«مجموعة بوسطن»: الثروات المالية في الإمارات تتنامى بوتيرة سريعة
تواصل دبي سعيها الدؤوب نحو استكشاف آفاق جديدة للنمو، وتنويع الاقتصاد في إطار «أجندة دبي الاقتصادية D33» بأهدافها الطموحة، التي أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مطلع العام الجاري، لترسم خريطة طريق واضحة للتنمية الاقتصادية في دبي للسنوات الـ10 المقبلة، استهدافاً لجعلها ضمن أكبر ثلاث مدن اقتصادية في العالم بحلول عام 2033.
وتضطلع الشركات العائلية بدور بارز في تحقيق هذه الأهداف الطموحة من خلال تحريك عجلة اقتصاد دبي، وصياغة نموذج الإمارة الاقتصادي المستند إلى استراتيجية تقوم على الشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص، من خلال توفير أكبر منظومة مالية متكاملة في المنطقة، وأُطر عمل قانونية وبنية تحتية تشريعية وقانونية فريدة، ومجموعة مرنة من الهياكل التنظيمية التجارية، وخدمات إدارة الثروات الخاصة وفق أرقى المعايير العالمية التي تضمن استمرارية نمو هذا القطاع على المدى الطويل، وتسهم في ترسيخ مكانة دبي كمركز عالمي للمؤسسات والشركات المالية الرائدة، في وقت كشفت فيه «مجموعة بوسطن الاستشارية» عن تنامي الثروات المالية في دولة الإمارات بوتيرة سريعة، إذ من المتوقع أن ترتفع بمعدل سنوي مُركب قدره 6.7% لتصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2026، مقارنةً بـ700 مليار دولار في عام 2021.
الشركات العائلية
وتعتبر الشركات العائلية من أهم الركائز الأساسية لاقتصاد دولة الإمارات، إذ تعود ملكية 90% من الشركات الخاصة القائمة في الدولة إلى عائلات، وفقاً لتقرير صادر من وزارة الاقتصاد.
وتلعب الشركات العائلية دوراً اقتصادياً مهماً مع مساهماتها المحورية في الناتج المحلي الإجمالي للدولة. وتقدر وزارة الاقتصاد هذه المساهمة بنحو 40% في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي، و60% في الناتج المحلي لدولة الإمارات، وفقاً لتقرير حديث صادر عن شركة «كي بي إم جي». وأكد التقرير أن هذه الشركات تحتل الصدارة من حيث فرص العمل، إذ تمثل 80% من إجمالي القوى العاملة في الدولة.
وجهة مفضلة
وفي تأكيد على تعزيز مكانة دبي كوجهة مفضلة للشركات العائلية من مختلف القطاعات الاستثمارية، حرصت دبي على اتخاذ الإجراءات والآليات الكفيلة بتوفير بيئة حاضنة لدعم أعمال الشركات العائلية وتطويرها وتعزيز استدامتها وتطوير حوكمتها ورفع مساهمتها في الاقتصاد الكلي للإمارة، بوصفها شريكاً أساسياً في مسيرة نمو الاقتصاد وازدهاره وتنوّعه، وفقاً لرؤية القيادة الرامية إلى وضع إطار قانوني شامل وميسّر لتنظيم ملكية تلك الشركات، وتيسير انتقالها بين الأجيال، ودعم استمراريتها بما يعزّز دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي.
حزمة مبادرات
ويتجسّد الدعم للشركات العائلية في حزمة مبادرات أطلقتها دولة الإمارات منتصف العام الماضي، كانت بدايتها مع إقرار القانون الاتحادي الخاص بالشركات العائلية. كما تم إنشاء مركزين للشركات العائلية، أولهما، المركز العالمي للشركات العائلية والثروات الخاصة في مركز دبي المالي العالمي، ومركز دبي للشركات العائلية تحت مظلة غرف دبي، ويتكامل المركزان لتوفير المرونة والبيئة الحاضنة للشركات لتطبيق الحوكمة واستمرارية النمو.
مركز الشركات العائلية
ففي فبراير الماضي، أصدر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكماً لإمارة دبي، مرسوماً بإنشاء مركز الشركات العائلية في دبي، بهدف تعزيز استدامة ونمو الشركات العائلية في الإمارة، ضمن الهيكل التنظيمي لغرف دبي. وفي منتصف مايو الماضي، وتنفيذاً لتوجيهات سموه بتطوير منظومة عمل متكاملة تدعم نمو هذا القطاع، دشّن سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، أعمال المركز، ليكون الجهة المعنية بضمان استدامة ونمو الشركات العائلية في إمارة دبي، وتعزيز مساهمته الاقتصادية بما يخدم الخطط التنموية للإمارة.
ويتيح المركز الدعم الفني والإداري للشركات العائلية، بما يضمن استدامتها وتحقيق التعاقب السلس بين الأجيال، وإعداد استراتيجية شاملة لدعم وتطوير تلك الشركات في دبي، علاوة على دوره في تطوير المهارات الإدارية للشركاء في الشركات العائلية ومؤسسيها وأعضائها، وتعريفهم بالخدمات الحكومية المقدمة لهذه الشركات.
مركز الثروات العائلية
أما مركز دبي المالي العالمي، فقد أطلق في أغسطس من العام الماضي مركزاً مُتخصصاً للثروات العائلية، هو الأول من نوعه في العالم، في إطار التزام مركز دبي المالي العالمي بإرساء معايير التميز ضمن القطاع المالي، وجعل دبي وجهة جاذبة للشركات العائلية من حول العالم، ضمن توقعات لنقل الشركات العائلية لأصول تُقدر قيمتها بنحو 3.67 تريليونات درهم (تريليون دولار) إلى الجيل المقبل في منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام الـ10 المقبلة.
ويسهم مركز الثروات العائلية في مركز دبي المالي العالمي، في التأسيس لبيئة مواتية للشركات العائلية، ورفدها بنخبة من مزودي الخدمات، إذ من المنتظر أن يُسهم هذا التحوّل التشريعي في حفز النمو جزئياً عن طريق استقطاب الأفراد من ذوي الملاءة المالية العالية، في حين توفر دولة الإمارات خياراً جاذباً لأصحاب الثروات، نظراً لمنظومتها الضريبية العالمية التنافسية، علاوة على الموقع الجغرافي الاستراتيجي لدبي ومنطقتها الزمنية التي تتزامن مع أوقات العمل الرسمية لمعظم الأسواق حول العالم، إضافة إلى ما توفره الإمارة من نمط حياة استثنائي.
الغرير: ملتزمون بدعم الشركات العائلية وتمثيل مصالحها وتعزيز تنافسيتها
قال رئيس مجلس إدارة غرف دبي، عبدالعزيز الغرير، إن «تطوير واقع الشركات العائلية، وإصدار القوانين العصرية الداعمة لنموها، يأتي ضمن منظومة الاستدامة واستشراف المستقبل لإمارة دبي، ورؤية قيادتها التي جعلت من دبي مركزاً رئيساً للأعمال، ووجهة رائدة للاستثمارات، فالرؤية الاستشرافية الاقتصادية لدبي تفرض تطوير تشريعات الأعمال، وبيئة العمل المرنة والمستدامة، إذ إن حجم أعمال الشركات العائلية في الإمارة يُبرز مدى أهمية تطوير أعمالها، بوصفها قاطرةً للنمو الاقتصادي وتنافسية مجتمع الأعمال».
وتابع: «تأتي عملية توفير بيئة مثالية للشركات العائلية وفقاً لمنهجية عمل مبتكرة تتناسب مع مكانة دبي الريادية في دعم قطاع الأعمال، وفي إطار منظومة متكاملة لتطوير الشركات العائلية من خلال معايير الحوكمة الرشيدة، والتدريب المهني المتخصص، إضافة إلى الاستشارات المرنة والتشريعات الواضحة، ما يكفل انتقالاً سلساً للقيادة والإرث، ويزيد تنافسية الشركات العائلية وقدرتها على مواجهة التحديات وتحقيق النجاح في سوق العمل».
وأضاف: «ملتزمون في غرف دبي بدعم الشركات العائلية، وتمثيل مصالحها، وتعزيز تنافسيتها واستدامتها ونموها، والارتقاء بريادتها».
ملكية 90% من الشركات الخاصة القائمة في الدولة تعود إلى عائلات.. وتمثّل 80% من إجمالي القوى العاملة.
الشركات العائلية تسهم بنحو 40% في الناتج المحلي الإجمالي لدبي، و60% في ناتج الدولة.