"الحوار الوطني حول الطموح المناخي".. حلول ابتكارية لخفض الانبعاثات وبناء صناعات خضراء
تولي دولة الإمارات اهتماماً بالغاً بتسريع الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، وتعمل الدولة، ضماناً لتحقيق هذا الهدف، على تعزيز مشاركة كافة القطاعات في جهود العمل المناخي لخفض الانبعاثات وتعزيز قدرات التكيف مع التغير المناخي، وترسيخ الممارسات المستدامة، إضافة إلى إطلاق المبادرات المبتكرة التي تساهم في رفع الطموحات المناخية للقطاعات المختلفة.
وجاء إطلاق وزارة التغير المناخي والبيئة مبادرة "الحوار الوطني حول الطموح المناخي" ثمرة لهذه الجهود، حيث تعتمد المبادرة على عقد اجتماعات دورية، يتم خلالها مناقشة احتياجات ومتطلبات وأولويات كل قطاع على حدة والتوجهات المستقبلية لدعم جهود السعي لتحقيق الحياد المناخي بمشاركة صناع القرار وأصحاب المصلحة فيه وبقيادة الجهات الحكومية المعنية في الدولة، بما يضمن تطبيق أسلوب التصميم التشاركي.
وتكتسب مبادرة "الحوار الوطني حول الطموح المناخي" زخماً متصاعداً مع استضافة دولة الإمارات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ "COP28" الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث سيساهم الحدث الدولي في توحيد الجهود العالمية لتقليل انبعاثات الكربون عبر توظيف الحلول التكنولوجية المتقدمة، إضافة إلى تحفيز استجابة القطاعات الاقتصادية للمساعي الهادفة إلى تحقيق الحياد المناخي.
كما يبرز محور "الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي" ضمن حملة "استدامة وطنية" التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر "COP28"، جهود ومبادرات دولة الإمارات في مواجهة التغير المناخي من أجل تحقيق أهداف الحياد المناخي بما يتماشى مع التوجهات الوطنية للدولة وخططها الاستراتيجية.
وتهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً إلى مجتمع واعٍ بيئياً.
تنمية اقتصادية مستدامة
وتم إطلاق مبادرة "الحوار الوطني حول الطموح المناخي" في مايو 2022 بهدف رفع مستوى الطموح المناخي على مستوى كافة القطاعات وتعزيز مشاركتها في تحقيق أهداف مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وتستهدف الاجتماعات الدورية التي تنظمها المبادرة ، تعزيز وفاء دولة الإمارات بالتزاماتها تجاه الاتفاقيات الدولية للعمل المناخي وعلى رأسها اتفاق باريس للمناخ، إضافة إلى تعزيز مشاركة أصحاب المصلحة في القطاعين من الجهات الحكومية والخاصة في تحقيق مستهدفات الدولة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتحديد احتياجات ومتطلبات وأولويات كل قطاع لرفع طموحه المناخي، كما تستهدف اختيار قائد للطموح المناخي على مستوى كل قطاع، من رواد القطاعات ليقود جهود هذا القطاع نحو أهداف مناخية طموحة.
كما تستهدف المبادرة بشكل عام، تحديد توقعات الاستدامة والعمل المناخي على مستوى كل قطاع، والتركيز على التقنيات والحلول الابتكارية التي تساهم في تسريع وتيرة العمل في القطاع، وتحديد الفاعلين الرئيسيين في كل قطاع خصوصاً من المؤسسات الخاصة.
ونظمت وزارة التغير المناخي والبيئة 11 حواراً وطنياً من مبادرة الحوار الوطني حول الطموح المناخي حتى الآن، بمشاركة ممثلين عن القطاعين الحكومي والخاص، حيث أطلقت هذه الاجتماعات عدداً من المبادرات والحلول لوصول القطاعات المستهدفة إلى المعدلات المطلوبة لخفض الكربون.
قطاع صناعة الإسمنت
ويركز الحوار الوطني حول الطموح المناخي على مجموعة من القطاعات والمجالات ذات الأولوية والتي يسهم رفع طموحها المناخي في تعزيز جهود دولة الإمارات للسعي لتحقيق الحياد المناخي، ومنها قطاع التصنيع بشكل عام، وبالأخص صناعات الإسمنت، والنفايات، والنقل، بالإضافة إلى قطاع الطاقة.
وحددت مبادرة "الحوار الوطني حول الطموح المناخي" في أول اجتماعاتها 4 مبادرات مقترحة لخفض الكربون في قطاع صناعة الإسمنت في الدولة تضمنت مبادرة تقليل الاعتماد على حجر الكلس في إنتاج الإسمنت والاعتماد على بدائل أخرى صديقة للبيئة منها calcite، ومبادرة لتمكين استخدام الطاقة المتجددة في المصانع، ومبادرة لاستخدام الوقود البديل RDF وأنظمة استعادة الطاقة، بالإضافة لمبادرة تعزيز استخدام وتوظيف تقنيات التقاط الكربون وتخزينه وإعادة استخدامه.
آفاق قطاع الطاقة
وخصصت مبادرة الحوار الوطني حول الطموح المناخي جلسة لمناقشة آفاق الطاقة العالمية، ومشهد القطاع على الصعيد المحلي، إضافة إلى تسليط الضوء على الحلول الناشئة التي تساعد على بناء منظومة طاقة محايدة مناخياً مثل الهيدروجين النظيف.
وركزت المبادرة خلال إحدى الجلسات على مناقشة توجهات التمويل المستدام عالمياً، حيث تم استعراض حالة هذا النوع من التمويل على المستوى المحلي، بهدف استكشاف الأدوات والآليات اللازمة لدعم رحلة دولة الإمارات للوصول للحياد المناخي، كما تناولت النقاشات حاجة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 1.2 تريليون دولار تقريباً استثمارات لإزالة الكربون من الاقتصاد الإقليمي.
وأكد المشاركون في الجلسة أن السنوات الماضية شهدت تطوراً كبيراً في قطاع التمويل المستدام في دولة الإمارات، إذ تم إطلاق إطار عمل الإمارات للتمويل المستدام في 2021 والذي يستهدف تكثيف التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، وتوجيه رأس المال نحو الاستثمارات الذكية مناخياً والصديقة للبيئة.
قطاعا الضيافة والتأمين والتمويل الأخضر
وخلال الجلسة الرابعة من سلسلة الحوار الوطني حول الطموح المناخي والتي ناقشت وضع خريطة طريق لتحقيق الحياد المناخي في قطاع الضيافة، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة، «تعهد الشركات المسؤولة مناخياً» لتعزيز مشاركة مؤسسات القطاع الخاص في توجهات الدولة لخفض الانبعاثات، ومواكبة مستهدفات مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وخصصت مبادرة الحوار الوطني حول الطموح المناخي أحد الاجتماعات لاستكشاف دور قطاع التأمين لتعزيز قدرات التكيف مع التغير المناخي، حيت تم استعراض أفضل الممارسات والجهود الوطنية لتعزيز المرونة في مواجهة التغير المناخي من خلال تطوير مجموعة واسعة من خدمات وحلول التأمين التي تسهم في معالجة هذه المخاطر العالمية.
واستعرضت جلسة من سلسلة مبادرة الحوار الوطني حول الطموح المناخي؛ سبل توظيف التمويل الأخضر للارتقاء بطموحات العمل المناخي الوطني، إضافة إلى تسليط الضوء على أهمية الأدوات والمنتجات والخدمات المالية المبتكرة في تعزيز الاستدامة والمرونة وتمكين دولة الإمارات من تحقيق أهدافها المناخية والبيئية.
الحلول القائمة على الطبيعة.
كما ركزت مبادرة الحوار الوطني حول الطموح المناخي على تسريع وتيرة عزل الكربون من خلال الحلول القائمة على الطبيعة، وتمت مناقشة جهود دولة الإمارات للاستفادة من النظم البيئية للكربون الأزرق، مثل غابات القرم (المانغروف)، والأراضي الرطبة ومناطق الأعشاب البحرية، لمواجهة تحدي التغير المناخي.
ويمثل الاعتماد على الحلول القائمة على الطبيعة إحدى الركائز الرئيسة التي تعتمد عليها دولة الإمارات في مواجهة تغير المناخ، حيث توفر غابات المانغروف فوائد عدة في التخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز قدرات التكيف مع تداعياته، كما تساهم بشكل فعال في حماية السواحل من ارتفاع مستويات سطح البحر، وتوفير موائل طبيعية مناسبة للتنوع البيولوجي، وتعمل أيضاً كأحواض فعالة للكربون.
قطاع النفايات
واستهدفت مبادرة الحوار الوطني حول الطموح المناخي تعزيز مشاركة كافة الجهات والمؤسسات من القطاعين الحكومي والخاص العاملة والمعنية بقطاع النفايات في جهود تحقيق أهداف مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي 2050.
وشملت فعاليات الحوار الوطني مناقشة احتياجات المؤسسات العاملة في قطاع النفايات للمساهمة في جهود خفض الكربون والتحديات التي تواجهها للوقوف على حلول مبتكرة لها، إلى جانب رفع وعي هذه المؤسسات بطبيعة جهود الدولة في العمل المناخي واستهدافها لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، والدور المنوط بالقطاع الخاص في هذه التوجهات.
البناء والتشييد
وحددت مبادرة الحوار الوطني حول الطموح المناخي 5 فرص لقطاع البناء والتشييد بهدف تخفيف آثاره على التغير المناخي، وهي ضمان تبني ممارسات الشراء الأخضر من خلال اعتماد معايير الشراء التي تعزز الشراكة مع موردي المنتجات منخفضة الكربون؛ وتحديث أنظمة البناء للمباني الجديدة؛ والعمل على تحديث المباني القائمة بهدف تحسين كفاءة الطاقة؛ والتركيز على استخدام الطاقة الشمسية الحرارية وأنظمة التبريد الأقل استهلاكاً للطاقة في المناطق السكنية؛ وأخيراً الحد من توليد النفايات والتشجيع على إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم.
القطاع الصناعي
واستهدف الحوار الوطني حول الطموح المناخي في نسخته العاشرة التي عقدت مايو الماضي القطاع الصناعي وتعزيز مشاركته في خفض الانبعاثات الكربونية في دولة الإمارات، وتعهدت 28 شركة عاملة في القطاع الصناعي في الدولة خلال الجلسة، بتنفيذ أهداف لخفض الانبعاثات الكربونية، واتباع سبل أكثر استدامة في إدارة عملياتها.
كما استهدف الحوار الوطني حول الطموح المناخي في نسخته الحادية عشرة التي عقدت في يوليو الجاري قطاع النقل، حيث تمت مناقشة سبل تعزيز استدامة القطاع ومساهمته في خفض الانبعاثات الناتجة عنه بالشراكة مع مختلف الجهات الاتحادية والحكومية والقطاع الخاص في الدولة. كما شهدت النسخة الحادية عشرة من الحوار تعهد 15 شركة في قطاعات التصنيع والإسمنت والنفايات والنقل والتمويل والطاقة في دولة الإمارات بتنفيذ أهداف لخفض الانبعاثات الكربونية.
وتواصل دولة الإمارات تعزيز ريادتها في معالجة أزمة تغير المناخ العالمية بمبادرات متنوعة، لتضاف إلى سجلها الحافل بالمنجزات في العمل المناخي لتحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية المستدامة، وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة على الصعيدين المحلي والعالمي.