطوّر للعديد من المؤسسات التي تعمل في الأسواق، والتي تتوسع وتنمو بشكل مواكب لقوة الطلب في الأسواق، فعلى سبيل المثال، استطاعت (التعاونية) عبر عملها في القطاع تسجيل معدلات نمو لافتة منذ بدايتها وحتى الوقت الراهن»، لافتا إلى أن «(التعاونية) كانت تملك فرعين فقط خلال عام 1984 وتوسعت حتى أصبح لديها حالياً 24 فرعاً وأربعة مراكز تجارية، فيما نما عدد مساهميها من 315 مساهماً خلال عام 1984 حتى وصل خلال بداية شهر يوليو لنحو 37 ألف مساهم».
تعزيز التنوّع
من جانبه، قال المتحدث الرسمي لمراكز «مجموعة أسواق»، التابعة لـ«مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية»، عبدالحميد الخشابي، إن «قطاع تجارة التجزئة من الروافد المهمة المعزّزة لتنوّع اقتصاد دبي ونموه منذ سنوات»، مبيناً أن «نمو إسهام القطاع في دعم الاقتصاد المحلي للإمارة، جاء وفق سياسات القيادة الرشيدة، مع تطوّر البنية التحتية، بشكل جعل دبي تتميز ليس إقليمياً فقط، لكن على مستويات عالمية وجهة للتسوّق».
وأضاف أن «النمو الكبير في قطاع تجارة التجزئة وتميزه إقليمياً وعالمياً، أسهما في تعزيز فرص النمو للعديد من الكيانات العاملة في القطاع»، لافتاً إلى أن «منافذ (أسواق)، على سبيل المثال، بدأت خلال عام 2008 وتطوّرت أعمالها لتصل، أخيراً، لما يتجاوز 20 فرعاً، إضافة إلى 11 مركزاً تجارياً في مختلف مناطق دبي».
الاقتصاد المحلي
في السياق نفسه، قال خبير شؤون تجارة التجزئة ورئيس شركة «البحر للاستشارات»، إبراهيم البحر، إن «قطاع تجارة التجزئة في دبي من الأنشطة الداعمة على مدار الأعوام الماضية، لتنوّع ونمو الاقتصاد المحلي، وذلك مع امتياز القطاع بالتنوّع الكبير وتطوّر البنية التحتية، وأسهم في ارتفاع جاذبيته لمزيد من الاستثمارات الأجنبية من مختلف دول العالم، لاسيما في ظل التنوّع الكبير في الجاليات التي تعيش في دبي».
وأوضح أن «قطاع التسوّق والتجزئة لا يُعدّ رافداً منفصلاً في الاقتصاد المحلي لدبي، لكنه داعم لقطاعات أخرى رافدة ومعزّزة للاقتصاد المحلي، فالتسوّق هو أحد العوامل الرئيسة الداعمة لقطاع السياحة، حتى أصبحت الوفود السياحية تهتم بالتسوّق كعلامة مميزة لدبي وجزء أساسي من الرحلة السياحية، بشكل مماثل للمعالم السياحية الأخرى، فأصبحت دبي تمتاز عالمياً وجهة للتسوّق والسياحة»، مضيفاً أن «قطاع تجارة التجزئة في دبي يمتاز بالعديد من الفرص التوسعية، مع تنامي الطلب الاستهلاكي وروّاج النشاط السياحي في مختلف الظروف، ما رفع بدوره من مظاهر التنافسية في السوق بين كيانات مختلفة، خصوصاً مع تنامي دور مؤسسات التجارة الإلكترونية، التي عزّزت من نشاط القطاع وسجّلت نمواً كبيراً بدعم تأثيرات جائحة (كورونا)».
وأضاف أنه «من أبرز المؤشرات التي توضح مدى تطوّر وقوة قطاع تجارة التجزئة، صموده في مواجهة تأثيرات الجائحة، سواء من حيث وفرة السلع والمنتجات، أو حتى بالنسبة للاستقرار السعري للعديد من السلع، مقارنة بتأثيرات حادة ونقص كبير في السلع تعرّضت له العديد من الأسواق بمختلف دول العالم».
الإنفاق الاستهلاكي
أظهر تقرير لـ«ماجد الفطيم»، حول «حالة اقتصاد التجزئة في الإمارات»، ارتفاعاً إجمالياً في الإنفاق الاستهلاكي، بنسبة وصلت إلى 22%، خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2022، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، مدفوعاً بارتفاع حجم الإنفاق في متاجر التجزئة بنسبة 16%، وبنسبة 31% في القطاعات الأخرى خارج قطاع التجزئة.
كذلك أظهر التقرير نمو التسوّق في متاجر «الهايبر ماركت» و«السوبر ماركت»، التي ارتفعت بنسبة 12% في النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالأشهر الستة الأولى من العام الماضي.
أهم نشاط خدمي
أفادت بيانات لدائرة الاقتصاد والسياحة في دبي، في تقرير لها، بأن تجارة الجملة والتجزئة تُعدّ أهم نشاط في القطاع الخدمي بدبي، وأنه في عام 2018، كانت القيمة المضافة لهذه التجارة تمثل 26.4% من الناتج المحلي الإجمالي (بالأسعار الثابتة).
وأشارت إلى أن قطاع بيع الجملة والتجزئة قد تطوّر على مر السنين، نتيجة لعوامل عدة، مثل إنشاء بنية تحتية حديثة ومتينة، وقنوات توزيع فاعلة للإمارات المجاورة والتحضّر السريع والسياحة، حيث تحتل دبي المرتبة الأولى على رأس قائمة مدن العالم وجهة للتسوّق.
مساحات التأجير
أظهر تقرير لغرفة تجارة دبي أنه بحسب تحليل لشركة «جيه إل إل»، شهدت دبي في عام 2020 إنجاز 110 آلاف متر مربع من المساحة الإجمالية للتأجير في قطاع التجزئة، ما رفع إجمالي مساحات تأجير التجزئة في الإمارة إلى ما يتجاوز 4.2 ملايين متر مربع.
وأشار تقرير الغرفة إلى أنه من المتوقع محافظة مبيعات التجزئة في الإمارات على نمو سنوي بنسبة 6.6% على المدى المتوسط، لتصل إلى 70.5 مليار دولار (260 مليار درهم) بحلول عام 2025، مع نمو متوقع لتجارة التجزئة في المتاجر بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.7%، ومع التوقعات بأن يترافق كذلك بنمو البيع بالتجزئة، خارج المتاجر بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.8%.
شهرتها في تجارة المعدن الأصفر تمتد عبر التاريخ
%40 من مخزون الذهب في العالم تمرّ عبر دبي كل عام
قال رئيس مجلس إدارة مجموعة دبي للذهب والمجوهرات، توحيد عبدالله، إن «قطاع تجارة الذهب في دبي يمتاز بأنه رافد مهم للاقتصاد المحلي، عبر اعتماده على جذور تاريخية لتجارة الذهب عبر دبي، التي جعلتها تشتهر على مدار الأعوام باسم (دبي مدينة الذهب)».
وأضاف أن «تجارة الذهب في دبي شهدت تطوّرات عدة خلال الأعوام الماضية، حتى وصلت إلى أحدث تطوّراتها بافتتاح الامتداد الجديد لسوق الذهب القديمة في منطقة ديرة»، لافتاً إلى أن «مشروع الامتداد الجديد جعل منطقة سوق الذهب في دبي بمثابة أكبر تجمع على مستوى العالم، يضم شركات الذهب والمجوهرات، فتحوّلت السوق - التي كانت تبلغ سابقاً نحو 400 متر مربع فقط - إلى مركز تجاري ضخم لصناعة الذهب، يزيد عرضه على كيلومترين، وطوله ثلاثة كيلومترات».
منتجات الذهب
وأوضح عبدالله أن «تجارة الذهب في دبي تمتاز بالعديد من الخصائص على المستويات الإقليمية والعالمية، من أبرزها التنوّع الكبير في منتجات الذهب والمجوهرات المعروضة في مختلف أسواق الإمارة، بما يتناسب مع أذواق الجاليات المختلفة التي تعيش على أرض الدولة، إضافة إلى اشتهار دبي مقصداً لتجارة الذهب، سواء للمستهلكين أو حتى للشركات والتجار من مختلف دول المنطقة والعالم، بما يزيد من اهتمام الشركات العاملة في القطاع بدبي، باستقطاب مختلف الطرز والمشغولات.
وهناك أكثر من 10 ملايين تصميم موجودة في سوق الذهب، تلبي جميع متطلبات المستهلكين»، لافتاً إلى أن «تجارة الذهب في دبي تمتاز أيضاً بانخفاض الأسعار والرسوم والضرائب عليها، مقارنة بالعديد من دول العالم، مع ارتفاع الجودة وضمانها بحكم التشريعات القوية التي تنظم الأسواق، ما يجعل السائحين والزائرين يفضلون شراء المشغولات من دبي».
المخزون
وأوضح عبدالله أن «نسبة تراوح بين 20 و40% من مخزون الذهب في العالم تمرّ عبر دبي كل عام، وذلك مع تميز الإمارة بموقعها الجغرافي المهم، وتوافر مقومات دعمت دبي مركزاً مهماً لتجارة وإعادة تصدير منتجات الذهب، لاسيما مع توافر خزائن الذهب ومرافق صنع المجوهرات».
وأشار إلى أن «أن هناك أكثر من 800 تاجر حالياً يمارسون تجارتهم في أسواق الذهب بدبي، فيما يتوافر بين 40 و50 طناً من الذهب في الأسواق المحلية، إما في واجهة متاجر البيع بالتجزئة أو في متاجر البيع بالجملة».
وأفاد بأن «الذهب يمثل نسبة 20% من إجمالي الصادرات غير النفطية للإمارات، فيما يقدر عدد العاملين في قطاع المعادن الثمينة والألماس والمجوهرات، بما يقرب من 65 ألف شخص في الدولة».
تاريخ طويل
وبدأت تجارة الذهب في دبي منذ تاريخ طويل، بدأ من مكانتها ميناءً تجارياً رئيساً في القرن الـ18، إذ يُعدّ ارتباطها بالذهب أسطورياً، منذ كانت مدينة صيد اللؤلؤ، إلى أن أصبحت مركزاً تجارياً رائداً إقليمياً وعالمياً.
وبحسب بيانات من مجموعة دبي للذهب والمجوهرات، بدأت سوق الذهب الشهيرة في دبي أحد أكبر أسواق البيع بالتجزئة والجملة للمجوهرات في العالم، في القرن الـ20 بعدد قليل من التجار، ونمت بشكل كبير في العقود التالية، فيما تتولى دبي تصنيع واستيراد مئات الأطنان من الذهب والمجوهرات سنوياً، ما جعل من دبي مركزاً إقليمياً، وأحد أكبر مراكز تجارة المجوهرات في الشرق الأوسط.
وتستحوذ الإمارات بشكل عام على نسبة 11% من صادرات الذهب العالمية، حيث تم تصنيفها بين الدول الأربع الأولى على المستوى الدولي وفوق هونغ كونغ والولايات المتحدة الأميركية، فيما تستحوذ دبي على نسبة تقدر بنسبة 80% وفقاً لبعض البيانات من إجمالي تجارة المجوهرات والذهب في الإمارات.
توحيد عبدالله:
• «الإمارة تشتهر على مرّ السنين باسم (دبي مدينة الذهب)».
قطاع تجارة الذهب في دبي يُعدّ رافداً مهماً للاقتصاد المحلي. أرشيفية