الجناح يضيء على حضارات عريقة ومفكرين ورواد كلمة
اليمن يزهو بأسراره وحكاياته المدهشة.. في «إكسبو دبي»
إلى زمن سعيد حفل بالابتكارات والأفكار والمعرفة، يأخذ جناح اليمن زوار «إكسبو 2020 دبي» في رحلة شديدة الخصوصية، ليعيد إلى الأذهان تلك الصورة المبهرة لبلد عربي، صاحب إرث كبير، وحضارة عريقة، ليكشف كيف سبقت هذه الدولة كثيرين، وكيف طبّقت مفاهيم الاستدامة في الزراعة والعمارة والري بشكل لافت.
يتكوّن الجناح اليمني من خمسة أقسام رئيسة: المعرفة، تميمة الجناح، الغرفة التفاعلية، الغرفة المدهشة، وواحة التفكر.
ويقف زوار الجناح أمام «معجزة» علمية في قسم المعرفة، وهي كتاب «الإعلان» للكاتب صفي الدين أحمد بن عبدالله السلمي «الوصابي»، الذي يعتبر فريداً من نوعه بكل المقاييس، إذ يشتمل على علوم الفقه والعروض والمنطق والتجويد والنحو والصرف والمواريث والوصايا والأقدار المتناسبة، وصولاً إلى علم الخط، كتبت بطريقة تتخطى نطاق العقل البشري.
حكاية «الوصابي»
وقالت نائب مفوض الجناح اليمني، الدكتورة مناهل ثابت، لـ«الإمارات اليوم»: «في الكتاب سر لم يره العالم حتى الآن، فقبل قرون من ابتكار أجهزة الكمبيوتر صمم الوصابي خوارزميات تتيح له موازنة الكلمات في كل صفحة، بحيث يمكن قراءتها من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين، ومن أعلى إلى أسفل وبالعكس، وتنقل كل طريقة القارئ إلى علم مختلف في كل سطر من أسطر الكتاب، وفق حساب ذهني لا يمكن أن يستوعبه عقل».
وأضافت أن «قسم المعرفة في الجناح يبرز كذلك السيرة العظيمة لمفكري اليمن، الذي كان على مر التاريخ موطناً للعديد من الشعراء الذين انتشرت أعمالهم في جميع أنحاء العالم العربي».
رموز بارزة
ويستعرض الجناح رموزاً بارزة، سجلت أسماءها بحروف من نور في جدارية المعرفة، من بينهم الأديب والشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح، الذي يعد أحد أبرز الشعراء العرب في العصر الحديث، وكان مثالاً للحكمة والروحانية، وعاش حياته بشرف، هائماً خلف الكلمة، متسماً بالعفوية المتدفقة التي تعبّر عن العواطف القوية.
وشملت القائمة التي يخلدها «إكسبو دبي» الأديب والشاعر عبدالله البردوني، الذي أصيب بالعمى وهو في الرابعة من عمره، وبدأ ينظم الشعر في سن الـ13، ويعد واحداً من أهم الشعراء المعاصرين. وكمكفوف عالج البردوني بيئته بحاستي السمع واللمس أكثر من حواسه الأخرى، واعتمد على موهبته الفطرية بشكل كبير لتلقي ونقل المشاعر والعواطف، متمرداً على قوالب الشعر الثابتة المتوارثة، وانتقل إلى أساليب فنية غير مطروقة.
مقتنيات نادرة
وأوضحت الدكتور مناهل ثابت أن الجناح اليمني حرص على عرض مقتنيات نادرة، ترسخ الجانب المعرفي لحضارة البلاد العريقة، من بنيها عملات قديمة يعود تاريخها إلى مملكة قتبان التي ازدهرت في فترة امتدت من القرن الخامس قبل الميلاد وإلى القرن الأول الميلادي، وامتد نفوذها من وادي بيحان شرقاً حيث العاصمة تمنع، وصولاً إلى البحر الأحمر، واشتهرت بفن العمارة، وبناء الطرق، والتجارة.
وكان قانون قتبان التجاري، بحسب الجناح، من أهم وأقدم التشريعات الاقتصادية في التاريخ القديم، وهي عبارة عن مجموعة من القواعد التي تضبط الأسعار، وتحمي السوق من التلاعب، وتضمن حقوق سكان المدينة في التجارة، وتنظيم الجباية الضريبية، وحماية مصالح الدولة، وتم نقش القانون على حجر طوله متران في المنطقة التجارية بمدينة تمنع.
كما عرض الجناح للزوار أسداً من البرونز، يركبه فارس مصنوع في مملكة قتبان كذلك، إضافة إلى إطلالة على تاريخ الخنجر اليمني الشهير المعروف باسم «الجنبية»، الذي دأب المواطن اليمني على ارتدائه، حتى أصبح جزءاً منه لا يفارقه.
• يعرض الجناح للزوار أسداً من البرونز يركبه فارس مصنوع في مملكة قتبان.
مناهل ثابت:
• «قبل قرون من ابتكار الكمبيوتر صمم الوصابي خوارزميات تتيح له موازنة الكلمات في كل صفحة من كتابه، وفق حساب ذهني لا يمكن أن يستوعبه عقل».
الجنبية.. من قبل الميلاد
ظهرت الجنبية، وفق نائب مفوض الجناح اليمني، الدكتورة مناهل ثابت، من قبل الميلاد، حسبما يظهر في تمثال الملك معد يكرب، وتفنن اليمنيون لاحقاً في صناعتها، فجعلوها عامرة بالنقوش والزخارف الفنية الرفيعة، التي جعلت من الجنبية تحفة نفيسة غالية الثمن، وأصبحت مصدر دخل كثير من الأسر، وعامل جذب للزائرين والسياح.