يأتي ضمن سلسلة من برامج المواهب

«ذا فويس» العربي يغـنّي «غربي»

كاظم الساهر وشيرين في إحدي حلقات البرنامج. أرشيفية

برنامج المواهب الجديد «ذا فويس.. أحلى صوت»، الذي تعرضه قناة «إم بي سي4»، من المفترض أن يكرس للموهوبين غنائياً باللغة العربية، خصوصاً ان البرنامج يبحث عن أفضل موهبة عربية. لكن الحلقات الثلاث التي عرضت من البرنامج كشفت عن ملاحظة لا يمكن تجاهلها، وهي ان عدداً غير قليل من الشباب المشاركين فضل تقديم أغنيات باللغة الانجليزية، بل إن بعضهم صرح بوضوح انه لا يغني باللغة العربية، وهو ما يطرح سؤالاً حول الاضافة التي يمكن ان تضيفها مثل هذه الاصوات إلى الساحة الغنائية العربية، وهل من المفيد تقديم هذه النماذج التي تشير بوضوح إلى انفصال الشباب عن الغناء العربي، بألحانه ومقاماته وتاريخه، وارتباطهم وجدانياً بالغناء الغربي. أيضا قد يكون من المفيد والضروري ان ينتبه المهتمون إلى هذا الأمر، باعتباره مؤشراً له دلالاته ونتائجه التي تمثل تراجعا جديدا للثقافة العربية، يستحق الدراسة وفهم اسبابه والعمل على معالجتها، وهي مهمة شاقة من الصعب ان يضطلع بها برنامج تلفزيوني.

ويأتي «ذا فويس أحلى صوت»، وهو النسخة العربية من برنامج المواهب الغنائية الهولندي، بوصفه أحدث سلسلة من برامج المواهب التي قدمتها الفضائيات العربية خلال السنوات الأخيرة، والتي تفاوتت في مدى قوتها او ضعفها، وفي قدرتها على الاستمرار، فبعض هذه البرامج توقف بعد موسم واحد او اثنين، والبعض الآخر مازال يملك القدرة على الاستمرار وتقديم مواسم جديدة.

وبصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف مع هذه النوعية من البرامج، والجدل الذي تثيره عند عرضها، لا يستطيع احد ان ينكر انها استطاعت حجز مكانة مميزة لها بين جمهور المشاهدين في الوطن العربي، خصوصاً من فئة الشباب والمراهقين.

ويأتي إطلاق مجموعة قنوات «إم بي سي» للبرنامج الجديد في أعقاب تقديم المجموعة برنامجين متتالين من برامج المواهب هما «أراب غوت تالنت» بموسميه الاول والثاني، و«أراب ايدول»، ليرسم علامة استفهام حول جدوى تقديم ثلاثة برامج تستهدف المواهب الفنية في الوطن العربي، تختلف في الشكل وتتطابق في الهدف والمضمون، وبصورة متتابعة لا تترك للجمهور فرصة زمنية كافية، وهو ما يبدو مبالغاً فيه، وقد يراه البعض رغبة في الاستحواذ، ويراه البعض الآخر غيابا للتخطيط بنظرة شمولية بعيدة المدى.

لماذا لا يتم منذ البداية دراسة أفضل فكرة، ورصد الانتاج الكافي لها لتخرج بشكل قادر على الابهار، خصوصا ان هذه البرامج مستنسخة عن برامج عالمية قدمت منها دورات سابقة، ويمكن من البداية متابعة كل ما يعرض من هذه البرامج واختيار الانسب والاكثر ملاءمة للجمهور العربي، بدلاً من تعدد البرامج وتشابهها باسلوب يصيب المشاهد بالتخمة، ويفقد البرامج ابهارها وجدتها، بالاضافة إلى ان توالي هذه البرامج وتعاقب مواسمها يقلل من فرص الاهتمام بما تكشف عنه من مواهب حقيقية، حيث يتم تسليط الضوء عليها لفترة قصيرة بصورة مكثفة، ثم تدخل حيز النسيان مع بدء موسم جديد.

في حلقاته الماضية؛ ظهر «ذا فويس أحلى صوت» اكثر اتزاناً وصدقية، خصوصاً مقارنة ببرنامج «أراب ايدول» الذي اثار الكثير من الجدل، لان البرنامج الجديد يركز على سماع صوت المتسابق فقط، من دون رؤيته، ويختاره المدربون وهم أربعة من الفنانين ذوي الخبرة على الساحة، وهم كاظم الساهر وشيرين وصابر الرباعي وعاصي الحلاني، اعتماداً فقط على جمال الصوت وإتقان الغناء، وهو ما يضيق مساحة الافتعال التي ظهرت في «أراب ايدول» والذي كان للمظهر والاداء والشكل دور في اختيار المتسابقين.

من جانب آخر، يفتح «ذا فويس» مجال المشاركة في منافساته أمام جميع الراغبين، سواء كانوا هواة او اجتازوا تجارب ومشاركات فنية سابقة، وحتى أمام محترفين سبق لهم اقامة حفلات فنية، وهو ما يرى البعض انه يخلق منافسة غير متكافئة، ويمنح الفرصة لمن سبق وقدموا انفسهم للجمهور بطريقة او بأخرى. ولكن متابعة الحلقات كشفت ان هناك هواة تفوقوا على اصحاب تجارب سابقة، وان بعض المحترفين عجزوا عن الوصول إلى المدربين، ودفع احدهم إلى ضغط الزر اعلاناً عن رغبته في ضم هذا الصوت لفريقه. ورغم ان هذا الامر كان مؤشراً الى جدية المدربين الاربعة في اختيار افضل ما يعرض عليهم من مواهب، واستقلالية اختياراتهم، إلا ان الأمر لم يخلُ من علامات استفهام حول اختيار اصوات من الصعب تصنيفها ضمن الافضل، وتجاهل اخرى أكثر اهمية، كما في اختيار الفنان كاظم الساهر للمتسابق العراقي روني الشمالي الذي قدم اغنية عراقية شهيرة، لكنه لم يكن متمكناً من الاداء بالقدر الكافي.

البرنامج ايضاً نجح في ان يكشف وجهاً غير معروف للفنانين المشاركين، خصوصاً عاصي الحلاني وصابر الرباعي اللذين تميزا بروح مرحة خلال الحلقات، وكذلك شيرين، إلا انها لم تسلم من جدل، وربما انتقادات لبعض تصرفاتها خلال الحلقات والتي وجد فيها البعض عفوية ليست غريبة عن الفنانة المصرية، بينما اعتبرها البعض الآخر مبالغاً فيها.

تويتر