متعاملون ينتقدون سلوك موظفي «التحصيل البنكي»

انتقد متعاملون مع بنوك، سلوك بعض موظفي أقسام التحصيل البنكي، والممارسات التي تتخطى المطالبة بمتأخرات الأقساط الشهرية إلى التحدث بطريقة غير لائقة، والتهديد، والصوت المرتفع.

وأوضحوا أن الاتصالات تتكرر في أحيان لتصل إلى أربع مرات يومياً، وبأسلوب حاد يسبب ضغطاً نفسياً كبيراً، خصوصاً للمتعاملين الذين لديهم تاريخ ائتماني جيد مع البنك، والتزموا فترات طويلة، لكن ظروفاً قهرية حالت دون التزامهم بالسداد، مثل ترك العمل، أو وجود أقساط مدرسية، أو مدفوعات الإيجارات السكنية.

وطالب المتعاملون ممن تحدثوا لـ«الإمارات اليوم»، البنوك، بضرورة وضع ضوابط صارمة لموظفي أقسام التحصيل، تشمل التحدث بأسلوب لائق، وتسجيل المكالمات، ومراجعتها دورياً، للوقوف على الأخطاء، فضلاً عن تنظيم دورات تدريبية للموظفين، للتعامل الواعي مع المتعامل وتقدير ظروفه، وعدم الضغط عليه، وتهديده بالحبس في كل اتصال.

بدورهما، أكد خبيران مصرفيان أنه لا يحق لأي موظف مصرفي وبأي قسم أن يتعامل بطريقة غير لائقة مع المتعاملين، مشيرين إلى وجود قنوات يمكن التقدم عبرها بشكوى مباشرة.

واتفقا على أن الصوت المرتفع أو التجاوز في الكلام مرفوض في كل الأحوال، مشددين على أهمية أن يتجاوب المتعامل أيضاً مع قسم التحصيل، وعدم المماطلة.

سلوك غير لائق

وتفصيلاً، قال المتعامل «م.ع»، إن ظروفاً قهرية دفعته لترك العمل، وعليه قرض شخصي بقيمة 300 ألف درهم يستوجب قسطاً شهرياً يبلغ 10 آلاف درهم.

وأضاف أنه لم يتمكن من الالتزام بالسداد لأشهر عدة، عانى خلالها كثيراً من موظفي قسم التحصيل البنكي يومياً، على الرغم من أنه أخبرهم بأنه يرتّب لبيع «أصل» يملكه في بلده الأم لسداد نصف المبلغ، وطلب إعادة جدولة المبلغ المتبقي، وتمت الموافقة على التسوية.

وتابع: «لم يكن أسلوب الموظف لائقاً خلال مراحل التسوية، إذ كان صوته مرتفعاً، وتضمن تهديداً باتخاذ إجراءات قانونية، مع اتهامات بالمراوغة وسوء النية، لمحاولتي التفاوض على خفض قيمة الفوائد، وعند التقدم بشكوى عاود الموظف الاتصال مهدداً باتخاذ إجراءات قانونية فورية، إذا لم أسدد خلال 24 ساعة».

تهديد وصوت مرتفع

من جهته، عرض المتعامل «أ.س» تجربته الشخصية مع بعض موظفي التحصيل المصرفي، قائلاً: «بادر موظف التحصيل الذي أتعامل معه بأخذ ختم ارتجاع لعدم كفاية الرصيد على كامل مبلغ شيك الضمان بقيمة 360 ألف درهم، رغم أن المبلغ المتبقي 70 ألف درهم فقط، وذلك بعد شكوى تقدمت بها للمصرف المركزي، لعدم الاستجابة بخفض مبلغ الفائدة».

وأضاف: «تركت العمل وعدت إلى بلدي بعد تقليص عدد الموظفين في الجهة التي أعمل بها، وعلى الرغم من إبداء حُسن النية، بالتواصل مع البنك منذ الشهر الأول من مغادرة الدولة، إلا أن أسلوب موظف التحصيل لم يكن لائقاً أبداً، بل كثيراً ما كان يتجاوز في الحديث، مستخدماً الصوت المرتفع، والتوعد بالحبس».

عذر قهري

من جانبه، أكد المتعامل «أحمد.س»، أن موظف التحصيل اتصل بجهة عمله، نتيجة تأخره في سداد مستحقات بطاقة الائتمان التي تراكمت بدورها بسبب استخدامها في أقساط المدارس، بعد خفض الأجور في الجهة التي يعمل بها خلال فترة جائحة فيروس كورونا.

وأضاف: «في أحيان كثيرة يكون التأخر في السداد لعذر قهري، كما حدث معي حيث كانت الأولوية لسداد القيمة الإيجارية للمسكن، وأقساط المدارس، ومع ذلك لم يراعي البنك تاريخي الائتماني الجيد معه، واتهمني موظف التحصيل بالاحتيال وسوء النية». ولفت إلى أن موظف التحصيل كان يتحدث معه بصوت مرتفع يحمل تهديداً، على الرغم من أنه أخبر الموظف مرات عدة بأن مثل هذه المكالمات مسجلة، مع عدم اكتراث الموظف بذلك.

التقدم بشكوى

إلى ذلك، قالت الخبيرة المصرفية، عواطف الهرمودي، إنه لا يحق لأي موظف في البنوك، وبأي قسم، أن يتعامل بطريقة غير لائقة مع المتعامل، حتى لو كان متعثراً أو متأخراً في السداد.

ولفتت إلى وجود قنوات يمكن التقدم عبرها بشكوى مباشرة، للتحقيق مع أي موظف يقوم بذلك، في وقت يجب فيه على المتعامل أن يتابع شكواه، للوقوف على الاجراء الذي اتخذه البنك بحق الموظف المخالف. وأوضحت الهرمودي أن عقوبة مثل هذه المخالفات تراوح بين توجيه «إنذار»، وحتى «إنهاء الخدمات» في المخالفات الكبيرة وفقاً لقانون العمل.

وأشارت الهرمودي إلى أن من الصعب إجراء مراجعة دورية للمكالمات المسجلة، كونها كثيرة، إلا أنه عادة ما يتم مراجعة المكالمات التي يكون فيها شكاوى من متعاملين، أو تؤخذ عينة عشوائية كل فترة لأغراض تحسين الجودة، وتدريب الموظفين.

حق للبنك

في السياق نفسه، قال مسؤول قسم التحصيل في مصرف إسلامي، بلال سالم، إن موظفي التحصيل عادة ما يبدؤون الحديث مع المتعامل المتعثر بطريقة إيجابية، لكن مماطلة المتعامل، وتهربه، وعدم التزامه، يدفع الموظف إلى إخباره بأن هذا الطريق ينتهي بإجراءات قانونية، وهذا حق البنك، للحفاظ على حقوقه التي هي في النهاية أموال المودعين. وأضاف سالم: «الصوت المرتفع أو التجاوز في الكلام مرفوض في كل الأحوال، لكن يحدث أن يتضايق المتعامل من كثرة الاتصالات، ويبدأ بتوبيخ موظف التحصيل، الذي يبادله الصوت المرتفع بمثله، وهكذا تتطور الأمور في المحادثة الهاتفية للأسوأ».

ولفت سالم إلى أن مطالبات المتعامل تكون مبالغاً فيها أحياناً، كأن يدفع «أصل» المبلغ فقط دون أي جزء من الأرباح، أو عمل تسوية وفق ظروفه دون النظر للقواعد التي يجري العمل بها ضمن سياسة البنك، مشدداً على أهمية أن يتجاوب المتعامل أيضاً مع قسم التحصيل، وعدم المماطلة، منعاً لتطور الأمر، والاشتباك اللفظي عبر الهاتف بأسلوب لا يليق.

• متعاملون: الممارسات تتخطى المطالبة بمتأخرات الأقساط الشهرية إلى التحدث بطريقة غير لائقة والتهديد والصوت المرتفع.

موظف تحصيل: مماطلة بعض المتعاملين «مستفزة»

اعتبر موظف تحصيل في بنك وطني، فضل عدم نشر اسمه، أن مماطلة بعض المتعاملين «مستفزة»، وتدفع موظف التحصيل أحياناً إلى رفع صوته دون أن يشعر، خصوصاً إذا كانت هناك عشرات الاتصالات، وفي كل مرة يقدم فيها المتعامل موعداً للسداد لا يلتزم به.

وأضاف: «لدى كل موظف تحصيل (تارغت) شهري لابد من الالتزام به، وإلا تعرض بدوره لفقد عمله، كما أن هناك إدارة بنك تتابع عن كثب قسم التحصيل، نظراً لأن الديون المتعثرة أو المعدومة تؤثر سلباً على أرباح البنك، وبالتالي نتعرض للمساءلة».

وتابع: «على المتعامل أن يقدر أننا مطالبون أمام رؤسائنا بتحصيل المتأخرات في وقت محدد»، لافتاً إلى أن تحويل الموضوع إلى القضاء مكلف للبنوك، ولذلك، فإن أقسام التحصيل تضغط قدر ما في وسعها، لتجنب ذلك.

قروض غير منتجة

يشير آخر تقرير صادر عن المصرف المركزي حول مؤشرات السلامة المالية في القطاع المصرفي نهاية الربع الثاني من العام الجاري 2022، إلى أن قيمة القروض والديون غير المنتجة، وهي التي لا يلتزم أصحابها بالسداد، سجلت في نهاية يونيو الماضي 138.4 مليار درهم، تشكل ما نسبته 6.9% من إجمالي محفظة القروض البالغة تريليوناً و999 مليار درهم.

ويلزم المصرف المركزي بتجنيب مخصصات لتغطية هذه التعثرات، سجلت في نهاية الفترة ذاتها نسبة 110% تقريباً.

وتُخصم هذه المخصصات من أرباح البنوك، وبالتالي تؤثر في قيمتها. وكلما ازدادت القروض غير المنتجة في بنك، ارتفعت المخصصات المجنّبة لتغطيتها، وبالتالي تراجعت قيمة صافي الأرباح، لذا تحرص البنوك على متابعة تحصيل الأقساط المتعثرة، من خلال أقسام التحصيل التابعة لها، أو الشركات المختصة بذلك.

الأكثر مشاركة