سحر الحكاية من «صميم الإمارات» في «إكسبو دبي»
«أبوأحمد» النوخذة.. 50 عاماً من الغوص والصيد وحياكة الشباك
أكثر من 50 عاماً قضاها في البحر، منذ كان في السابعة من عمره، حين خرج لأول مرة مع والده ليكتشف هذا العالم المهيب، ويختبر فنونه، من الصيد إلى الغوص، وصولاً إلى صناعة ما تستلزمه مهنته من معدات وأدوات، مثل غزل شبك الصيد وصناعة القراقير.
للحكاية سحر حين يكون صاحبها النوخذة صالح أحمد محمد حنبلوه الشحي (أبوأحمد)، الذي التف حوله العشرات من الزوّار وهو يروي لـ«الإمارات اليوم» من داخل جناح «صميم» في «إكسبو 2020 دبي» كيف بدأت الرحلة، وحجم الأهوال والمشاق التي واجهها الأجداد لتحقيق ما وصلت إليه الإمارات من تقدم وحداثة، معرباً عن فخره بشباب الوطن الذين أثبتوا تفوقاً في شتى المجالات.
ويقول (أبوأحمد) إن «قصته مع البحر تمتدّ لأكثر من 50 عاماً، إذ ورثها عن والده، والأخير ورثها عن جده، وكان كل من في المنزل يتقن بكل مهارة صناعة معدات وأدوات الصيد، مثل الشباك (الليخ)، وكمائن الأسماك (القراقير)، وغيرهما».
ويشرح عملياً للزوّار، خصوصاً الأسر المواطنة التي تتبادل معه التحية بمحبة ودفء، كيف يصنع «الليخ» مستخدماً ثلاثة أنواع من الغزل، الهندي والياباني والصيني، مبيناً أن «هذه حِرفة بحرية قديمة متوارثة من الآباء والأجداد منذ آلاف السنين، حين لم تكن بالسهولة التي تتسم بها حالياً».
ويشير إلى أن «الليخ كان يغزل من خيوط النايلون القوية، وتصنع الحبال من سعف النخل لربط الشبكة وتثبيتها في قطع خشبية ورميها في البحر لفترة من الوقت، ثم سحبها وتخليص الأسماك التي تم صيدها».
وتابع (أبوأحمد) أن «مهنة الصيد كانت تستلزم كفاحاً، ولا مجال للكسل أو التراخي، لأنها كانت مصدر الرزق الأساسي لأهلها، وكانت تباع الحصيلة بروبيات معدودة».
ويؤكد أنه موجود مع بقية المشاركين في جناح «صميم» ليحكي للشباب كيف كانوا يعيشون في الماضي، «فهذا تراث مليء بالكفاح تفخر به الدولة، وتدرك جيداً أن ما حققته من إنجازات خلال 50 عاماً فقط، لم يكن وليد المصادفة لكن بالعرق والكفاح».
ويقول (أبوأحمد) إن «للبحر مكانة خاصة في نفس كل إماراتي، لذا تجد الجميع مهما بلغت مكانتهم الاجتماعية، يمارسون نشاطاً بحرياً ما»، لافتاً إلى أنه لايزال يمارس مهنة الصيد بالشغف ذاته، ويسعد كثيراً باهتمام الشباب بحكاياته الكثيرة عن البحر.
ويتابع أن «الأجداد كانوا يمارسون حِرفة الغوص لصيد اللؤلؤ لعقود طويلة، وتمتعوا بخبرات مذهلة في هذا المجال»، لافتاً إلى أن هذه المهمة الصعبة كانت تستمر أربعة أشهر سنوياً، خلال فصل الربيع، ومثلت مياه الخليج بيئة مثالية لصيد اللؤلؤ من قبل غواصين محترفين كانوا يقومون بذلك دون استخدام معدات الغوص الحديثة.
ويصف بأسلوب شعري ساحر، طبيعة رحلة الغوص الشاقة، فهناك فريق كامل يعرف كل عضو فيه دوره، فبالإضافة إلى الغواصين المحترفين، يتولى الأطفال «فلج المحار» فيما يتحمل آخرون مسؤولية توفير الطعام وإعداده. وقبل أن تنطلق السفينة يجتمع طاقمها في اليوم الأول على الشاطئ، تودعهم عائلاتهم وأقاربهم، وتحتضن الأمهات أطفالها باكيات، داعيات بأن يعودوا سالمين.
وفي اليوم الأخير من الموسم، يتم إطلاق النيران على الشاطئ واتخاذ الاستعدادات اللازمة لاستقبال البحارة احتفالاً بعودتهم، فتُزيّن المنازل بأعلام من القماش تسمى «البيرق» أو «البنديرة»، ويتم إعداد الأكلات المميزة، بما في ذلك الحلويات والعصائر والمكسرات. وبمجرد وصول السفن إلى الشواطئ، يتم استقبال طاقم الغوص بأناشيد الترحيب، ثم يقوم البحارة بإلقاء أهازيجهم الخاصة.
ويشرح طبيعة كل سفينة عرضت نماذجها في جناح «صميم»، موضحاً أن «لكل منها اسماً وطبيعة، فمنها ما هو مخصص للصيد، أو للغوص، ومنها ما هو مخصص للتجارة. وجميعها متجذرة في صميم التراث الإماراتي».
ويؤكد (أبوأحمد) أن المتعة كانت حاضرة في كل التفاصيل، وحين يرى هذا التنوّع الإنساني واحتضان الدولة لنحو 200 جنسية على أرضها، يدرك أن تعب الأجداد لم يذهب هباء، «فأبناء الوطن اقتحموا الفضاء، ووصلوا إلى المريخ، وأثبتوا نبوغاً وتفوقاً في كل المجالات، وذلك خلال 50 عاماً فقط».
• (أبوأحمد) يجتذب الزوّار بمهارته في غزل «الليخ»، ويروي مغامرات الماضي بلغة شعرية.