التوسع في إنشاء «الفنادق المستدامة» يعزز جهود الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050
ينطلق نهج الاستدامة الذي تتبناه دولة الإمارات من رؤية الدولة الرامية إلى ضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتلتزم مختلف القطاعات داخل الدولة، ومن ضمنها القطاع الفندقي، بالسعي إلى تعزيز وترسيخ الممارسات الواعية بيئياً، حيث تعمل الفنادق داخل الإمارات على مضاعفة جهودها لتحقيق استراتيجية الحياد المناخي بحلول 2050، والوصول إلى صافي انبعاثات صفرية، عبر اعتماد حلول مبتكرة وسياسات واستراتيجيات تحقق أهداف التنمية المستدامة.
وتشجع دولة الإمارات، الفنادق على استحداث استراتيجيات صديقة للبيئة، والعمل على تقليل التلوث البيئي، من خلال تطبيق ممارسات خضراء في أعمال الإنشاء والصيانة، والخدمات واللوجستيات، وتقليل فاقد الطعام، وتوفير الطاقة النظيفة، وإدارة استهلاك المياه، والحد من الانبعاثات الكربونية.
وتنسجم أهداف الفنادق المستدامة مع محور «سياحتنا الخضراء»، ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها مؤخراً، تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) الذي يُعقد من الـ30 نوفمبر إلى الـ12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث تحظى السياحة المستدامة بأهمية قصوى ضمن الرؤية المستقبلية لحكومة دولة الإمارات، وتضعها على قمة هرم أولوياتها، بما يعود بالنفع على الجميع، لاسيما بعد أن تزايد الحديث عن أهمية الاستدامة في صناعة السياحة والسفر في الشرق الأوسط، واتجاه كثير من المنشآت الفندقية إلى ترسيخ أساليب الاستدامة في جميع مراحل أقسام الفنادق.
اتجاه حديث
ويعد الفندق الأخضر Green Hotel أو الفندق المستدام من الاتجاهات الحديثة في السياحة البيئية، ويقوم هذا النوع من الفنادق على ترشيد استهلاك الطاقة التقليدية المستخدمة في الفنادق، والانتقال إلى الطاقة البديلة. وتعرف الفنادق الخضراء بأنها تلك التي تعمل على مبادرات للحفاظ على البيئة، من خلال تطبيق أفضل الممارسات والاستخدام الفعال للموارد وتوفير خدمات ممتازة للنزلاء.
وتعمل الفنادق المستدامة على الحد من تدهور واستهلاك الموارد الطبيعية، وزيادة الوعي البيئي، مع خفض العوامل المؤثرة سلبياً في البيئة، واستخدام المواد المتجددة بيئياً والمتاحة في الطبيعة المحيطة في عملية البناء، مع الحصول على الطاقة من مصادر الطاقة الجديدة، واتباع استراتيجية بيئية لمعالجة النفايات الناتجة عن الفندق، والعمل على تدوير النفايات وإعادة استخدامها، الأمر الذي يسهم في تقليل انبعاثات الكربون، وهو ما سيضمن زيادة العمر الافتراضي للفنادق ويرفع الإنتاجية ويزيد الربحية.
وأسهمت رؤية دولة الإمارات - المستندة إلى نهج راسخ في الاستدامة - في زيادة عدد الفنادق والمنتجعات التي تطبق الاستراتيجيات الخضراء في الدولة، حيث تخلصت كثير منها بالفعل من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، واستخدمت الإضاءة الموفرة للطاقة، وعملت على دمج المواد الصديقة للبيئة كجزء من تنميتها وصيانتها، حيث تتيح هذه التدابير للزوار الاستمتاع بتجارب بيئية رائدة عند اقترانها بمصادر طاقة متجددة ومنخفضة الكربون مثل الطاقة الشمسية.
200 فندق
ويجسد اختيار «التحالف العالمي للفنادق» دولة الإمارات من أجل إطلاق «المجموعة الخضراء» من دبي - والتي تضم نحو 200 فندق ومنتجع وقصر للضيافة تحت مظلة واحدة أبدت التزامها بحماية كوكب الأرض - التقدير العالمي للجهود التي تبذلها الدولة في سبيل ترسيخ مبادئ الاستدامة، ومواجهة التحديات الناتجة عن التغير المناخي.
وأظهرت دراسة دولية أجراها تحالف الضيافة المستدامة، مسؤولية صناعة الضيافة عن 8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، مشيرة إلى أن هذه الصناعة بحاجة إلى العمل على خفض انبعاثات الكربون بنسبة 66% لكل غرفة، بحلول عام 2030، وبنسبة 90% لكل غرفة بحلول عام 2050.
وفي إطار سعيها للتحول إلى فنادق صديقة للبيئة، تلتزم الفنادق داخل دولة الإمارات بالمعايير التي طورها مجلس السفر والسياحة العالمي، بالتعاون مع العلامات التجارية العالمية والجمعيات الصناعية الرائدة، للاستدامة في القطاع الفندقي والتي تعد دليلاً شاملاً لتطبيق الاستدامة في الفنادق، حيث تركز هذه المعايير على الإجراءات التي تعد أساسية لاستدامة الفنادق، ومعالجة تأثير السياحة في الكوكب عبر مجموعة من القضايا الحرجة. وتشمل المعايير إجراءات لقياس وتقليل استخدام الطاقة، وقياس وتقليل استخدام المياه وتحديد النفايات وتقليلها، وقياس وتقليل انبعاثات الكربون، وعدم استخدام الأدوات ذات الاستعمال الواحد، واستبدال زجاجات التزيين التي تستخدم مرة واحدة، واستخدام مواد خضراء وصديقة للبيئة للتنظيف، وخيارات أكثر صحة للغذاء، ودعم المجتمعات.
نتائج إيجابية
وتعتمد فنادق دبي، الحلول المستدامة وتلتزم بالحفاظ على البيئة، تماشياً مع إرشادات مبادرة «دبي للسياحة المستدامة»، والإنجازات الاستثنائية التي تحققها دبي في هذا المجال، إذ تحرص العديد من المنتجعات والفنادق في الإمارة، على الالتزام بالاستدامة وتحقيق نتائج إيجابية في قطاع الضيافة، فضلاً عن مواكبة أحدث التوجهات في قطاع السياحة، حيث تنفذ فنادق دبي حالياً سلسلة من متطلبات الاستدامة التي وضعتها «دبي للسياحة المستدامة»، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز مكانة دبي الرائدة وجهة مستدامة.
وتشمل هذه المبادرات المستدامة إطلاق فندق «الريتز كارلتون» دبي في جميرا بيتش ريزيدنس، مزرعة عمودية في إطار جهوده لتعزيز مبادرات بيئية، وابتكار أطباق محلية مميزة، وتشجيع جميع المطاعم والمقاهي على اعتماد حلول الأمن الغذائي، إضافة إلى تقديم أطباق طازجة للضيوف. ويسير «المها» المنتجع والنادي الصحي من «لاكشري كوليكشِن» على منهجية استدامة فريدة، حيث يعمل على الحفاظ على المحمية الصحراوية التي يقع فيها، من خلال إعادة إدخال الحيوانات الأصلية إلى المنطقة، وحماية النباتات المحلية من الرعي.
وتشمل مبادرات الاستدامة التي تسير عليها منتجعات وفنادق دبي في إطار التزامها بنهج الاستدامة، استخدام عبوات مياه قابلة لإعادة التعبئة، وتنظيم نشاط لزراعة أشجار القرم، والإسهام في تعزيز ازدهار النظام البيئي في الإمارات.
19 متطلباً للاستدامة
ورسخت دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي، الاستدامة في قطاع الفنادق في دبي، بإلزام المنشآت الفندقية بمتطلبات الاستدامة التسعة عشر التي تشمل مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك الإدارة المستدامة، ومقاييس الأداء، وتدريب الموظفين على الاستدامة، ولجنة إدارة الاستدامة، والالتزام بالمبادرات الحكومية المستقبلية، وتوعية النزلاء، والفعاليات الخضراء، وأنظمة إدارة الطاقة، وخطة إدارة الطاقة وخطة وسائل النقل، وأنظمة إدارة المياه، وخطة إدارة المياه - المناشف وشراشف الأسرة، وخطة إدارة النفايات، وإدارة النفايات (المرافق)، وإدارة جودة الهواء (التدخين)، وخطة إدارة المشتريات، ومبادرات المسؤولية المجتمعية. ويهدف التطبيق الصحيح للمتطلبات إلى تعزيز نتائج ترشيد الطاقة، وخفض الانبعاثات الكربونية للقطاع، واعتماد التقنيات النظيفة، وتحسين الكفاءة التشغيلية، ورفع نسبة استخدام المواد القابلة لإعادة التدوير، وإدارة النفايات وتقليلها، وتحضير وجبات مستدامة من المزارع المحلية العضوية والعمودية، والتحول الرقمي، وتمكين الفنادق من تحسين عملياتها الداخلية، ما يتيح لها الفرصة لتحقيق إيرادات صافية.
أداة فعالة
وواكبت دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي، عام الاستدامة في دولة الإمارات، ومبادرة دبي للسياحة المستدامة، بإطلاق نسخة جديدة ومحدّثة من «أداة احتساب الكربون» المخصصة لقطاع الضيافة، حيث يراعي التحديث إمكانية قراءة بيانات مصادر انبعاثات الكربون بشكل آني، ما يتيح للفنادق إمكانية تحديد مستويات استهلاكها للطاقة بصورة دقيقة، ومن ثم إدارتها بكفاءة.
وعززت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، الاستدامة في القطاع السياحي بثلاث مبادرات تمكّن الشركاء من منشآت فندقية، وغيرها، من تطبيق الممارسات المستدامة في أعمالها، وتشمل هذه المبادرات، الأدلة الإرشادية الجديدة الخاصة بالقطاع والاستدامة السياحية، ونظام قياس الانبعاثات الكربونية الخاص بالفنادق في أبوظبي، لتقدير البصمة الكربونية التي تخلّفها، وأخيراً تدقيق استهلاك الطاقة في جميع الفنادق في الإمارة.