موظفون: نتعرض لضغــــوط من إدارات بنوك لترك وظائفنا
قال مواطنون عملوا في بنوك بالدولة، إنهم يتعرضون لاضطهاد لإجبارهم على الاستقالة من وظائفهم ، إذ اتبعت إداراتها أساليب عدة لدفعهم إلى ترك العمل، موضحين أن من الأساليب التي مورست ضدهم عدم ترقيتهم وإجبارهم على الانتقال إلى العمل في مناطق أخرى، وتخيير المواطن بين خفض درجته الوظيفية أو الاستقالة، وصولاً إلى الحرمان من المكافأة السنوية، على الرغم من الإشادة بهم وأدائهم على مدار العام.
المنافسة على المواطنين فند رئيس إدارة الموارد البشرية في بنك إسلامي، فضل عدم ذكر اسمه، الشكاوى من إجبار مواطنين على الاستقالة، قائلاً إنه على العكس، فإن «البنوك تتنافس في ما بينها لاجتذاب المواطنين حتى إنها اتفقت ضمنياً على عدم السماح بتنقل الموظفين المواطنين في ما بينها، كما أن لجنة تنمية الموارد البشرية في القطاع المصرفي والمالي، المسؤولة عن التوطين في القطاع، قررت مواجهة هذه المنافسة بأن اقترحت على البنوك توظيف نسبة 1٪ فقط من داخل القطاع، على أن تكون نسبة 3٪ من الخريجين الجدد». وأضاف أن «الادعاء بأن البنوك تجبر قدامى الموظفين من ذوي الرواتب العالية على الاستقالة من أجل استبدالهم بموظفين جدد هو ادعاء غير صحيح، لأنه لا يوجد من يقدم على مثل هذه الخطوة، فكيف هي الحال في القطاع المصرفي الذي يعد من القطاعات الفنية المتخصصة». وأشار إلى أن «مسألة استقدام طلاب جدد على الورق لزيادة نسبة التوطين بخلاف الواقع هو اتهام غير منطقي، لأن البنوك تدفع رواتب للمتدربين، وفضلاً عن ذلك، فإن هناك جهات رسمية تراقب ما إذا كان هؤلاء الموظفون يداومون يومياً أم لا». |
وأكدوا أن ما تذكره إدارات البنوك عن الوصول إلى نسب عالية من التوطين يخالف الحقيقة، إذ تتعمد تعيين عدد من الخريجين الجدد الذين يتقاضون رواتب متدنية بعد إنهاء خدمات أو قبول استقالة العمالة التي لديها خبرة، مقترحين أن «يتم احتساب نسبة التوطين في البنوك بناء على عدد المواطنين الذين قضوا مدة في العمل تزيد على عام أو عامين حتى لا تصبح وهمية بتعيين عدد من الأشخاص الذين لا يعملون فعلياً».
في المقابل، أكد مصرفيون أن «استقالات مواطنين من العمل في البنوك ليست ظاهرة تدعو إلى القلق، إذ إن عدد تلك الاستقالات محدود ويتم على فترات متباعدة، وغالباً ما تكون للانتقال لفرصة وظيفية أفضل أو للعمل في القطاع الحكومي، مؤكدين أن البنوك حريصة على اجتذابهم».
وأشاروا إلى أن «البنوك تستثمر في موظفيها وتتحمل كلفة عالية لتدريبهم، كما تواجه منافسة شرسة لاجتذاب الكوادر المؤهلة من بنوك أخرى، وفضلاً عن ذلك فهي ملزمة بنسبة محددة للتوطين، ما يجعل فكرة الاستغناء عنهم أو اضطهادهم لإجبارهم على الاستقالة أمراً غير وارد».
وتفصيلاً قال مدير فرع سابق لبنك المشرق، محمد أحمد، (مواطن) إنه «فوجئ بعد تعيين مدير جديد، بإدارة البنك تضطهده لتجبره على الاستقالة وتطفيشه من عمله (وفق وصفه)، إذ طالبته بالانتقال للعمل في فروع البنك في إمارات أخرى، على الرغم من أن عقده مع البنك يقضي بأن يعمل في دبي، وبعدها طالبته بخفض درجته الوظيفية، ما اضطره للاستقالة»، مؤكداً أن «البنك استهدف إجباره على الاستقاله وغيره من المواطنين ذوي الرواتب المرتفعة واستبدالهم بعدد من الطلاب المواطنين الذي مازالوا يدرسون في الجامعات، بحيث يحافظ على نسبة التوطين على الورق مع توفير الرواتب، إذ يتقاضى الطالب في الجامعة راتباً لا يتجاوز 25٪ من راتب الموظف الذي لديه خبرة».
وذكرت مواطنة تعمل في بنك وطني، فضلت عدم ذكر اسمها، أنها تعمل في البنك منذ 10 سنوات، لكنها ستتقدم باستقالتها فور الحصول على فرصة عمل في مكان آخر بسبب الاضطهاد الوظيفي الحادث معها.
وأضافت أنها تدرجت وظيفياً بعد سنوات من العمل إلى أن وصلت إلى وظيفة مديرة فرع عام ،2008 وبعد فترة فوجئت بأن المدير الذي عينه البنك أخيراً، ينقلها للعمل مديرة لفرع كان يعلم أن إدارة البنك ستغلقه، مؤكدة أن «الهدف من ذلك كان إجبارها على الانتقال لوظيفة أقل، بحجة أن جميع الفروع لديها مديرون، وهو ما حدث فعلياً، إذ طالبتها الإدارة بالعمل مساعدة لمدير فرع انتقل للبنك منذ ثلاثة أشهر فقط وكان يعمل في وظيفة مسؤول في مركز الاتصال في بنك آخر».
وأفاد مدير علاقات المتعاملين سابقاً في بنك محلي، محمد عبدالله، (مواطن) بأنه «تلقى عرضاً للعمل من البنك قبل ثلاث سنوات، فانتقل للعمل فيه وظل طوال تلك الفترة في الوظيفة ذاتها، من دون أن يتدرج وظيفياً».
وأضاف أنه بعد تغيير الإدارة في البنك واستقدام مديرين من أحد البنوك الأجنبية فوجئ بتعنت وظيفي غير طبيعي، إذ تمت ترقية عدد من الموظفين الجدد مع تجاهل قدامى الموظفين، مؤكداً أن «الأمر تطور إلى إجبار قدامى الموظفين على الانتقال للعمل في فروع مختلفة حتى دون توفير مكتب لهم في تلك الفروع، ما أظهرهم في صورة غير الملتزمين في العمل».
وأشار إلى أن «الإدارة الجديدة للبنك تجاهلت الشكاوى المتكررة لقدامى الموظفين وتلاعبت بالمواطنين من أجل توفير الرواتب، إذ اتبعت أسلوباً يعتمد على (تطفيش) المواطنين ذوي الرواتب العالية لاستبدالهم بمواطنين أقل خبرة وبرواتب أقل»، لافتاً إلى أن التعسف الوظيفي أجبره على الاستقالة والانتقال للعمل في بنك آخر.
ولخصت الموظفة السابقة في أحد البنوك (ر.ع) أسباب استقالتها من البنك الذي كانت تعمل فيه، فقالت إن بيئة العمل في البنك أصبحت طاردة للمواطنين في ظل التغييرات المستمرة في الإدارة، إذ ابتكرت الإدارة الجديدة أساليب متعددة للتخلص من المواطنين، خصوصاً القدامى منهم من أجل تعيين موظفين جدد من أشخاص يدينون بالولاء لهم.
وقالت إنها بعد أن قضت سنوات في البنك، لم تأخذ خلالها إجازة مرضية ولم تتغيب عن العمل، وتدرجت وظيفياً، قررت تقديم استقالتها وانتقلت بالفعل لوظيفة أفضل في بنك آخر. وحدد الموظف السابق في بنك تجاري، (سعيد.ع)، عدداً من الأساليب التي تتم لإظهار المواطنين على أنهم أقل كفاءة، وتالياً يكون إنهاء خدماتهم أو دفعهم إلى الاستقالة أمراً طبيعياً، لأنهم غير ملتزمين في العمل.
وقال إن «تلك الأساليب تبدأ من عدم الترقي الوظيفي والإجبار على الانتقال للعمل من أماكن أخرى مروراً بتصعيد عدد من المقربين من الإدارة لأسباب شخصية وصولاً لحرمان المواطن من المكافأة السنوية، على الرغم من الإشادة به وبأدائه على مدار العام».
إلى ذلك، نفت مديرة التوطين في بنك المشرق، مريم آل علي، أن تكون استقالات مواطنين من العمل في بنوك محلية أو أجنبية ظاهرة تدعو إلى القلق، عازية ذلك إلى أن تلك الاستقالات عددها محدود وتتم على فترات متباعدة، وغالباً ما تكون للانتقال لفرصة وظيفية أفضل.
وأكدت أن استغناء بنوك عن خدمات مواطنين يأتي دائماً بسبب قلة الكفاءة وعدم القدرة على تحقيق المستهدف فمن المعروف أن لبعض الإدارات في البنوك هدفا محدداًً (تارجت)، فإذا لم يحققه الموظف على مدى زمني معين، فإن ذلك يعني أنه أقل كفاءة من الآخرين أو أنه غير ملتزم في العمل.
وأوضحت أن «البنوك ليس من مصلحتها اضطهاد المواطنين العاملين فيها أو إجبارهم على الاستقالة، لأن البنك يتحمل كلفة تدريب المواطنين وتنمية مهاراتهم داخلياً قبل التحاقهم بالعمل وقد يمتد التدريب لسنوات»، مشيرة إلى أن «المشكلة الحقيقية التي تواجه البنوك هي المنافسة في ما بينها لاجتذاب المواطنين للوصول إلى نسبة التوطين المطلوبة، إذ يجد المواطن الذي تتوافر لدية الكفاءة والخبرة المصرفية نفسه محاصراً بعروض أفضل، ومن هنا قد يستقيل بحثاً عن الفرصة الأفضل».
ونبهت آل علي، إلى أن البنوك عندما تجد أن مواطناً تقدم باستقالته، فلا تتم قبول الاستقالة على الفور، لكن تبدأ الخطوات بالاتصال بالمدير المباشر للمستقيل لسؤاله عن تقييم هذا الموظف وبعدها يتم الاجتماع بالمواطن المستقيل لمعرفة أسباب استقالته، فإذا كان قد تلقى عرضاً أفضل يحاول البنك الوصول معه لصيغة مرضية، فإذا أصر تقبل الاستقالة ولكن يأخذ البنك الأمور بعين الاعتبار للحفاظ على موظفيه من أصحاب الكفاءات، مؤكدة أن «بعض الاستقالات تأتي من أجل العمل في القطاع الحكومي الذي يتميز برواتب ومميزات مغرية، فضلاً عن ساعات العمل التي تقل عن فترة دوام الموظفين في البنوك».
وعن أسباب تزايد شكاوى المواطنين العاملين في القطاع المصرفي طالما أن البنوك لا تضطدهم ولا تجبرهم على الاستقالة، أجابت آل علي، بأن نسبة من تركوا العمل في البنوك فعلياً ليست كبيرة فإذا استقال عدد من المواطنين من بنك المشرق، فلا يعني ذلك تجاهل حقيقة أن هناك 580 مواطناً يعملون في البنك حتى الأن ولا يشتكون.
وقالت إن «المواطن يمكنه إذا شعر بالاضطهاد أن يتصل بالإدارة العليا للبنك لعرض شكواه، خصوصاً أن البنوك تتبع سياسة الباب المفتوح مع موظفيها ويحرص رئيس البنك على الالتقاء بالموظفين في مناسبات واجتماعات عدة تتم بصفة دورية»، متسائلة «إذا كانت البنوك مطالبة بنسبة محددة للتوطين وإذا كانت البنوك تستثمر في المواطنين العاملين لديها وتؤهلهم وتنمى مهاراتهم المصرفية فما مصلحتها في الاستغناء عنهم في ما بعد؟».
وأيدها مسؤول في بنك محلي، فضل عدم ذكر اسمه، مؤكداً أن «البنوك تستثمر في موظفيها وتتحمل كلفة عالية لتدريبهم، كما تواجه منافسة شرسة لاجتذاب الكوادر المؤهلة من بنوك أخرى، وفضلاً عن ذلك فهي ملزمة بنسبة محددة للتوطين، ما يجعل فكرة الاستغناء عنهم أو اضطهادهم لإجبارهم على الاستقالة أمراً غير وارد».