جناح البوسنة والهرسك.. «فرصة على شكل قلب»
رسم القائمون على تصميم جناح البوسنة والهرسك في معرض «إكسبو 2020 دبي»، كل تضاريسه الداخلية ومنصّات العرض فيه على شكل قلب، أبرزها تلك المنصّة التي ضمّت كوكبة من روّاد الفكر والفن، الذين شكلوا علامات فارقة في تاريخ البلد.
وكشفت جولة ميدانية لـ«الإمارات اليوم» في الجناح الواقع بمنطقة الفرص، أن شكل القلب الذي حُدِد إطاره بخط من الضوء الأبيض، ويضيء سقف الجناح بمرآته البالغ طولها أربعة أمتار وبعرض خمسة أمتار، ينعكس شعاعاً في عدد كبير من صور ونوافذ عرض المقتنيات التراثية المنتشرة في أركان الجناح، الأمر الذي أغنى بشكل عفوي الرمزية التي قامت عليها فكرة التركيز على القلب في جناح البوسنة والهرسك، رسالة وتصميماً.
تحفة
ولم يأتِ اختيار البوسنة والهرسك شعار «فرصة على شكل قلب» لمشاركتها في المعرض الدولي، من لا شيء، إذ إنه ليس فقط يحمل بُعداً إنسانياً ومعنوياً في رسالة البلد الأوروبي للعالم، بل هو أيضاً يستند إلى الحقيقة الجغرافية التي شكلت أراضيها على هيئة قلب إلى حد كبير، واكتمل معها عطاء الطبيعة بجريان أكثر من 280 شرياناً من الأنهار بين جبالها ووديانها، لتضخ الحياة في جنبات هذا البلد بريقاً أخضر وأزرق في تحفة من التضاريس الجبلية والساحلية.
مفكرون وفنانون
ويتوسط الجناح مجسم ثلاثي الأبعاد على شكل الفؤاد، يقع مباشرة تحت مرآة القلب، حاملاً صوراً وأسماءً لكوكبة من المفكرين والفنانين الذين يمثلون أعلاماً فارقة في تاريخ البوسنة والهرسك، هذا البلد الواقع جنوب شرق أوروبا على الحدود بين الشرق والغرب.
وتضم تلك الكوكبة مجموعة من الكُتّاب والشعراء والرسامين، مثل: أيفو إندريتش، والروائي والشاعر الذي نال جائزة نوبل للسلام في عام 1961، واسحاق ساموكوفليا، الطبيب والأكاديمي والروائي، الذي تحوّلت قصصه إلى أفلام سينمائية، حيث رحل قبل أن يشهد فوزها بأهم الجوائز، وأيضاً الرسامة ومؤسسة جمعية الفنانين التشكيليين في البوسنة والهرسك، ميكا تودوروفيتش، وكذلك المسرحي والكاتب والناشر ومؤلف معاجم اللغة البوسنية، أليجا إساكوفيتش، إلى جانب عدد من الأسماء البارزة في صنع الحياة الثقافية في البوسنة والهرسك.
ومن بين المفكرين الذين يسكنون قلب الجناح البوسني، ميحميد إليا ديزدار، المعروف باسم ماك ديزدار، وهو من أهم الشعراء البوسنيين واليوغسلافيين في النصف الثاني من القرن الـ20، وقد ترأس اتحاد كُتّاب البوسنة والهرسك وبقي رئيسه حتى وفاته في عام 1971.
النقوش الصخرية
وربما يجدر التوقف عند ديزدار لأن اسمه ارتبط بنوع من النقوش الصخرية التي تحتل أهمية خاصة في ثقافة أهل البوسنة والهرسك. ويعرض الجناح نماذج صغيرة الحجم لتلك النقوش المعروفة باسم«stećci» (ستيتشي)، التي أولاها ديزدار أهمية كبيرة في كتاباته النثرية وأشعاره.
ويعود عمر تلك التماثيل الصخرية التي كانت تبنى وتنحت كشواهد للقبور، إلى فترة القرون الوسطى في تاريخ البوسة والهرسك.
• 280 شرياناً من الأنهار تضخ الحياة للبوسنة والهرسك.
«الإنتيريجا»
يعرض جناح البوسنة والهرسك قطع أصلية فريدة من الملابس التقليدية تم جلبها من المتحف الوطني، بينها قطعة للفستان الفوقي، «القفطان»، المطرّز المعروف باسم «الإنتيريجا»، الذي كانت ترتديه النساء حتى بداية القرن الـ20. ويصنع «الإنتيريجا» على أنه قطعة فنية، مادتها من قماش مخملي يتم تطريزه بخيوط من الذهب والحرير و«الستان».
ويتم تصمم أكمامه الطويلة بشكل يسمح بمساحة كافية لما يحمله سطحه من كثافة التطريز. وكانت أكثر الألوان المستخدمة في صناعة «الإنتيريجا» الأحمر أو الأسود أو الأخضر الداكن، وذلك لأنها تتناسب مع ألوان التصاميم الذهبية وتظهر جمالها.
وتضم أيضاً نوافذ العرض في الجناح أجزاءً من اللباس التقليدي للرجال التي ترجع للقرن الـ19، مثل اللبادة والقميص المطرّز والسترة المخملية.
«هاجادا ساراييفو»
يعرض جناح البوسنة والهرسك نسخة غير أصلية عن كتاب «هاجادا ساراييفو»، وهي مخطوطة عبرية مزخرفة تحتوي على النص التقليدي المصور من «هاجادا عيد الفصح» المصاحب لعيد الفصح.
وكان المتحف الوطني في ساراييفو اشترى المخطوطة من عائلة سفاردية ساراييفية، تُدعي (كوهين) في عام 1894.
وتعد المخطوطة الشهيرة نادرة، حيث نقشت في إسبانيا خلال العصور الوسطى، في زمن كان الاعتقاد اليهودي فيه يتعارض بشدة مع التمثيل التصويري، امتثالاً للوصية الثانية في سفر الخروج.
وكتبت المخطوطة بخط اليد على جلد العجل المبيّض وزخرفت صورها ومنمنماتها التي تنقل مشاهد رئيسة في الكتاب المقدس منذ الخليقة وحتى موت موسى، بالنحاس والذهب.