بركة المياه التي غرق فيها الشقيقان سلطان وخالد.. وفي الاطار صورتيهما. الإمارات اليوم

البصيرة تشيع جثماني الـشقيقين سلطان وخالد

شيع أهالي البصيرة، التابعة لمدينة دبا الفجيرة، أمس الطفلين الشقيقين سلطان غاصب (14 عاماً) وخالد غاصب (13 عاماً) اللذين قضيا في حادثة غرق في حفرة كبيرة تركتها إحدى الشركات من دون ردم، فتجمعت فيها مياه الامطار، وسط مشاعر من الغضب بين أهالي المنطقة الذين فجعوا بالحادثة، ووجهوا اتهاماتهم إلى بلدية دبا الفجيرة بالتسبب في وفاة الطفلين، لاهمالها الحفرة وعدم الاستجابة لمطالبهم في حل المشكلات الخاصة بالمنطقة، وشارك في التشييع حشد غفير من أهالي المنطقة.

وكان أهالي البصيرة فجعوا، أول من أمس، بوفاة الشقيقين المواطنين في الحفرة التي تبلغ مساحتها نحو 300 متر مربع، فيما يصل عمقها إلى أكثر من 10 أمتار، وتركتها، وفقاً لروايات السكان، إحدى شركات المقاولات.

ونأى مدير دائرة الأشغال العامة في الفجيرة سالم المكسح، بالمسؤولية عن دائرته، وقال إن الموضوع من اختصاص جهات أخرى وليس الأشغال، في تلميح إلى البلدية التي حاولت «الإمارات اليوم» الاتصال بمديرها العام للحصول على رده، لكن تعذر ذلك، على الرغم من استمرار الاتصالات.

ووفقاً لروايات من السكان، فإن الموقع خطر، ويفتقر الى اللوحات الارشادية، التي تمنع من الاقتراب منه، ما يجعل البركة خطراً ماثلاً أمام السكان.

محاولة إنقاذ

أفاد المواطن أحمد محمد مليح، من مدينة دبا، بأنه ساعد في انتشال الطفل الثاني من حفرة البصيرة، مشيراً إلى انه لم يتردد في محاولة إنقاذ الطفل الغريق عندما سمع بالحادثة، كونه يعرف السباحة والغوص.

وتابع: «جازفت بحياتي احتساباً للأجر من عند الله، مع أن الأهالي نصحوني بعدم النزول، لكني أصررت على ذلك، وألقيت بـ(الألياخ)، بمساعدة شيخ مسن من المنطقة نتقن أنا وهو السباحة، إذ إننا متعودان على البحر ومواجهة صعابه، فنجحنا في انتشال الجثة، وبعدها تقدم الدفاع المدني وتدخل في العملية».

وحمّل مدير إدارة الدفاع المدني في دبا الفجيرة المقدم سليمان الشجاع، المسؤولية للبلدية ودائرة الأشغال في دبا، لاهمالهما هذه الحفرة، مناشداً البلدية في دبا التحرك للكشف عن السدود الجبلية، ووضع اللوحات والسياج، لعدم تكرار هذه الحوادث. ووصف الشجاع الحادث بأنه مأساوي، مشيراً إلى أن الدفاع المدني تعامل معه منذ لحظة وصول البلاغ، نافياً أي تقصير من جانبه.

ولفت إلى أن «عملية الانقاذ وانتشال الجثة الأولى قام بها أحد الآسيويين، قبل وصول الدفاع المدني والجهات الأخرى ذات الصلة، في حين انتشلت جثة الثاني بعد سحبها عن طريق (الألياخ) المستخدمة في الصيد من الأهالي والشباب الموجودين».

وأضاف الشجاع أن دفاع مدني المنطقة «لديه الامكانات لمواجهة مثل هذه الحوادث»، لكنه تابع أن «الحفرة عميقة، ولم تكن لدينا معلومات دقيقة حول مدى ذلك العمق، الامر الذي يجعل من الصعب المغامرة بإنزال شخص في حفرة هي عبارة عن مستنقع مملوء بالمياه والاوحال».

وقال إن «المفترض أن يكون هناك دليل ارشادي حول البركة، على غرار الدليل الموجود لدينا حول سد البصيرة المجاور لموقع البركة».

وأكدت شقيقة المتوفيين، مريم سعيد غاصب، أن ما حدث إهمال مؤكد من البلدية، مشيرة إلى أن شقيقيها خالد وسلطان من المقربين إليها، من بين أشقائها وشقيقاتها الخمسة عشر، إذ إنهما كانا ملازمين لها، ويلعبان مع أطفالها باستمرار. وتابعت: «في يوم الحادث استأذناني للخروج للعب بعد صلاة العصر، كون والدتي مسافرة مع أختي للعلاج من مرض اللوكيميا في ألمانيا. وسمحت لهما بذلك، ولم أتوقع أن يصابا بمكروه، ولكنه قضاء الله».

وأفاد سعيد عبدالله، وهو ابن عمة الطفلين، بأن الحفرة المملوءة بالمياه موجودة منذ نحو عام، لكن لم تتحرك البلدية للتخلص منها أو تسييجها، أو حتى وضع علامات تحذيرية في محيطها، لمنع الأطفال من الاقتراب منها.

وأضاف سعيد أن المنطقة مملوء بمثل تلك الحفر التي تتركها الشركات التي تنقل الرمال والصخور من المنطقة. وتابع أن كثيرا من المواطنين راجعوا البلدية مراراً، لكن من دون جدوى، وتساءل: «كيف صرّحت البلدية بالحفر لتلك الشركات من دون اخذ الاحتياطات الأمنية في المكان؟».

وتحدث عن تفاصيل الحادث، وقال إن الطفلين خرجا برفقة اثنين آخرين من الجيران، في مهمة عائلية، ولدى عودتهما توقفا في الطريق أمام الحفرة، فنزل سلطان لمشاهدة المياه المتجمعة، لكن رجله انزلقت فجرفته المياه نحو الاسفل، وصرخ مستغيثاً بشقيقه خالد الذي هرع لإنقاذه، لكنه لم يتمكن من ذلك وغرق مع شقيقه في المكان نفسه، في حين سارع أحد الاطفال المرافقين لهما، إلى البيت لإبلاغ والدهما، في الوقت الذي بدأ آسيويان كانا في المكان مصادفة، في محاولة لإنقاذهما، إلا أنهما تمكنا من انتشال أحدهما، وقد أخرج من المياه حياً، لكنه لفظ أنفاسه الاخيرة خلال محاولات إسعافه، فيما بقي الثاني ساعات حتى جاءت فرق الانقاذ، وانتشلت جثته بمساعدة الأهالي. ولام سعيد بلدية دبا الفجيرة ودائرة الأشغال على إهمال المنطقة.

وأكد أن الحادث يذكر بالحادث الذي وقع منذ ثلاثة اشهر عندما أصيب طفلان إصابات بليغة إثر تعرضهما للاحتراق في مكب نفايات في منطقة القرين، في دبا، بفعل إهمال البلدية والسماح للمصانع برمي المخلفات فيها. واعتبر سعيد أن تكرار الحوادث الناجمة عن إهمال الجهات المختصة بات مصدراً لقلق السكان، في مناطق مثل الحلاة والبصيرة، بسبب ترك المصانع تمارس أنشطتها كيفما شاءت بعيداً عن الرقابة. وطالب المواطن محمد الحايري، بإيجاد حل جذري لما وصفه بالاهمال والتسيب في المنطقة، وما نتج عنهما من إزهاق أرواح بريئة.

وقال الحايري: «لجأنا الى بلدية دبا الفجيرة في أكثر من مناسبة، وطالبناها بإصلاح الشوارع وتخليص المنطقة من الحفر، لكن لا حياة لمن تنادي».

وتساءل علي اليماحي: «لماذا الحفرة إذا كان هناك سد في المنطقة لتجميع مياه الأمطار؟»، مناشداً بتعيين مسؤولين يفتحون الابواب أمام المواطنين ويقتربون منهم لحل مشكلاتهم.

الأكثر مشاركة