الصوت «الفينيقي» الوحيد في الاتحاد الأوروبي
ثقافات إكسبو.. سمكة بطول 3 أمتار تروي قصة «مالطا»
باحة هادئة المعالم، كأنها بيت شاطئي انعكست زرقة مياه البحر على جدرانه ألواناً وصفاءً، إلا في زاوية قريبة من مدخله، حيث تستلقي سمكة ذات فم كبير، يقارب طولها ثلاثة أمتار، تحكي قصة بلد صغير، أحب أهله البحر، فاحتضنهم من كل الجهات.
إنه جناح دولة مالطا، الكائن في «منطقة الفرص» في «إكسبو 2020 دبي».
ويعتز أهل مالطا بأنهم جزء مهم من دول وثقافة البحر الأبيض المتوسط، التي استطاعت ربطهم بعلاقة وثيقة بهذه المنطقة من الخليج إلى المحيط. ولا تزيد مساحة مالطا الكلية، المكونة من ثلاث جزر مأهولة، إضافة إلى عدد من الجزر الصغيرة الخالية من السكان، على 320 كيلومتراً مربعاً، فيما يزيد عدد سكانها على نصف المليون بقليل.
وصلها الفينيقيون في عام 700 قبل الميلاد، لتصبح حالياً الصوت «الفينيقي» الوحيد في الاتحاد الأوروبي، الذي انضمت إليه في عام 2004، لتكون بذلك أصغر بلد أوروبي.
في زاوية كبيرة، إلى يمين الزائر بعد دخوله إلى الجناح، تمتد الأرض اليابسة لمالطا - التي توصف جغرافياً بأنها مجموعة من التلال والوديان - في مجسم ثلاثي الأبعاد للجزيرة، تبدو أسطحه مفرغة بشكل طولي لتعكس الارتفاع للتلال والانخفاض للوديان المصاحب لكل أراضي الجزيرة بدءاً من الجهة الشمالية الواقعة في الجزيرة الأم، مالطا، التي سميت البلاد باسمها وتقع فيها عاصمتها فاليتا، مروراً بجزيرة جوزو، وانتهاءً بجزيرة كومينو.
ويعتقد المالطيون أن التضاريس الجغرافية شكلت الحدود الخارجية لبلادهم على هيئة تجعلها تشبه شكل سمكة، لها فم كبير من جهة الجزء الشمالي للجزيرة وفقاً لموقعها بالنسبة لقارة أوروبا، ويمكن رؤية معالمها بوضوح إذا تمعّن الناظر في خريطة مالطا المتناهية الصغر في مساحتها، مقارنة بكل من إيطاليا، أقرب جارة أوروبية لها، وأيضاً بكل من تونس وليبيا، جارتيها الواقعتين في قارة إفريقيا، فيما هما الأقرب إليها من كل دول أوروبا.
منسق الفعاليات في جناح مالطا، لويز أتارد، أكدت لـ«الإمارات اليوم»، أن بلدها هي الدولة الوحيدة الناطقة باللغة السامية من بين دول الاتحاد الأوروبي، وأن لغة المالطيين الحالية التي تكونت بفعل الاحتلالات التي توالت على الجزيرة عبر مئات السنين، تنحدر أصولها من مصادر متعددة، من بينها اللغة العربية القديمة. وتضيف أن مخارج اللغة المالطية الحالية يطغى على لحنها الصوت الفينيقي نتيجة تجذر الثقافة الفينيقية في مالطا، وأن ذلك جعل لغتهم حالياً تشبه اللهجة اللبنانية بالصوت وطريقة أداء الجمل، نظراً للعامل الفينيقي المشترك بين ثقافة البلدين.
وللسمك ميزة فريدة في مالطا وفقاً لأتارد، التي تقول إن الأسماك في بحر مالطا لا تكبر أبداً، وتعيش في أحجام صغيرة تبقيها شابة وغضة، فريدة في قوامها وطعمها الذي يميزها عن كل أسماك البحر الأبيض المتوسط، وأن تلك الأسماك لا تنمو ولا يزيد حجمها إلا حين تسافر بعيداً عن السواحل المالطية الى بلدان أخرى.
وتتابع أن الـ«لامبوكي»، وهو الاسم المالطي لسمكة الدورادو، تعد من أشهر أنواع السمك وألذّها مذاقاً، وأن رجال البحر في مالطا لايزالون يصطادونها بطريقة العهد الروماني للجزيرة.
ويمكن للزائر أن يتعرف إلى أجزاء مهمة من تاريخ وثقافة مالطا بمجرد الضغط على أحد الأزرار الثلاثة الموجودة بجانب المجسم «السمكة مالطا» في جناحها في «إكسبو»، من خلال مشاهدة فيديو تعريفي عن كل جزيرة من الجزر المكونة لها، على شاشة كبيرة تعلو المجسم، إضافة إلى التجول بين أرجاء الباحة البحرية التي توزعت فيها شاشات وصور تحكي عن وضع ومستقبل التعليم والتكنولوجيا والأعمال في هذا البلد الصغير، الذي يجذب بمرافقه السياحية الكثيرة، عشاق الطبيعة ورياضات البحر.