مكيفات الهواء الموفرة للطاقة ضرورية لتسريع الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري في الإمارات
قال تونا غولينك، نائب الرئيس في دايكن الشرق الأوسط وأفريقيا: "يعاني البشر من ظاهرة موجات الحر منذ آلاف السنين، وقد تم على مر العصور القديمة استخدام طرق مختلفة لتبريد الأماكن الداخلية، لكن هل فكرتم يومًا كيف تمكنت البشرية من العيش في تلك الظروف المناخية الحارة والجافة؟".
وأضاف: "المصريون القدامى مثلًا لجأوا إلى التصميم المعماري لتكييف الهواء عبر إنشاء تهوية طبيعية داخل المباني لإبقائها باردة، كما استخدموا التبريد التبخيري وذلك عبر تعليق حصائر القصب المبللة على المداخل والنوافذ. أما في روما القديمة، فقد استخدم المواطنون الأثرياء التدفئة المركزية والتبريد المعروفة باسم الهيبوكوست وذلك عبر توزيع الهواء الساخن تحت أرضيات المنازل في الشتاء والهواء البارد في الصيف".
وتابع غولينك: "تُعد أبراج الرياح المعروفة أيضًا باسم مصدات الرياح إحدى التقنيات القديمة التي استخدمها أسلافنا لتبريد المباني بشكل طبيعي، وتتواجد تلك المصدات في بعض الأماكن في الإمارات، وتعد من أكثر أنظمة التهوية استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة مقارنةً بحلول تكييف الهواء الحديثة. ولكن مع التقدم التكنولوجي، تم تطوير طرق أكثر حداثة كالتبريد الميكانيكي وتكييف الهواء والتي باتت حاليًا حاجة ملحة في حياتنا اليومية".
وأكد أنه على الرغم من أن موجات الحر جزء لا يتجزأ من تاريخ البشرية، إلا أن تسارع وتيرة الاحتباس الحراري العالمي يجعلها أكثر تواترا وشدة. وتعتبر مسألة تدفئة وتبريد المباني من أهم التحديات التي تواجه الاستدامة في عالمنا الحديث، نظرًا إلى أن مكيفات الهواء تمثل 10٪ من استهلاك الكهرباء العالمي فضلًا عن أنه ينبعث منها كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون بطريقة غير مباشرة ناتجة عن توليد الكهرباء. وفي الوقت الذي تساهم مكيفات الهواء في تحسين جودة الحياة والنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط الحارة والجافة، يشكل الاعتماد على تكييف الهواء نحو 70٪ من إجمالي استهلاك الطاقة للمبنى.
وفي ظل توقع تضاعف الطلب العالمي على التبريد ثلاث مرات بحلول العام 2050، ستستهلك مكيفات الهواء المزيد من الطاقة وستساهم في زيادة انبعاثات الكربون والاحتباس الحراري، وهذا بدوره سيعزز الحاجة إلى تكييف الهواء، لذا تعد تقنيات التبريد المستدامة اليوم حاجة ملحة.
وفي خضم ارتفاع الطلب على الطاقة وزيادة اعتمادنا على الطاقة المتجددة تعتبر مسألة تقليص الاستهلاك أمرًا بالغ الأهمية. ويساهم استخدام مكيفات الهواء بتقنية العاكس أو الانفرتر العالية الكفاءة في تقليص التأثيرات البيئية والمناخية لتكييف الهواء بنسبة تصل إلى 50٪ وذلك من خلال تقليل استهلاك الطاقة. وينبغي أيضًا أخذ مسألة عمر غاز التبريد الذي يدوم طويلًا في الاعتبار، بالإضافة إلى أن الصيانة الدورية وتحديث الوحدات تدعم الاقتصاد الدائري. ويمكن لحلول تكييف الهواء المتصلة وتطبيقات الصناعة الذكية مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء أن توفر كفاءة أكبر.
ويعد تزايد وتيرة موجات الحر وشدتها من أكثر علامات تغير المناخ وضوحًا وخطورة مما يسلط الضوء على ضرورة اتخاذ إجراءات تقلص انبعاثات الكربون وتعالج الأسباب الجذرية للاحتباس الحراري. وتكييف الهواء يعتبر أحد أهم القطاعات التي يجب العمل عليها، وثمة فرصة كبيرة للحد من انبعاثات الكربون والانتقال نحو الصافي الصفري، ولكن هذا لن يكون ممكنًا إلا بدعم من السياسات البيئية الصحيحة والتدابير التنظيمية المعمول بها في جميع الحكومات.
ومن الضروري أن تتبنى الشركات تكنولوجيا موفرة للطاقة وأن يتم وضع المعايير لتسهيل هذه العملية، وإرساء قواعد صناعية متناسقة وواضحة سواء في القطاع السكني أو التجاري أو الصناعي.
وبالطبع، هذا يتطلب التعاون بين الشركات الخاصة والعامة والأفراد لمعالجة واتخاذ إجراءات فورية وواضحة لمكافحة تغير المناخ. وتبذل القيادة الحكيمة لدولة الإمارات جهودًا كبيرة لبناء مجتمع مستدام للجميع في الدولة، ويعتبر العام 2023 تاريخي بالنسبة للاستدامة في الإمارات بالتزامن مع استضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (COP28) الذي سيوفر فرصة مثالية لجميع أصحاب المصلحة للالتقاء من أجل تعزيز مسيرة الانتقال نحو الاقتصاد الخالي من الكربون في المنطقة، ولإظهار الجهود التي تبذلها الإمارات في هذا الإطار. لذلك، ينبغي أن يكون موضوع تكييف الهواء وتبريد المباني على جدول أعمال الجميع لضمان تحقيق أهداف الصافي الصفري الإقليمية. فلنتعهد بالتعاون والعمل معًا لبلوغ أهدافنا المناخية.