إكسبو.. بنكهة إثيوبية طقوس سعادة وقهوة..
بين رائحة القهوة، وأجواء التاريخ البعيد جداً، والمستقبل الواعد بالفرص، والسعادة، يعيش زائر الجناح الإثيوبي في «إكسبو 2020 دبي»، الذي يزخر بالعديد من المعالم، ليسلط الضوء على الدور الذي تلعبه هذه الدولة مركزاً حيوياً في القارة السمراء، من خلال عرض تراثها، وجهودها للحفاظ على أصالتها وثقافتها.
ومن أبرز محطات الجناح دعوة ضيوف «إكسبو» لتذوق القهوة الإثيوبية المميزة «جابانا»، التي تحضّر في إبريق له شكل فني جميل وطابع معروف.
يصحب الجناح زواره في رحلة عبر ملايين السنين من الحضارة، إذ تستقبلهم الجدة «لوسي»، وهي أقدم حفرية بشرية يعثر عليها، ويقدر عمرها بنحو 3.2 ملايين عام، وتعد أقدم هيكل عظمي لحفرية للبشر يعثر عليها على الإطلاق، ويطلق عليها اسم «دنكنش» باللغة الأمهرية، إذ اكتشفت في شمال شرق إثيوبيا عام 1974، لتمنح ضيوف الجناح فرصة للقاء أقدم حفرية لأسلاف البشر يعثر عليها على الإطلاق والاحتفاء بها.
كما يعرض الجناح قطعاً أثرية تضم عُملات فضية وبرونزية قديمة تجسّد ثقافة إثيوبيا القديمة وعلاقاتها الخارجية.
ويمكن للزوار أيضاً مشاهدة مخطوطات مسيحية أرثوذوكسية إثيوبية قديمة مصنوعة من أوراق نفيسة، إلى جانب مخطوطات إسلامية إثيوبية قديمة مكتوبة بخط اليد. ويضم الجناح الـ«تشو تشو»، وهي أوان مصنوعة يدوياً من الخشب والجلد مزينة تستخدم بشكل شائع لحفظ السولار في شرق إثيوبيا، والطوابع القضائية القديمة، التي تعد دليلاً على عمق الحضارة الإثيوبية.
ويستطيع الزوار مشاهدة الأزياء الإثيوبية عن قرب، وسماع قصص منسوجة من الأقمشة التي تزهو بها الألوان التراثية المفرحة. فكل خيط فيها يروي حكايات عن الثقافة القديمة المقترنة بأفق ومستقبل مليء بالفرص.
وتعرض إثيوبيا في جناحها الواقع في منطقة الفرص، فرصاً كبيرة في مجال الاستثمار في صناعة النسيج والغزل، فأقمشة التريكو والكروشيه والسجاد والملابس المعروضة تظهر مدى جودة وقوة الصناعة في هذا المجال. كما أن المنسوجات في إثيوبيا تطوّرت سريعاً مع تزايد الاهتمام بها لأنها تخلق فرص العمل، بما يؤهل هذا البلد ليصبح واحداً من المراكز الرائدة في إفريقيا في صناعة النسيج مع صادرات متوقعة تبلغ 30 مليار دولار.
يظهر الجناح أن صناعة النسيج وحدها ليست هي أفق إثيوبيا، بل إن مستقبلها يبدو مشرقاً في مجالات السياحة وصناعة الأدوية، والثروة الحيوانية، والصناعات الغذائية، وغيرها من القطاعات الاقتصادية الواعدة التي تعكس المكانة الحقيقية لإثيوبيا.
وباستطاعة الزوار تعلم بعض الأبجدية الأمهرية، وهي لغة إثيوبيا الرسمية، وتعد واحدة من أقدم الأبجديات في العالم، من خلال منصّة يتعلم من يريد كلمات مفضلة لدى الشعب الإثيوبي، مثل: سعادة، وعائلة، وبيت، وقهوة، وصديق، وزهرة.
وقبل أن ينهي الزوار جولتهم في الجناح الإثيوبي، فإن القهوة لها دور في التعرف إلى أصالة البلاد، إذ تقدم لهم القهوة المحضّرة بعناية تصبها فتاة إثيوبية مع ابتسامة تظهر كرم الشعب وضيافته وحفاوة استقباله للضيوف.
ولتناول القهوة في جناح إثيوبيا طقوس يستطيع الزوار تجربتها، إذ يمكن تذوقها جالساً في جلسات للسمر والتواصل، كما يفضل الإثيوبيون تناولها في تلك الطقوس التقليدية الموروثة، التي تأتي بطعم الحكايات والموسيقى.
فنجان إضافي فارغ دائماً
يعد التجمع لاحتساء القهوة تقليداً منزلياً إثيوبياً أصيلاً، بل هو أهم مناسبة اجتماعية لدى الشعب الإثيوبي، ففيه يتشاركون الضحكات والأحزان، ويشكلون جسداً وروحاً واحدة.
وما يثبت ريادة الضيافة الإثيوبية هو وجود فنجان إضافي فارغ دائماً على الطاولة، تحسباً لحضور ضيف غير متوقع، فيتم تقديم القهوة على ثلاث مرات وهي: «أبول وتونة وبركة، فكل حصة منها ترتقي بالروح إلى بُعد آخر، والحصة الثالثة نعمة لمن يشربها»، حسب مسؤولي الجناح عن هذا الطقس الخاص بتناول القهوة في بلدهم.
الجدة «لوسي» تنتظر الضيوف.. وهي أقدم حفرية بشرية يعثر عليها، ويقدر عمرها بنحو 3.2 ملايين عام.
مخطوطات تاريخية مسيحية وإسلامية.. ومنصّة تعرف ببعض الكلمات من الأبجدية الأمهرية.