نقل العمال من المدينة إلى مصفح قد يرفع أسعار البناء في مشروعات 20٪. تصوير: إريك أرازاس

شركات مقاولات تطالب بتأجيل نقل العمالة إلى مصفح

طالب مسؤولون في شركات مقاولات ومكاتب استشارية بالإبقاء على مساكن العمال داخل المشروعات إلى حين الانتهاء من تنفيذها، محذرين من ان انتقالهم في الوقت الجاري سيرفع أسعار البناء في المشروعات الجديدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بنسبة قد تصل إلى 20٪. لافتين الى أن تجمع العمال في مكان واحد، سيتسبب في اختناقات مرورية خلال اوقات خروجهم للعمل صباحاً وعودتهم مساء. فضلاً عن أن معظم الشركات لا تجد مسكناً شاغراً للعاملين فيها داخل المدن العمالية، التي تطلب اسعاراً اعتبروها مُبالَغاً فيها ولا تناسب الإمكانات المالية للشركات المتوسطة والصغيرة.

وكانت بلدية أبوظبي قررت أخيراً إلزام أصحاب المنشآت من مكاتب استشارية وشركات تسكين عمالها في المساكن العمالية التابعة للمؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة، وفقاً للقرار الإداري الذي أصدرته دائرة الشؤون البلدية رقم (83) لسنة 2010 عند إنجاز معاملاتهم. ونصت المادة الأولى من القرار على إلزام المكاتب الاستشارية والهندسية والشركات بمختلف أنواعها عند تقديمها لطلب الحصول على الخدمات البلدية بصفة عامة، وخدمة العملاء وتراخيص البناء وتوثيق العقود وطلبات الأراضي وغيرها، تقديم مستندات بأسماء العمال والفنيين العاملين لديها، وإقرار ما يثبت إسكانهم في المناطق الصناعية المخصصة لذلك.

وألزمت بلدية أبوظبي المنشآت بالتوقيع على تعهد بتعديل وضع العمالة المسجلة لديهم، حسب كشوفات وزارة العمل في مدة اقصاها ثلاثة أشهر (90 يوماً) اعتباراً من تاريخ توقيع التعهد، كما ألزم التعهد أصحاب المنشآت باستيفاء الشروط الخاصة بمساكن العمال التابعة للمؤسسة العليا الصناعية للمناطق الاقتصادية المتخصصة .

وطالب المقاول محمد سعد حسين، من شركة «النهر الأزرق للمقاولات»، الجهات المعنية بالإبقاء على العمال في مواقع عملهم إلى حين انتهاء البرنامج الزمني لتنفيذ مشروعه، لافتاً إلى أن أبوظبي تنفذ أعمال بنية تحتية في شوارع السلام والمرور ووسط المدينة، وهي في غنى عن أية اختناقات مرورية إضافية.

وقال إن تجمع العمالة في مكان واحد ثم إعادة توزيعها على فترتين صباحية ومسائية، من شأنه أن يتسبب في اختناقات مرورية داخل أبوظبي وخارجها، ويزيد من الأعباء المالية على المقاولين والمكاتب الاستشارية.

قرار ملزم

 

أفاد مسؤول في بلدية أبوظبي بأن قرارات دائرة الشؤون البلدية باعتبارها الجهة التنظيمية، ملزمة لجميع بلديات أبوظبي والعين والمنطقة الغربية، لافتا إلى عدم إنجاز معاملات الشركات والمكاتب الاستشارية أو استخراج رخص لها، إلا بعد تقديم ما يثبت تسكين عمالهم في المدن العمالية.

وأكد أن التسكين داخل المدن يضمن للعامل إقامة في مكان مكتمل المرافق والخدمات، مؤكدا ان القرار سيسهم بشكل كبير في الحد من السكن العشوائي للعزاب داخل العاصمة أبوظبي، وسيحفظ للعامل حقوقه وأدميته.

وأفاد بأن تأثيرات الأزمة الاقتصادية وتوابعها على السوق تفرض تقديم التسهيلات التشريعية لمساعدة شركات المقاولات على الخروج من تأثيراتها، مؤكداً أن زيادة الأعباء المالية على كاهل تلك الشركات سيعجل خروجها من السوق.

واعرب المهندس رياض فرج، من مكتب «الخليج العربي للاستشارات الهندسية»، عن اعتقاده أن تسكين عدد كبير من العمال داخل المساكن العمالية في مصفح سيجعل مخارجها شبه مغلقة مرورياً، خصوصاً في ساعات الصباح الأولى المتزامنة مع الخروج إلى العمل لمعظم الشركات الأخرى، لافتاً إلى وجود معسكر عمال في جزيرة الريم يتسع لـ25 ألف عامل، ألزمتهم بلدية أبوظبي بالتسكين في المدن العمالية، مقترحاً بقاء تلك العمالة لحين انتهاء أعمالها تجنباً لسلبيات ترحيلها إلى المصفح إذ ستحتاج إلى عشرات السيارات للوصول إلى مواقع العمل، الأمر الذي يشكل عبئاً مرورياً إضافياً.

ورأى أن قرار تسكين العمال سينعكس على زيادة أسعار البناء والتقييم المالي للمشروعات الجديدة، مؤكداً أن الشركات لن تتحمل أعباء مالية من خزينتها، متوقعاً زيادة أسعار البناء بنسبة قد تصل إلى 20٪ ، خصوصاً للمشروعات المطروحة بالمناقصات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، معتبراً أن ترحيل العمال من مواقع عملهم سيزيد من تزاحم الطرقات بالسيارات.

وطالب المهندس محمد فتحي، من شركة السرور للمقاولات، ببقاء العمال داخل مواقع عملهم في المشروعات القائمة، لافتاً إلى أن أبوظبي تمتلك حالياً أجندة أعمال بنية تحتية كبيرة وشبكة طرقات في مناطق مختلفة تحتاج إلى مزيد من الوقت للانتهاء منها.

وأضاف ان عدداً كبيراً من المشروعات في أبوظبي راوحت نسبة إنجازها بين 30٪ و80٪ وأن معظم أعمالها سينتهي في مدة أقصاها عامان من الآن، مضيفاً «يمكن استثناء هؤلاء العمال من الانتقال، على ان ينفذ القرار على عمال المشروعات الجديدة».

وقال محسن فرج (مقاول) إن معظم الشركات لا تجد مسكناً لموظفيها في المدن العمالية، لافتاً إلى عدم تناسب أسعار الغرف مع القدرات المالية لمعظم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأكد ان معظم الشركات «لم تجد مكاناً شاغراً داخل المدن لتسكين عمالها»، مشيراً إلى احتمال عجز تلك الشركات عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه بلدية أبوظبي، وأفاد أن البلدية ألزمت الشركات بالتوقيع على تعهد بتعديل وضع العمالة لديها في مدة أقصاها ثلاثة أشهر.

وانتقد المثمّن والخبير العقاري رشيد أبوحجلة توقيت القرار، وقال «حينما كان سعر البناء 5000 درهم والسوق منتعشة، لم تصدر مثل هذه القرارات»، وتابع أن «القرار صدر على الرغم من الركود ووصول سعر متر البناء إلى 2000 درهم»، ورأى أن القرار سيحمل الشركات أعباء مالية إضافية. وأفاد بأن إدارة المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة (إيكاد)، أعلنت أن الطاقة الاستيعابية سترتفع بنهاية العام الجاري لاستيعاب 300 الف عامل، لكن ذلك لم يحدث، ولا تجد الشركات مساكن شاغرة، لافتاً إلى أن 700 ألف عامل يسكنون في مصفح وحدها، وان شركات المقاولات في أبوظبي تمتلك 300 ألف عامل ولا يوجد مكان لتسكينهم جميعاً، مشيراً إلى حصول الشركات على مخاطبات من إدارة «إيكاد» لبلدية أبوظبي بعدم وجود شواغر للتسكين.

الأكثر مشاركة