الأتمتة الطريقة الوحيدة لتحويل آلاف أعمدة البيانات بسرعة إلى رؤى مستنيرة
قال آلان جاكوبسون، مسؤول قسم البيانات والتحليلات الرئيسي في ألتيريكس، إنه في عالم اليوم سريع التغير، تنظر العديد من الشركات إلى اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات على أنها الوقود الذي تحتاجه للبقاء في السوق والنجاح والازدهار. وفي الوقت الذي تؤدي القرارات المستندة إلى البيانات، إلى نتائج مفيدة على المدى الطويل أكثر من مجرد الاستناد إلى المشاعر فقط، لا تزال العديد من الشركات تكافح لتصبح قراراتها المستندة إلى البيانات حقيقة واقعة، الأمر الذي يزداد صعوبة مع التزايد المستمر لحجم البيانات التي يتم توليدها في جميع أنحاء العالم يومياً.
إذا كانت البيانات هي الوقود اللازم لدفع رؤى الشركات والأعمال إلى الأمام لتحقيق النجاح والازدهار، فإن الذكاء الاصطناعي هو المحرك الذي يدعم هذه العملية ككل، حيث يقدم حلولاً ورؤى جديدة كانت بعيدة المنال في السابق.
الآن، وقد أصبحت كل شركة بمثابة مصنع بيانات، أصبحت الأتمتة الطريقة الوحيدة لتحويل آلاف أعمدة البيانات بسرعة إلى رؤى مستنيرة. تساعد التطورات المستمرة في الذكاء الاصطناعي على توفير رؤى مستقلة وتمكين الشركات من التنبؤ المتقدم اللازمين لتوجيه عملية صنع القرار المستندة إلى البيانات بسرعة.
ووفقاً لتقرير "برايس ووترهاوس كوبرز"، حول حالة الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، يولّد الذكاء الاصطناعي فرصاً وفوائد تصل قيمتها إلى 320 مليار دولار أمريكي في المنطقة، أي ما يعادل 2٪ من إجمالي الفوائد العالمية للذكاء الاصطناعي في عام 2030. وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة على وجه التحديد، يشير التقرير نفسه إلى 96 مليار دولار مكاسب محتملة، أي ما يعادل 13.6٪ من إجمالي الناتج المحلي اليوم.
التدريب على الأخلاقيات
ولكن ليست كل مشاريع الذكاء الاصطناعي متساوية، ويمكن لنتائج أي نظام ذكاء اصطناعي إما تسريع الجهود المبذولة لبناء الثقة في الذكاء الاصطناعي أو التأثير عليها أو إيقافها تماماً. يتم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي عادةً على البيانات التاريخية الموجودة في الشركات، وإذا كانت هذه البيانات تحتوي على تحيزات، فمن المحتمل أن ينشر نموذج الذكاء الاصطناعي التحيز في عملية صنع القرار في المستقبل. على سبيل المثال، إذا كانت الشركة قد وظفت في السابق رجالاً أكثر من النساء لأدوار متعلقة بالتكنولوجيا، وقامت بتغذية بيانات السير الذاتية لجميع موظفيها في الذكاء الاصطناعي المصمم لمراجعة طلبات الوظائف، فعلى الأرجح أن النموذج الناتج سيكون متحيزاً ضد النساء المتقدمات لهذه الأدوار والمناصب.
هذا ليس مجرد مثال افتراضي، فقد اضطرت شركة أمازون إلى التخلي عن خوارزمية توظيف الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، حيث فضل النموذج المرشحين الذين وصفوا أنفسهم باستخدام كلمات يستخدمها الذكور في سيرهم الذاتية بصورة كبيرة، مما أدى إلى تحيز مؤسف ضد المتقدمات من النساء. لهذا، فإن التدريب على البيانات وإجراء الاختبارات جزء لا يتجزأ من النجاح. بينما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من مصادر البيانات المتباينة بسرعة لتمكين الخبراء المعنيين من اتخاذ القرارات، إلا أنه لن يحل مكان مهارات الحكم البشري. قد يتسلل تحيز البيانات بصورة منتظمة إلى الذكاء الاصطناعي لأن البيانات التاريخية قد لا تكون ممثلة بشكل كامل، وقد لا يكون لمجموعات الأقليات وجود في موارد البيانات هذه على الإطلاق.
قيمة أخلاقيات البيانات
تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي الناجحة بشكل أساسي على جودة بيانات التدريب وشفافية عمليات الحوكمة الداخلية ومستوى مهارة البشر المشاركين في إنشائها. تحتاج مشاريع الذكاء الاصطناعي إلى القدرة على تقييم البيانات التاريخية والتأكد منها وعدم اعتمادها حتى تكون قادرة على التكيف مع متطلبات العمل المتغيرة باستمرار. غالباً ما تأتي جميع البيانات مع شكل من أشكال التحيز، سواء عن قصد أم عن غير قصد، كما أن العمر والعرق والجنس والتاريخ الصحي والوضع المالي والدخل والموقع وغير ذلك عوامل قد تسبب المزيد من التحيز. لهذا، يجب أن تكون مجموعات بيانات التدريب المستخدمة لأنظمة الذكاء الاصطناعي خالية من التمييز لضمان المخرجات والنتائج المرجوة.
عند تواجد النهج الصحيح، يصبح الذكاء الاصطناعي الأخلاقي في متناول كل شركة. يلعب علم البيانات والذكاء الاصطناعي دوراً قوياً في مساعدة أي مؤسسة أو شركة للتفوق والتقدم في المنافسة، لكن الذكاء الاصطناعي الأخلاقي يوفر فوائد طويلة المدى وأساساً للرؤى المستنيرة التي تؤتي ثمارها على المدى القصير والطويل في حال تواجدت القيادة والاستراتيجية الصحيحة.
استشراف المستقبل
يجب أن تُبنى الاستراتيجيات على أساس قوي عند تصميم ونشر مشاريع الذكاء الاصطناعي الناجحة بشكل مسؤول. مثل المنزل الذي يتطلب مهندساً معمارياً مدرّباً لتخطيطه وتصميمه والإشراف على بنائه، يتطلّب النشر المسؤول للذكاء الاصطناعي والتحليلات مدرّباً محترفاً في علم البيانات.
مع تزايد اتخاذ القرارات اليومية بمرور الوقت، أصبحت هناك حاجة ملحة لأدوار قيادية في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وثقافة البيانات الأخلاقية. من الأهمية بمكان أن تتمتع أي استراتيجية أخلاقية للذكاء الاصطناعي بعنصر بشري وثقافة بيانات تقلل من مخاطر التحيز. وللنجاح في ذلك، فإن القيادة الصحيحة والاستراتيجية أمر ضروري. هنا يأتي دور رئيس المسؤولية الأخلاقية.
ترتبط الأخلاقيات ارتباطاً وثيقاً بزيادة الوعي بالبيانات عند تطوير ونشر ذكاء اصطناعي جدير بالثقة وقادر على تعزيز المهارات البشرية وتكميلها. من خلال تضمين ممارسات أخلاقيات البيانات الشفافة في الأعمال اليومية للمؤسسة بأكملها، يوفر رئيس المسؤولية الأخلاقية مستوىً من الرقابة المركزية والحوكمة المنظمة اللازمة للتخفيف من المخاطر من خلال ضمان عدم إساءة استخدام البيانات.
لماذا تعتمد أخلاقيات البيانات على تحسين مهارات الجميع؟
كيف تحمي نماذج الذكاء الاصطناعي وتزيل أي مخاوف بشأن التحيز والتعصب؟ عبر إضفاء طابع الديموقراطية على البيانات والتحليلات. من خلال ضمان تدريب مجموعة متنوعة من الخبراء بمجال معين على تعزيز الوعي بالبيانات، تضمن الشركات تواجد مجموعة واسعة من وجهات النظر والتجارب والخبرات القادرة على مواجهة أي تحدي بصورة مباشرة.
بينما تحتاج الشركات إلى قائد للقيام بذلك، من المهم إشراك مجموعات متنوعة في العملية لتوفير المزيد من الرؤى والمعارف في جمع البيانات وتحليلها. يمكن للفرق المتنوعة تقديم رؤى فريدة لمجموعات البيانات ويمكنها الاستفادة من خبراتهم في مجالاتهم الخاصة لتقييم التحيز والصلاحية قبل وصول البيانات إلى مرحلة الإنتاج.
على الرغم من أن كبير مسؤولي الأخلاقيات يتحمل مسؤولية وضع أفضل الممارسات المصممة لاستخدام البيانات بشكل أخلاقي، إلا أن تنفيذ ذلك يتطلب نهجاً شاملاً للشركة مبنياً على أساس قوي من وجهات نظر متعددة ومتنوعة. تجمع الشركات كميات هائلة من البيانات من مصادر متعددة، والذكاء البشري أمر بالغ الأهمية لتقييم كيفية استخدام البيانات لتدريب خوارزميات تعلم الآلة داخل أي نظام ذكاء اصطناعي. من خلال نشر ثقافة البيانات عبر أي شركة، سيتمكن الموظفون من اكتشاف أي مشاكل جديدة، واستنباط رؤى جديدة قادرة على حمل قراراتهم إلى آفاق جديدة، والمساعدة في تجنب المزالق والقضايا الأخلاقية المتعلقة بنشر الذكاء الاصطناعي. يعد إضفاء الطابع الديمقراطي على البيانات أمراً أساسياً لقيادة التغيير الإيجابي، وتعزز معرفة البيانات من هذه العملية وتدعمها.
مستقبل الذكاء الاصطناعي الأخلاقي على مرمى البصر. مع وجود رئيس المسؤولية الأخلاقية، الشخص المسؤول عن ضمان الإبقاء على البشر والأخلاقيات في صميم ابتكار الذكاء الاصطناعي، يمكن للخبراء الضليعين بالبيانات بناء نماذج للتعلم الآلي واكتشاف تناقضات البيانات التي قد تمر دون أن لاحظها العلماء الذين يفتقرون إلى معرفة مباشرة بالمجال.