«شجرة المعرفة» تروي لزوّار «إكسبو دبي» قصص التعلّم من الطبيعة
عرض جناح بيلاروسيا، الواقع في منطقة الفرص بمعرض «إكسبو 2020دبي»، تحفة فنية نادرة، تروي لزوّاره من خلالها قصص التعلّم من الطبيعة، ومبادئ الارتباط بالأرض والجذور، عبر مرافقتهم في جولة مثيرة للدهشة بين الغابات الممتدة لهذا البلد، حيث يطلعهم على الدمج بين العوامل الطبيعية والابتكارات التقنية في مسيرة النمو والتقدم، وأهمية التعاون المشترك بينهم لخلق مستقبل أفضل، الذي يتجلى للزوّار من خلال رمزية العمل الفني «شجرة المعرفة»، المتصدر بارتفاعه الشاهق، قلب «غابة تقنية المستقبل» في الجناح.
رمزية خاصة
ويحمل هذا العمل الفني ثلاثي الأبعاد، المنسوج يدوياً، والمتصدّر لبهو قاعة التكنولوجيات الحديثة والاختراعات الإنسانية المعاصرة في الجناح البيلاروسي، صورة ناطقة بالمعنى حول أهمية الارتباط الوثيق للإنسان بجذور الوطن الأم وثقافة الأجداد، وذلك، بعد أن كانت الشجرة ولاتزال في الأساطير البيلاروسية، رمز الأسرة والخصوبة والحيوية المتزايدة والبدايات والتجدد ومن ثم الحياة.
فيما يحتوي جذع «شجرة المعرفة» على صورة «طاقة الأرض» الأصلية، التي تعانق أفق السماء انطلاقاً من الجذور ذاتها، بينما يتكون تاج الشجرة من هذه «الطاقة»، التي تنمو وترتفع لترتقي من الحاضر وصولاً إلى المستقبل.
الطاقة
وقالت مقدمة العمل، الفنانة البيلاروسية، كريستينا فيسوتسكايا، إن «كل شيء يتصل ببعضه بعضاً حين تتدفق الطاقة، إذ إنه مثل الشبكات العصبية، والاتصالات الذهنية، والإنترنت، والواقع الافتراضي».
وأوضحت أن «الخيوط النسيجية التي تخلق صورة مرسومة لأوراق الشجر هي رمز للصلات العقلية بيننا وبين وطننا والعالم من حولنا، فيما ترمز ثمار الشجرة إلى الناس أي أبناء الوطن الأم المرتبطين ببعضهم في محاكاة إنسانية ناطقة لكيفية ارتباطنا جميعاً ببعضنا بعضاً وسيرنا في تيار الحياة نفسه والوجود، ومن ثم تعاوننا مع بعضنا بعضاً القادر على صنع الفرق، حيث نعمل جميعاً من أجل المصلحة العامة، فكما تنمو الأشجار في الغابة لتصبح أقوى وتعيش أكثر، نجتمع معاً، لصنع مستقبل أفضل للجميع».
الألوان
وأضافت فيسوتسكايا أن «الألوان الزرقاء في الشجرة ترمز إلى الطاقة والسرعة والنقاء والتفكير الصافي، إذ إن اللون الأحمر، هو رمز للحيوية وعلاقات الدم والمحبة بين النا، فيما تعطينا تقنية الحياكة اليدوية هنا إحساساً بالهوية والمشاركة في موهبة الفن الفريد والصناعة التقليدية في الوقت نفسه، وذلك بعد أن كانت المنسوجات المنزلية منذ زمن بعيد جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الوطنية في بيلاروسيا، ومن ثم، يعكس العمل الفني فكرة الارتباط العميق بين الأجيال، وإعادة اعتبار التقاليد الشعبية في الثقافة المعاصرة».
حياكة معقدة
وتُعدّ «شجرة المعرفة»، التي صممتها فيسوتسكايا، أول منحوتة نسيجية كبيرة الحجم في تاريخ بيلاروسيا والعالم، إذ يمتد طولها إلى أكثر من 8.8 أمتار، فيما يبلغ وزنها نحو طن.
واستغرق إنشاء هذه المنحوتة الشاهقة وتصميمها وتنفيذها على يد الفنانة نفسها وفريق من المساعدين عامين كاملين، فيما تم بالتعاون مع النحات أليكساندر درانيتس، صُنع نموذج عملي للشجرة يعادل5.1 أمتار.
أما الإطار الداعم للمنحوتة، فقد صُنع من الحديد والصلب المعدني، في الوقت الذي نسجت جميع عناصر تكوينها، بشكل يدوي وباستخدام نحو 500 كيلوغرام من مواد النسيج، منها أكثر من 3000 متر من الحبال ونحو 70 متراً مربعاً من مساحة سطح النسيج.
مكونات
وبيّنت مصممة العمل، لـ«الإمارات اليوم»، أن أكثر من 80% من المواد النسيجية للشجرة، عبارة عن قطن ومواد أخرى من الصوف والأكريليك وخيوط الألياف المختلطة، التي نسجتها بشكل فردي على نول نسج يدوي تقليدي. وأضافت أنها «صبغت أكثر من 80% من الألوان يدوياً، بما في ذلك الحبال والخيوط القطنية، في الوقت الذي تم تغليف خيوط النسيج التي تشكل تاج الشجرة كذلك بشكل يدوي، لتصل أطوالها إلى أكثر من 4000 متر، ما جعل فترة تركيبها في جناح بيلاروسيا في المعرض تطول نوعاً ما، لتستغرق ثلاثة أسابيع من العمل اليومي، وذلك بعد أن تم استكمال جميع تفاصيل هذا العمل الضخم في العاصمة البيلاروسية، مينسك، ومن ثم شحنه إلى دبي على شكل قطع تم تجميعها في المكان.
بساطة
تتجه كريستينا فيسوتسكايا في أعمالها نحو تقديم النسيج في أعمال فنية مميّزة لتستكشف من خلالها إمكانات الجمع بين التقنيات التقليدية والتجريبية وتقنيات النسج اليدوي، والبحث عن توازن بين بساطتها التجريدية والأشكال الطبيعية، فيما تدمج بأعمالها مفاهيم متعددة الأبعاد وموضوعات مختلفة، مثل: موضوعات العالم الداخلي والخارجي للإنسان، والاتصال بجذور الأسرة والثقافة.
• %80 من مكونات الشجرة: قطن وصوف وألياف مختلطة تم نسجها على نول تقليدي.
طول الشجرة يصل إلى 8.8 أمتار، فيما يبلغ وزنها نحو طن.
كريستينا فيسوتسكايا
كريستينا فيسوتسكايا.. فنانة نسيج ومنسقة وباحثة مقيمة في مينسك.
تخرجت في أكاديمية بيلاروسيا الحكومية للفنون عام 2015 كفنانة نسيج. وحصلت على الماجستير في عام 2016 وعلى الدكتوراه عام 2021.
وتعمل كريستينا حالياً محاضراً في مجال فن النسيج والتصميم بقسم الفنون التطبيقية والأزياء في أكاديمية بيلاروسيا الحكومية للفنون.