لوحة وقبعة وممر مائي.. عناوين حكاية بنما في «إكسبو دبي»
جمعت بنما أهم الملامح والرموز التي تعبّر عن ثقافتها وتراثها، في لوحة تعرضها بجناحها في «إكسبو 2020 دبي»، رسمها فريناندو بيزيلير، وتتم إعادة تشكيلها بـ1000 قطعة تركيب، لتبني مشهداً مضيئاً عن أبرز عناوين حكاية بنما التي تربط أراضيها بين الأميركتين الشمالية والجنوبية.
ولا تقتصر أهمية جناح بنما على تلك اللوحة، إذ تكتسي جدرانه بملصقات تبرز حقائق حول هذا البلد الفريد في موقعه بأميركا الوسطى، علاوة على اللباس التقليدي للنساء، والقبعة البنمية الشهيرة، وغيرها من الملامح الثرية، التي قد تلتقي جميعها في لوحة الفسيفساء.
تمتد أراضي بنما بين بحرين متباينين تماماً في الصفات، إلا أنهما يشتركان في إغناء الموارد الطبيعية والسياحية لبنما، هما البحر الكاريبي بمائه الدافئ والصافي المكون لبيئة حاضنة لنمو الشعب المرجانية الكثيفة، والمحيط الهادئ بمياهه الشاسعة والباردة والعميقة والغنية بالمغذيات الطبيعية.
ويبرز الجناح أهمية قناة بنما المائية العريقة، وفرادة عاصمة تعد الوحيدة في العالم التي تضم غابة مطيرة داخل حدودها، كما تشير إلى عدد من المحميات الطبيعية من بينها حديقة باستمينتوس البحرية الوطنية الواقعة على الساحل الكاريبي، وتضم مجموعة نادرة من السلاحف الصقرية، وكذلك متنزه التوس دي كامبانا الذي تأسس عام 1966 على مساحة تحتضن أهم موائل التنوع البيولوجي، تمتد على 4816 هكتاراً.
وتظهر لوحة فريناندو المعروضة في الجناح خريطة بنما التي تتخذ تضاريسها شكلاً طولياً يمتد بأراضيها مسافة تبلغ 770 كلم على المحيط الأطلسي و417 كلم على المحيط الهادئ.
ويظهر في أسفل اللوحة مشهد من بعيد لجزء من بضائع محملة على ظهر سفينة شحن، في إشارة إلى عبور البضائع من قناة بنما التي أنشئت عام 1914، وأكسبت البلد أهمية اقتصادية.
وتمكنت القناة، وهي معبر مائي يصل ما بين المحيطين الأطلسي والهادئ، من تقصير المسافة البحرية بين مدينتي نيويورك وسان فرانسيسكو إلى أقل من 8300 كيلومتر، مقارنة بنحو 21 ألف كيلومتر قبل أن تشق.
واستغرق حفر القناة البالغ طولها 82 كيلومتراً، أكثر من 10 سنوات، ومات نحو 6000 عامل خلال الحفر لشق البحار وتشييد القناة.
أسلوب هادئ
وتعرض اللوحة ضمن مجموعة مقتنيات جناح بنما الذي رتب بأسلوب هادئ وبسيط يريح عين الزائر في جولته. وأسهم إنشاء بنما لسكة القطار الحديدية عام 1850 في تذكية نار «حمى ذهب كاليفورنيا»، إذ كان قطار بنما إحدى وسائل النقل المهمة التي ساعدت الآلاف في الهجرة إلى كاليفورنيا، بحثاً عن الذهب الذي أعلن جيمس مارشال عن اكتشافه في بعض مجاري أنهارها عام 1848، ما أشعل حركة الهجرة في أنحاء الأميركتين وبلدان العالم القديم نحو أراضي الولاية النائية آنذاك.
وكانت سكة قطار بنما التي أنجز تشييد كامل أجزائها عام 1855، الوسيلة الرئيسة لنقل الآلاف بين الساحل الشرقي للولايات المتحدة التي كانت تتصل ببقية دول العالم وبين ساحلها الغربي حيث تقع ولاية كاليفورنيا، ما نشط الحركة التجارية والاستثمارية في الولاية، بغض النظر عما عرف لاحقاً حول حجم وصحة وجود كميات من الذهب في أراضيها وأنهرها.
بقايا كاتدرائية
أحد الصروح الحضارية البارزة التي تظهر في وسط اللوحة، بقايا بناء كاتدرائية السيدة العذراء في البلدة القديمة ببنما، الواقعة في الجزء المتبقي من المدينة الأثرية التي يعود تأسيسها إلى القرن الـ15، المعروفة باسم «بنما فييجو»، والتي كانت أول مدينة أوروبية دائمة، تم بناؤها على ساحل المحيط الهادئ للأميركتين.
ويحتل الوعاء السيراميكي العابر بطريقة صناعته والرسوم المزينة لجدرانه، لثقافات ممتدة إلى ما يقارب 7500 عام مضت، الجزء الأيسر من اللوحة بالنسبة للناظر إليها. وينتمي الوعاء المصنوع من السيراميك الفخاري إلى حضارات السكان الأصليين للمنطقة، لاسيما منطقة موناغريللو، وهي منطقة آثار مهمة تقع في جنوب وسط بنما.
في «اليونسكو»
«قبعة بنما» الشهيرة تظهر في الأعلى في زاوية الجانب الأيسر من لوحة فريناندو بيزيلير، وتعد القبعة أحد الرموز التقليدية، وتسمى أيضاً بالقبعة الأكوادورية أو قبعة قش توكيلا، لأنها تصنع من الأوراق المضفرة من نبات يعرف محلياً باسم نخيل توكيلا. وباتت القبعة شهيرة منذ مطلع القرن الـ20، حتى تمت إضافة فن نسج قبعة التوكيلا الأكوادورية التقليدية إلى قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونسكو» في ديسمبر 2012.
أما الزخرفات الزرقاء التي تظهر في يمين اللوحة فجزء من «البوليرا»، (اللباس التقليدي للنساء في بنما المأخوذ عن الثقافة الإسبانية)، ويتكون من بلوزة بكشاكش تلبس فوق الأكتاف، وتنورة من كشاكش أيضاً بأزرار ذهبية، بحيث تبدو مثل ذيل الطاووس أو المروحة عند رفعها، وعادة ما تكون التصاميم على التنورة والبلوزة على شكل أزهار أو طيور.
وتتميز تصاميم الأقمشة المصنوعة يدوياً في بنما بالنسيج الملون المطرز بخيوط خاصة تستعملها النساء في تزيين البلوزات والتنانير التقليدية، كما تطرز فيها الكثير من الأقمشة ذات الألوان البراقة، المستخدمة في أثاث البيت وفي الحقائب والحلي.
تنوع الثروة الطبيعية
تمثل بنما جزءاً حيوياً من الممر البيولوجي الذي يربط أميركا الشمالية بالجنوبية، وييسر التبادل الكثيف للنباتات والحيوانات، ويضمن تنوع الثروة الطبيعية للحياة البرية والبحرية في تلك المنطقة من العالم. وتشمل المناطق الأحيائية في بنما الغابات الاستوائية المطيرة المنخفضة، والغابات الجبلية الاستوائية، والغابات الاستوائية الجافة، والأراضي الرطبة عذبة المياه، وغابات المانغروف.
• 1000 قطعة تركيب، تبني مشهداً عن ذلك البلد الذي يربط بين قارتين.
• تتميز تصاميم الأقمشة المصنوعة يدوياً في بنما بالنسيج الملون المطرز بخيوط خاصة تستعملها النساء في تزيين البلوزات والتنانير التقليدية.