«سوق الجسر»: عمليات البيع محكومة بضوابط أسعار تفرضها «حماية المستهلك»

مزارعون في رأس الخيمة يطالبون بحماية إنتاجهم من «المستورد»

خضروات في حاويات جمع النفايات. أرشيفية

قال مزارعون في إمارة رأس الخيمة إنهم يواجهون الكثير من المصاعب عند تسويق إنتاجهم الزراعي في أسواق الإمارة أو خارجها، ما يدفعهم أحياناً إلى التخلص من المحصول كله أو بعضه في «درامات الزبالة»، بسبب المنافسة غير المتكافئة مع الإنتاج الزراعي المستورد الذي يغزو الأسواق بكثافة ويتسبب في حدوث فائض عن حاجة الاستهلاك، مطالبين بتوفير حل يضمن تسويق إنتاجهم ويجنبهم الخسائر الباهظة التي يتعرضون لها، مقترحين تطبيق إجراءات تحد من استيراد الخضراوات في موسم الإنتاج أو بتنفيذ سياسة تسويقية تقوم على دعمهم وتعزيز وجودهم في الأسواق أسوة بما يحدث في مناطق أخرى من الدولة.

خسائر التسويق

أفاد المزارع (أبوسعيد) بأن لديه مزرعة يعمل فيها طول العام، وعندما يحين موسم الحصاد يرسل سيارة (بك أب) محملة بأصناف متعددة من الخضراوات إلى السوق يومياً، ولكن السيارة تعود أدراجها من السوق، ويأتي عامل المزرعة بمردود مالي قليل جداً لا يغطي أحياناً كلفة وقود السيارة.

وأوضح أن خسائر التسويق تدفعه إلى التفكير في التوقف عن الزراعة، لكنه سرعان ما يتخلى عن تلك الأفكار أمام الرغبة في المحافظة على مزرعته التي ورثها عن أبيه وصرف عليها كثيراً من الجهد البدني والمالي ويقضي فيها جلّ وقته، ويحدوه الأمل بأن يأتي اليوم الذي يكون فيه الانتاج الزراعي مرتكزاً للأمن الغذائي، ويحقق عائداً مالياً جيداً. وطالب الجهات المعنية بضرورة إيجاد آلية لتسويق المنتجات الزراعية بأسعار مقبولة تجنب المزارع الخسائر المالية الفادحة بسبب إغراق الأسواق بالمنتجات الزراعية المستوردة.

فيما أكد مسؤول في سوق الجسر أن عملية البيع والشراء في أسواق الخضار باتت تحت رقابة إدارة حماية المستهلك، التي تفرض الأسعار بموجب دراسة ميدانية عملية تراعي مصلحة جميع الأطراف، المزارع والبائع والمستهلك، ومن يخالفها يتعرض للمساءلة، وأحياناً تنخفض الأسعار تلقائياً إلى أقل مما تحدده حماية المستهلك، خصوصاً عندما يزيد الإنتاج المعروض في الأسواق على الطلب.

وتفصيلاً، قال ثاني عبيد، من منطقة الغب: «نحن لا نطالب بحظر استيراد الانتاج الزراعي، وانما نطالب بالحد منه، خصوصاً في موسم حصاد الإنتاج الزراعي المحلي، حتى يستطيع المزارع المواطن توفير حاجة الاستهلاك بإنتاج زراعي محلي من جميع الأصناف»، مشيراً إلى أن أسواق رأس الخيمة، مثل سوق الجسر والنخيل ورأس الخيمة، لم تستطع استيعاب المحصول المحلي من الخضراوات والفاكهة، الأمر الذي أدى إلى هبوط الأسعار بصورة غير مقبولة، ما يضع المزارعين أمام خيارات صعبة، إما القبول بأسعار الخسارة، وهذا بالضبط ما يحدث الآن، أو الاستغناء عن الإنتاج الزراعي ورميه في «درامات الزبالة».

وطالب الجهات المعنية بعمل آلية لحماية المنتج الزراعي المحلي الذي لا يستطيع منافسة المستورد، حتى لا يتعرض المزارع لخسائر الكبيرة.

ويرى المزارع عبدالله سعيد، أن مشكلة تسويق الانتاج الزراعي في الأسواق، خصوصاً خلال هذه الأيام، حيث يبلغ الإنتاج ذروته في موسم الحصاد، وفي الوقت الذي ينتظر المزارع جني ثمار تعبه يفاجأ بهبوط الأسعار، الأمر الذي تكون له انعكاسات سلبية ليس على صعيد المكاسب المالية فحسب، وإنما أيضاً تؤدي إلى حالة من الاحباط، أدت إلى توقف مزارعين عن ممارسة العمل في مزارعهم، لأن الخسائر الناجمة عن تسويق المنتجات الزراعية، في أغلب الأحيان، تكون محبطة وغير محتملة للمواطنين الذين يمارسون مهنة الزراعة، خصوصاً في ظل غياب الدعم من قبل الجهات المهتمة بالقطاع الزراعي، مطالباً بضرورة دعم المزارعين في تسويق منتجاتهم، للتغلب على مصاعب مهنة الزراعة التي باتت مرهقة، علاوة على الاحتياجات الأسرية المتصاعدة بصورة مستمرة، هذا الدعم يشجعهم على بذل مزيد من الجهد بدلاً من أن يضطروا إلى هجر مهنتهم.

وقال المزارع علي عبدالله: «نحن نتعامل مع أسواق رأس الخيمة التي لا تمارس تجارة الجملة، وانما تتعامل مع فئات المستهلكين بصورة مباشرة، لذلك فهي لا تحتمل استيعاب الانتاج المحلي والمستورد معاً»، موضحاً أن المنافسة تكون في أغلب الأحيان في صالح المنتجات الزراعية المستوردة التي تحظى بالدعم في بلد المنشأ، ولا يتعرض المستورد للخسارة حتى لو باع بأقل الأسعار.

وذكر عبدالله أن الانتاج المستورد أدى إلى تدهور سعر الطماطم، اذ بلغ الصندوق الواحد 10 دراهم، وكذلك الحال بالنسبة لأسعار المنتجات الزراعية الأخرى، التي يعتمد عليها المزارع بصورة أساسية مثل الخيار، والكوسة، والبامية، والخس، والنعناع، والباذنجان، والفاصولياء.

وأفاد المزارع عبدالله المنصوري، بأنه صاحب مزرعة كبيرة، ولكن أحجم عن الزراعة أصناف عدة من الخضراوات، خصوصاً الطماطم، أخيراً، بسبب سوء التسويق ومشكلات موارد الري، مشيراً إلى أنه كان يهتم في السابق بزراعة الفاصولياء، والكوسة، والباذنجان، والطماطم، اضافة إلى الجح والبطيخ وغير ذلك، واقتصر نشاطه حالياً على الاهتمام بأشجار النخيل.

وأضاف أن الاهتمام بالتسويق الزراعي يعد خطوة مهمة لاعادة المزارعين إلى الاهتمام بزراعة الخضراوات، مطالباً الجهات المعنية بحماية الثروة الغذائية، من خلال دعم المزارعين ومساعدتهم في تسويق منتجاتهم بصورة تحقق لهم جانباً من الأرباح.

في المقابل، قال مسؤول في سوق الجسر، فضل عدم ذكر اسمه، إن عمليات البيع في أسواق الخضار محكومة بضوابط أسعار تفرضها «حماية المستهلك»، ومن يخالفها يتعرض للمساءلة القانونية، مشيراً إلى أن أسعار الخضراوات والفاكهة مرتبطة بسياسة العرض والطلب، وزيادة الأسعار أو انخفاضها تتأثر بزيادة أو خفض المعروض، بشرط ألا تتجاوز الأسعار السقف المحدد للبيع من قبل حماية المستهلك، لكنها ربما تنخفض لزيادة المعروض، خصوصاً أن الخضراوات إذا بقيت فترة طويلة تتعرض للتلف.

تويتر