مرضى يشكون إلزامهم بالتوقيع على «الموافقة المسبقة» في غرف العمليات
شكا مرضى أجروا عمليات جراحية في مستشفيات حكومية وخاصة، تعرضهم لضغط نفسي بسبب إجبارهم على التوقيع على موافقة بإجراء العمليات الجراحية، وورقة أخرى خاصة بالتخدير، وثالثة تتعلق بالإجراءات المصاحبة للعملية، وذلك بعد دخولهم غرف العمليات، من دون إبلاغهم بشكل واضح بتفاصيل العملية، ومضاعفاتها، والآثار المترتبة عليها، موضحين أن أطباء رفضوا إجراء عمليات لهم إلا بعد التوقيع على الموافقات، لتجنب تحمل الطبيب أو المستشفى أية مسؤولية حال تعرض المريض لأية مضاعفات صحية.
الموقف القانوني ذكرت المحامية حنان البايض، أنه لا يجوز للطبيب، إلزام المرضى أو من يرافقه بالتوقيع على إجراء العملية الجراحية، من دون أن يقدم له تقريراً مفصلاً عن نسبة نجاحها، والمضاعفات المصاحبة لها. وأوضحت أنه من حق المريض الحصول على معلومات طبية تتعلق بالعملية الجراحية، ومضاعفاتها، حتى لو أدى ذلك إلى رفض المريض التوقيع والموافقة على الجراحة، مشيرة إلى أنه في حال رفض الطبيب شرح تفاصيل الجراحة ومضاعفاتها للمريض، سيكون عرضة للمساءلة القانونية. وأوضحت أن قرار المستشفيات الزام المريض بالتوقيع على العملية، معيب لأن حال المريض يكون غالباً غير كامل الإرادة، ولا يعرف تفاصيل العملية الجراحة ومضاعفاتها. وأشارت إلى أن توقيع المريض على ورقة الموافقة لا يعفي الطبيب من المسؤولية حال حدوث خطأ طبي، موضحة أن القانون يفرق بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية التي قد تحدث للمريض بعد الجراحة. |
فيما قال الوكيل المساعد لسياسات الصحة العامة والتراخيص في وزارة الصحة، الدكتور أمين الأميري، إن استمارة الموافقة على إجراء العملية الجراحية، عرف عالمي موجود ضمن جميع المستشفيات الحكومية والخاصة في العالم، وهي مطلب رئيس من متطلبات الاعتماد الدولي للمستشفيات.
وأفاد مدير مستشفى صقر برأس الخيمة، الدكتور يوسف الطير، بأنه لا يجوز لأي طبيب إجراء العمليات الجراحية للمرضى من دون موافقة مكتوبة من المريض، أو من ينوب عنه حال كان الوضع الصحي للمريض لا يسمح بالتحدث معه.
وقال المريض (و.ع) إنه دخل مستشفى في رأس الخيمة للعلاج من آلام في البطن، وتبين بعد الفحوص الطبية إصابته بالفتق، وتم تحديد موعد للعملية بعد أسبوع من الفحص الطبي، وتابع: «فوجئت بعد دخولي غرفة العمليات ووضعي على السرير، بإعطائي أوراقاً للتوقيع عليها، من أجل الموافقة على العملية الجراحية». وتساءل: كيف ألزم بالتوقيع على إجراء العملية، بعد دخولي غرفة العمليات، مع حالة القلق التي تنتاب أي شخص في وضعي؟ وتابع «رفضت في البداية التوقيع على الورقة، فأبلغت بأنه لن يتم إجراء العملية، من دون حصول الفريق الطبي على موافقة مسبقة لإجرائها».
وذكرت المريضة (إ.ع)، أنها تعرضت لضغوط نفسية من أطباء للتوقيع على موافقة بإجراء جراحة لاستئصال المرارة، وتابعت «شعرت بالخوف فور دخولي غرفة العمليات، وتذكرت الأخطاء الطبية التي تحدث لبعض المرضى أثناء العمليات، ما جعلني أرفض التوقيع على تحمل مسؤولية العملية الجراحية».
وقالت: «خيرت بين التوقيع أو الخروج من غرفة العمليات»، مشيرة إلى أنها وافقت على التوقيع مكرهة بسبب ازدياد الألم في بطنها، وعدم اعطائها الفرصة اللازمة لمعرفة تفاصيل العملية والمضاعفات المصاحبة لها.
وأضافت «تعرضت لمضاعفات طبية بعد الجراحة، بخمسة أيام، وعندما راجعت الطبيب المختص، أبلغني بأنها مضاعفات ناتجة عن الإجهاد الشخصي، ولا علاقة للعملية بها»، وذكّرها بأن الجراحة تمت بموافقتها.
وقال (أبوخالد) إن زوجته تعرضت لمضاعفات صحية، أثناء الولادة، إذ تعرضت لنزيف في الرحم، وانخفاض ضغط الدم في مستشفى خاص، رفض تحمل المسؤولية الطبية، والتكاليف المالية المصاحبة للمضاعفات الطبية، بسبب موافقتها المسبقة على إجراء العملية.
من جانبه، قال الوكيل المساعد لسياسات الصحة العامة والتراخيص في وزارة الصحة، الدكتور أمين الأميري، إنه لا يجوز الطلب من المريض التوقيع على الاستمارة، إلا بعد إعطائه المعلومات الكاملة عن مجريات العملية الجراحية، ومن يجريها والوقت المحدد لها، وأبعادها والمضاعفات المتوقعة أثناء العملية، وغير المتوقعة، إضافة إلى نسبة نجاحها المتوقعة حسب تقرير الطبيب، والمعلومات الإضافية الأخرى التي يحتاجها المريض بكل دقة.
وأضاف أنه في حال لم يتم إبلاغ المريض بتفاصيل العملية الجراحية، فإن له الحق في تقديم شكوى، لأي إجراء مخالف لأخلاقيات مهنة الطب قبل العملية، وبعد العملية الجراحية.
وتابع الأميري أنه يجوز للطبيب المعالج مطالبة المريض بالتوقيع على استمارة الموافقة، ومن المفترض ألا يرفض المريض التوقيع على الاستمارة، لأنه إجراء متبع عالمياً، وتم إعطاء المريض الحق في الاستعلام عن مجريات العملية الجراحية، وللمريض الحق في رفض العملية الجراحية في المستشفى بشكل كامل، مع تحمل مسؤوليته الصحية.
وأشار إلى أنه في حال حدوث أي مضاعفات طبية أو خطأ طبي بعد العملية الجراحية، فإن من حق المريض أن يرفع شكواه وملاحظاته إلى وزارة الصحة، أو الهيئات المحلية حسب الاختصاص والترخيص.
وذكر الأميري «توجد لجنة تسمى لجنة التراخيص الطبية في وزارة الصحة، مكونة من أعضاء في وزارتي الصحة والعدل، تتولى تشكيل لجنة فنية مكونة من ثلاثة استشاريين من التخصص نفسه، ومن جنسيات مختلفة، ومن مستشفيات مختلفة، ويصدر من الوكيل المساعد لسياسات الصحة العامة والتراخيص قرار إدارياً بتشكيل اللجنة».
وأضاف الأميري أن التوقيع على استمارة الموافقة من قبل المريض لا يخلي مسؤولية الطبيب عن تبعات الأخطاء الطبية، مشيراً إلى أن وزارة الصحة تحافظ على حق الطرفين (الطبيب والمريض)، وتقدر حق الطبيب لمكانته المهنية.
وتابع أنه في حال تبين عدم وجود خطأ طبي يتم حفظ الملف، ويعطى للطبيب وإدارة المستشفى حق التظلم خلال 15 يوماً من صدور قرار لجنة التراخيص الطبية.
من جهته، قال مدير مستشفى صقر في رأس الخيمة، الدكتور يوسف الطير، إن قانون وزارة الصحة ينص على ضرورة توقيع المريض على ورقة الموافقة على إجراء العملية الجراحية له، حال كان واعياً وفوق السن القانونية، باستثناء الحالات الطارئة.
وأضاف أنه في حال اكتشف الأطباء أثناء الجراحة وجود مرض آخر في جسم المريض، فيتم الاتصال بأحد أقاربه واطلاعه على المرض، لأخذ موافقته شخصياً على إجراء عملية جراحية أخرى للمريض لإنقاذ حياته.
وقال إنه في حال رفض المريض التوقيع على ورقة الموافقة لإجراء العملية، فإنه يتم اعطاؤه ورقة أخرى للتوقيع بالرفض لتحمل مسؤولية حالته الصحية، ويتم إخراجه من غرفة العمليات.
وأوضح أنه يتم اعطاء المريض ثلاث أوراق تتعلق بخطوات التخدير، وطريقة تنفيذ العملية الجراحية، والإجراءات المصاحبة للعملية الجراحية. وتابع أنه في حال وصل المريض إلى المستشفى في حالة غيبوبة، وقرر الأطباء إجراء عملية جراحية عاجلة له، فيتم عقد اجتماع مصغر بين الأطباء والاستشاريين ويقومون بالتوقيع على إجراء العملية الجراحية.