«الأولينالا» منحوتات مشغولة بأنامل مكسيكية
تحف في «إكسبو دبي» بعبق لا يزول مهما طال الزمن
هنادي أبونعمة À دبي
لا تنتهي عجائب «إكسبو 2020 دبي» الذي أوشك على إسدال الستار على فعالياته، إذ توجد إبداعات بحجم العالم في المعرض الذي يجمع 192 دولة تنافست من أجل إبراز إرثها الثقافي وكنوزها الحضارية، كما هو الحال في جناح المكسيك الذي أبدع حرفيوه في الإعلان عن أنفسهم بمهارة من نوع خاص، مضمخة بـ«عطر أبدي».
ومازالت أمام زوار «إكسبو دبي» فرصة لمشاهدة الفن المعروف باسم الأولينالا «olinalá»، الذي يعرض جناح المكسيك بعض نماذجه في منطقة التنقل.
يحتل فن صناعة الأولينالا أهمية بالغة في المنطقة التي تحمل الاسم نفسه والتي تستأثر وتنفرد بهذا النوع من الفن ليس فقط على مستوى المكسيك، بل على مستوى العالم بأسره. وتقع olinalá في ولاية «غيريرو» الممتدة في جنوب غرب المكسيك، وهي إحدى الولايات الـ31 المنضوية تحت اتحاد المكسيك.
يصنع حرفيو ذلك البلد أعمالهم الفنية المعروفة بالأولينالا، من خشب ذي عطر فريد يعود إلى شجرة تعرف باسم «ليناليو»، تجلب منها الأخشاب التي تمر بعملية تنقية تزيل منها الشوائب المختلفة، والتي من أبرزها يرقات وبيض الحشرات التي تعيش على هذا النوع من الأشجار التي تنمو بشكل طبيعي في غابات تلك المنطقة.
تستخدم تقنية تصنيع الأولينالا في إنتاج مجموعة كبيرة من المقتنيات تشمل الصناديق بأشكالها وأغراضها المتعددة، وأطباق تقديم الفاكهة، وخزائن المجوهرات، وأيضاً لصناعة الطرف الرأسي من أسرّة النوم، وكذلك لصنع مساند الأرائك وبراويز الصور والمرايا، وغيرها.
تستهل عملية تصنيع مقتنيات الأولينالا الفنية بالعمل على حث شجرة ليناليو على تكوين الزيت الذي يعطي خشبها الرائحة العطرية النفاذة التي ستفوح من المنحوتات الفنية، ولن تغيب عنها مهما طال الزمن. وتبدأ العملية خلال حياة الشجرة، وفي الموسم الذي يسبق الأمطار في المكسيك (الواقع بين أغسطس وسبتمبر). وتقوم فكرة التعطير على جرح الشجرة في أماكن مختلفة بخطوط طولية تتسبب في تكوينها مادة سائلة ترسل عبر دورة النظام الغذائي داخل جذع الشجرة، لتتفاعل تلك المادة السائلة عبر النظام مع مياه الشجرة الداخلية مكونة منتجاً ثالثاً يخرج مجدداً خلال موسم الأمطار إلى سطحها على شكل بقع داكنة سمراء تمثل زيت الشجرة العطري الفريد.
وتعتمد صناعة الأولينالا بشكل رئيس على أخشاب شجرة ليناليو، إلا أنه يمكن أيضاً تطبيق تقنيتها باستخدام أنواع أخرى من الأخشاب، وتحديداً خشب الأَرز الأحمر وخشب الشجرة المعروفة باسم «شجرة الصنوبر الأبيض المكسيكي».
بعد قطع الأخشاب، تبدأ الخطوة الثانية في صنع تلك المقتنيات الجميلة، وذلك بتنعيم ألواح الخشب بالفرشاة، ومن ثم رشها بالمبيدات لضمان عدم وجود بيض ليرقات الحشرات بداخلها، ومن ثم تقص على شكل قطع الأثاث المراد تصنيعها، لتبدأ لاحقاً عملية الصقل التي تستعمل فيها خمسة أنواع مختلفة من الحجارة التي تجمع من ثروات الأرض الطبيعية، وتطحن ثم تعجن لاستخدامها في تشكيل طبقات الصقل واحدة تلو الأخرى. وتأتي في المراحل الأخيرة عملية الرسم والتلوين للسطح المصقول الذي عادة ما يتم تحديده بخطوط من الذهب والفضة، ومن ثم يبدأ الرسم بفرشاة مصنوعة من ريش الديك الرومي، وباستخدام الألوان الطبيعية المستخرجة من النباتات الصبغية وأوراق الشجر وبذور الأزهار.
يزخر جناح المكسيك بعدد من تلك المقتنيات الفريدة التي تطلب صنعها شهوراً عدة، إذ يجب أن تجف القطعة تماماً بعد عملية الصقل والحفر والتلوين قبل أن يضاف معدنا الذهب أو الفضة إليها، إذ يعتبران أساساً في مكونات منحوتات تلك الأخشاب بأشكالها وألوانها ونوعية المواد المصنوعة منها، والتي تجعلها تحفاً فنية عضوية يجب الاعتناء بها وحمايتها بوصفها رمزاً لحرفة وصناعة فنية عريقة، وجزءاً مهماً من تراث حضاري لتلك البلاد الغنية بمواردها الثقافية والاقتصادية.
• يزخر جناح المكسيك بعدد من تلك المقتنيات الفريدة التي تطلب صنعها شهوراً عدة.
• مازالت أمام زوار «إكسبو دبي» فرصة لمشاهدة فن الأولينالا الذي يعرض جناح المكسيك بعض نماذجه في منطقة التنقل.
صناعة محمية
أدرجت المكسيك فن الأولينالا ومنتجاته ضمن قائمة من 18 صناعة محمية بالقانون من النسخ والتزوير والاندثار وكل ما يمكن أن ينال منها بوصفها حرفة وثقافة تمثل أحد أجزاء الهوية التراثية للبلاد.