مواطنون في «البريد» يطالبـون بإعادة هيكلة رواتبهم
شكا عشرات المواطنين من العاملين في مؤسسة بريد الإمارت سوء أوضاعهم الوظيفية والحوافز المالية التي يحصلون عليها منذ سنوات، مؤكدين أنها لا تفي بالحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية، مطالبين بإعادة هيكلة رواتبهم، وشمولهم بزيادة رواتب موظفي الحكومة الاتحادية باعتبار البريد مؤسسة اتحادية مستقلة.
في المقابل، أكّدت مؤسسة بريد الإمارات أنها طبقت نظاماً جديداً لتوسيع نطاق بعض المزايا للموظفين مثل بدل تعليم الأبناء وبدل تذاكر السفر، التي كانت تقتصر على فئة محددة، لتشمل شريحة أكبر من الموظفين، لافتة إلى أنها تتبنى أرقى النظم الإدارية والممارسات المتبعة في مجال إدارة الموارد البشرية.
وتفصيلاً، قال المواطن أبو عبدالله، إنه يحمل شهادة جامعية ويعمل في بريد الإمارات منذ نحو سبع سنوات ولا يتجاوز راتبه 16 ألف درهم شاملة البدلات كافة، مؤكداً أنه لم يحصل على ترقية واحدة خلال مدة عمله في المؤسسة، على الرغم من حصوله على أعلى الدرجات في تقييم أدائه السنوي.
وأشار إلى أنه أرسل العديد من المطالبات لمسؤولي المؤسسة لزيادة راتبه حتى يستطيع أن يفي باحتياجات أسرته في ظل الغلاء المتواصل لكل احتياجات المعيشة، إلا أن المسؤولين كانوا يردون بضرورة الانتظار حتى الانتهاء من إعادة الهيكلة، وعندما تم الإعلان عن الهيكلة الجديدة للموظفين لم يزد فلساً واحداً في راتبه، مطالباً بإعادة هيكلة رواتبهم.
آلية تلقّي الشكاوى أفاد مدير عام الهيئة الاتحادية للموارد البشرية، الدكتور عبدالرحمن العور، بأن الهيئة أعدت آلية محددة لتلقي شكاوى وتظلمات المواطنين الموظفين من خلال لجنة خاصة في كل جهة اتحادية، وفي حال عدم رضا الموظف عن قرار اللجنة بإمكانه التظلم لدى هيئة الموارد البشرية، وتالياً بإمكانه التظلم مرة أخرى ورفع شكواه إلى الجهات القضائية. وأشار العور إلى أن قرار زيادة رواتب المواطنين في الحكومة الاتحادية أوجد آلية لتنفيذه في الجهات الاتحادية المستقلة، تتلخص في أن كل جهة تطبق قانون الموارد البشرية عليها أن تقدم مقترحاً في حال كانت ترى أن رواتب موظفيها أقل من رواتب موظفي الحكومة الاتحادية بعد هذه الزيادة، ويرفع إلى وزارة المالية على أن يتم نظره من خلال لجنة مشتركة مع هيئة الموارد البشرية، وبعدها يتم رفعه إلى مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بشأنه، ما يعني أن طلب زيادة الرواتب لابد أن يأتي من الجهة المستقلة نفسها وليس من أفراد، وهو ما تم بالفعل مع بعض الجهات، في حين رأت جهات أخرى أن رواتب موظفيها مرتفعة. وفي ما يتعلق بنظام الترقيات في الجهات المستقلة أفاد العور بأن الهيئة دورها الرئيس هو موظفو الحكومة الاتحادية، والتأكّد من أن كل الأنظمة والقوانين واللوائح الداخلية موضوعة بطريقة سهلة والمساعدة على تنفيذها بطريقة سليمة وفقاً لقوانين الموارد البشرية، وأشار إلى أن حدود تطبيق هذه القوانين منصوص عليه في مراسيم إنشاء هذه الجهات، بمعنى أن كل جهة لديها إجراءاتها ولوائحها المستقلة. |
وقالت (أ.س) موظفة في قسم الموارد البشرية لـ«الإمارات اليوم»، إن النظام الجديد في المؤسسة لم يفرق بين الموظفين على أساس الخبرة أو المؤهل العلمي، وإنما بحسب المسمى الوظيفي لهم أو الدرجة التي يشغلونها، وهو ما جعل على سبيل المثال موظفاً بالفرع الذي تعمل فيه لديه 23 سنة خبرة يتم تسكينه على درجة أقل من الموظف الذي تم تعيينه حديثاً، كما يساوي بين الموظف الحاصل على الدكتوراه والموظف الحاصل على الثانوية العامة طالما يشغلان المسمى نفسه.
وأكّدت أن موظفي خدمة العملاء يشغلون الدرجة الـ11 في جميع مكاتب المؤسسة في الإمارات، مضيفة أن آخر أربع سنوات لم تشهد ترقية أي موظف.
وأوضحت أن سبب عدم زيادة رواتب بعض الذين تمت إعادة هيكلتهم لدرجات أعلى بحسب النظام الجديد هو الفرق الشاسع بين بداية مربوط الدرجة ونهايته.
وأيدها المواطن أبومريم، قائلاً إنه يعمل منذ سبع سنوات في المؤسسة، حصل خلالها على ترقية استثنائية من الدرجة الثالثة إلى الرابعة بعد تقييمه بدرجة ممتاز مرات عدة وحصوله على شهادة الدبلوم، إلا أن النظام الجديد للهيكلة وضعه في الدرجة الـ11 وهي درجة أقل من الدرجة التي يجب أن يكون عليها، لأنها تساوي بينه وبين أي موظف جديد يلتحق بالعمل.
وحول زيادة رواتب العاملين في الحكومة الاتحادية الأخيرة، قال أبوراشد، إن جميع الموظفين المواطنين اعتبروا هذه الزيادة طوق نجاة لهم للخروج من أوضاعهم المالية الحالية وتأثيرها المباشر في أوضاعهم الاجتماعية إلا أنهم أبلغوا من المدير التنفيذي للمؤسسة في اجتماع ضم عدداً من الموظفين خلال الشهر الجاري، أن المؤسسة غير مشمولة بهذه الزيادات، ما أصابهم جميعاً بالإحباط ودفع البعض للتفكير في تقديم استقالته والبحث عن عمل آخر.
وقال موظف آخر يعمل ناظراً لأحد المكاتب، إنه تمت ترقيته من وظيفة كاتب شباك إلى مدير فرع منذ سنوات عدة، إلا أن ذلك لم ينعكس على درجته الوظيفية أو الراتب أو البدلات التي يحصل عليها، انتظارا لإعادة الهيكلة التي أعلن عن البدء فيها منذ نحو ثلاث سنوات ولم تتم خلالها أي ترقيات أو زيادات على الرغم من الطلبات التي قدمت للمسؤولين بهذا الشأن، وبعد الإعلان عن الهيكلة الجديدة اكتشف أنه لم يستفد منها في شيء.
وأفاد (ح.م) بأنه اجتهد بعد تعيينه في المؤسسة واستطاع الحصول على شهادة الثانوية العامة منذ تسعة أشهر على أمل تحسين راتبه ودرجته الوظيفية، إلا أنه لم يجد أي استجابة من قبل المؤسسة وهو ما عاناه عدد من الموظفين الذين حصلوا على شهادات دراسية مختلفة لتحسين أوضاعهم الوظيفية دون جدوى، متسائلاً «كيف يمكن أن يعيش ويكوّن أسرة وينفق عليها من راتب لا يتجاوز 11 ألف درهم، يتم اقتطاع أغلبها في أقساط سيارة والتزامات مالية أخرى».
من جانب آخر، أفادت مؤسسة بريد الإمارات في رد كتابي على استفسارات «الإمارات اليوم» بشأن الشكاوى، بأن النظام الجديد الذي تبنته عبارة عن عملية تطوير شاملة، مؤكدة عدم التخلي عن أي من موظفيها أو خفض الامتيازات المالية المكتسبة، موضحة أن النظام جاء لتوسيع نطاق بعض المزايا مثل بدل تعليم الأبناء وبدل تذاكر السفر التي كانت تقتصر على فئة محددة لتشمل شريحة أكبر من الموظفين.
وأضافت أن النظام الجديد يتمتع بالصدقية والشفافية في ما يتعلق بالتدرج الوظيفي بعيداً عن الآراء الشخصية والمزاجية في التقييم، فقد استحدث آلية جديدة لتنظيم عملية الترقية أو الزيادة في الراتب بناءً على معايير المهام الوظيفية وسنوات الخبرة والمؤهل العلمي المناسب للوظيفة وتقييم الأداء.
وفي ما يتعلق بعدم تطبيق المجموعة للزيادت المعلن عنها لموظفي الجهات الاتحادية، قالت إن المجموعة هي مؤسسة اقتصادية ربحية ذات ميزانية مستقلة، لذا فإن الزيادة المالية للموظفين تتم وفقاً لعوامل محددة تتناسب مع النتائج المالية للمجموعة، بجانب دراسة عوامل التنافسية في السوق والكلفة التشغيلية للخدمات، كما يتم دراسة عوامل تقييم الأداء وتحفيز الموظفين، ومن ثم يتم العمل بشكل دوري على إعادة النظر في هذا الموضوع بما يحقق التنافسية والفائدة الأكبر لجميع موظفيها. ونفت المؤسسة ألا يكون هناك تفرقة بين الموظفين على أساس الخبرة، مؤكدة أن الخبرة عامل مهم عند التسكين في الدرجة، حيث يبلغ الفارق بين بداية مربوط الدرجة ونهايته نحو 100٪، مشيرة إلى أن النظام الجديد لا علاقة له بالترقيات، لأنه نظام لتقييم الأداء يهدف إلى مساعدة الموظفين على معرفة المهام الموكلة إليهم وقياس أدائهم.
وفي ما يتعلق بسلم الرواتب كشفت المؤسسة أنها أجرت مسحاً ميدانياً لسوق العمل داخل الدولة والدول المجاورة بواسطة شركة متخصصة في هذا المجال، وتم عمل مقارنات معيارية للرواتب والمميزات، وأظهر المسح أن المزايا والرواتب التي تقدمها المجموعة تفوق نظيراتها من الشركات المنافسة.