خبراء: مستقبل السياحة المستدامة رهن الوعي المجتمعي والاستثمار بالخيارات الرقمية المعاصرة
ناقش عددٌ من ممثلي الهيئات الاستثمارية والخبراء في مجال التطوير السياحي آليات الوصول لنمو متزايد ومستمر في القطاع السياحي بالصورة التي تضمن تحقيق الاستدامة، وتوقفوا عند مفاهيم السياحة البيئية، والسياحة المسؤولة، وأهمية الابتكار والتجديد للتماشي مع احتياجات السياح والتحول إلى السياحة المستدامة في الدولة.
جاء ذلك، خلال جلسة بعنوان "السياحة : أفكار متجددة ومستقبل واعد"، عقدت ضمن فعاليات الدورة التاسعة من "منتدى الشارقة الدولي للسياحة والسفر" 2022 الذي نظمته "هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة" اليوم في مركز إكسبو الشارقة تحت شعار "بناء مستقبل مستدام للسياحة".
وشارك في الجلسة كل من أحمد القصير، المدير التنفيذي بالإنابة لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ومحمد جاسم الريس الرئيس الفخري لمجموعة وكلاء السفر والسياحة، التابعة لغرفة تجارة دبي، إضافة إلى الدكتور عامر القاسم، الأستاذ المشارك بالإدارة السياحية في كلية الأفق الجامعية.
وأكد أحمد القصير، الاهتمام الكبير الذي توليه إمارة الشارقة بالسياحة البيئية مركزاً على أولويتين: المحافظة على البيئة بكل مواردها الطبيعية والنباتية والحيوانية، مع إتاحة المجال لتوسع القطاع السياحي وتوفير تجربة الحياة للزوار في المحميات البيئية المغلقة والمتعددة في مناطق الإمارة، عبر التنسيق مع الجهات الأخرى خاصةً هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة، مستشهداً بتجربة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير في مدينة كلباء حيث تم الاطلاع على دراسات التنوع البيئي من نباتات وحيوانات موجودة، للخروج بمخطط كامل يحدد المناطق المسموح بالبناء فيها، مع استخدام مواد صديقة للبيئة في إنشاء المرافق السياحية الجديدة.
وعن تطور القطاع السياحي قال القصير " السوق كبير ويتسع للكل، ولكن يتوجب مواكبة التغيير بصورة مناسبة، فلكما كنا أسرع في تطوير استراتيجياتنا كلما ضمنا الاستدامة، والبيانات تثبت أنه كلما زادت شركات الطيران ووكالات السياحة، كلما سافر عدد أكبر من الناس بسبب الخيارات الأكبر المتوفرة أمامهم مؤكداً المسؤولية المجتمعية في تحقيق الاستدامة.
وأضاف "الاستدامة يجب أن تكون على الجميع، الفرد والمجتمع، لأنها باختصار حلقة كاملة لا يمكن فيها إتاحة تجربة سياحية مختلفة دون تحقيق استدامة اقتصادية للمجتمع المحلي".
وتوقف الريس في مداخلته عند أهمية الموازنة بين استهداف المزيد من السياح وبين استفادة المجتمع المحلي من هذا التدفق اقتصادياً، وقال " دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول السباقة في تحقيق الاستدامة خاصةً في مجال الطاقة والمياه والصحة، وبالطبع في السياحة، كونها عنصر مهم في اقتصاد الدولة بنسبة قاربت 12 % من مجمل الناتج المحلي عام 2019". منوهاً بأن الدولة باتت تشكل نموذجاً دولياً محفزاً في تركيزها على السياحة المستدامة.
وقدم الدكتور عامر القاسم، عرضاً ناقش فيه توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير السياحة، مستعرضا أهم الجوانب التي باتت تشهد تطوراً كبيراً لتوسع الابتكار والتقنيات الحديثة فيها، خاصة في مجال الفندقة والضيافة، مؤكداً الارتباط بين ازدياد التطور في المرافق السياحية ونمو العوائد الاقتصادية لها.
وقال " يشهد العالم الآن وجود 60 ألف تطبيق للحجز عبرالإنترنت، يقوم 16 ألف شخص بحجز تذاكر عبرها كل أربعة ثواني” فيما استعرض الجوانب الأخرى التي طالها التطور التكنولوجي كاستخراج التراخيص والتأشيرات، والتسويق والترويج السياحي، وجمع وتحليل آراء وملاحظات السياح بخصوص وجهاتهم السياحية، وتحقيق الأمن والأمان للدول المستضيفة.
ومع عرض معزز بالصور وتقرير وثائقي قصير لأحدث الفنادق المعتمدة على الذكاء الصناعي والإنسان الآلي، وجه القاسم سؤالاً للحضور مفاده "هل سنستغني في يوم من الأيام عن العنصر البشري مع توسع القطاع السياحي في استخدام التكنولوجيا؟" خاصة مع ازدياد الإقبال على الفنادق المتطورة تقنياً بنسبة 64% في السنوات العشر الأخيرة، مؤكداً أنه على الرغم من ذلك إلا أن الاهتمام بالعنصر البشري مستمر في هذا القطاع، نافياً وجود توجهات لإلغاء الوظائف والاعتماد بشكل كامل على الروبوتات بسبب تفضيل السياح للتواصل البشري وجهاً لوجه خاصة داخل المرافق السياحية.
واتفق المتحدثون في الجلسة على وجود مستقبل مشرق للسياحة في الثلاثين عاماً المقبلة، وأعربوا عن تفاؤلهم بسير دولة الإمارات العربية المتحدة في خطى ثابتة وسريعة عبر مثابرة قيادتها الرشيدة لتوفير كل السبل والتقنيات الحديثة لإنعاشها.