مجسّمات طينية وجيرية شاهدة على إرث غني

ليبيا تزهو بـ «قوس ماركوس» والسراي الحمراء

صورة

تمثل مجموعة من المنحوتات الطينية والجيرية المعروضة في الردهة الرئيسة بالجناح الليبي، في «إكسبو 2020 دبي»، شواهد على الثقافات والحضارات التي تعاقبت على «مخزن الغلال في الشرق»، وهو الاسم الذي كان يطلق على ليبيا في زمن الإمبراطورية البيزنطية التي اعتمدت عليها مركزاً تجارياً يشكل همزة وصل بين الشرق والغرب، وبين أواسط إفريقيا وسواحل البحر الأبيض المتوسط.

وتمتلك ليبيا التي عاش فيها البربر منذ العصر البرونزي إرثاً من الثقافات والحضارات يمتد آلاف السنين، حيث قام الفينيقيون بتأسيس مراكز تجارية في غرب ليبيا، وقام الإغريق اليونانيون القدماء بإنشاء مدن في شرقها، كما حكمها الفرس والمصريون والإغريق قبل أن تصبح جزءاً من الإمبراطورية الرومانية.

أما الإمبراطورية الإسبانية فقامت باحتلال طرابلس في القرن الـ16، ليتبعها حكم العثمانيين عام 1551، وبموجب اتفاقية بين العثمانيين وإيطاليا أصبحت ليبيا مستعمرة إيطالية من عام 1911 إلى 1943.

اعتزاز بالأصول

الإمبراطور الروماني الـ21 لوسيوس سيبتيموس سيفيروس، الذي ولد عام 145 في مدينة لبدة الكبرى عاصمة إقليم طرابلس آنذاك، حضر شامخاً بين منحوتات الجناح الليبي، وتؤكد المراجع التاريخية فخره واعتزازه بأصوله الليبية، وخلال استلامه الحكم الإمبراطوري طور مسقط رأسه لبدة الكبرى، فأنشأ فيها مباني وحمامات عدة، وشيّد توسعات في الأسواق والمسارح، وغيّر العاصمة من روما إلى لبدة الكبرى. وشهدت ليبيا خلال حكمه عهداً من الازدهار في الزراعة والتجارة.

أثر روماني

وليس بعيداً عن سيفيروس تظهر في الجناح منحوتة لـ«قوس ماركوس أوريليوس» الموجود في العاصمة الليبية طرابلس، وهو أثر يخلد ذكرى الإمبراطور الروماني الذي حكم بين 160 و180 ميلادية.

ويعدّ القوس الذي شيّد عام 163م الأثر الروماني الوحيد المتبقي في مدينة طرابلس، ويقع في حي باب البحر شمال المدينة القديمة ويجاوره جامع قرجي القديم. وتمثل اتجاهات أبواب قوس الإمبراطور الروماني ماركوس أنقاض المدينة الفينيقية القديمة التي بُنيت على أنقاضها المدينة الرومانية.

وسيتسنى لزوّار الجناح أيضاً التعرف إلى قلعة طرابلس، المعروفة بـ«السراي الحمراء»، وهي شاهد عريق على الحضارات التي استوطنت ليبيا، حيث بُنيت على بقايا مبنى روماني ضخم، يعتقد أنه كان أحد المعابد أو الحمامات الكبيرة، دل عليها أعمدة وتيجان رخامية ضخمة تعود إلى القرن الأول أو الثاني الميلادي، عثر عليها أسفل الطريق الذي كان يخترق القلعة من الشرق إلى الغرب.

واحة نخيل

وتطل أيضاً في منحوتات الجناح مدينة غدامس، الواقعة قرب مثلث حدود ليبيا مع تونس والجزائر، التي توصف بأنها واحة نخيل، وترتبط بالعاصمة طرابلس عبر طريق بري يمتد 600 كم ويمر تحت جبل نفوسة، وهي السلسلة الجبلية الممتدة من مدينة الخمس إلى مدينة نالوت. وصنّفت منظمة التربية والعلم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (يونسكو) غدامس القديمة مدينة تاريخية ومحمية.

ومن بين الشواهد الموجودة في الجناح أيضاً مجسم لفرقاطة «يو إس إس فيلادلفيا»، الذي يشير الى عهد أظهرت فيه ليبيا بطولات عسكرية، فقد أبحرت الفرقاطة الأميركية قبالة سواحل طرابلس في 31 أكتوبر عام 1803، وجنحت في صخور خارج ميناء طرابلس، لتسقط في مرمى المدافع الليبية المنطلقة من الشاطئ والقوارب الحربية وتعلن استسلامها للطرابلسيين، ويقع قبطانها والطاقم في قبضة باشا طرابلس.

وكان طاقم الفرقاطة فيلادلفيا مؤلفاً من 307 أفراد بينهم ضباط، ولايزال ساري السفينة موجوداً في ركن «السراي الحمراء» في طرابلس مطلاً على ميدان الشهداء.

منارة بنغازي

ضمّت المعالم الأثرية في الجناح الليبي مجسّماً لـ«منارة بنغازي»، التي شيّدت عام 1922 على ساحل البحر المتوسط، وهي من أبرز مظاهر العهد الإيطالي بمدينة بنغازي. وأقيمت المنارة البالغ ارتفاعها 41 متراً في مركز المدينة الحديثة فوق مدينة برنيق الإغريقية القديمة، وتضيء المنارة بشكل دائري كل ثلاث ثوانٍ بضوء أبيض، يمكن مشاهدته على بُعد 17 ميلاً بحرياً.

تويتر