لماذا يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة
رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس في اجتماعه الذي عقد الأسبوع الماضي، ليزيد معدل الفائدة إلى 3%. وتعد هذه هي المرة الخامسة على التوالي، التي يرفع فيها الفائدة خلال 2022، والمرة الثالثة على التوالي التي يرفعها بمقدار 75 نقطة أساس.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في يوليو الماضي، ومثلها في يونيو السابق، في أكبر زيادة منذ عام 1994، إضافة إلى رفع بمقدار 50 نقطة أساس في مايو، وهي أكبر زيادة منذ 22 عاماً، وزيادة بواقع 25 نقطة أساس في مارس من العام نفسه، في ظل مساعيه للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.
ونظراً لما تمثله أسعار الفائدة من تأثير على الحياة الاقتصادية، فإن البعض يتساءل عن السبب وراء اتخاذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذه الخطوات، وكيف يمكن أن تؤدي زيادة أسعار الفائدة إلى كبح معدلات التضخم المرتفعة.
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يلعب دوراً هائلاً في الحفاظ على استقرار الاقتصاد من خلال السيطرة على التضخم الذي شهد ارتفاعاً بلغ مستويات يتعين على الاحتياطي الفيدرالي أن يواجهها كأحد أكبر تحدياته منذ عقود.
ويمكن للمجلس رفع أو خفض سعر الفائدة على الدولار بناء على ما يراه من مؤشرات اقتصادية، حيث تؤثر معدلات الفائدة على مقدار ما يمكن للبنوك أن تقرضه إلى الشركات والأفراد، ولذلك فإن المعدلات المنخفضة للفائدة تعزز الاقتصاد من خلال جعل الاستثمار في مشاريع جديدة أو تعيين موظفين أو الحصول على قرض لشراء سلع باهظة الثمن مثل المنازل أو السيارات، أرخص، وبالتالي فإن المعدلات المرتفعة تعمل عكس ذلك، ويمكنها إبطاء الاقتصاد عن طريق كبح طلب المستهلكين.
وبالنسبة للتضخم فإنه يحدث نتيجة عدم تطابق العرض والطلب في الاقتصاد، إذ إنه خلال جائحة كورونا، أراد الناس شراء سلع لا تستطيع المصانع مواكبتها، كما انتقلت العائلات للبحث عن منازل جديدة، لكن لم يكن هناك ما يكفي منها، لذلك أصبحت السلع مثل السيارات والمنازل أكثر كلفة، مع تراجع العرض المتوافر منها في السوق في ظل ارتفاع الطلب.
في الوقت نفسه، لا يستطيع الاحتياطي الفيدرالي إصلاح جانب العرض من المعادلة أو فعل أي شيء لتعزيز صناعة السيارات أو بناء المزيد من المنازل، لذلك فهو يعمل على إبطاء الطلب، الذي سيؤدي حتماً إلى خفض الأسعار، كما أن زيادة سعر الفائدة ترفع من كلفة جميع أنواع الإقراض ومن بينها قروض الرهن العقاري، والسيارات. لكن السؤال الأهم هو لماذا يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمعدل كبير؟ وللإجابة عليه فإنه من الضروري معرفة أن معدل التضخم مرتفع للغاية، ففي أغسطس كانت الأسعار أعلى بنسبة 8.3% عن العام السابق، وهو معدل أعلى كثيراً مما يسعى له الاحتياطي الفيدرالي والذي يبلغ 2%.
وعلى الرغم من زيادة معدل التضخم منذ أكثر من عام فإن الاحتياطي الفيدرالي تأخر في التدخل. وخلال عام 2021، أصر مسؤولون على أن التضخم كان سمة مؤقتة من سمات التعافي من انتشار فيروس كورونا، ولن يصبح جزءاً ثابتاً من الحياة اليومية. لكن بمرور الوقت، أدرك قادة الاحتياطي الفيدرالي أنهم مخطئون، واندفعوا نحو رفع أسعار الفائدة في مارس.
ورغم رفع أسعار الفائدة، فقد استمر معدل التضخم في الارتفاع. واضطر الاحتياطي الفيدرالي، إلى تكثيف استجابته حتى مع وجود خطر تباطؤ الاقتصاد لدرجة الركود.
وتعني زيادة أسعار الفائدة بالنسبة للرهون العقارية السيطرة على سوق الإسكان التي شهدت مستويات من الارتفاع المفرط وتصاعد أسعار المساكن، خلال فترة الجائحة، ولكن خلال الأشهر القليلة الماضية أدت زيادة أسعار الفائدة إلى ارتفاع كبير في معدل فائدة القروض العقارية التي وصلت لأول مرة إلى 6%، حيث يؤدي ذلك إلى تباطؤ كبير في سوق الإسكان وتراجع الأسعار.